الصين وإيران: الشرق الأوسط ليس ساحة تنافس جيوسياسي

وانغ يي وعراقجي اتفقا على تعزيز العلاقات الاستراتيجية في مختلف المجالات

مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)
مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)
TT

الصين وإيران: الشرق الأوسط ليس ساحة تنافس جيوسياسي

مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)
مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)

اتفق كبار الدبلوماسيين في الصين وإيران، السبت، على أن الشرق الأوسط «ليس ساحة معركة للقوى الكبرى»، ولا ينبغي أن يكون ساحة للمنافسة الجيوسياسية بين الدول من خارج المنطقة.

وشدد وزير الخارجية الصيني وانغ يي، ونظيره الإيراني عباس عراقجي، خلال مشاوراتهما في بكين، على ضرورة أن يحترم «المجتمع الدولي سيادة دول الشرق الأوسط وأمنها واستقرارها ووحدتها وسلامة أراضيها»، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الصينية.

وتعد هذه أول زيارة يقوم بها عراقجي إلى بكين منذ تعيينه وزيراً لخارجية إيران في أغسطس (آب) الماضي، وذلك تلبية لدعوة نظيره الصيني.

ورأى الوزيران، وفق المصدر نفسه، أن «الشرق الأوسط ملك لشعوبه، ويجب عدم التضحية بمصالح المنطقة بسبب تدخلال وأطماع الدول الأجنبية... ينبغي ألا يكون ضحية للتنافس الجيوسياسي والنزاعات بين دول تقع خارج المنطقة».

وأضاف البيان: «يجب على المجتمع الدولي احترام سيادة وأمن واستقرار ووحدة وسلامة أراضي دول الشرق الأوسط بشكل كامل، وأن يلعب دوراً بنَّاءً في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

وقال الوزيران إن «الطريق لتحقيق الاستقرار والهدوء في منطقة الشرق الأوسط هو الالتزام بالحل السياسي على أساس القانون الدولي، ودون تدخُّل خارجي»، حسبما أوردت «الخارجية الإيرانية».

وشدد البيان على «دعم استمرار تطوُّر العلاقات بين إيران والممكة العربية السعودية، واستمرار المشاورات والحوار بين دول المنطقة».

وأكد الشريكان التجاريان الكبيران على الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وسحب القوات الإسرائيلية منها، وإرسال المساعدات الإنسانية، وتنفيذ وقف إطلاق النار بشكل مناسب في لبنان.

وفيما يتصل بالتطورات في سوريا، دعا الوزيران إلى العمل من أجل «مكافحة الإرهاب، و(تحقيق) المصالحة، و(تعزيز) العمليات الإنسانية».

وقال عراقجي للصحافيين في تسجيل مصوَّر نشره الإعلام الرسمي الإيراني لدى وصوله إلى بكين، الجمعة، إن الزيارة تجري في «وقت مناسب». وأضاف: «نواجه حالياً وضعاً حساساً سواء على المستوى الإقليمي أو على المستوى الدولي... وهناك كثير من المسائل على المستوى الدولي، كما أن قضية ملفنا النووي ستواجه في العام الجديد وضعاً يتطلب مزيداً من المشاورات»، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية»... وتابع أن «دعوة أصدقائنا الصينيين كانت للسبب نفسه؛ إذ إنه مع بداية عام جديد... علينا التفكير معاً، والتشاور والاستعداد للتحديات المقبلة».

وانغ يي يستقبل عراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)

وحذر عراقجي في مقال نشره الإعلام الصيني من «التدخل المدمّر» في مستقبل سوريا، مشيراً إلى أن القرارات «يجب أن تعود للشعب السوري وحده».

وكتب عراقجي في المقال الذي نشرته صحيفة «الشعب» باللغة الصينية، الجمعة، أن إيران «تعد صناعة القرارات المتعلقة بمستقبل سوريا مسؤولية الشعب وحده... من دون تدخُّل مدمّر أو إملاءات خارجية». وأشار إلى أن إيران «تحترم وحدة سوريا وسيادتها الوطنية وسلامة أراضيها». وكتب في مقاله أن إيران والصين تتشاركان الرؤية بأن الدعوة لوقف إطلاق النار تتصدر الأولويات بالنسبة للشرق الأوسط.

وتلقت طهران تحذيراً من القيادة السورية الجديدة بشأن محاولات «بث الفوضى في البلاد». وذلك بعدما أفاد المرشد الإيراني علي خامنئي، الأسبوع الماضي، بأنه «يتوقع ظهور مجموعة من الشرفاء الأقوياء» في سوريا الذين سيقفون في مواجهة «انعدام الأمن». وأشار إلى أن على الشباب السوري الوقوف «بإرادة قوية أمام أولئك الذين خططوا، ونفّذوا لهذه الحالة من انعدام الأمن، وسيتغلب عليهم».

