​تركيا: قانون جديد للتجسس يثير مخاوف المعارضة وأوروبا

يتضمن عقوبات بالسجن على جمع معلومات لصالح جهات خارجية

البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)
البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)
TT

​تركيا: قانون جديد للتجسس يثير مخاوف المعارضة وأوروبا

البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)
البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)

يثير قانون وافق عليه البرلمان التركي ويتضمن تشديد العقوبات ضد من يثبت تورطه في جمع معلومات لصالح جهات خارجية، مخاوف من جانب المعارضة والمنظمات المدنية والاتحاد الأوروبي.

ويعد القانون المعروف باسم «التجسس التأثيري» أو «غير المباشر»، الذي يهدف إلى حماية الأمن القومي وتعزيز استقرار البلاد، ومكافحة التدخلات من جانب الاستخبارات الأجنبية، أحد القوانين التي تضمنتها الحزمة القضائية التاسعة التي أقرها البرلمان التركي يوم الجمعة الماضي.

وتتضمن الحزمة القضائية الجديدة أيضاً «مواد وقائية» تهدف إلى تعزيز قدرات التحقيق والملاحقة القضائية بشكل فعّال، بما يتماشى مع التحديات الأمنية الحديثة، ومنها الجرائم الإلكترونية.

ويهدف القانون، الذي طرحه حزب «العدالة والتنمية» الحاكم على البرلمان في مايو (أيار) الماضي، إلى كبح أنشطة أجهزة المخابرات الأجنبية داخل البلاد. ويعاقب من يجري أبحاثاً عن المواطنين الأتراك أو المؤسسات والمنظمات أو المقيمين الأجانب في تركيا لصالح جهات خارجية أو تنظيمات بناء على توجيهات أو مصالح استراتيجية، بالحبس بين 3 و7 سنوات، تحت ما يعرف بـ«التجسس غير المباشر» أو «التجسس التأثيري».

قانون مثير للجدل

ويشدّد القانون العقوبة في حال ارتكاب هذه الجريمة خلال فترة الحرب أو تحضيرات للحرب، ما قد يعرض القدرات الحربية أو التحركات العسكرية للخطر، إلى عقوبة السجن لمدة تتراوح ما بين 8 و12 سنة، وتتضاعف العقوبات إذا تم ارتكاب جرائم أخرى إلى جانب التجسس.

ويتضمن القانون، الذي سيصبح سارياً بعد نشره بالجريدة الرسمية، تشديداً للعقوبات بحق من يتورط في مثل هذه الجرائم من العاملين في الوحدات الاستراتيجية والمرافق الخاصة والعامة التي تتمتع بأهمية أمنية ووطنية، حيث ستتم مضاعفة العقوبة المفروضة على المتورطين في هذه القطاعات.

وأثار مشروع القانون جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية وعلى مستوى الشارع التركي، وقوبل باعتراضات شديدة من أحزاب المعارضة والمنظمات المدنية، وكذلك من جانب الاتحاد الأوروبي كونه يُشكّل تهديداً خطيراً للحريات العامة وحقوق الأفراد.

مفوض شؤون التوسعة بالاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال إعلان تقرير تقدم تركيا في المفاوضات (من حساب فارهيلي في إكس)

وأكدت المعارضة أن هناك مواد تشير إلى قرارات المحكمة الدستورية دون تحديد الفقرات المرتبطة بها، ما يعوق فهم النصوص القانونية بشكل واضح، فضلاً عن إشاعة مناخ من الخوف، مما يزيد من رقابة الدولة.

ورأت «جمعية الصحافيين الأتراك» أن القانون، الذي يحاكي قوانين مشابهة في روسيا وجورجيا، يمثل تهديداً خطيراً للحريات الأساسية، وسيتم توظيفه بوصفه أداة لتوجيه الاتهامات للصحافيين والعاملين في الصحافة وفي مجال الأبحاث من جانب الحكومة.

ودافع وزير العدل التركي، يلماز تونتش، عن القانون قائلاً إن هناك كثيراً من المفاهيم الخاطئة المتعلقة بمسألة «التجسس التأثيري»، التي تم تقديمها للمجتمع كأنها ستؤدي إلى معاقبة من يقومون بإجراء أبحاث في تركيا، وليس هناك في القانون ما يتحدث عن ذلك. وأوضح أن القانون يتضمن حكماً يقضي بمعاقبة الأشخاص الذين يرتكبون جرائم في تركيا لمصلحة دولة أو منظمة أجنبية، وأن الحكومة لا تسعى لقمع الحريات التي تؤمن بأهميتها، بل تهدف إلى حماية الأمن القومي ومصالح البلاد من التهديدات الخارجية.

وانتقد تقرير مفوضية التوسع حول تركيا، الذي أعلنه مفوض شؤون التوسعة بالاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عدم امتثال تركيا لمعايير الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بسيادة القانون والحقوق الأساسية.

وجاء في التقرير أنه لم يتم إحراز أي تقدم في هذه القضايا التي تثير قلقاً بالغاً، وأن حزم الإصلاح القضائي المعتمدة في تركيا لم يكن لها أي تأثير على إزالة أوجه القصور الأساسية.

