نيجرفان بارزاني: «البيشمركة» جزء رئيسي من منظومة الدفاع العراقية

شدد على ضرورة أن تكون مستقلة وبعيدة عن الصراعات السياسية

بارزاني خلال مراسم حفل التخرج (الشرق الأوسط)
بارزاني خلال مراسم حفل التخرج (الشرق الأوسط)
TT

نيجرفان بارزاني: «البيشمركة» جزء رئيسي من منظومة الدفاع العراقية

بارزاني خلال مراسم حفل التخرج (الشرق الأوسط)
بارزاني خلال مراسم حفل التخرج (الشرق الأوسط)

جدد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، السبت، دعواته المتكررة لتوحيد صفوف قوات الأمن الكردية (البيشمركة)، وعدّها جزءاً مهماً من منظومة الدفاع العراقية، وشدد على ضرورة إبعادها عن الصراعات السياسية والحزبية.

وعدّ بارزاني خلال مشاركته في حفل تخرج طلاب الدورة الرابعة لتأهيل الضباط بكلية قلاچولان العسكرية بمحافظة السليمانية، أن «قوات البيشمركة جزء مهم ورئيسي للمنظومة الدفاعية العراقية، لذا فإن مسؤولية العراق ومن جميع الجوانب أن تدعم تمكين البيشمركة».

وكشفت مصادر كردية لـ«الشرق الأوسط» عن تخرج 769 ضابطاً من كلية قلاچولان العسكرية، بعد 7 أشهر من الدراسة والتدريب، وضمنهم نحو 50 مقاتلة، ويحمل معظم الخريجين شهادة البكالوريوس الجامعية قبل التحاقهم بالكلية العسكرية، ويتوزعون على مختلف المحافظات العراقية.

170 ألف مقاتل

وطبقاً للمصادر ذاتها، تضم تشكيلات وزارة البيشمركة نحو 170 ألف مقاتل، تمّ توحيد نحو 70 ألفاً منها، بينما لا تزال البقية منضوية في وحدتي 70 و80 التابعتين للحزبين الرئيسيين؛ «الاتحاد الوطني» و«الديمقراطي الكردستاني»، وبنسب متساوية تقريباً.

بارزاني يحضر استعراضاً عسكرياً لـ«البيشمركة» خلال حفل التخرج (الشرق الأوسط)

ويمتثل الضباط في الوحدات التابعة للوزارة لأوامر قادة الأحزاب التي ينتمون إليها. وذكر بارزاني أن «لديه عقيدة عميقة وراسخة» بأن البيشمركة والقوات المسلحة الأخرى «يجب أن تكون مؤسسة وطنية ومهنية مستقلة، وأن تكون بعيدة عن أي نوع من أنواع الاختلاف والصراعات السياسية والحزبية». وتحدث عن أن قوات البيشمركة كانت قد «لعبت دوراً محورياً في دحر مسلحي تنظيم (داعش)» الذي سيطر على نحو ثلث الأراضي العراقية بعد يونيو (حزيران) 2014، قبل أن تتمكن القوات العراقية من إلحاق الهزيمة به بحلول نهاية عام 2017.

وتعدّ قوات البيشمركة، بحسب الدستور العراقي الدائم لعام 2005، جزءاً من منظومة الدفاع الوطني وهي خاصة بإقليم كردستان العراق، وإن كان تسليحها متوقفاً على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. ويواجه إقليم كردستان، خصوصاً الحزبين الرئيسين، منذ سنوات، انتقادات مستمرة من الحلفاء الدوليين، بسبب عدم تمكنه من توحيد قواته الأمنية تحت سقف مظلّة نظامية واحدة وبعقيدة وطنية مؤسساتية لا حزبية.

مستشارون أميركيون

ويقوم مستشارون عسكريون أميركيون، وغيرهم من أعضاء التحالف الدولي، منذ سنوات، بتقديم الاستشارة لقوات البيشمركة من أجل تطويرها وإعدادها لمواجهة المخاطر المستقبلية المتمثلة بـ«الإرهاب»، كما أنها تبذل جهوداً حثيثة لتوحيدها ضمن مظلة قيادة واحدة.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قامت وزارة الدفاع الأميركية وبالاتفاق مع الحكومة الاتحادية في بغداد بتسليم قوات البيشمركة مدافع هاوتزر عيار «105»، ما أثار حفيظة أطراف عربية في بغداد، رغم تأكيدات وزارة الدفاع العراقية أنها أسلحة ذات مديات متوسطة وغير هجومية. ووجه بارزاني رسائل عدة أبرزها «التأكيد على ضرورة توحيد قوات البيشمركة لتكون مؤسسة مهنية وبعيدة عن الصراعات السياسية والحزبية».

بارزاني خلال كلمة في حفل التخرج (الشرق الأوسط)

ولم ينسَ بارزاني خلال حفل التخرج، دعوة القوى والأطراف السياسية الفائزة في الانتخابات التشريعية لبرلمان الإقليم التي جرت الشهر الماضي، إلى «البدء بحوارات جدية وبنّاءة لتشكيل حكومة جديدة قوية وفاعلة، على أن تكون بمستوى تطلعات المواطنين ولتواجه تحديات المرحلة الراهنة».

