مسؤول في «مجموعة الـ20»: التزام دولي باستعادة 1.1 مليار هكتار من الأراضي هذا العام

ثوماروكودي لـ«الشرق الأوسط»: «كوب 16» سيخرج بمزيد من التنسيق لتنفيذ المشاريع البيئية

TT

مسؤول في «مجموعة الـ20»: التزام دولي باستعادة 1.1 مليار هكتار من الأراضي هذا العام

مدير «مبادرة الأراضي العالمية» في «مجموعة العشرين» الدكتور مورالي ثوماروكودي (تصوير: تركي العقيلي)
مدير «مبادرة الأراضي العالمية» في «مجموعة العشرين» الدكتور مورالي ثوماروكودي (تصوير: تركي العقيلي)

«إذا لم نُدِر الأرض بشكل جيد، فلن يكون لدينا أمن غذائي»... بهذه العبارة نبّه مدير «مبادرة الأراضي العالمية» في «مجموعة العشرين»، الدكتور مورالي ثوماروكودي، إلى مدى خطورة تدهور الأراضي، مشيراً في الوقت نفسه إلى «مبادرة الأراضي العالمية» التي تم إطلاقها خلال رئاسة السعودية لـ«مجموعة العشرين» عام 2020، والهادفة إلى خفض تدهور الأراضي بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2040، وكاشفاً في هذا الصدد عن أن الدول المشاركة في المبادرة التزمت هذا العام باستعادة 1.1 مليار هكتار منها.

وقال ثوماروكودي في حديث مع «الشرق الأوسط»، على هامش انعقاد مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16»، المقام حالياً في الرياض، إن الاقتصاد طويل الأمد يعتمد الحفاظ على البيئة وإدارة الأراضي بشكل مستدام، موضحاً أن كثيراً من الدول يركز على الناتج المحلي الإجمالي بوصفه معياراً للتقدم، لكن هذا قد يؤدي في بعض الأحيان إلى تدهور البيئة.

واستطرد ثوماروكودي: «على الرغم من أن الاقتصاد قد يكون في حالة جيدة، فإن أساسه البيئي يتدهور، ولا بد من إدارة اقتصاداتنا وبيئاتنا بشكل جيد لضمان استقرارنا الاقتصادي على المدى الطويل».

الأمن الغذائي

وأكمل أنه على الرغم من التزام الدول، قد تواجه بعض البلدان تحديات في توفير الموارد المالية أو الخبرات التقنية اللازمة، مؤكداً أن الدول الأعضاء في «مجموعة العشرين» ملتزمة بتقديم الدعم المالي والفني والتقني لتحقيق هذه الأهداف.

وبيّن أن الأرض تلعب دوراً أساسياً في العديد من القطاعات الحيوية.

وشدّد ثوماروكودي على أهمية الأراضي الرعوية التي تُعد المصدر الرئيسي للثروة الحيوانية، بالإضافة إلى دور الأرض في قطاعات عدة؛ منها صناعة التعدين، والطب الحديث الذي يعتمد بنسبة 25 في المائة على المواد المستخلصة من الأرض.

وأفاد بضرورة استخدام التقنية الحديثة في إدارة الأراضي لضمان استدامة الاقتصاد.

وأكد وجوب تحقيق توازن بين التقدم الاقتصادي وحماية البيئة، مبيناً: «إذا قمنا بتدمير غابة ورأينا ذلك تقدماً لأننا سنزرع الأشجار الخشبية، فهذا غير منطقي اقتصادياً، وما يجب أن نفعله هو أخذ البيئة في الحسبان عند تقييم التقدم، وعندما نأخذ ذلك في الاعتبار، نجد أن النمو البيئي المستدام هو الوحيد القابل للحياة اقتصادياً».

الموارد المالية

وتحدث ثوماروكودي عن أهمية مؤتمر «كوب 16»، الذي وصفه بـ«التاريخي»، بمشاركة 197 دولة، مع توقعات بأن يكون هناك المزيد من التنسيق بين الدول في تنفيذ المشاريع الكبيرة العابرة للحدود، خاصة تلك القائمة على النظام البيئي، وأن تأتي البلدان بعزيمة كبيرة لاستعادة الأراضي من أجل المستقبل.

