فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

«الشرق الأوسط» تنشر سيرة «نهاد وديع حداد» (الحلقة الأولى)

فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)
فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)
TT

فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)
فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)

تحوّل الاحتفال بعيد ميلاد فيروز منذ سنوات إلى تقليد راسخ يتجدّد يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تنشغل وسائل الإعلام في مختلف فروعها بهذه المناسبة، بالتزامن مع انشغال وسائل التواصل الاجتماعي بها في حال من الهوس الجماعي. تشهد هذه الاحتفالية المتجدّدة لتعاظم حضور فيروز في لبنان كما في سائر أنحاء العالم العربي، وتؤكد تحوّل اسمها إلى ظاهرة حية عابرة للأجيال وللأعمار، رغم احتجابها بشكل شبه كامل عن الأنظار. من جهة أخرى، يثير هذا الاحتفال السنوي أكثر من سؤال، ويعكس الغموض الذي يلف سيرة فيروز في وجهيها الشخصي والفني، منذ مرحلة البدايات الأولى إلى يومنا هذا.

«ولدت في يومٍ لا تذكر تاريخه»

تقول السيرة الأكثر شيوعاً إن فيروز وُلدت يوم 21 نوفمبر 1935، غير أن الأوراق الثبوتية تقول بشكل لا لبس فيه إن نهاد وديع حداد وُلدت في 20 نوفمبر 1934. في حديث إذاعي أجرته الإذاعة المصرية يعود إلى شتاء 1955، تقول النجمة الشابة إنها في العشرين من عمرها، مما يوحي بأنها من مواليد 1935. وفي تقرير أعدّه محمد سيد شوشه عام 1956، نشر في كتيّب من سلسلة «أنغام من الشرق»، حمل عنوان «فيروز المطربة الخجول»، نقرأ في المقدّمة: «اسمها فيروز، وإنما هي نهاد وديع حداد. لا تتجاوز من العمر الحادية والعشرين، فقد وُلدت في بيروت في يوم لا تذكر تاريخه من عام 1935». في المقابل، نقع على حديث مع فيروز نُشر في مجلة «العروسة» في مايو (أيار) 1957، مع مقدمة تقول: «مولودة في بيروت عام 1934، بس مش عارفة في أي يوم»، مما يوحي بأنها وُلدت في يوم ما من عام 1934، وبأن ولادتها سُجّلت رسمياً في يوم 20 نوفمبر.

فيروز في صورة غير مؤرّخة من أيام الصبا (أرشيف محمود الزيباوي)

فيروز سبقت نهاد

من المفارقات الغريبة، أن اسم فيروز ظهر للمرة الأولى في فبراير (شباط) 1950، فيما لم يظهر اسم نهاد حداد إلا في مطلع عام 1952، كما تكشف المراجعة المتأنية للصحافة التي رافقت دخول فيروز إلى عالم الفن وخطواتها الأولى في هذا المجال. يعكس هذا الظهور المتأخر للاسم الحقيقي، احتجاب صاحبته منذ البدء وراء الاسم الفني الذي عُرفت به. ظهر اسم فيروز للمرة الأولى تحديداً في خبر قصير من بضعة أسطر نُشر في 19 فبراير 1950 تحت عنوان «صوت جديد» في مجلة «الإذاعة»، وهي مجلة خاصة كان يديرها صحافي يُدعى فايق خوري. جاء في هذا الخبر: «قال لنا الأستاذ حليم الرومي إنه اكتشف صوتاً جديداً، يُعتبر من أعذب الأصوات الغنائية التي سمعها في لبنان، وقد أطلق على صاحبته اسم فيروز، وسيقدّمها في برامج محطة الإذاعة اللبنانية بعد أن سهر على تربية حنجرتها وتهذيبها وتهيئة ألحان خاصة بها». جاء حليم الرومي من قبرص إلى لبنان في مطلع 1950، حيث شغل منصب مدير القسم الموسيقي في الإذاعة اللبنانية، وأعلن عند انطلاقه في هذا العمل، اكتشافه صوتاً جديداً أطلق على صاحبته اسم فيروز، وقدّم اكتشافه في أغنية باللهجة المصرية من كلمات منير عوض عنوانها «تركت قلبي وطاوعت حبك»، بُثّت في 24 فبراير 1950، كما تشير إلى ذلك جداول برامج الإذاعة المنشورة في المجلات التي تعود إلى تلك الحقبة.

