«قوات الدعم السريع» السودانية: خياراتنا مفتوحة لتشكيل حكومة في مناطق سيطرتنا

رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» عمر حمدان خلال مؤتمر صحافي بنيروبي يوم 18 نوفمبر (الشرق الأوسط)
رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» عمر حمدان خلال مؤتمر صحافي بنيروبي يوم 18 نوفمبر (الشرق الأوسط)
TT

«قوات الدعم السريع» السودانية: خياراتنا مفتوحة لتشكيل حكومة في مناطق سيطرتنا

رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» عمر حمدان خلال مؤتمر صحافي بنيروبي يوم 18 نوفمبر (الشرق الأوسط)
رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» عمر حمدان خلال مؤتمر صحافي بنيروبي يوم 18 نوفمبر (الشرق الأوسط)

أكد رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» السودانية، عمر حمدان، في مؤتمر صحافي أنهم لا يرفضون السلام، لكن هذا يتوقف على مبادرة جادة وبضمانات دولية يمارس فيها المجتمع الدولي ضغوطاً على الطرف الآخر في النزاع، وهو الجيش السوداني. وقال حمدان، في مؤتمر صحافي بالعاصمة الكينية نيروبي، يوم الاثنين، إن هناك فراغاً كبيراً في البلاد، لذلك فإن «كل الخيارات أمامنا مفتوحة لتشكيل حكومة في مناطق سيطرتنا».

وبشأن أحداث شرق ولاية الجزيرة في وسط السودان، قال حمدان إن «الولاية كانت آمنة، لكن المتمرد المنشق من قواتنا، أبو عاقلة كيكل، قام بتسليح عدد من المواطنين، وحدد ساعة صفر لانتفاضة داخل الولاية. وعندما اكتشفنا أمره فر، فأدت المواجهات بين قواتنا مع المدنيين المسلحين (المسُتنفرين) إلى نزوح كبير من المواطنين». وحذر حمدان سكان ولاية الجزيرة وبقية أقاليم السودان من الانجرار وراء عمليات التسليح التي دعا إليها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان.

بدوره قال المستشار القانوني لقائد «قوات الدعم السريع» محمد المختار: «لا ننكر وقوع انتهاكات في ولاية الجزيرة من أطراف متعددة»، مضيفاً: «لقد ألقينا القبض على أعداد كبيرة، من بينهم أفراد محسوبون على (الدعم السريع)، وجرت محاكمتهم بالسجن». وأكد المختار أن كل المواجهات التي جرت مع قواتهم في منطقة شرق الجزيرة كانت مع مجموعات مسلحة، مشيراً إلى أن المدنيين لم يغادروا بلدة تمبول إلا بعد بدء القصف الجوي الذي شنه طيران الجيش.

وقال المختار إن قرار «مجموعة بورتسودان» (في إشارة إلى الحكومة المؤقتة التي أنشأها البرهان) بتغيير العملة يقسّم البلاد، وهذا «أمر مرفوض وإجراء غير سليم في ظل عدم وجود حكومة في البلاد». وأضاف أن «قوات الدعم السريع» سبق أن أصدرت بياناً منعت فيه التعامل بالعملة الجديدة في مناطقها، ورحبت باستخدام الدولار الأميركي، قائلاً: «يمكننا التداول به في مناطق سيطرتنا».

أحد شوارع أم درمان القديمة التي يسيطر عليها الجيش السوداني (رويترز)

وذكر أن الحرب التي اشتعلت في 15 أبريل (نيسان) 2023 كانت من فعل «فلول النظام السابق وحلفائهم داخل الجيش، وقد خلَّفت معاناة إنسانية كارثية، وأدت إلى تشريد 15 مليون سوداني داخلياً وخارجياً، ودمرت البنية التحتية في العاصمة الخرطوم من جسور ومصانع ومنازل المدنيين نتيجة قصف الطيران المتعمد».

واتهم المختار الجيش باستخدام الإغاثة سلاحاً ضد المدنيين، إذ حرم نحو 30 مليون نسمة في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» من وصول المساعدات الإنسانية إليها. وقال إن حصيلة القصف الجوي للطيران الحربي بلغت 2873 قتيلاً و2320 جريحاً، كما دمر 4321 منزلاً في عدد من المناطق في كل من ولايات دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة.