وأشار إلى أهمية وجود التزام أكبر بالموارد المالية لدعم ذلك، متوقعاً أن تتفق الدول على نقل التكنولوجيا وتبادل خبراتها مع بعضها البعض، لدعم البلدان التي تحتاج إليها.

ولفت ثوماروكودي إلى مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» السعودية، وأنها تشمل كثيراً من البلدان والأنظمة البيئية، وتُعد نموذجاً يحتذى به يمكن نقله إلى دول أخرى؛ لتعزيز التعاون العالمي في مجال استعادة الأراضي وحمايتها.

ويشارك الدكتور ثوماروكودي وفريقه في جناح مخصص لاستعادة الأراضي لأول مرة في تاريخ مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، معلناً عن تنظيم فعاليات مستمرة خلال الأيام العشرة المقبلة، تتضمن أكثر من 150 خبيراً و67 فعالية جانبية.

وأفاد بأن زيادة الوعي بهذه المبادرات ستسهم في جذب المزيد من الموارد والدعم لتحقيق أهداف الاستدامة البيئية.


مقالات ذات صلة

لولا يفرش السجاد الأحمر احتفاءً بالرئيس الصيني في برازيليا

أميركا اللاتينية جانب من الاستقبال الرسمي الذي حظي به شي في برازيليا يوم 20 نوفمبر (د.ب.أ)

لولا يفرش السجاد الأحمر احتفاءً بالرئيس الصيني في برازيليا

استقبل الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الرئيس الصيني، شي جينبينغ، في برازيليا احتفاءً بالتقارب بين بلديهما.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج وزير الخارجية السعودي ونظيره البرازيلي خلال إعلان الاتفاقية (واس)

السعودية والبرازيل لإنشاء مجلس تنسيقي بين البلدين

وقعت السعودية والبرازيل على مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس التنسيق بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الاقتصاد وزير المناخ والبيئة النرويجي توري ساندفيك يلقي بياناً خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP29) في باكو 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

مؤتمر «كوب 29» يبني على بيان مجموعة العشرين للمضي في المفاوضات

رحّب المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 29) بالمؤشّرات الإيجابية الصادرة عن بيان مجموعة العشرين، بشأن تمويل الحلول المناخية للدول النامية.

«الشرق الأوسط» (باكو)
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الخليج وزير الخارجية السعودي خلال مباحثاته مع نظيره الأميركي (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الأميركي المستجدات الاقليمية

أجرى وزير الخارجية السعودي ، مباحثات مع نظيريه الأميركي والسنغافوري كل على حده، وذلك على هامش انعقاد قمة مجموعة العشرين في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

الأزمات السياسية في فرنسا وألمانيا تنذر بمزيد من المتاعب لاقتصاد أوروبا المتعثر

ماكرون وشولتس يتشابكان بالأيدي بعد عقد مؤتمر صحافي مشترك خلال قمة الاتحاد الأوروبي (أرشيفية - رويترز)
ماكرون وشولتس يتشابكان بالأيدي بعد عقد مؤتمر صحافي مشترك خلال قمة الاتحاد الأوروبي (أرشيفية - رويترز)
TT

الأزمات السياسية في فرنسا وألمانيا تنذر بمزيد من المتاعب لاقتصاد أوروبا المتعثر

ماكرون وشولتس يتشابكان بالأيدي بعد عقد مؤتمر صحافي مشترك خلال قمة الاتحاد الأوروبي (أرشيفية - رويترز)
ماكرون وشولتس يتشابكان بالأيدي بعد عقد مؤتمر صحافي مشترك خلال قمة الاتحاد الأوروبي (أرشيفية - رويترز)

من المؤكد أن الانهيار الحكومي في كل من برلين وباريس سيؤدي إلى عرقلة الجهود المبذولة لمعالجة العجز المتزايد في أوروبا والقدرة التنافسية المتدهورة. فالفراغ السياسي في فرنسا وألمانيا، وهما أكبر لاعبين في الاتحاد الأوروبي وأكثرهم تأثيراً، ينذر بمشكلات للاقتصاد الأوروبي المتعثر بالفعل.

