«حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

لا يستطيع هذا العالم أن ينجب في خلال ألف عام أكثر من فيروز واحدة (الحلقة الثالثة)

فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)
فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)
TT

«حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)
فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

انطلقت فيروز فنياً مع دخولها الإذاعة اللبنانية في شتاء 1950. وواصلت مسيرتها بثبات خلال العام التالي، وحقّقت نجاحاً كبيراً بين عامي 1952 و1953، بعد ارتباطها بالأخوين رحباني بشكل أساسي، كما تشهد الصحافة التي رافقت هذه المسيرة. تابعت مجلة «الصياد» نشاط «الثالوث الفني المؤلف من الأخوين عاصي ومنصور رحباني والمطربة فيروز»، خلال تلك الحقبة، وامتدحت بشغف بالغ هذه المطربة التي «تملك قدرة عظيمة على تنويع الأنغام، وتؤدي اللحن الغربي بنفس القوّة والنجاح اللذين تؤدّي بها لحن (العتابا) و(أبو الزلف) والموشحات والليالي والأدوار».

أولى الحفلات بين بيروت ودمشق

توزّع هذا النشاط الفني الغزير على الإذاعة اللبنانية و«محطة الشرق الأدنى»، ولم يتخطّ هذا الإطار إلا نادراً كما يبدو. في 21 فبراير (شباط) 1952، نشرت «الصياد» خبراً قصيراً يقول: «كانت المطربة فيروز كوكب الحفلة الفنية التي أقامتها لجنة مؤازرة التسلُّح في دمشق؛ فقد استطاعت هذه الفتاة الصغيرة أن تمتلك عواطف الجمهور بأغانيها الخفيفة الراقصة». ويتّضح عند مراجعة التقارير التي رصدت هذا الحدث أن العرض كان حفلاً جماعياً من تنظيم سيدات دمشق، يهدف إلى مؤازرة حركة التسلُّح في الجيش السوري، أُقيم في قاعة سينما دمشق، برعاية رئيس الدولة فوزي سلو، ورئيس الأركان العامة للجيش السوري العقيد أديب الشيشكلي.

أعد برنامج هذا الحفل مدير الإذاعة السورية، أحمد عسة، وتطوّع للغناء فيه عدد من النجوم، منهم حليم الرومي، وسعاد محمد، وحنان، مع الفرقة السيمفونية للإذاعة السورية التي أنشأها أحمد عسة، كما أن سيدات دمشق قدّمن فيه استعراضاً راقصاً يستلهم الفن الشعبي السوري.

كتبت مجلة «الإذاعة»، في وصف إطلالة النجمة الشابة الأولى على المسرح الدمشقي: «قوبلت فيروز بعاصفة شديدة من التصفيق؛ فالجمهور كان يترقّب ظهورها على المسرح بفارغ الصبر، ليرى وجه هذه المطربة التي أحبّ صوتها على أمواج الأثير، وكانت فيروز في خوف من هذا الموقف، ولم تكن واثقة من نفسها ومن قدرتها على السيطرة على هذا الجمهور، ولكن التصفيق أعطاها شيئاً من القوة، فانطلقت تملأ جو القاعة بأغانيها المرحة وصوتها العميق العذوبة، وبين المقطع والمقطع، كان التصفيق يدوِّي لهذه المطربة التي بلغت القمة».

تذكر مجلة «الإذاعة»، في مايو (أيار)، مشاركة حيَّة أخرى للمغنية الشابة في أول سهرة أقامتها «نقابة الموسيقيين المحترفين» في بيروت، وتقول: «كانت المطربة المبدعة الآنسة فيروز كوكب السهرة بصوتها العميق الحالم، وقد حيّت الأخطل الصغير الأستاذ بشارة الخوري بقصيدة: (يا قطعة من كبدي)، التي ألفها شاعرنا الكبير لكريمته المصونة (وداد)، التي كانت بين المدعوات إلى السهرة مع والدها الشاعر الكبير».