وأما عراقجي، فلفت في مقاله إلى أن دعم الشعب السوري هو «مبدأ محدد يتعين على جميع الجهات الفاعلة أخذه في الحسبان».

والصين وإيران كانتا داعمتين للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. وبكين هي أكبر شريك تجاري لإيران ومشترٍ رئيس لنفطها.

الشراكة الاستراتيجية الشاملة

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الجانبين أكدا على إرادة زعماء البلدين لتعزيز وتطوير العلاقات الاستراتيجية بينهما.

وأشارت الخارجية الإيرانية إلى أن مشاورات وانغ يي وعراقجي، تناولت آخر مستجدات العلاقات في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والنقل، بالإضافة إلى سبل تعزيز التعاون الثنائي، وتوسيع التعاون في إطار برنامج التعاون الشامل بين البلدين.

وقيّم الجانبان بشكل «إيجابي» التقدم الذي تم إحرازه في تنفيذ بنود الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إيران والصين في السنوات الأخيرة.

وبالنسبة إلى البرنامج النووي الإيراني، قالت «الخارجية الصينية» إثر اجتماع، السبت، إن بكين «تدعم إيران بقوة لجهة حماية حقوقها ومصالحها المشروعة».

وقال وانغ يي إن «الصين تعارض الاستخدام المتكرر للعقوبات والضغوط، وتدعم إيران بقوة في حماية حقوقها ومصالحها المشروعة».

وحضّ وانغ يي الجانب الإيراني على مواصلة دعم بعضهما في القضايا التي تمسّ مصالحهما الأساسية، ودفع التعاون العملي على نحو مطرد.

تعهّد الرئيس الصيني، شي جينبينغ في أكتوبر (تشرين الأول) تعزيز العلاقات مع إيران أثناء محادثات عقدها مع نظيره مسعود بزشكيان في روسيا على هامش قمة «بريكس».

والتقى عراقجي والوفد المرافق له، بأمين العام الجديد لمنظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي، نورلان يرمكبايف، حيث أشار الوزير الإيراني إلى الأهمية البالغة لمنظمة التعاون بسبب «ما تضمه من الدول الهامة والمؤثرة في التحولات الإقليمية والدولية، بما في ذلك دولتان دائمتان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (روسيا والصين)، مع اقتصادات كبيرة وعدد من الفاعلين الإقليميين المهمين».

وقال عراقجي: «يمكن أن تلعب المنظمة دوراً مؤثراً ومتزايداً في تعزيز التعددية، وتقوية التعاون بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية».

وانضمت إيران إلى «منظمة شنغهاي» التي تضم 10 أعضاء رئيسيين، في يوليو (تموز) 2023.


مقالات ذات صلة

لماذا يُعدّ 2025 عاماً مهماً للقضية النووية الإيرانية؟

تحليل إخباري الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وسط نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف ووزير الخارجية عباس عراقجي (الرئاسة الإيرانية)

لماذا يُعدّ 2025 عاماً مهماً للقضية النووية الإيرانية؟

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن عام 2025 سيكون عاماً حاسماً لملف بلاده النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة تظهر آثار الانفجار في مبنى دار الضيافة التابع لمعسكر «الإمام علي» في شمال طهران (شبكات التواصل)

اغتيال هنية... كيف تم اختراق الحصن الإيراني؟

بعد أيام من تبني اغتيال هنية، أكد مسؤولون إسرائيليون أن رئيس حركة «حماس» اغتيل بعبوة ناسفة وضعت في غرفته في المجمع الأكثر حراسة في طهران.

كفاح زبون (رام الله)
الخليج الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وعباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني خلال اللقاء في أبوظبي (وام)

عبد الله بن زايد وعراقجي يبحثان العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية

بحث الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي وعباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني العلاقات الثنائية بين البلدين

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
العالم العربي الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يلتقي إسماعيل هنية في طهران يوم 30 يوليو 2024 (رويترز)

تقرير إسرائيلي: عُطل بالمكيف كاد يفشل عملية اغتيال هنية في طهران

كاد عُطل في وحدة مكيف الهواء أن يعرقل عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في 31 يوليو في طهران.

