السفارة السودانية في القاهرة لحصر «انتهاكات الدعم السريع»

وفد «اللجنة الوطنية» يبدأ مقابلة المقيمين في مصر لتقديم شكاواهم

أسرة سودانية فرت من الحرب إلى مصر (أرشيفية - منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف)
أسرة سودانية فرت من الحرب إلى مصر (أرشيفية - منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف)
TT

السفارة السودانية في القاهرة لحصر «انتهاكات الدعم السريع»

أسرة سودانية فرت من الحرب إلى مصر (أرشيفية - منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف)
أسرة سودانية فرت من الحرب إلى مصر (أرشيفية - منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف)

تعمل الحكومة السودانية على توثيق ما وصفته بـ«انتهاكات» ارتكبتها «قوات الدعم السريع»، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بحق السودانيين؛ حيث أعلنت السفارة السودانية في القاهرة، الأحد، استضافة وفد من «اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني»، للاستماع إلى شهادات السودانيين الفارين من الحرب والمقيمين في مصر.

وتمثل عملية حصر شهادات المتضررين من الحرب خطوةً أولى تستهدفها الحكومة السودانية، لتوثيق «جرائم الحرب الداخلية»، وعدّتها «ضرورية لملاحقة مرتكبي تلك الانتهاكات، وتعويض المتضررين».

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً بين الجيش، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت نحو 13 مليون سوداني للفرار داخلياً والهجرة إلى دول الجوار، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

ووفق بيان للسفارة السودانية في القاهرة، فإن «اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني، والمشكّلة بقرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي رقم 143 لسنة 2023، تقوم حالياً بحصر انتهاكات وجرائم الدعم السريع في الأحداث التي جرت منذ أبريل من العام الماضي».

وقالت السفارة في إفادة لها، الأحد، إن «وفد اللجنة سيبدأ في مقابلة السودانيين الموجودين في مصر، لتقديم شكاواهم بمقر السفارة».

وتستضيف مصر آلاف السودانيين الهاربين من الحرب. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن «القاهرة استقبلت نحو مليون و200 ألف سوداني»، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عشرات السنين، حسب السفير المصري لدى السودان، هاني صلاح.

وستشمل إجراءات توثيق «الانتهاكات»، «مقابلة المتضررين من الحرب، والاستماع إلى أقوالهم»، حسب السفارة السودانية بالقاهرة، التي طالبت المتضررين «بضرورة إحضار مستنداتهم وقوائم الأموال والأصول التي تعرضت للنهب والسرقة وقيمتها، مع صور وفيديوهات توثق تلك الجرائم».

وزار رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، القاهرة، الأسبوع الماضي، وفي كلمة له بـ«المنتدى الحضري العالمي» الذي استضافته العاصمة المصرية، قال البرهان إن «الشعب السوداني يواجه حرباً استهدفت وجوده ومكونات دولته وحضارته وبنيته الأساسية».

واتهم «قوات الدعم السريع» بـ«الاستعانة بمرتزقة للسيطرة على السلطة وتدمير الممتلكات العامة والخاصة وارتكاب ممارسات قتل وسرقة وجرائم ضد الإنسانية».

وحسب مدير وحدة العلاقات الدولية بـ«المركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية»، مكي المغربي، فإن عملية توثيق جرائم المتضررين من الحرب تستهدف «الإعداد لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب»، مشيراً إلى أن «الاستماع لشهادات الفارّين سيضع الجرائم التي ارتكبت بحقهم في سياقها القانوني، حتى يمكن صياغة لائحة اتهام ضد مرتكبي تلك الجرائم، واتخاذ إجراءات تعويض المتضررين».

وأوضح المغربي، لـ«الشرق الأوسط»، أن إجراءات التوثيق بدأت من القاهرة، وستمتد لدول أخرى، استقبلت آلاف المتضررين، مشيراً إلى أن «الإجراءات ستقتصر على الدول الصديقة الداعمة للحكومة السودانية، وليس لجميع الدول التي استقبلت الفارين من الحرب».

وأوضح أن «توثيق عمليات النهب والسرقة والجرائم بحق المدنيين سيُفيد السودان في مواجهة تقارير حقوقية دولية، تستهدف النيل من السيادة السودانية، مثل تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية، الذي رفضه السودان».

سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (أرشيفية - مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)

وأصدرت بعثة لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي بالأمم المتحدة، تقريراً عن واقع الحرب في السودان، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، أوصى بـ«نشر قوة دولية مستقلة لحماية المدنيين»، غير أن الحكومة السودانية رفضت ما انتهى إليه التقرير، وعدّته «تجاوزاً واضحاً لصلاحيات اللجنة، ويفتقد للمهنية والاستقلالية»، حسب إفادة للخارجية السودانية.

وبمنظور رئيس جمعية الصحافيين السودانيين بمصر، عادل الصول، فإن عملية التوثيق «خطوة تأخرت كثيراً»، مشيراً إلى أن «هناك آلاف السودانيين الذين تعرضوا للنهب والسرقة، ولم يتم توثيق الجرائم التي ارتُكبت بحقهم، وكان يجب العمل على توثيق تلك الجرائم، من اليوم الأول للحرب، من خلال وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية، لإظهار أن المتضرر الأول هو الشعب السوداني، وأن ما يحدث ليس مجرد صدام مسلح مع الجيش».

وفي وقت دعا الصول إلى مشاركة منظمات حقوق الإنسان الدولية في عملية التوثيق، أبدى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عدم تفاؤله من اتخاذ إجراءات بحق مرتكبي تلك الانتهاكات، وقال: «لا يوجد إرادة دولية للمحاسبة، في ضوء ضعف دعم المجتمع الدولي للسودانيين»، مشيراً إلى أن «التعويل حالياً على الإرادة الشعبية الداخلية في محاسبة مرتكبي تلك الجرائم، وإبعادهم عن الساحة السياسية».


مقالات ذات صلة

وصول أولى المساعدات الإنسانية إلى الخرطوم

شمال افريقيا السودان التزم بتقديم جميع التسهيلات المعنية «بانسياب تدفق المساعدات الإنسانية» (وسائل إعلام سودانية)

وصول أولى المساعدات الإنسانية إلى الخرطوم

وصلت شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية إلى جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، للمرة الأولى بعد 21 شهراً من اندلاع الحرب في البلاد بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

نائب حمدوك يؤكد تمسكهم بتشكيل حكومة «موازية»

أعلن نائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، الهادي إدريس، تمسكه بتشكيل «حكومة مدنية» في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا مشاهد الدمار في أحد أحياء أم درمان بالسودان في أغسطس الماضي (د.ب.أ)

مقتل 10 جنود سودانيين في هجوم بالمسيّرات على قاعدة عسكرية

لقي 10 جنود من الجيش السوداني في هجوم بطائرات مسيّرة شنته قوات «الدعم السريع» على قاعدة عسكرية بمدينة شندي (شمال) في توسع بنطاق استخدام المسيّرات الانتحارية

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)

البابا فرنسيس في رسالة الميلاد: «لتصمت الأسلحة»

جدد البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم الأربعاء، دعوته إلى وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
شمال افريقيا امرأة نازحة سودانية تستريح داخل ملجأ في مخيم زمزم شمال دارفور 1 أغسطس 2024 (رويترز) play-circle 01:57

مرصد عالمي يؤكد تفشي المجاعة في مناطق جديدة بالسودان

قال مرصد عالمي للجوع، الثلاثاء، إن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى خمس مناطق جديدة، ومن المرجح أن يمتد إلى خمس مناطق أخرى، بحلول مايو (أيار) المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن) محمد أمين ياسين (نيروبي)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
TT

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

يوشك عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية في نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، أن يودّع حياة السجن بمفهومه العام، لينتقل إلى مقر آخر أكثر خصوصية خارج أسواره، لكنه يظل تحت رقابة سجانيه.

واطمأن وفد من قبيلة المقارحة، التي ينتمي إليها السنوسي، على صحته خلال أول لقاء جمعهم به مساء الأربعاء منذ اعتقاله، ووضعه في سجن معيتيقة بطرابلس، لكنهم طالبوا بسرعة إطلاق سراحه.

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

والسنوسي (73 عاماً) واحد من أقوى رجال النظام السابق، وقد حكم عليه بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة 17 فبراير (شباط)» 2011. وفي نهاية عام 2019 برأته محكمة في العاصمة طرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «سجن أبو سليم»، غير أن المحكمة العليا نقضت الحكم قبل نحو عام، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.