فيروز متوسطةً عاصي ومنصور الرحباني في سهرة أقامتها «نقابة الموسيقيين المحترفين» في بيروت ربيع 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

في هذا الميدان كذلك، نشرت مجلة «الإذاعة»، في أول يونيو (حزيران)، مقالاً حول مسرحية عنوانها «غابة الضوء»، قُدّمت في كلية البنات الأميركية (جونيور كوليدج)، في حضور رئيس الوزراء سامي بك الصلح وبعض الوزراء والنواب والصحافيين: «وهي أسطورية شعرية من تلحين الأخوين رحباني، اشتركت بالتمثيل والغناء فيها إلى جانب طالبات (جونيور كوليج) المطربة ذات الصوت الساحر الحالم فيروز». في المقابل، نقلت المجلة في العدد نفسه خبراً يتحدث عن تمثيلية بعنوان «طروب» مستوحاة من «أيام هارون الرشيد وفتكه بالبرامكة وضعها نقولا بسترس، ولَحَّنها جورج فرح، وغنَّتها فيروز، ومثَّلها طلاب معهد التمثيل في الكونسرفتوار الوطني». وأضافت: «التمثيل موفَّق، وقد أثبتت فيروز من جديد أنها مطربة ممتازة».

تصفيق الناس «ينرفزها»

شكّلت تلك الإطلالات الحية حالات نادرة في مسيرة فيروز الأولى، ويبدو أنها لم تتكرّر خلال الأعوام التالية؛ ففي 18 سبتمبر (أيلول)، كتبت «الصياد»: «اعتذرت المطربة فيروز عن العمل في أحد الملاهي الكبرى بعالية، رغم المرتب الجيد الذي وُضع لها، وكانت حجة المطربة أنها لا تستطيع مواجهة الجمهور كل ليلة، والتخلي عن فضيلة الخجل التي تلازمها دائماً». تتضح هذه الصورة في تعليق نشرته مجلة «الإذاعة»، تحت عنوان «فيروز قبضاية الاستوديو»، ونصّه: «سيدة الأغاني الشعبية الراقصة، تلميذة المعهد الموسيقي الوطني والمعهد الرحباني، وهي كثيراً ما تُسجّل أغانيها أثناء القيام بالبروفات، أي أنها تحفظ الأغنية وتسجلها في وجبة واحدة، وليس لديها أي مانع من أخذ دور غيرها في أي لحن كان. ومن طباعها أنها تخشى المسرح وعيون الناس، وتصفيقهم (ينرفزها) لدرجة أنها تنسى الكلام الذي يجب أن تقوله. وحدث لها مرة أنها كانت تغني (ماروشكا) في البيسين بعالية، ونسيت الكلام، وانقلبت إلى شاعرة تؤلف كلاماً موزوناً، ولكن لا معنى له. أما في استوديو الإذاعة، فهي قبضاية تسيطر على رجال التخت، وعلى رأسهم عاصي الرحباني بالذات، ولا تتلعثم أبداً لأنها لا تذيع أغنية إلا والورقة في يدها».

فيروز في ربيع عام 1953 (أرشيف محمود الزيباوي)

حقّقت فيروز نجاحاً كبيراً من خلال عملها الإذاعي مع الأخوين رحباني، وبلغ هذا النجاح ذروته مع أغنية «عتاب». كتبت «الصياد»، في الأسبوع الأخير من سبتمبر (أيلول) 1952: «بقي أن نقول إن أغنية (عتاب) التي لحَّنها عاصي الرحباني، وغنَّتها فيروز، قد أصبحت أغنية الجمهور المفضلة في البيوت والصالونات، وبدأت تهدد الأغنية الشعبية المشهورة (عاللوما اللوما)»، وهي الأغنية التي أطلقت شهرة وديع الصافي. وتحدثت «الصياد»، في مطلع عام 1953، عن بروز نتاج الأخوين رحباني، وقالت: «كان لفيروز الفضل الأكبر على هذين الفنانَين، لأنها أحسنت إبراز ألحانهما بصوتها العاطفي القوي، خصوصاً في أغنية (عتاب) التي تذوب فيها أمام الميكروفون، وتذوب معها قلوب المستمعين وعواطفهم».

حزب «الفيروزيّين»

شكّل هذا الثالوث ظاهرة فنيّة شبابية، سطعت في لبنان كما في سوريا خلال ذلك العام. في 11 فبراير (شباط)، كتبت «الصياد» تحت عنوان «الفيروزيون»: «في دمشق عدد كبير من الطلاب والشباب يسمّون أنفسهم (الفيروزيين)، وذلك نسبة إلى المطربة اللبنانية جميلة الصوت وكثيرة الخجل (فيروز). لقد أصبح اسم (فيروز) في العالم العربي على كل شفاه ولسان، بل أصبح مِن أحب الأسماء إلى قلوب الناس، خصوصاً الشباب والطلاب الذين يردّدون أغانيها باستمرار، ويتحمّسون لها وللأخوين رحباني حماستَهم لمجد وطني أو ظاهرة قومية».