المشرق العربي لافتة طريق لبلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب (إنترنت)

سوريون من الشيعة: إيران أكبر كذبة انطلت علينا

اشتكى سوريون من الطائفة الشيعية من سياسة إيران في سوريا وخداعها لهم، والتغرير بشبابهم واستخدامهم وقوداً لمصالحها في المنطقة ضمن ميليشيات الحرس الثوري.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تركيا: المؤبد لوالدة الطفلة نارين غوران وعمها وشقيقها

مظاهرة نسائية تطالب بالعثور على قاتل نارين وفرض أقصى العقوبة (إعلام تركي)
مظاهرة نسائية تطالب بالعثور على قاتل نارين وفرض أقصى العقوبة (إعلام تركي)
TT

تركيا: المؤبد لوالدة الطفلة نارين غوران وعمها وشقيقها

مظاهرة نسائية تطالب بالعثور على قاتل نارين وفرض أقصى العقوبة (إعلام تركي)
مظاهرة نسائية تطالب بالعثور على قاتل نارين وفرض أقصى العقوبة (إعلام تركي)

قضت محكمة بالسجن المؤبد المشدد لوالدة الطفلة نارين غوران، وعمها، وشقيقها الأكبر بتهمة «التعاون في القتل العمد»، في القضية التي تهز تركيا على مدى أشهر. كما قررت المحكمة، بعد جلسة الاستماع الثالثة التي انطلقت صباح السبت واستمرت يوماً كاملاً، معاقبة الشاهد، نوزات بختيار، بالحبس لمدة 4 سنوات ونصف السنة، بتهمة الاشتراك في الجريمة.

وتم العثور على جثة نارين غوران (8 سنوات)، في 8 سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد 19 يوماً من اختفائها في 21 أغسطس (آب)، بعد خروجها لحضور درس تحفيظ القرآن الكريم في مسجد قرية «تاوشان تبه» التابعة لمقاطعة باغلار في وسط ولاية ديار بكر.

الطفلة نارين غوران ضحية القتل العائلي في دبار بكر جنوب شرقي تركيا (إعلام تركي)

وتم العثور على جثتها مقطعة ومغلفة في كيس بلاستيك، وملقاة في منطقة وعرة على حافة المجرى المائي، وتمت تغطيتها بالأحجار وأغصان الأشجار للتمويه. وأكدت الفحوصات الأولية أنها تعرضت للخنق ولكسر في قدمها، فيما أشارت التحقيقات إلى أن الجثة قضت 15 يومًا في الماء، ما صعب من تحديد الوقت الفعلي للوفاة.

وعقدت أولى جلسات الاستماع في إطار القضية التي هزت البلاد وشغلت الرأي العام لأشهر، في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وحددت النيابة العامة المتهمين في القضية وغالبيتهم من عائلة الطفلة نارين (8 سنوات)، هم والدتها يوكسل، وعمها سالم، وشقيقها الأكبر أنس غوران، إلى جانب نوزات بختيار، الذي تولى عملية دفن جثة نارين التي جرى تقطيعها إرباً، في مجرى أغيرتوتماز، المائي في قرية تاوشان تبه.

ووجهت النيابة العامة، التي لم تتمكن من تحديد القاتل الرئيسي، إلى المتهمين تهمة «الاشتراك في القتل العمدي»، مطالبة بعقوبة السجن المؤبد بحقهم. والمتهمون الأربعة، الذين انتهت التحقيقات معهم ومثلوا أمام المحكمة، بعد قبول لائحة الاتهام ضدهم في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هم من بين 23 مشتبهاً تم التحقيق معهم بمعرفة مكتب المدعي العام في ديار بكر، وتم توقيف 12 منهم.

وحوى ملف القضية مئات المستندات والمحاضر في 10 مجلدات، وتم خلال التحقيقات الاستماع إلى إفادات 250 شخصاً إجمالاً في الجريمة البشعة التي تردد أن مدبرها الأصلي هو سالم غوران، عم الطفلة نارين، بسبب اكتشافها إقامته علاقة غير مشروعة مع والدتها.

واعترف نوزات بختيار، وهو جار لعائلة غوران، بأنه قام بإخفاء جثة نارين بعد تقطيعها في المجرى المائي، بناء على طلب من عمها سالم، وهو مختار قرية تاوشان تبه، مقابل مبلغ كبير من المال.

يوكسل غوران والدة الطفلة نارين تبكي حاملة صورتها بعد تشييع جنازتها عقب العثور على جثتها (إعلام تركي)

وفجرت الجريمة البشعة غضباً حاداً في الشارع التركي، وتعالت الأصوات التي طالبت بإعادة عقوبة الإعدام، التي تم إلغاؤها عام 2004 في إطار مفاوضات تركيا للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي، لردع قتلة الأطفال والنساء.

وانتقدت المعارضة التركية صمت السلطات والتعتيم على الجريمة لمدة 19 يوماً. ونظمت جمعيات نسائية وقفات احتجاجية في ولايات تركية عدة تنديداً بمقتل الطفلة نارين غوران، واحتجزت الشرطة عشرات المشاركين في الوقفات.

وقال الرئيس، رجب طيب إردوغان، إنه سيتابع شخصياً الإجراءات القضائية «للتأكد من أن أولئك الذين أخذوا طفلتنا الرقيقة منا سينالون أقصى عقوبة يستحقونها».