أولى الأغاني

شكّلت «تركت قلبي» بداية لمسيرة فيروز بوصفها مطربة «سولو»، أي منفردة، في فبراير 1950. في الشهر التالي، أدّت أغاني من النوع الذي يوصف بـ«الأغاني الراقصة» ضمن «ركن الشباب»، وكانت من تلحين جورج فرح، وهو موسيقي لبناني عمل طويلاً في الإذاعة، إلى جانب عمله في المعهد الموسيقي الوطني. وفي مايو، أدت «يا حمام يا مروح بلدك» من كلمات فتحي قورة وتلحين حليم الرومي، وهي أغنية من اللون المصري، نعرفها بسبب صدورها على أسطوانة بعد عامين. تواصلت هذه الرحلة، وأثمرت أغاني عدة، منها «رومبا عطشان» في يوليو (تموز)، ثم «رومبا عيون» في أغسطس (آب)، ضمن «ركن الشباب» مع جورج فرح.

في أغسطس نفسه، غنت فيروز «نشيد المهاجرين» من تلحين جورج ضاهر، وهو ملحن لم يستمر طويلاً في العمل الإذاعي كما يبدو، وأدّت معه محاورة. تحدثت مجلة «الإذاعة» عن هذا العمل، وامتدحت غناء فيروز، وقالت إنه «كان جميلاً، وفيه قوة وروعة»، وانتقدت أداء جورج ضاهر، «لأن صوته ضعيف»، ورأت «أن اشتراك فيروز في إنشاد هذا اللحن كان عاملاً أساسياً لنجاحه». ردّ الملحّن على هذا النقد، وقال إن التنويه بغناء فيروز «اعتراف واضح بأن الألحان قد نجحت»، فهو من «وجّه الآنسة فيروز على هذا الضبط في الغناء والأداء، ولم يكن أحد ليلمس أو يسمع مثل ذلك من الآنسة فيروز نفسها قبل هذا التدريب والتوجيه»، «ولو لم يرَ صلاحية الآنسة فيروز لمثل هذه الألحان لما انتخبها من الكورس الذي في الإذاعة».

قدّمت فيروز في نهاية أغسطس من تلحين جورج ضاهر، أغنية من مقام البياتي، مطلعها «يا قلب حاج تنوح»، وأغنية من مقام العجم، مطلعها «نحن البنات اللبنانيات»، ورأى ناقد مجلة «الإذاعة» أن فيروز لم تنجح في أداء اللحن الأول، لأن صوتها غريب عن هذا اللون في الغناء، غير أنها أجادت في الأغنية الثانية، «لأن اللحن وافق صوتها اللامع، فقادته حتى النهاية بجهد مشكور». واصلت فيروز العمل مع جورج فرح وجورج ضاهر ضمن «ركن الشباب»، وقدمت حوارية غنائية عنوانها «أين أنت» مع مغنٍّ يُدعى كلوفيس الحاج، وحوارية عنوانها «سامبا الكروم» مع مغنٍّ آخر يُدعى جورج عازار. ولا نجد في محفوظات الإذاعة اليوم أي أثر لهذا النتاج الفيروزي المبكر.

«حنجرة بعيدة المدى»

في مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، نشرت «الإذاعة» تعليقاً حمل عنوان «كورس الإذاعة مدرسة حديثة للمواهب»، وقالت إن هذا الكورس «يضمّ أربع آنسات هنّ ليلى صعيدي، وكروان، وفيروز، وآمال»، وأضافت: «ومن هذا الكورس تخرجت مطربات وبرز مطربون. ومن بين المطربات اللواتي يُرشّحن الآن للتخرج في الكورس، المطربة الناشئة فيروز، التي تملك حنجرة بعيدة المدى، وهي تؤدّي جميع الألوان الغنائية ببراعة، فتراها تؤدي التانغو والفالس بالسهولة نفسها التي تنشد بها الموشحات الأندلسية». ويتّضح من هذا الكلام أن فيروز دخلت الإذاعة كـ «مردّدة» في كورس نسائي مؤلف من أربعة أصوات، وانطلقت سريعاً بصفتها مغنية «سولو» إلى جانب هذا العمل.