وفي 15 مارس (آذار)، تطرّقت «الصياد» من جديد إلى هذه الظاهرة، وقالت: «يبدو أن حزب (الفيروزيين) بدأ يتوسع ويكبر إلى درجة أنه سينافس أكبر الأحزاب السياسية في هذا البلد. فما كادت هذه المجلة تشير إلى أن أكثر الشبان السوريين بدأوا يحملون لقب الفيروزيين نسبة لإعجابهم بفيروز، حتى أخذ كثيرٌ من الشبان اللبنانيين والفتيات والسيدات يكتبون إلينا مؤيدين هذا الحزب ومعلنين انضمامهم إليه، لأن إعجابهم بفيروز لا يقل بحال من الأحوال عن إعجاب إخوانهم السوريين. بقي أن نقول إنه إذا كان حزب المطربة فيروز بدأ يكبر ويتضخم، فإن لذلك سببين: أوّلهما أن صوت هذه المطربة عميق العذوبة، موقظ للآلام النائمة في القلب والنفس، والثاني أن اللبنانيين كرهوا الأحزاب السياسية القائمة على المنفعة الخاصة وإيقاظ الفتن النائمة، وأصبحوا يبحثون بالسراج والفتيلة عن أحزاب مثل حزب فيروز توفر لهم الطمأنينة والبهجة».

فيروز في جلسة عمل بمحطة «الشرق الأدنى» عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

جذبت هذه الظاهرة سليم اللوزي يوم كان صحافياً يعمل في الميدان الفني، فكتب تحقيقاً قصيراً لمجلة «الكواكب» المصرية نُشر في يونيو (حزيران)، تحت عنوان «مطربة تهاب المجد»، واستهل هذا التحقيق بالحديث عن جمعية «الفيروزيين» التي يرأسها في بيروت سعيد فريحة ونجيب حنكش، ثم انتقل إلى منزل فيروز الذي «يقع في حي زقاق البلاط بيروت، وهو حي الطبقة العاملة في العاصمة اللبنانية»، وقال إن المطربة «اندهشت من زيارة عدسة (الكواكب) لها؛ فهي لم تعتد أضواء الصحافة وتخاف آلات التصوير كما تخاف الظهور على المسرح». فسألها: «ولماذا لا تحاولين الظهور في السينما؟»، فأجابت: «إذا كنتُ أخاف أن أظهر على المسرح؛ فما بالك في السينما؟!». تضمّن هذا التحقيق صورتين استثنائيتين لفيروز، وظهرت لاحقاً صور أخرى معاصرة التُقِطت خلال تلك الزيارة النادرة. في يونيو (حزيران) 1952، أشارت مجلة «الإذاعة» إلى ابتعاد فيروز عن الإعلام، وقالت إنها «على عداء مستمر مع المصوِّرين». وبعد مرور عام من الزمن، احتفلت «الصياد» بنشر صورة من نوع «البورتريه» لفيروز، وقالت في تعليقها إن هذا الإنجاز تمّ بعد أن «كتب قُرَّاء كثيرون يطلبون نشر صور لائقة للمطربة فيروز، لأن جميع الصور التي نُشرت لها في الماضي كانت من النوع الذي لا يشفي الغليل».

استفتاء العشق

شكَّلت فيروز ظاهرة فريدة من نوعها؛ حيث اشتهرت بـ«الاختفاء الدائم وراء الميكروفون»، كما كتبت «الصياد»، في سبتمبر (أيلول) 1953. غير أن فنها حظي بـ«شعبية طغت على الجميع، من الطبقة الأرستقراطية إلى طبقة العمال والكادحين». في ذلك الشهر كذلك، نشر وفيق العلايلي في مجلة «الإذاعة» مقالاً عنوانه «الفتاة التي مسحت جميع مطربي ومطربات الشرق العربي»، وكتب في مقدّمتها: «هذه الفتاة التي لم يمض عليها إلا سنوات معدودة، ولا يعرفها الناس إلا من وراء المذياع والمذياع فقط، دخلت في نفوس جماهير الشرق العربي، وأصبحت الحلم الذي يراود مخيلتهم في الليالي الحالمات الهادئات. هذه الفتاة التي لا يعرف أكثر الناس صورتها، وشكل وجهها، ولون عينيها، قد أصبحت الفكرة المسيطرة لكل من أحبّ الطرب والمطربين».

