العرب في إسرائيل... ازدهار بين نكبتين

تعرَّضوا لتمييز عنصري طيلة 76 سنة

فلسطينيون في مسيرة 3 أميال إلى طولكرم بعد نقلهم بشاحنات إلى هذه النقطة من قرية عربية غير قتالية بالقرب من حيفا وقد وفرت «منظمة الصليب الأحمر» الدولية ممراً آمناً لهم (غيتي)
فلسطينيون في مسيرة 3 أميال إلى طولكرم بعد نقلهم بشاحنات إلى هذه النقطة من قرية عربية غير قتالية بالقرب من حيفا وقد وفرت «منظمة الصليب الأحمر» الدولية ممراً آمناً لهم (غيتي)
TT

العرب في إسرائيل... ازدهار بين نكبتين

فلسطينيون في مسيرة 3 أميال إلى طولكرم بعد نقلهم بشاحنات إلى هذه النقطة من قرية عربية غير قتالية بالقرب من حيفا وقد وفرت «منظمة الصليب الأحمر» الدولية ممراً آمناً لهم (غيتي)
فلسطينيون في مسيرة 3 أميال إلى طولكرم بعد نقلهم بشاحنات إلى هذه النقطة من قرية عربية غير قتالية بالقرب من حيفا وقد وفرت «منظمة الصليب الأحمر» الدولية ممراً آمناً لهم (غيتي)

بين نكبة أخذت مداها قبل 76 عاماً، تعيش حيفا، التي تردد اسمها كثيراً في الأشهر القليلة الماضية على وقع تساقط الصواريخ المنطلقة من لبنان، ما يشبه مقدمات نكبة ثانية.

ثمة شعور يتنامى بأن حكومة إسرائيل تحضّر للعرب نكبة جديدة، بعد الانتهاء من هذه الحرب. وهناك أساس لهذه المخاوف، ليس من التاريخ فحسب، بل من الحاضر أيضاً، مع نمو اليمين المتطرف وتعامله الخبيث معهم، بعدما أصبحوا مجتمعاً متكاملاً يزخر بالقدرات قوامه 1.9 مليون نسمة.

فالتمييز العنصري لم يكسر شوكتهم، بل كان في كثير من الأحيان محفزاً لإطلاق القدرات، فشقُّوا طريقهم، وحققوا إنجازات هائلة في جميع مجالات الحياة.


مقالات ذات صلة

بعد سقوط الأسد... فلسطينيون يزورون مقابر أحبائهم بمخيم اليرموك لأول مرة

المشرق العربي أشخاص يرفعون علم سوريا الجديد في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

بعد سقوط الأسد... فلسطينيون يزورون مقابر أحبائهم بمخيم اليرموك لأول مرة

لسنوات طويلة منع النظام السوري الاقتراب من مقبرة مخيم اليرموك في سوريا ويقول السكان إنها تحوي رفات إسرائيليين، وبعد سقوط الأسد ذهب الفلسطينيون لزيارة أحبائهم.

«الشرق الأوسط» (اليرموك (سوريا))
المشرق العربي إسرائيليون خلال تظاهرهم في تل أبيب ليل السبت - الأحد لمطالبة الحكومة بإجراءات لضمان إطلاق سراح المحتجزين في غزة (أ.ف.ب)

نتنياهو يشدد المراقبة لمنع نشر تفاصيل «صفقة غزة»

أفادت مصادر إسرائيلية بأن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، طلب من الرقابة العسكرية منع نشر أي تفاصيل بشأن المفاوضات الرامية لإبرام صفقة مع حركة «حماس».

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا أطفال ينظرون فيما يتفحص فلسطينيون الأضرار في مخيم يؤوي النازحين عقب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: تحركات لـ«إدارة ترمب» تعزز جهود الوسطاء

تحركات جديدة من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، بهدف «إتمام صفقة الرهائن، وهدنة في قطاع غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، بالتزامن مع ارتكاب إسرائيل مجزرة جديدة بالقطاع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري فلسطينيون يقفون بجوار أنقاض مبنى بعد غارة جوية إسرائيلية على لاجئي النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة» تنتظر «سد الثغرات النهائية» وترجيحات بـ«صفقة قريبة»

وسط حديث عن «صفقة وشيكة» في قطاع غزة، تتحرك الولايات المتحدة لـ«سد ثغرات نهائية» لإبرام الاتفاق المطروح على طاولة المفاوضات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

بعد سقوط الأسد... فلسطينيون يزورون مقابر أحبائهم بمخيم اليرموك لأول مرة

أشخاص يرفعون علم سوريا الجديد في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)
أشخاص يرفعون علم سوريا الجديد في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)
TT

بعد سقوط الأسد... فلسطينيون يزورون مقابر أحبائهم بمخيم اليرموك لأول مرة

أشخاص يرفعون علم سوريا الجديد في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)
أشخاص يرفعون علم سوريا الجديد في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

في مقبرة في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق، يحمل رضوان عدوان أحجاراً بيدَيه ويكدّسها في محاولة منه لإصلاح قبر والده المدمّر الذي يزوره للمرة الأولى منذ سبع سنوات.

ومنذ استعاد الجيش السوري السيطرة على مخيم اليرموك في عام 2018، إثر معارك مع عناصر المعارضة وتنظيم «داعش»، منع الاقتراب من المقبرة التي تعرف بـ«مقبرة الشهداء» أو مقبرة المغاربة في المخيم، ويقول السكان إنها تحوي رفات إسرائيليين.

