محامون تونسيون يطالبون بـ«تطهير» القضاء .. والقضاة ينهون إضرابهم اليوم

المحكمة الابتدائية في العاصمة تفرج مؤقتا عن رضا قريرة آخر وزير دفاع في عهد بن علي

محامون تونسيون يطالبون بـ«تطهير» القضاء .. والقضاة ينهون إضرابهم اليوم
TT

محامون تونسيون يطالبون بـ«تطهير» القضاء .. والقضاة ينهون إضرابهم اليوم

محامون تونسيون يطالبون بـ«تطهير» القضاء .. والقضاة ينهون إضرابهم اليوم

نظم محامون تونسيون، أمس، وقفة احتجاجية أمام قصر العدالة بالعاصمة، طالبوا خلالها بتطهير القضاء ممن سموهم «الفاسدين» ومن كانوا في خدمة النظام السابق، ورفعوا لافتات تحمل عدة شعارات مطالبة بمحاسبة القضاة ومدافعة عن قطاع المحاماة، ومن بينها«المحاماة حرة والفساد على بره» و «لا حصانة جزائية للقضاة دون حصانة جزائية للمحامين».
ويتواصل الخلاف الذي بدأ منذ نحو ثلاثة أسابيع بين المحامين والقضاة على خلفية إصدار بطاقة إيداع بالسجن في 21 من الشهر الماضي ضد محامية متهمة بالتحايل على إحدى موكلاتها، مما أدى إلى اعتداءات لفظية ومادية عنيفة من قبل مجموعة من المحامين قاضي التحقيق.
في مقابل هذا التحرك الاحتجاجي، دعت الجمعية التونسية للقضاة إلى استئناف العمل بالمحاكم التونسية بداية من اليوم (الخميس) بعد تنفيذ إضراب لمدة ثلاثة أيام. ودعت كل القضاة الذين سيباشرون عملهم في كل محاكم البلاد إلى «ضبط النفس وعدم الانسياق وراء الأعمال الفردية وتجنب السقوط في الاستفزازات وردود الفعل المتشنجة»، وفق بيان أصدرته الجمعية أمس.
وبشأن احتجاجات المحامين، صرح الفاضل محفوظ، عميد المحامين التونسيين، لـ«الشرق الأوسط» أن هذا التحرك هدفه «رد الاعتبار للمحاماة وعدم السماح بأية تجاوزات تمس هيبة المحامين». وتابع موضحا أن «الاحتجاج لا يهدف فقط إلى رد الاعتبار، بل يأتي كذلك في سياق الاحتجاج على إضراب القضاة في كل المحاكم التونسية لمدة ثلاثة أيام». وأشار إلى أن هذا الإضراب «لا يخدم المحامين وكذلك المتقاضين».
وحول العلاقة المتوترة بين القضاة والمحامين، قال محفوظ إن عدد المحامين الذين أحيلوا إلى التحقيق القضائي بعد الثورة لا يقل عن 500 محام.
في غضون ذلك، أطلقت السلطات القضائية في تونس سراح المدون جابر الماجري المدان في قضية الرسوم المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم). وغادر صباح أمس سجن «شيبة» في مدينة المهدية (وسط شرقي تونس) بعد تمتعه بعفو رئاسي خاص. ولا يزال ذاك العفو يثير تعليقات عدة لحساسية التهمة الموجهة للماجري، غير أن عدنان منصر، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التونسية، كان قد صرح أن المرزوقي اتصل بشيوخ في جامع الزيتونة للتأكد من إمكانية العفو عن المتهم فأعلموه أن الأمر جائز بشرط إعلانه التوبة، على حد قوله.
وأذن القضاء التونسي بالإفراج عن الماجري في قضية ثانية تتعلق بقضايا مالية أودع من أجلها السجن في فترة سابقة. وكان منصر قد أشار إلى أن رئاسة الجمهورية فوجئت «بوجود قضية جنائية أخرى» بحق المتهم.
وفي السياق نفسه، قضت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، بالإفراج المؤقت عن رضا قريرة، آخر وزير دفاع في نظام زين العابدين بن علي، ووزير أملاك الدولة والشؤون العقارية الأسبق. وقررت تأجيل النظر في قضية شركة «الخطاطيف العقارية» المملوكة لصخر الماطري صهر الرئيس التونسي الأسبق إلى يوم 29 مارس (آذار) الحالي. ويعاني قريرة من تدهور حالته الصحية، وتدخلت اللجنة العربية لحقوق الإنسان لدى الرئيس المرزوقي في فترة سابقة للإفراج عنه.
من ناحية أخرى، دعت حركة النهضة منخرطيها المقدر عددهم بنحو 65 ألف منخرط إلى المشاركة في الاستفتاء الداخلي الذي ستجريه حول تأجيل المؤتمر الاستثنائي المزمع عقده في شهر يوليو (تموز) المقبل.
وقال زبير الشهودي، المكلف الإعلام في لجنة الاستفتاء، لـ«الشرق الأوسط» إن موعد الاستفتاء سيكون من 28 إلى 30 مارس الحالي، وأشار إلى أن إعلام المنخرطين في حركة النهضة بوجود أسمائهم سينطلق يوم 15 ليتواصل إلى غاية 25 من الشهر الحالي على أن يجري البت في الاعتراضات يوم 25 مارس الحالي.
وتميل قيادات حركة النهضة، حسب عدة تصريحات إعلامية، إلى تأجيل المؤتمر الاستثنائي إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وذلك للتفرغ لتلك الانتخابات.
وكانت حركة النهضة قد أجلت الحسم في عدة مواضيع حساسة إبان المؤتمر الـ12 المنعقد في يوليو 2012، ومن بين تلك المواضيع الفصل بين العمل السياسي والعمل الدعوي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».