من جانبه، قال شورش إسماعيل وزير البيشمركة خلال كلمة في حفل التخرج، إن وزارته «قد تمكنت من تنفيذ جزء من البرنامج الإصلاحي لقوات البيشمركة، وإن واشنطن كانت داعمة للإقليم بتنفيذ البرنامج الإصلاحي وتشكيل القوات العسكرية لكردستان». وكرر إسماعيل الدعوة إلى الحزبين الكرديين الرئيسيين من أجل التعاون في توحيد قوات البيشمركة، وذكر أن «الهدف الرئيس أن تكتمل عملية توحيد قوات البيشمركة بحلول عام 2026».

ويعد ملف توحيد قوات البيشمركة من القضايا البارزة في إقليم كردستان، حيث تعمل حكومة الإقليم بدعم من شركاء دوليين، على دمج الوحدات المختلفة تحت مظلة وزارة «البيشمركة».


مقالات ذات صلة

العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

المشرق العربي عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)

العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

في حين أكدت كتائب «سيد الشهداء»، أحد الفصائل المسلحة المنضوية في «محور المقاومة»، توقف هجماتها ضد إسرائيل، رفض تحالف «الفتح» الذي يقوده هادي العامري حل «الحشد».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي المشهداني لدى استقباله السفير السعودي في بغداد (البرلمان العراقي)

المشهداني يدعو إلى تعزيز التعاون بين بغداد والرياض

دعا رئيس البرلمان العراقي الدكتور محمود المشهداني إلى إيلاء التعاون مع المملكة العربية السعودية أهمية قصوى في هذه المرحلة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جنديان عراقيان مع آلية يقفان عند نقطة حراسة على الحدود العراقية - السورية 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

العراق: مساعٍ لتطوير المؤسسة العسكرية

كشفت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن الحاجة لتطويع عشرات الآلاف بالجيش وسط تحديات أمنية إقليمية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تخشى بغداد أن يعيد «داعش» تنظيم صفوفه بعدما استولى على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس وزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني يعلن استئناف عمل بعثة العراق الدبلوماسية في دمشق

أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مساء الخميس أن البعثة الدبلوماسية العراقية «فتحت أبوابها وباشرت مهامها في دمشق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
TT

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

نالت المستشفيات في جنوب لبنان، حصتها من الحرب الإسرائيلية، باستهدافات مباشرة وغير مباشرة. ومع دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين لبنان وإسرائيل، ها هي تحاول النهوض مجدداً رغم كل الصعوبات، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل أو تعمل بأقسام محددة، وتحت الخطر.

مستشفى بنت جبيل

في بلدة بنت جبيل، عاد مستشفى صلاح غندور للعمل. ويقول مدير المستشفى الدكتور محمد سليمان: «فتحنا الأبواب في اليوم التالي لإعلان وقف إطلاق النار، بداية مع قسم الطوارئ، الذي استقبلنا فيه حالات عدّة، وقد جرى العمل على تجهيز الأقسام الأخرى، منها قسم العمليات، الذي بات جاهزاً، إضافة إلى قسمي المختبر والأشعة».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ستتمّ إعادة فتح القسم الداخلي خلال أيام، أما العيادات الخارجية فتحتاج إلى مزيد من الوقت كي تستقبل المرضى، وكذلك الصيدلية».

ويتحدَّث عن أضرار كبيرة أصابت المستشفى، قائلاً: «لكننا نعمل من أجل إصلاحها. قبل أن نُخلي المستشفى كان لدينا مخزون كافٍ من المستلزمات الطبية، وهو ما سهّل عملنا».

ومع استمرار الخروقات الإسرائيلية والمسيَّرات والطائرات الحربية التي لا تفارق الأجواء، يؤكد سليمان أن «المستشفى يعمل بشكل طبيعي، والأهم أن الطاقمين الطبي والإداري موجودان».

وكان المستشفى قد استُهدف بشكل مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي تسبّب بإصابة 3 أطباء و7 ممرضين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث تمّ حينها الإخلاء، علماً بأن محيط المستشفى قُصف لمرات عدة قبل ذلك.

لكن مستشفى بنت جبيل الحكومي لم يفتح أبوابه، في حين استأنف مستشفى مرجعيون الحكومي استقبال المرضى اعتباراً من يوم الخميس، 5 ديسمبر (كانون الأول).

مستشفى ميس الجبل

«لم يُسمح لنا بالتوجه إلى ميس الجبل، لذا بقي المستشفى مقفلاً ولم نعاود فتح أبوابه»، يقول مدير الخدمات الطبّيّة في مستشفى ميس الجبل الحكومي، الدكتور حليم سعد، لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف: «يقع المستشفى على الحدود مباشرة، أُجبرنا على إقفال أبوابه بعد نحو أسبوع من بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان، وقد تمّ قصفه مرات عدة، ونحن حتّى يومنا هذا لم نتمكّن من العودة إليه»، وذلك نتيجة التهديدات الإسرائيلية المستمرة في هذه المنطقة ومنع الجيش الإسرائيلي الأهالي من العودة إلى عدد من القرى، ومنها ميس الجبل.