لقد صوّت البرلمان الفرنسي بحجب الثقة عن رئيس الوزراء، مما يجعل ميشال بارنييه أقصر رئيس حكومة في ظل الجمهورية الخامسة. وسيتعرض الرئيس إيمانويل ماكرون الآن لضغوط لتعيين بديل له - بل إنه يواجه دعوات لتقديم استقالته.

ويشير الخلاف السياسي الذي دفع بارنييه إلى حافة الهاوية، حول الموازنة السنوية لعام 2025، إلى أنه سيكون من الصعب الآن معالجة المشكلات الاقتصادية في البلاد. فمع عجز بنسبة 6.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، تعاني فرنسا بالفعل من أسوأ اختلال في الموازنة في منطقة اليورو، وهو أمر سيتفاقم بعدما تُركت البلاد من دون حكومة فاعلة أو موازنة للعام المقبل للسيطرة على المالية العامة الفرنسية المتعثرة.

وقد سعت خطة بارنييه إلى معالجة هذا العجز الذي طال أمده باستخدام الحد الأقصى، وهو الإطار الزمني الذي تبلغ مدته سبع سنوات والذي تسمح به القواعد المالية الجديدة للاتحاد الأوروبي.

بارنييه خلال جلسة مساءلة في الجمعية الوطنية (د.ب.إ)

وأياً كان من سيشكل الحكومة الجديدة، سيواجه الآن صعوبة كبيرة في دفع اقتراحات الضرائب والإنفاق. ولا يمكن إجراء انتخابات جديدة حتى منتصف العام المقبل، كما لا يمكن لأي من الكتل الثلاث في الجمعية الوطنية الفرنسية حشد الأغلبية، وفق «يورو نيوز».

وقد دعا الكثيرون من اليسار إلى إلغاء الإصلاحات الأوسع نطاقاً لنظام المعيشات التقاعدية التي كانت محور أجندة ماكرون الليبرالية؛ وعلى المدى القريب، كانت مارين لوبان اليمينية المتطرفة تدعو إلى سياسة مكلفة لفهرسة المعيشات التقاعدية بما يتماشى مع التضخم.

في الأشهر الأخيرة، تراكمت المشكلات المالية على فرنسا. كانت البلاد تكافح ديوناً وعجزاً متضخمين، نتيجة للإنفاق الحكومي الجامح منذ عمليات الإغلاق بسبب وباء كوفيد 19. فمع عجز قفز إلى 6.1 في المائة من الناتج الاقتصادي، من 5.5 في المائة العام الماضي، أصبحت البلاد الآن في ضائقة مالية أسوأ من اليونان وإسبانيا وإيطاليا. كما قفزت ديون البلاد إلى أكثر من 3.2 تريليون يورو، أو أكثر من 112 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وكان العجز قد بدأ بالفعل في الاتساع خلال الفترة الرئاسية الأولى لماكرون، بعد أن أثارت انتفاضة السترات الصفراء الشعبية في عام 2018 بسبب زيادة ضريبة البنزين المقترحة احتجاجات على مستوى البلاد من قبل الناس الذين يكافحون من أجل تلبية احتياجاتهم. وأطلق ماكرون مليارات الدولارات في شكل إعانات وحوافز لقمع الدوامة الاجتماعية، وفق صحيفة «نيويورك تايمز».

جنود فرنسيون يقومون بدوريات في محيط أمني بالقرب من كاتدرائية نوتردام دو باريس (رويترز)

بعد عامين، ضرب كوفيد. وتعهد ماكرون بفعل «كل ما يلزم» لدعم الاقتصاد الفرنسي، ونشر مئات المليارات من الإنفاق لمساعدة الشركات على تسريح العمال بنسبة 80 في المائة من أجورهم، مما أدى فعلياً إلى تأميم جزء من رواتب القطاع الخاص لمنع البطالة الجماعية. كما قدمت الحكومة مليارات الدولارات في شكل قروض رخيصة مدعومة من الدولة للشركات.