تكرّر هذا التنويه بالمغنية الناشئة في نهاية أكتوبر حين نشرت المجلة مقالاً تحت عنوان «فنانات الغد»، تحدّث فيه محمد بديع سربيه عن عدد من المغنيات، وختم بالقول: «أما صوت فيروز الشجي المطرب الذي نسمعه دوماً في حفلات الإذاعة فهو صوت سوف يأخذ مكانته في القريب العاجل بين أحسن الأصوات الغنائية في لبنان».

فيروز مع حليم الرومي وسط عدد من العاملين في القسم الموسيقي الخاص بالإذاعة اللبنانية مطلع الخمسينات (أرشيف محمود الزيباوي)

شراكة تدريجيّة مع عاصي ومنصور

عملت فيروز في الإذاعة ضمن الكورس ومغنية منفردة، وجمعها هذا العمل بالأخوين عاصي ومنصور الرحباني اللذَين سبقاها في الدخول إلى هذا الحقل. وُظّف عاصي في الإذاعة اللبنانية بصفته عازف كمان وملحّناً في شتاء 1948، وعمل منصور معه منذ البداية، كما تشهد مراجعة المجلات الإذاعية. يظهر اسم الرحباني في جداول البرامج الإذاعية منذ مارس (آذار) 1948، ثم يظهر اسم «فرقة الرحباني في أغان منوعة». يتحول هذا الموعد إلى برنامج أسبوعي في الموعد الصباحي نفسه تقريباً.

يتردد ذكر اسم الرحباني في جداول البرامج في عام 1949، واللافت هنا تحوّل اسم الفرقة إلى «ثلاثي رحباني» في بعض الأحيان، بالتزامن مع دخول اسم المطربة نجوى، وهو الاسم الفني الذي عُرفت به سلوى الرحباني، شقيقة عاصي ومنصور. يغيب اسم «الأخوان رحباني» عن الجداول، لكنه يحضر مع نصوص الأغاني الرحبانية التي نشرتها مجلة «الإذاعة»، مما يعني أن عاصي ومنصور اعتمدا هذا الاسم الجامع منذ البداية. بدأ مشوار فيروز مع الأخوين رحباني من خلال عملها في الكورس الإذاعي على الأرجح، وتحوّلت هذه المشاركة إلى شراكة عضوية تدريجياً، وليس تلقائياً، كما يُردّد اليوم.

أشار حليم الرومي إلى هذا التحول في مقال نشره في مجلة «الإذاعة» في أكتوبر 1954، حيث استعاد قصة اكتشافه لفيروز، وكتب في الختام: «من غريب الصدف أني لما قدّمتها للزميل عاصي الرحباني لتشترك معه في البرامج الغنائية الراقصة على وجه التخصيص، قال لي بالحرف الواحد (إن هذا الصوت لا يصلح للأغاني الراقصة وقد يصلح للأغاني الخفيفة فقط). وتدور الأيام وتصبح فيروز أقدر وأنجح مطربة للأغاني الراقصة، ويصبح كيان الرحباني الفني قائماً على هذا الصوت وحده، بشهادة عاصي الرحباني نفسه».

«لا تصلح للغناء»

في المقابل، يروي عاصي الرحباني في حديث نقلته مجلة «أهل الفن» في مايو 1955: «كنت أقوم بإعداد برامج موسيقية غنائية للإذاعة، وفي يوم دعاني حليم الرومي رئيس قسم الموسيقى بالإذاعة للاستماع إلى صوت جديد، فرأيت فتاة صغيرة تحمل كتاباً، ومعها أبوها، وسمعت صوتاً وقلت (لا بأس)، إلا أنني آمنت أنها لا تصلح للغناء. وقال أخي إنها لا تصلح إطلاقاً للغناء الراقص. وبدأت أعلّمها فكانت أحسن من غنّى هذا اللون». وفي حديث يعود إلى عام 1956 نقله صاحب كتيّب «فيروز المطربة الخجول»، يقول عاصي إنه استمع إلى صوتها عند دخولها الإذاعة، وأبدى ملاحظة على لفظها، ورأى أنه يحتاج إلى الصقل. ويضيف: «منذ ذلك الوقت بدأت أسند إليها بعض الأدوار في البرامج التي كنت أقدمها من الإذاعة اللبنانية، فلمست فيها مواهب نادرة في حسن الأداء وسرعة الحفظ بلا خطأ».