فيروز في محطة «الشرق الأدنى» عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

قال العلايلي إنه أجرى استفتاء مع عدد من الكُتّاب والوزراء والعائلات: «كانت النتيجة عجيبة، لأنهم كلهم يعشقون هذه المطربة عشقاً غريباً يصل في بعض الأحيان إلى حد الهوس والتعصُّب»، واستشهد برئيس «دار الأيتام الإسلامية» في بيروت، محمد علي بيهم، ونقل عنه قوله إن «فيروز قد أعادت إلى نفسي حب الطرب العربي بعد أن سئمتُ أغاني كبار المطربين والمطربات وألحانهم المائعة المتشابهة وأصواتهم التي لا تتغير. وأكثر من ذلك، لقد أصبحت أكثر العائلات في لبنان، إن لم أقل كلها، تدير أزرار الراديو ومفاتيحه باحثة عن الصوت الذهبي الذي يتردّد مع أمواج الأثير عبر الصحراء والنخيل إلى الشواطئ العربية».

وفي الختام، وجّه الكاتب التحية إلى الأخوَيْن رحباني «اللذين اكتشفا هذا الينبوع، بل هذا الكنز الفني النادر»، وقال إنهما «يسيران مع العصر؛ عصر الحركة الدائمة، ويتعمّدان ألا يُدخِلا الملل إلى نفوس المستمعين». وتمنّى منهما «أن يجعلا اللون العربي يتغلّب على اللون الأوروبي حتى يأتي الطابع الموسيقي موافقاً للبيئة التي تعيش فيها مع هذا التجديد المستحب الذي سارا به في طريق النجاح».

امتدح كثيرون من أهل العلم والفن فيروز، وجعلوا مِن صوتها صوتَهم وصوتَ بلادهم، وذلك قبل أن يُطلِق عليها سعيد عقل لقب «سفيرتنا إلى النجوم» بزمن طويل. في هذا السياق، احتفى صاحب «الصياد»، سعيد فريحة، بالنجمة الشابة، بوصفه «الفيروزي الأوّل»، وكتب مخاطباً الآنسة كثيرة الحياء في مقالة مميزة نُشرت في 22 أكتوبر (تشرين الأول): «اتقي الله من مكانتك وجلال مقامك الرفيع، ودعينا نحن عباد الله الفيروزيين ننحني أمامك محبين ومباركين. إن هذا العالم يستطيع أن ينجب في كل يوم مائة صحافي وألف رئيس وزارة، ولكن لا يستطيع أن ينجب في خلال ألف عام أكثر من فيروز واحدة».


مقالات ذات صلة

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس إلى جانب الغناء والتلحين يتمتع زياد بموهبة التمثيل (زياد صليبا)

زياد غسان صليبا لـ«الشرق الأوسط»: والدي فنان عالمي

يعدّ زياد الابن الأصغر للفنان غسان صليبا. وهو مثل شقيقه وسام جذبه عالم الفن بكل أبعاده، فمشى على خطى والده المغني وأخيه الممثل وسام صليبا.

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس سليم في حفلها بأكاديمية الفنون المصرية بروما ({الشرق الأوسط})

السوبرانو أميرة سليم لـ«الشرق الأوسط»: لا أسعى لمنافسة أحد

كشفت مطربة الأوبرا المصرية (السوبرانو) أميرة سليم عن استعدادها لتقديم أغنيات باللهجة العامية المصرية بعدما قدمت أغنية «بنحب المصرية»

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق حفل سيمفوني للموسيقى الغنائية بالأوبرا خلال الكريسماس (وزارة الثقافة المصرية)

«رسالة سلام» في احتفالات الكريسماس بمصر

بمقطوعات موسيقية وأغانٍ من الإنشاد الصوفي والترانيم الكنسية والتراتيل القبطية والأعمال التراثية، والدمج بين الفنون العربية والأجنبية، تستقبل مصر الكريسماس.

محمد الكفراوي (القاهرة )

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
TT

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية والنصائح التي يوجهنها للجمهور بناء على تجاربهن، وهو أمر برز خلال لقاءات إعلامية عدة في الأسابيع الماضية.