وأضاف: «كما رصدنا استخدام الطيران قنابل زنة 250 كيلوغراماً، وهي محرمة دولية، وأدت إلى اختناقات وسط المدنيين نتيجة استخدام الغاز السام». وقال إن قائد الجيش الفريق البرهان يسعى إلى تحويل الصراع إلى حرب أهلية بتسليح المدنيين في شمال السودان والجزيرة؛ ما تَسَبَّبَ في الأحداث التي شهدتها منطقة شرق ولاية الجزيرة، وأكد أن قواتهم أعادت الاستقرار للمنطقة، بعد إخراج القائد المنشق أبو عاقلة كيكل والمقاتلين المدنيين الذين جرى استنفارهم وتسليحهم من قبل الجيش، ولكن بعد تجريدهم من السلاح الذي تلقوه من الجيش. وأضاف المختار أن «قوات الدعم السريع» أرسلت فريقاً طبياً متكاملاً وقوافل صحية وإنسانية، للمساعدة في الأوضاع الصحية للسكان.


مقالات ذات صلة

روسيا تستخدم «الفيتو» ضد «النكهة الاستعمارية» للحل في السودان

شمال افريقيا مجلس الأمن (أ.ف.ب)

روسيا تستخدم «الفيتو» ضد «النكهة الاستعمارية» للحل في السودان

أحبطت روسيا جهود مجلس الأمن لإصدار قرار يطالب بوقف فوري للأعمال العدائية في السودان وبدء عملية سياسية انطلاقاً من محادثات جدة معتبرة أن فيه «نكهة استعمارية».

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا أرشيفية لجلسة مجلس الأمن الدولي (موقع الأمم المتحدة)

«فيتو» روسي ضد الدعوة إلى وقف إطلاق النار في السودان

استخدمت روسيا حقّ النقض (الفيتو)، الاثنين، لإسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في السودان وحماية المدنيين من النزاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا جندي من الجيش السوداني فوق شاحنة عسكرية خارج مستشفى في أم درمان في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن مقتل 150 من «الدعم السريع» في غرب السودان

قالت القوات المسلحة السودانية إن 150 مقاتلاً من قوات الدعم السريع شبه العسكرية قتلوا في معركة بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور بغرب السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم )
خاص وزير الخارجية السوداني علي يوسف (متداولة)

خاص وزير الخارجية السوداني لــ«الشرق الأوسط»: حريصون على تحسين علاقتنا مع دول الجوار

تترقب بورتسودان أول زيارة للمبعوث الأميركي، التي تستغرق يوماً واحداً، ويلتقي خلالها عدداً من المسؤولين في «المجلس السيادي» وحاكم دارفور، مني أركو مناوي.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم  (أرشيفية - رويترز)

تنظيمات مدنية سودانية تعد قصف المدنيين جريمة حرب

«التاريخ لن يرحم من وقف متفرجاً على معاناة شعبنا الأعزل وندعو الجميع لتحمل المسؤوليات لحماية المدنيين في شرق النيل ومناطق السودان كافة...»

أحمد يونس (كمبالا)

روسيا تستخدم «الفيتو» ضد «النكهة الاستعمارية» للحل في السودان

نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي رافعاً يده للتصويت في مجلس الأمن ضد مشروع قرار حول الوضع في السودان (رويترز)
نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي رافعاً يده للتصويت في مجلس الأمن ضد مشروع قرار حول الوضع في السودان (رويترز)
TT

روسيا تستخدم «الفيتو» ضد «النكهة الاستعمارية» للحل في السودان

نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي رافعاً يده للتصويت في مجلس الأمن ضد مشروع قرار حول الوضع في السودان (رويترز)
نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي رافعاً يده للتصويت في مجلس الأمن ضد مشروع قرار حول الوضع في السودان (رويترز)

أجهضت روسيا، يوم الاثنين، مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في السودان، والشروع في عملية سياسية انطلاقاً من «محادثات جدة»، لوضع حد للحرب المستعرة منذ 20 شهراً.