مطالب بسرعة الإفراج عن السنوسي

يقبع السنوسي في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، برئاسة عبد الرؤوف كاره، التي منعته من المثول أمام القضاء 13 مرة متتالية، لكنها سمحت بمثوله مطلع العام الجاري أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، بعد سلسلة طويلة من تأجيل القضية.

وقال الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة المقارحة، لـ«الشرق الأوسط»، اليوم (الخميس)، إن وفداً من القبيلة اطمأن على السنوسي، الذي يعاني من مرضي القلب وسرطان الكبد، مشيراً إلى أنه «تمت الموافقة على نقله من السجن إلى فيلا بسوق الجمعة بطرابلس، ونطالب بالإفراج عنه لأنه لم يرتكب جرماً».

المنفي مستقبلا وفد من قبيلة المقارحة (المجلس الرئاسي الليبي)

وأوضح الشيخ هارون أن الوفد الذي ضمّ 22 شخصاً من مشايخ ووجهاء المقارحة، التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الأربعاء، وجددوا مطلبهم بـ«ضرورة الإسراع بالإفراج عن ولدنا عبد الله». وقال بهذا الخصوص: «هذا رابع اجتماع بالمنفي، وقد سبق أن رفعنا إليه جميع التقارير الطبية، التي تؤكد اعتلال صحة السنوسي». مبرزاً أن الوفد الذي التقى أيضاً مشايخ من سوق الجمعة «حصل على وعد من المنفي بإطلاق سراح السنوسي. ونتمنى تحقق ذلك في القريب العاجل»، وأضاف موضحاً: «لقد سمحوا بنقله إلى (حوش) فيلا في سوق الجمعة رهن الإقامة الجبرية، كي تتمكن ابنته سارة وأولادها وباقي الأسرة من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى الأطباء، من زيارته».

وخلال مثوله أول مرة أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وجهت له أكثر من 25 تهمة، من بينها قتل المتظاهرين خلال «ثورة 17 فبراير» عام 2011، بحسب محاميه أحمد نشاد، لكنه «نفاها جميعاً».

وأوضح المجلس الاجتماعي بـ«سوق الجمعة والنواحي الأربعة» أنه عقب الانتهاء من لقائه بوفد قبيلة المقارحة، تم التنسيق مع «جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، ونظمت زيارة للسنوسي بالتنسيق مع المجلس الرئاسي.

وكان المنفي قد التقى وفداً من أعيان وحكماء قبيلة المقارحة بمقر المجلس في العاصمة طرابلس، وأوضح المجلس أن الوفد أكد «الدور الكبير»، الذي يضطلع به المنفي تجاه ملف المصالحة، وأهميته للاستقرار على المستويات كافة، كما تطرق اللقاء للخطوات العملية المتخذة من قبل المجلس الرئاسي حول ملف السجناء السياسيين.

استهداف السنوسي

العقيد السنوسي هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طوال فترة حكمه، التي جاوزت 42 عاماً. ويدافع أنصار السنوسي عنه في مواجهة أي اتهامات توجه إليه، مشيرين إلى أنه «مستهدف لكونه شخصية مؤثرة في ليبيا سابقاً وراهناً».

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

وعلى مدار العام الماضي، أرجأت محكمة استئناف طرابلس محاكمة السنوسي ومنصور ضو، رئيس الحرس الخاص للقذافي، 13 مرة، إلى موعد آخر بسبب رفض ميليشيا «قوة الردع الخاصة»، التي تحتجز السنوسي في سجن معيتيقة بالعاصمة، مثوله أمام المحكمة.

وكانت وزيرة العدل بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، حليمة عبد الرحمن، قد أمرت في نهاية عام 2022 بالإفراج الصحي عن منصور ضو، لكن لم يُسمح له بمغادرة سجنه.

وضو، المودع بسجن مصراتة العسكري غرب ليبيا، كان آمراً لحرس القذافي برتبة عميد، وظل إلى جواره حتى اعتقل معه في 20 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، لكنه نجا من القتل، ومنذ ذلك التاريخ وهو ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بتهمة التنكيل بمتظاهري «ثورة 17 فبراير».

سيف الإسلام القذافي (أ.ب)

وكان الفريق الممثل لسيف الإسلام، نجل القذافي، انسحب من اجتماع «المصالحة الوطنية»، وأرجع ذلك لأسباب عدة، من بينها عدم الإفراج عن بعض رموز النظام السابق الذين لا يزالون بالسجن.