وفي الوقت الذي بدأ فيه الاقتصاد يتعافى، أدى غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022 إلى ارتفاع أسعار الطاقة، ما انعكس سلباً على النمو.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلنت الحكومة عن تخفيضات في الإنفاق الحكومي بقيمة 10 مليارات يورو، تلتها خطة ادخار ثانية في أغسطس (آب)، في حين تقلصت عائدات الضرائب في فرنسا أكثر من المتوقع بسبب التنازلات التي دفع بها ماكرون لصالح الشركات والأثرياء. ثم قدم بارنييه مخططاً للموازنة يسعى إلى توفير 60 مليار يورو أخرى في عام 2025 جزئياً من خلال زيادات ضريبية مؤقتة كبيرة على الشركات والأثرياء.

ولكن مع بقاء الأوضاع السياسية والمالية في فرنسا في حالة من الغموض، فإن المزيد من التباطؤ يبدو أمراً لا مفر منه، كما يقول خبراء الاقتصاد.

ألمانيا الأسوأ أداء في 2025؟

والأسوأ من ذلك هو أن الأزمة في باريس تأتي جنباً إلى جنب مع تفاقم الأزمة في القوة الاقتصادية والسياسية الأخرى للاتحاد الأوروبي، أي ألمانيا.

فمن المتوقع أن ألمانيا ستكون أكبر عضو في الاتحاد الأوروبي في العام المقبل الأسوأ أداءً من الناحية الاقتصادية. إذ تتوقع المفوضية الأوروبية أن تنمو ألمانيا بنسبة 0.7 في المائة في العام المقبل، بعد أن كانت قد شهدت انكماشاً في عام 2024.

وتواجه برلين مشكلات سياسية خاصة بها. فقد انهار الائتلاف الحاكم المكون من ثلاثة أحزاب في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد خلافات حول السياسة المالية بين الزعيم الاشتراكي أولاف شولتس ووزير المالية الليبرالي كريستيان ليندنر.

متظاهرون يسيرون خلال مسيرة بمناسبة مؤتمر صحافي لحزب «البديل من أجل ألمانيا» في برلين (إ.ب.أ)

ودعا شولتس إلى إجراء انتخابات مبكرة في فبراير. وخلال فوضى الحكم التي تخللت هذه الفترة، لم ترسل برلين إلى الاتحاد الأوروبي أي خطة لكيفية معالجة العجز خلال السنوات المقبلة، رغم أنها قادت الدعوة السياسية لبروكسل لوضع قواعد مالية صارمة.

ومن غير المرجح أن تصبح الصورة الاقتصادية القاتمة لأوروبا أكثر تفاؤلاً.

وهناك علاقات فاترة على نحو متزايد مع الصين الشريك التجاري الرئيس، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي إلى «الابتعاد» عن عدو جيوسياسي متزايد.

سيشكل تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حملته الانتخابية فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة على السلع الأوروبية صداعاً إضافياً، مما يفرض تكلفة اقتصادية مباشرة على مصدري الاتحاد الأوروبي، وخياراً صعباً للقادة الوطنيين فيما يتعلق بكيفية الرد.

كما أن التهديد بالعدوان الروسي، واحتمال ابتعاد الولايات المتحدة عن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، سيعني أيضاً أن أوروبا بحاجة إلى مدّ يدها إلى جيوبها للاستثمار في الجيش.

ويهدد الفراغ السياسي بعرقلة الجهود الأوسع نطاقاً لمعالجة تباطؤ الاقتصاد الأوروبي. وفي الأشهر الأخيرة، أصدر رئيسا الوزراء الإيطاليان السابقان ماريو دراغي وإنريكو ليتا تحذيرات قاتمة بشأن القدرة التنافسية الأوروبية، التي تفوقت فيها الولايات المتحدة.

ولكن مع قلة التوجيهات من باريس وبرلين، العاصمتين اللتين يُنظر إليهما على أنهما محركا المشروع الأوروبي، ليس من الواضح ما إذا كانت الحلول المقترحة منهما ستلقى آذاناً صاغية.

لقد اقترح دراغي وليتا بعض الأفكار الصعبة سياسياً: الاقتراض المشترك عبر سندات «اليوروبوندز»، أو تعزيز أسواق رأس المال، أو صندوق استثمار أوروبي جديد، يضاهي الدعم الهائل للتكنولوجيا الخضراء في الولايات المتحدة.