وجاء استخدام روسيا لحق النقض «الفيتو» ضد مشروع القرار الذي قدمته بريطانيا مع سيراليون بعد مفاوضات صعبة وطويلة. وعلى رغم استجابة رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي للمحاولة الأخيرة التي قام بها المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير، الذي طلب تعليق الاجتماع سعياً إلى التوافق، عاد الأعضاء الـ15 إلى قاعة المجلس وصوتوا على النص الذي تجاوب معه 14 عضواً مقابل معارضة روسيا.

ويحتاج أي قرار في مجلس الأمن إلى موافقة ما لا يقل عن تسعة أصوات، بالإضافة إلى عدم استخدام «الفيتو» من أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس، وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين. وكان من شأن مشروع القرار أن «يندد بالهجوم المستمر من (قوات الدعم السريع) في الفاشر في دارفور»، ويطالبها بـ«الوقف الفوري لجميع هجماتها ضد المدنيين في دارفور وولايتي الجزيرة وسنار وأماكن أخرى». ويدعو إلى «وقف كل الهجمات ضد المدنيين» ويدعو أطراف النزاع إلى «وقف الأعمال العدائية على الفور»، والانخراط في حوار «بحسن نية بهدف الاتفاق على وقف إطلاق نار وطني على وجه السرعة».

كما يطالب كل الأطراف المتحاربة بحماية المدنيين في السودان، واتخاذ «كل الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين»، ويدعو إلى «اتخاذ خطوات عاجلة لوقف ومنع العنف الجنسي المرتبط بالصراع، والتأكد من عدم استخدامه كتكتيك في الحرب». وهو يدعو كذلك إلى «الموافقة على فترات توقف إنسانية على أساس مستدام»، ويدعو كل الأطراف إلى «السماح بتسهيل وصول المساعدات عبر الحدود بشكل كامل وسريع وآمن ومن دون عوائق».

«عار على بوتين»

وبعد التصويت، قال الوزير البريطاني ديفيد لامي إن المدنيين السودانيين «عانوا عنفاً لا يمكن تصوره خلال الحرب»، وإن هذه المعاناة «ندبة على الضمير الجماعي». وأضاف أنه «في وجه هذه الأهوال عملت المملكة المتحدة وسيراليون لجمع هذا المجلس معاً لمعالجة هذه الأزمة والكارثة الإنسانية لحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، والدعوة لوقف إطلاق النار. دولة واحدة وقفت في طريق تحدث المجلس بصوت واحد. دولة واحدة هي المعرقلة وهي عدوة السلام. إن الفيتو الروسي (عار)» على الرئيس فلاديمير بوتين الذي «يشن حرباً عدوانية على أوكرانيا. عار على بوتين لاستخدام مرتزقته لنشر الصراع والعنف في أنحاء القارة الأفريقية».

وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي يتحدث أمام مجلس الأمن خلال اجتماع حول الوضع في السودان (رويترز)

«نكهة استعمارية»

وفيما كان لامي يلقي كلمته، بدا نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، ديميتري بوليانسكي، وهو يتفحص هاتفه. وقال بوليانسكي لاحقاً إن «الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام هي أن تتوصل الأطراف المتحاربة إلى اتفاق لوقف النار»، مضيفاً أنه «لا ينبغي أن يفرض المجلس هذا الاتفاق بطريقة متبلة بنكهة استعمارية». ورأى أن «المشكلة الرئيسية في المسودة هي أنها تتضمن فهماً خاطئاً لمن يتحمل مسؤولية حماية المدنيين ومن يجب أن يتخذ قراراً في شأن دعوة القوات الأجنبية إلى السودان».

وتدور حرب منذ أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي». واتُّهم الطرفان بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك استهداف مدنيين، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، واستخدام أساليب التجويع في حق ملايين المدنيين. وأشار أحد الدبلوماسيين إلى أنه خلال المفاوضات حول النص «أدلت روسيا بكثير من التعليقات المنحازة» لمعسكر البرهان. وعلى رغم الفيتو الروسي، واصل أعضاء المجلس دعواتهم إلى وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب في السودان.