تعديل جديد

بالتوازي، طرحت وزارة الداخلية التركية مشروع قانون يتضمن توسيع صلاحيات «حراس الأحياء والأسواق الشعبية»، وتعديل قانون الموافقة على المرسوم بقانون متعلق بأحكام الانضباط الخاصة بقوات الأمن العام، وفقاً لقرار المحكمة الدستورية.

الحكومة التركية تسعى لتوسيع صلاحيات حراس الأحياء (إعلام تركي)

ويتضمن مشروع القانون فرض عقوبة تأديبية على الإدلاء بتصريحات أو كتابة نصوص تنتقد سلباً تصرفات أو إجراءات الرؤساء أو المسؤولين أثناء العمل أو خارجه، بما يضر بالنظام الهرمي للمؤسسة أو يضعف سلطة الرؤساء.

وبموجب مشروع القانون، سيسمح لحراس الأحياء والأسواق بإجراء تفتيش خارجي بواسطة اليد على الأشخاص الذين يوقفونهم، في حال توفر شك معقول بوجود سلاح أو شيء يشكّل خطراً على حياتهم أو حياة الآخرين.

وبات حراس الأحياء والأسواق الشعبية، الذين كانوا يعرفون من قبل بـ«حراس الليل» واقعاً جديداً مقنناً في شوارع تركيا بعد أن أقر البرلمان عام 2020 مشروع قانون قدمه حزب «العدالة والتنمية» الحاكم.

وأثار القانون مخاوف في أوساط المعارضة والشارع التركي بعد أن قال الرئيس رجب طيب إردوغان: «أريد سماع صفارات الحراس عندما أنام»، ما دفع الأوساط السياسية إلى الاعتقاد بأن الحراس الذين تم توظيفهم تحت ذريعة الحفاظ على النظام العام، ستكون مهمتهم فقط الحفاظ على أمن القصر الرئاسي، مثلما هي وظيفة «الحرس الثوري» الإيراني أو «الحرس الجمهوري» في العراق في زمن الرئيس الراحل صدام حسين.

وعبّرت أحزاب المعارضة عن مخاوفها من أن يتحول هؤلاء الحراس، وهم أشخاص غير مؤهلين، إلى ميليشيا موازية لقوات الأمن يديرها الحزب الحاكم، وأن يُستخدموا أداة لتقييد حرية المواطنين.


مقالات ذات صلة

التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

يوميات الشرق التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

كشف تقرير حديث عن جمع التلفزيونات الذكية البيانات حول ما نشاهده، بل أحياناً حول تفاصيل حياتنا اليومية عبر تقنية «التعرف التلقائي على المحتوى» (ACR).

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا صورة غير مؤرخة لدانيال عابد خليفة قدمتها شرطة لندن (أ.ب)

جندي بريطاني سابق متهم بالتجسس لإيران يقر بذنب الهروب من السجن

اعترف جندي بريطاني متهم بتسريب معلومات حساسة إلى الحرس الثوري الإيراني، اليوم (الاثنين)، بأنه مذنب بالهروب من السجن أثناء انتظار محاكمته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ وزارة الدفاع (الولايات المتحدة)

طائرة تجسس أميركية تتجاوز 10 آلاف ساعة طيران لجمع المعلومات الاستخباراتية

تواصل الولايات المتحدة تعزيز قدراتها الاستخباراتية الجوية، حيث أعلنت إنجاز طائرة التجسس العسكرية المتطورة «ARTEMIS» التي تجاوزت حاجز 10 آلاف ساعة طيران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)

توقيف أميركي في ألمانيا بشبهة التجسس لحساب الصين

أعلنت النيابة الألمانية، الخميس، توقيف أميركي وهو موظف سابق بالقوات المسلحة الأميركية، في ألمانيا على أثر الاشتباه بنيّته نقل «معلومات حساسة» إلى الصين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق هل تتجسس عليك القلايات الهوائية؟

هل تتجسس عليك القلايات الهوائية؟

مخاوف من تزايد المراقبة في الأجهزة الذكية، أجهزة منزلية يومية مثل الساعات ومكبرات الصوت وحتى القلايات الهوائية مليئة ببرمجيات التتبع.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بزشكيان: لا مناص من التعامل مع واشنطن

صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف
صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف
TT

بزشكيان: لا مناص من التعامل مع واشنطن

صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف
صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف

رأى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أنه لا مناص من التعامل مع الولايات المتحدة وإدارة العلاقات المتوترة معها. وقال بزشكيان لوزراء خارجية إيران السابقين: «شئنا أم أبينا، سيتعين علينا التعامل مع الولايات المتحدة على الساحتين الإقليمية والدولية، ولذا من الأفضل أن ندير هذه العلاقة والمواجهة بأنفسنا». وتعهد بزشكيان أن يتحرك «في إطار الاستراتيجية والتوجهات» الخاصة بالجمهورية الإسلامية.

ويسود ترقب بشأن السياسة الخارجية التي سينتهجها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات.

وجاءت تصريحات بزشكيان عشية زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، إلى طهران. وقال غروسي إن «هوامش المناورة بدأت تتقلّص» في ما يتعلّق بالبرنامج النووي الإيراني، مطالباً طهران بزيادة التفتيش والشفافية والتوصل إلى حلول دبلوماسية في ظل الوضع الدولي المتوتر.