وعلى غرار كثر، استغلّ الفلسطيني عدوان (45 عاماً) سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) ليدخل المقبرة. ويقول الرجل المقيم حالياً في بلدة قدسيا قرب دمشق: «لولا سقوط النظام، لما تمكنا من زيارة قبر والدي مرة أخرى».

ويُضيف فيما لملم أحجاراً كبيرة من المقبرة ووضعها بشكل مستطيل لإعادة القبر إلى ما كان عليه: «وصلنا ولم يكن هناك أثر للقبر، ونعيد تأسيسه الآن»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

إلى جانب رضوان، جلست زينة (70 عاماً) والدته على كرسي معدني صغير، تتلو القرآن على روح زوجها، وتبكي بحرقة على «كل الأيام التي مرت من دون أن تتمكن من زيارته».

وتقول: «هذه المرة الأولى التي أزور فيها قبر زوجي منذ سبع سنوات وقد جفت دموعي لهذه اللحظة (كل شيء تغيّر هنا)، لكن لا أزال أحفظ جيداً مكان قبره».

فرّ آلاف الفلسطينيين من مخيم اليرموك في عام 2012 (رويترز)

وفرّ آلاف الفلسطينيين من مخيم اليرموك في عام 2012 مع وصول المعارك إليه إثر سيطرة المعارضة عليه ثمّ حصاره من القوات الحكومية.

وكان يسكنه قبل اندلاع النزاع 160 ألف لاجئ فلسطيني، بالإضافة إلى آلاف السوريين. وفي عام 2015، تمكّن تنظيم «داعش» من التسلّل إليه.

«لم يسلم أحد»

وتسببت المعارك بأزمة إنسانية خانقة وفي فرار العدد الأكبر من سكانه وسقوط ضحايا، قبل طرد التنظيم منه في مايو (أيار) 2018.

وعاد عدد محدود من سكان المخيم إلى منازلهم التي لا تزال صالحة للسكن وسط منطقة مدمرة بشكل كامل وتعاني نقصاً شديداً في الخدمات.

إلا أن العدد الأكبر ما زال خارج المنطقة التي شهدت أعنف المعارك خلال السنوات الأولى للنزاع، وطالها قصف جوي ومدفعي عنيف خلال معارك دارت بين الجيش السوري والمعارضة وعناصر تابعين لتنظيم «داعش».

في الطريق إلى مقبرة المخيم اليرموك، يلعب أطفال حفاة وبملابس رثة ببقايا أراجيح معدنية، فيما يلفّ الدمار ساحة كانت فيما مضى حديقة تضمّ ألعاباً.

من أمامها، عبر رجال وشباب متوجهين نحو المقبرة بحثاً عما تبقى من قبور أحبائهم بين الدمار.

من بينهم محمود بدوان (60 عاماً) الذي اتسخت يداه بالتراب وهو ينبش بين الأنقاض ويُشير بيده ويقول: «هنا كان قبر والدي، وهناك قبر عمي، وهنا خالي».

وتبدو معظم القبور من دون شواهد أو بعضها بشواهد مكسرة، وقبور نادرة احتفظت بشواهدها التي كتبت عليها أسماء الموتى وتاريخ وفاتهم.

ويُضيف بدوان: «لم يسلم من نظام الأسد الأحياء ولا الأموات، انظر إلى الركام كيف غطى كل المقابر، لم يسلم أحد».

فرحة ناقصة

ويعتقد السكان أن مقبرة مخيم اليرموك قد تضمّ رفات إسرائيليين، في وقت تحاول إسرائيل عبر وسطاء تحديد مكان رفات الجاسوس إيلي كوهين وجندي إسرائيلي اعتبر في عداد المفقودين بعد اختفائه في عام 1982 في سوريا، كما أفاد مسؤول فلسطيني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم الكشف عن هويته.

رجل يجلس في أحد شوارع مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق (رويترز)

وأكّد المسؤول الفلسطيني: «تم التواصل معنا عبر وسطاء من أجل المساعدة في العثور على رفات جندي إسرائيلي ثالث فقد عام 1982».

وأضاف المسؤول المقيم حالياً في دمشق: «هناك اتصالات أخرى لمعرفة مكان رفات العميل الإسرائيلي المعروف إيلي كوهين».

وقال مسؤول فلسطيني آخر، فضّل كذلك عدم الكشف عن هويته، إن الوساطة تتم عبر روسيا ومع مسؤولين فلسطينيين خارج سوريا.

اتكأت أمينة منوّر (48 عاماً) على جدار متشقق من بقايا منزلها المدمر الذي جاءت لتفقده بعد نحو أسبوع على سقوط بشار الأسد، وهي تطيل النظر في الأشخاص الذين يبحثون عن أقاربهم. وتقول: «لدي أمل كبير بإعادة إعمار المخيم بعد سقوط النظام، لدي أمل بمستقبل أفضل».

وتشرب أمينة الماء من قارورة جلبتها معها، وتقدم الماء لأولئك الذين يصلون بعد عناء إلى المقبرة ويلهثون عطشاً.

ومن بين هؤلاء من ينظر في هاتفه إلى صورة القبر الذي يبحث عنه ويحاول أن يطابق الصورة مع الواقع في أرض تحولت إلى ركام.

وتقول السيدة أمينة: «فرحنا كثيراً بسقوط النظام، لكن فرحتنا ناقصة لأن لدينا معتقلين لم نعرف عنهم شيئاً بعد».