فيروز مع عاصي الرحباني وحليم الرومي ويظهر في الطرف منصور الرحباني وفي الخلف أحد العاملين في الإذاعة اللبنانية (أرشيف محمود الزيباوي)

بدأ دخول فيروز بصفتها مغنية «سولو» في الأعمال الرحبانية في خريف 1950 على الأرجح، وتمثّل ذلك في أغنية «صباحية» عنوانها «جناتنا»، غير أنها استمرت في نشاطها «المستقل» في تلك الفترة، كما استمر الأخوان رحباني في نشاطهما المعهود. توطّد التعاون بين الأخوين والمغنية الناشئة خلال الأشهر التالية، حيث حلّت فيروز مكان شقيقتهما سلوى، وتحوّلت إلى ركن أساسي في فرقتهما.

إلى جانب نشاطها في هذا الإطار، تعاونت فيروز ضمن عملها في الإذاعة اللبنانية مع الملحنين المعتمدين في هذه المحطة، ومنهم خالد أبو النصر الذي غنت من تلحينه أبياتاً مختارة من قصيدة «يا أيها الشادي» للشاعر المَهجري إيليا أبو ماضي. وتقلّص هذا التعاون تدريجياً في السنوات التالية.

شريكة المغامرة الرحبانية

مع عاصي ومنصور، دخلت فيروز محطة «الشرق الأدنى» التابعة للإذاعة البريطانية، وحظيت معهما برعاية صبري الشريف، مراقب البرامج الموسيقية والغنائية في هذه المحطة، الذي تبنّى المغامرة الرحبانية باكراً منذ 1949. دخلت هذه المغامرة في منعطف جديد حين تبناها بدوره مدير الإذاعة السورية أحمد عسّه في خريف 1951، وأولاها اهتماماً خاصاً، كما تشهد سلسلة من التسجيلات المتنوعة من محفوظات هذه الإذاعة، تمثّل اليوم ما بقي من نتاج الأخوين رحباني الأول مع فيروز.

من المفارقات المثيرة للعجب، أن صوت فيروز شاع في تلك الفترة المبكرة من خلال ثلاث محطات إذاعية، وتردّد الاسم الفني الذي عُرفت به صاحبته في الصحافة، غير أن اسمها الحقيقي لم يُذكر إطلاقاً كما يبدو، واللافت أن وجهها ظلّ محتجباً بشكل كامل على مدى ما يقارب السنتين، إلى أن نشرت مجلة «الصياد» أول صورة لهذا الوجه في 13 ديسمبر (كانون الأول)، وذلك ضمن ركن أسبوعي صغير في صفحة «أهل الفن» يحمل عنوان «أرشيف الفن»، ضمّ كذلك تعليقاً مثيراً يشير للمرة الأولى إلى وضع فيروز الاجتماعي.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة (الشرق الأوسط)

«أسبوع الرياض الموسيقي» يحتفي بالمواهب الإبداعية في الفضاءات العامة

يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات Fringe وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة خلال الفترة من 7 إلى 10 ديسمبر

يوميات الشرق شعار مسابقة الأغنية الأوروبية 2025 يظهر على لافتة (د.ب.أ)

مع التصويت على مشاركة إسرائيل... مسابقة «يوروفيجن» تواجه اختباراً كبيراً

تواجه مسابقة الأغنية الأوروبية «لحظة فاصلة» يوم الخميس عندما يصوت أعضاء الهيئة المنظمة للمسابقة على ما إذا كان بإمكان إسرائيل المنافسة في نسخة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (جنيف)
«ذا فويس 6» والمدرّبون ناصيف زيتون وأحمد سعد ورحمة رياض (إنستغرام)

مدرّبو «ذا فويس»: الموسم السادس يحمل مواهب استثنائية

كانت لـ«الشرق الأوسط» لقاءات مع المدرّبين الثلاثة خلال تسجيل إحدى حلقات الموسم السادس، فأبدوا رأيهم في التجربة التي يخوضونها...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق فكرة عقد المؤتمر جاءت استجابة لاحتياجات المشهدين الفني والبحثي في العالم العربي (هيئة الترفيه)

أول مؤتمر للموسيقى العربية في الرياض يوصي بتوثيق وصون التراث الشرقي

أوصى أول مؤتمر للموسيقى العربية عُقد في الرياض بأهمية تنفيذ مشروع عربي شامل، لتوثيق المقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية، وفق منهجيات علمية دقيقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
TT

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)

ساعات من الطرب والحماسة شهدتها أولى حفلات برنامج «صدى الوادي» في وادي صفار، مع صقر الأغنية الخليجية رابح صقر، والفنان ناصر نايف، ضمن فعاليات موسم الدرعية.