أحدث هذه التصريحات كانت من نصيب الفنانة المصرية رانيا يوسف، في برنامج «ع الرايق»، بعدما تطرقت لتعرضها للضرب من زوجيها الأول والثاني، مع نصيحتها للفتيات بألا تقل فترة الخطوبة قبل الزواج عن 3 أو 4 سنوات، فضلاً عن نصيحتها لبناتها بعدم الزواج قبل سن الـ30 عاماً.

وقالت رانيا إن «طبيعة العلاقات في الوقت الحالي أصبحت تتطلب مزيداً من العمق والتفاهم بين الطرفين، بعيداً عن السطحية والانجذاب المؤقت»، محذرة من تعامل النساء بمشاعرهن عند البحث عن الشراكات العاطفية التي تحقق لهن السعادة والاستقرار.

وجاءت تصريحات رانيا بعد وقت قصير من تصريحات للفنانة زينة عن حياتها الشخصية وإنجابها طفليها التوأم بمفردها في الولايات المتحدة وصعوبة الأيام الأولى لهما مع مرضهما، بالإضافة إلى الفترة التي قضتها بمفردها في الغربة. وكذلك تطرقت إلى تفاصيل كثيرة عن حياتها، خصوصاً في ظل تحملها مسؤولية دور الأم والأب ووجودها مع نجليها بمفردها.

الفنانة المصرية زينة (فيسبوك)

وكانت الفنانة لبلبة قد أثارت جدلاً مشابهاً عندما تحدثت عن طفولتها الصعبة التي عاشتها واضطرارها للعمل من أجل الإنفاق على عائلتها بجانب انشغالها بمسؤوليات الأسرة وأشقائها، الأمر الذي جعلها تحاول أن تعوض ما لم تعشه في طفولتها.

من جهتها، تؤكد الناقدة المصرية ماجدة موريس أن «بعض الفنانين لا يكون قصدهم دائماً إثارة الجدل بالحديث عن حياتهم الشخصية أو مواقف سابقة مروا بها»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التصريحات تخرج بشكل عفوي، لكن التفاعل يحدث معها نتيجة اهتمام الجمهور بمتابعتهم».

وأضافت أن «رانيا يوسف على سبيل المثال مرّت بتجارب مختلفة، وبالتالي عندما تتحدث عن صعوبة ثقتها في الرجال، بالإضافة إلى نصيحتها بتأجيل خطوة الزواج للفتيات؛ فهي تحاول إبداء رأي تعتقد أنه صواب»، لافتة إلى أهمية التعامل مع الفنانين باعتبارهم بشراً من حقهم الإدلاء بآرائهم، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميع آرائهم صحيحة أو غير قابلة للتغير مع مرور الوقت.

الفنانة المصرية لبلبة (فيسبوك)

وهنا يشير مدرس علم الاجتماع بجامعة بني سويف، محمد ناصف، إلى «ضرورة التفرقة بين المواقف الشخصية والخبرات التي يتحدث بها الأشخاص العاديون، وبين المشاهير الذين تكون لديهم قاعدة جماهيرية ومصداقية ربما أكثر من غيرهم وإمكانية وصول لأعداد أكبر من الجمهور عبر البرامج والمنصات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً من الجدل يكون مجتمعياً في الأساس، لكن بدايته تكون من تصريحات المشاهير».

وأضاف أن «هناك تبايناً في الآراء قد يصل لدرجة التناقض بين الأفراد داخل المجتمع، وهو أمر يتوجب فهمه في إطار الخلفيات الاجتماعية والعادات والخبرات التي يمر بها كل فرد، وبالتالي ستجد من يقتنع بكل رأي يقال حتى لو لم يكن صحيحاً من الناحية العلمية»، لافتاً إلى ضرورة فتح نقاشات أعمق حول بعض الآراء عبر وسائل الإعلام.

وهو الرأي الذي تدعمه الناقدة المصرية، موضحة أن «آراء الفنانين تسلط الضوء على موضوعات قد تكون محل جدل مجتمعي، لكن تبرز لوسائل الإعلام مع إعلانها من المشاهير»، لافتة إلى أن «بعض الآراء قد تعرض أصحابها لانتقادات من شرائح أكبر عبر مواقع التواصل، لكن على الأرجح يكون لدى الفنان القدرة على تحمل تبعات موقفه وشرح وجهة نظره التي ليس بالضرورة أن تتسق مع رأي الغالبية».