أما مستشفى تبنين الحكومي، فإنه صامد حتّى اليوم، بعدما كان يعمل وحيداً خلال الحرب، ليغطي المنطقة الحدودية هناك كلها، علماً بأنه استُهدف مرات عدة بغارات سقطت في محيط المستشفى، كما أصابت إحدى الغارات الإسرائيلية قسمَي العلاج الكيميائي والأطفال، وأخرجتهما عن الخدمة.

النبطية

من جهتها، عانت مستشفيات النبطية طوال فترة الحرب من القصف الكثيف والعنيف في المنطقة، والدليل على ذلك حجم الدمار الهائل في المدينة وجوارها؛ ما تسبب في ضغط كبير على المستشفيات هناك.

تقول مديرة مستشفى «النجدة الشعبية» في النبطية، الدكتورة منى أبو زيد، لـ«الشرق الأوسط»: «كأي حرب لها نتائج سلبية، أثرت بنا وعلينا، خصوصاً أننا في القطاع الصحي، نعيش أساساً تداعيات أزمات كثيرة، منذ قرابة 5 سنوات، منها جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية والمالية؛ ما منعنا عن تطوير إمكاناتنا وتحسين الخدمات الطبية لمرضانا».

قوات إسرائيلية تتنقل بين المنازل المدمرة في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

أثر نفسي

وتتحدَّث الدكتورة منى أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» عن أمور أساسية مرتبطة بتداعيات الحرب. وتقول: «نقطتان أساسيتان، لا بد من التطرق إليهما عند الحديث عمّا أنتجته الحرب الإسرائيلية، الأولى: الوضع النفسي لجميع العاملين في المستشفى، الذين مكثوا داخله طوال فترة الحرب التي استمرّت 66 يوماً على لبنان. وفور انتهاء الحرب، وجد بعضهم منزله مدمراً وأصبحت عائلته دون سقف أو مأوى، وفقد آخرون أحباباً وأقارب لهم».

وعلى خلفية هذا الواقع، لا يزال كثير من الأطباء خارج المستشفى، لإعادة تنظيم حياتهم؛ ما تسبب بنقص في الكادر البشري داخل المستشفى، وفق ما تؤكد الدكتورة منى، التي اضطرت لدمج أقسام وتسكير أخرى.

وعن يوم إعلان وقف إطلاق النار، تروي الدكتورة منى كيف كان وقع عودة الأهالي إلى بلداتهم وقراهم: «استقبلنا 57 مريضاً في اليوم الأول، الغالبية منهم أُصيبت بوعكة صحية جراء رؤيتهم الدمار الذي حلّ بمنازلهم وممتلكاتهم».

معاناة متفاقمة

أما النقطة الثانية التي تطرّقت إليها، فإنها تتعلق بتبعات مالية للحرب أثرت سلباً على المستشفى، إذ «في الفترة الماضية تحوّلنا إلى مستشفى حرب، ولم يكن لدينا أيّ مدخول لتغطية تكلفة تشغيل المستشفى، ومنها رواتب الموظفين» حسبما تقول.

وتضيف: «لدي 200 موظف، وقد واجهنا عجزاً مالياً لن أتمكّن من تغطيته. نمرُّ بحالة استثنائية، استقبلنا جرحى الحرب وهذه التكلفة على عاتق وزارة الصحة التي ستقوم بتسديد الأموال في وقت لاحق وغير محدد، وإلى ذلك الحين، وقعنا في خسارة ولن يكون بمقدورنا تأمين كامل احتياجات الموظفين».

وعمّا آلت إليه أوضاع المستشفى راهناً، بعد الحرب، تقول: «فتحت الأقسام كلها أبوابها أمام المرضى؛ في الطوارئ وغرفة العناية وقسم الأطفال وغيرها».

وتؤكد: «رغم الضربات الإسرائيلية الكثيفة التي أصابتنا بشكل غير مباشر، ونوعية الأسلحة المستخدَمة التي جلبت علينا الغبار من مسافات بعيدة، فإننا صمدنا في المستشفى حتّى انتهت الحرب التي لا تزال آثارها مستمرة».

صور

ولا تختلف حال المستشفيات في صور، عن باقي مستشفيات المنطقة، حيث طال القصف، وبشكل متكرر، محيط المستشفيات الخاصة الموجودة هناك، وهي 3 مستشفيات: حيرام، وجبل عامل، واللبناني الإيطالي، لكنها استمرّت في تقديم الخدمة الطبية، وكذلك المستشفى الحكومي، لكنه يعاني أيضاً كما مستشفيات لبنان بشكل عام ومستشفيات الجنوب بشكل خاص؛ نتيجة أزمات متلاحقة منذ أكثر من 5 أعوام.