وانطلقت، الخميس، أولى حفلات برنامج «صدى الوادي»، في مشهد جمع بين القيمة التاريخية للمكان والإيقاع الفنّي الذي يُقدّمه موسم الدرعية 25-26، ضمن برامجه التي تمزج بين التاريخ والتراث والسياحة والترفيه.

وبدأت الأمسية على المسرح المفتوح بتصميمه الذي ينسجم مع الطبيعة الآسرة لوادي صفار شمال غربي مدينة الرياض، مع الفنان السعودي الشاب ناصر نايف الذي تفاعل معه الجمهور وهو يؤدّي أغنياته المُحبَّبة.

وتصاعدت حماسة الحضور مع ظهور صقر الأغنية الخليجية رابح صقر الذي لفت الأنظار بأدائه في عدد من أغنياته، أبرزها: «يوم ما أنا ضحّيت ما أقصد جحود»، و«حبيبي اللي همّه رضاي»، إلى جانب أداء ناصر الاستثنائي في «نسايم نجد»، و«خلي الليالي سعادة»، ومجموعة أخرى من الأغنيات التي أشعلت شتاء وادي صفار في أولى حفلات موسم الدرعية هذا العام.

الفنان ناصر نايف خلال الحفل (موسم الدرعية)

الفنان رابح صقر خلال الحفل (موسم الدرعية)

ويأتي اختيار وادي صفار لتنظيم الأمسية لما يمثّله من قيمة تاريخية وموقع حيوي كان على مدى العصور مَعْبراً للمسافرين وقوافل التجارة، وملتقى اجتماعياً لأهالي الدرعية، قبل أن يتحوَّل اليوم إلى مسرح مفتوح يحتضن فعاليات ثقافية وفنية تعكس حضور الموسم وتنوّع عروضه. ويندرج هذا الحفل ضمن برنامج موسيقي واسع يشارك فيه فنانون من أبرز الأسماء العربية؛ من بينهم: فنان العرب محمد عبده، وقيثارة العرب نوال، وراشد الفارس، وأميمة طالب، وفنانو حفل اليوم، الجمعة، عايض يوسف، وزينة عماد، بالإضافة إلى مجموعة من المواهب السعودية الممّيزة.

أجواء تراثية وطربية في ليالي «صدى الوادي» (موسم الدرعية)

ويُقدّم برنامج «صدى الوادي» سلسلة من الحفلات التي تستضيف أبرز الفنانين في العالم العربي، عبر إثراء التجربة الفنية لزوار موسم الدرعية من خلال عروض موسيقية متنوّعة تشمل السامري وفنون الأداء الجماعي، وتُبرز جماليات المكان بتكوينه الطبيعي وشواهده التاريخية.

وتشمل تفاصيل «صدى الوادي» تجربة متكاملة تبدأ باستقبال الزوار بطابع الضيافة السعودية، مروراً بعروض شعرية وغنائية، وصولاً إلى مرافق فنّية ومعارض تفاعلية، من بينها معرض السامري الذي يُقدّم سرداً بصرياً وثقافياً لتراث فنون الأداء النجدية عبر تقنيات رقمية وآلات موسيقية معروضة، بما يعزّز دور البرنامج في الحفاظ على الفنون التقليدية وإبرازها بأسلوب معاصر.


أداة مبتكرة تُساعد ضعاف البصر على البرمجة

الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
TT

أداة مبتكرة تُساعد ضعاف البصر على البرمجة

الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)

طوّر فريقٌ بحثي دولي، بقيادة جامعة تكساس الأميركية، أداةً مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُساعد المبرمجين من ضعاف البصر على إنشاء النماذج ثلاثية الأبعاد وتحريرها والتحقق منها بشكل مستقل.

وأوضح الباحثون أن هذه الدراسة تفتح الباب أمام إتاحة أدوات الإبداع التكنولوجي للأشخاص ضعاف البصر، وهو مجال لا يزال محدوداً جدّاً حتى الآن. وقد قُدّمت النتائج، الخميس، خلال مؤتمر «ASSETS 2025» الدولي للحوسبة في دنفر بالولايات المتحدة.

