وسط توتر أمني بين ميليشيات حكومة «الوحدة الوطنية»، المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، بدأت اليوم (السبت)، الانتخابات المحلية في ليبيا. وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات انطلاق عملية الاقتراع في 352 مركزاً انتخابياً، و777 محطة اقتراع في 58 مجلساً بلدياً.
وبحسب بيانات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، فمن المتوقع أن يتوجه أكثر من 186 ألف ناخب إلى صناديق الاقتراع، وهم مجموع المسجلين في سجلات انتخاب المجالس البلدية. وبدأت عملية الاقتراع الساعة التاسعة من صباح اليوم (السبت)، وتستمر حتى السادسة مساءً، في عملية انتخابية تعقد كل 4 سنوات في كل بلدية بنظامَي «القائمة» و«الأفراد».
وقال رئيس المفوضية، عماد السايح، إن عملية انتخاب مجالس المحافظات أصبحت متاحةً بعد انتخاب المجالس البلدية، وعدّها في مؤتمر صحافي بطرابلس «خطوة إيجابية بالغة الأهمية نحو تعزيز مفهوم اللامركزية، وستكون لها نتائج مباشرة على استدامة واستقرار وحدات الحكم المحلي». وعدّ أن «هذه الانتخابات ليست عملية لتبادل السلطة، بل هي هيكلة جديدة للحكم المحلي»، مؤكداً أن مشكلة إنفاذ قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، «سياسية وليست فنية، لأن جميع القوانين التي تُحال إلى المفوضية للانتخابات العامة تبقى حبيسة الأدراج».
ودعا السايح مجلس النواب الليبي إلى إدخال بعض التعديلات على القانون، حتى يكون مؤهلاً للتنفيذ والتطبيق على أرض الواقع، بهدف انتخاب مجالس بلدية، تمثل قاعدة الإدارة المحلية الرشيدة، وتسهم في تحقيق مبدأ التوزيع العادل للثروة ومشروعات التنمية، مشيراً إلى تمسك «المفوضية»، بوصفها هيئة دستورية، بالعمل في إطار التشريعات الصادرة، وما يُحال إليها من القوانين المنظِّمة للعملية الانتخابية. وقال إن ما دون ذلك «لا يقع ضمن دائرة اختصاصها، ويدخل في دائرة الصراع السياسي».
وكانت «المفوضية» قد دعت مَن سجَّلوا في سجل الناخبين، وتسلَّموا بطاقاتهم الانتخابية، إلى تحمّل مسؤوليتهم، والتوجه إلى مراكز الانتخاب المسجلين بها، وممارسة حقهم في التصويت واختيار ممثليهم في المجالس البلدية، وحثتهم على اغتنام هذه الفرصة، التي لن تتكرر إلا بعد 4 سنوات، وعدم ترك المجال «لمَن يحاول أن يخطف أصواتهم ويتعدى على حقوقهم».
كما دعت المفوضية المنظمات، التي اعتُمدت لمراقبة الانتخابات ووكلاء المرشحين، إلى ضرورة التقيد بالنظم التي وُضعت لممارسة مهامهم، واتباع القواعد التي تنظم عملية المراقبة، والمتابعة لسير العملية الانتخابية داخل محطات الاقتراع.
بدورها، قالت القائمة بأعمال البعثة الأممية، ستيفاني خوري، التي رافقت السايح، والممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، صوفي كيمخدزه، خلال زيارة غرفة العمليات المركزية التابعة للمفوضية، إن الانتخابات الشاملة والشفافة والموثوقة «وسيلة لتعزيز العقد الاجتماعي بين مؤسسات الدولة والشعب، وهي دليل على أن إجراء الانتخابات أمر ممكن بوصفه أداة للانتقال السلمي للسلطة». وحثّت الناخبين جميعاً على المشاركة بفاعلية، فيما وصفتها بـ«هذه الممارسة الديمقراطية المهمة»، عادّة الانتخابات «علامةً فارقةً في مسيرة ليبيا نحو الديمقراطية، وخطوةً مهمةً على طريق إعادة الشرعية للمؤسسات الليبية».
وبعدما أكدت دعمها لعملية انتخابية سلمية وشاملة، شجّعت البعثة المواطنين المسجلين جميعاً على المشاركة بكثافة، والإدلاء بأصواتهم.
من جانبه، دعا الدبيبة الجميع للتوجه إلى مراكز الاقتراع، والمشارَكة في اختيار الكفاءات لقيادة المستقبل. وطالب المواطنين بأن يكونوا في الموعد لأداء هذا الواجب الوطني.
كما أعرب رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي أدلى بصوته في الانتخابات بمدينة القبة، عن أمله في نجاح الاستحقاق الانتخابي، مؤكداً أهمية هذه الانتخابات. ودعا المواطنين للقيام بواجبهم الانتخابي، مشيراً إلى أن هذه الانتخابات «ستعزز الأمل والطمأنينة لمستقبل زاهر للشعب الليبي».
في غضون ذلك، تجدَّدت الخلافات بين جهاز «حرس المنشآت النفطية»، و«اللواء 444 قتال»، التابعَين لحكومة «الوحدة»، بعدما أعلن، اليوم (السبت)، «اللواء 444 قتال» بإمرة محمود حمزة، إطلاق سراح عناصر الجهاز، الذين تم اختطافهم، مساء الجمعة، بعد تهديد الجهاز بالتصعيد.
وكان فرع الجنوب الغربي بالجهاز قد أعلن أسر مجموعة، لم يحدد عددها، من عناصره، والتعدي على شرعيته وحدوده الإدارية، وهدَّد بأنه في حالة عدم إطلاق سراح جنوده سيتم التعامل، والقيام بمهام تضمن إطلاق احتجازهم.
ورصدت وسائل إعلام محلية، مساء الجمعة، انتشار «قوة حماية الحمادة» في محيط الحقول النفطية بمنطقة الحمادة، بعد توتر الأوضاع مع «اللواء 444»، علماً بأن حقل الحمادة الحمراء النفطي، التابع لشركة «الخليج العربي للنفط» ينتج نحو 8 آلاف برميل يومياً، يتم تكريرها في مصفاة الزاوية غرب طرابلس، عبر خط لنقل الخام بطول 380 كيلومتراً.
في سياق ذلك، دخلت خوري على خط النزاع الدائر بين خالد المشري، ومحمد تكالة، على رئاسة المجلس الأعلى للدولة، عبر اتصالين هاتفيَّين منفصلين، مساء الجمعة؛ لمناقشة استمرار الأزمة المتعلقة برئاسة المجلس.
وأوضحت خوري أنها أعربت عن أسفها لكون الانقسامات داخل المجلس أصبحت الآن مترسخة، ما يشكِّل عائقاً حقيقياً أمام قدرة المجلس على الاضطلاع بمسؤولياته، مشيرة إلى أنها حثتهما على السعي إلى حل توافقي، دون المساس بما سيسفر عنه مسار القضاء الذي لجأ إليه الطرفان. كما أكدت أن بعثة الأمم المتحدة «تظل ملتزمة بالتواصل مع جميع الأطراف في هذه الأزمة بهدف الحفاظ على وحدة المجلس واستقلاليته».