ويعاني المبرمجون ضعاف البصر تحديات كبيرة في العمل على الأكواد والنماذج الرقمية، إذ تعتمد أدوات برمجة تقليدية عدّة على الرؤية المباشرة للشاشات والنماذج ثلاثية الأبعاد.

ووفقاً للفريق، فإن نحو 1.7 في المائة من المبرمجين يعانون ضعف البصر، ويستخدمون أدوات مثل قارئات الشاشة وشاشات برايل التي تتيح لهم قراءة الأكواد بطريقة «برايل».

وجاء اهتمام الفريق في تطوير الأداة بعد ملاحظتهم التحديات التي واجهها زميلهم الكفيف أثناء دراسة النمذجة ثلاثية الأبعاد، إذ كان يحتاج دائماً إلى مساعدة الآخرين للتحقّق من عمله.

وتحمل الأداة المبتكرة اسم «A11yShape»، وتهدف إلى تمكين ضعاف البصر من تحرير النماذج والتحقّق منها دون الحاجة إلى مساعدة أشخاص مبصرين، ما يفتح أمامهم فرصاً أوسع للمشاركة في المشروعات التقنية والإبداعية بشكل مستقل.

وتعتمد الأداة على التقاط صور رقمية متعددة الزوايا للنماذج التي يُنشئها المبرمجون في محرر الأكواد «OpenSCAD»، ومن ثمَّ يستخدم النظام نموذجَ الذكاء الاصطناعي «GPT-4o» لتحويل الأكواد والصور إلى وصفٍ نصّي دقيق يمكن للمستخدم فهمه بسهولة.

كما تقوم الأداة بمزامنة التغييرات بين الكود والوصف والنموذج ثلاثي الأبعاد، وتوفّر مساعداً ذكياً شبيهاً بـ«روبوت دردشة» للإجابة عن أسئلة المستخدم المتعلّقة بالتصميم والتحرير.

وبذلك تتيح الأداة للمبرمجين من ضعاف البصر العملَ بشكل مستقل على تصميم النماذج ثلاثية الأبعاد من دون الحاجة إلى مساعدة شخص مبصر، ما يُعزّز فرصهم في الإبداع والمشاركة الفعلية في المشروعات التقنية.

واختبر الباحثون الأداة مع 4 مبرمجين من ضعاف البصر، وتمكّنوا بفضلها من إنشاء وتعديل نماذج ثلاثية الأبعاد لروبوتات وصواريخ وطائرات هليكوبتر بشكل مستقل.

وقال الدكتور ليانغ هي، الأستاذ المساعد في علوم الحاسوب بجامعة تكساس والباحث الرئيسي في الدراسة: «هذه خطوة أولى نحو تمكين الأشخاص ضعيفي البصر من الوصول إلى أدوات الإبداع، بما في ذلك النمذجة ثلاثية الأبعاد».

وأضاف، عبر موقع الجامعة، أن فريقه سيواصل تطوير الأدوات لدعم المبرمجين ضعيفي البصر في مهام إبداعية أخرى، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد وتصميم الدوائر الإلكترونية، بهدف تمكينهم من العمل بشكل مستقل في هذه المجالات.


الرياض تجمع 60 متحدّثاً عالمياً بمنصة فلسفية تبحث جذور الفكر بين الشرق والغرب

مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
TT

الرياض تجمع 60 متحدّثاً عالمياً بمنصة فلسفية تبحث جذور الفكر بين الشرق والغرب

مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)

أكد الدكتور عبد اللطيف الواصل، رئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية، أنّ المرحلة الراهنة تتطلَّب استعادة دور الفلسفة في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتقدَّم فيه المادية، لتُعيد طرح الأسئلة الكبرى، وتُقدّم قراءة أعمق للتحوّلات التي يشهدها العالم.

وتابع الواصل، خلال افتتاح أعمال «مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025» في نسخته الخامسة، أنّ الرياض باحتضانها هذا الحدث المعرفي تُرسّخ مكانتها فضاءً حيّاً يتقاطع فيه عمق الفكرة مع حيوية التجديد، وتمنح الفكر موقعاً فاعلاً في صياغة الرؤى والأسئلة المعاصرة.

يشارك في المؤتمر 60 متحدّثاً عالمياً من الفلاسفة والمفكرين والباحثين (هيئة الأدب)

وتتواصل، منذ الخميس، نقاشات غنيّة ضمن أعمال المؤتمر الذي تُنظّمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في مكتبة الملك فهد الوطنية، تحت عنوان «الفلسفة بين الشرق والغرب: المفاهيم، والأصول، والتأثيرات المتبادلة».

ويشارك في المؤتمر 60 متحدّثاً من الفلاسفة والمفكرين والباحثين من مختلف دول العالم، يمثّلون مدارس فلسفية متعددة، مما يمنح البرنامج تنوّعاً معرفياً يُعزّز مكانته منصةً دوليةً للحوار وتبادل الخبرات.

نقاشات مُعمَّقة ضمن ورشات العمل المُصاحبة للمؤتمر (هيئة الأدب)

وتشهد الفعالية أكثر من 40 جلسة حوارية تتناول جذور الفلسفة الشرقية والغربية، وطرائق التفكير، ومسارات التأثير المتبادل بين المدارس الفكرية، إلى جانب مناقشة قضايا معاصرة تتعلَّق بالمعنى الإنساني، والتحوّلات الثقافية، ودور الفلسفة في قراءة الواقع.

هذا الزخم العلمي يمنح الباحثين والمهتمّين رؤى متنوّعة ومقاربات موسَّعة، تُعمّق النقاشات الفلسفية وتُطوّر فهماً أوسع للأسئلة الكبرى في الفكر الإنساني.

مؤتمر الرياض عزَّز مكانته منصةً دوليةً للحوار وتبادل الخبرات (هيئة الأدب)

الروابط المشتركة بين الشرق والغرب

وأشار الواصل إلى أنّ اختيار عنوان المؤتمر يعكس حقيقة أنّ الفلسفة لم تُولد من الجغرافيا بقدر ما تشكّلت من السؤال. وأضاف أن تناول ثنائية الشرق والغرب ليس هدفه تكريس الانقسام، بل إبراز الروابط المشتركة بين التجارب الفكرية وما يجمعها من ميراث إنساني قائم على البحث عن المعنى وصناعة الوعي.

وأوضح أنّ انعقاد المؤتمر في نسخته الخامسة هو امتداد لمشروع فكري انطلق قبل 5 أعوام، وتحوَّل إلى مبادرة راسخة تُعزّز حضور الفلسفة وتُثري حوار الثقافات، وتُرسّخ موقع المملكة منصةً عالميةً في مجالات الإنتاج المعرفي وصناعة الفكر.

وأوضح الواصل أنّ المؤتمر بات اليوم مشروعاً يتنامى أثره عاماً بعد عام، ويتّسع حضوره محلّياً ودولياً، بما يعكس الثقة التي اكتسبها ودوره في دعم الحوارات الفلسفية بين الشرق والغرب.

يشهد المؤتمر أكثر من 40 جلسة حوارية تتناول جذور الفلسفة الشرقية والغربية (هيئة الأدب)

وأكّد أنّ الحاجة المتزايدة لاستعادة دور الفلسفة تنبع من واقع عالمي سريع التحوّل، تتقاطع فيه الأزمات والأسئلة الوجودية. وترى الرياض في هذا الحدث مساحة تتفاعل فيها الفكرة العميقة مع التجديد الفكري، في فضاء مفتوح يعكس المكانة المتنامية للمملكة في المشهد الفلسفي العالمي.

ويُعدّ «مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة» من أبرز الفعاليات الفكرية السنوية في المنطقة، إذ يُسهم منذ انطلاقته الأولى في تعزيز التواصل الثقافي العالمي، وإعادة تقديم الفلسفات بمختلف مدارسها في سياق دولي، وترسيخ الدور السعودي في دعم الإنتاج الفكري وبناء الجسور المعرفية بين الشرق والغرب، بما يخدم مسارات التنمية الثقافية والفكرية التي تشهدها المملكة.

مناقشة قضايا معاصرة تتعلَّق بالمعنى الإنساني والتحوّلات الثقافية (هيئة الأدب)

ويأتي انعقاد المؤتمر هذا العام امتداداً لمسيرته المعرفية التي بدأت قبل 5 أعوام، ليواصل دوره منصةً عالميةً تجمع المفكرين والباحثين والخبراء من مختلف دول العالم، وتُرسّخ مكانة السعودية مركزاً دولياً لإنتاج المعرفة وتعزيز الحوار بين الثقافات.