عبث إسرائيل بـ«الخطّ الأزرق» يعيد أزمة الحدود إلى نقطة الصفر

قلق لبناني من خلط أوراق الترسيم برّاً وبحراً

«الخط الأزرق» الذي رسمته الأمم المتحدة للفصل بين لبنان وإسرائيل عقب انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب عام 2000 (أ.ف.ب)
«الخط الأزرق» الذي رسمته الأمم المتحدة للفصل بين لبنان وإسرائيل عقب انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب عام 2000 (أ.ف.ب)
TT
20

عبث إسرائيل بـ«الخطّ الأزرق» يعيد أزمة الحدود إلى نقطة الصفر

«الخط الأزرق» الذي رسمته الأمم المتحدة للفصل بين لبنان وإسرائيل عقب انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب عام 2000 (أ.ف.ب)
«الخط الأزرق» الذي رسمته الأمم المتحدة للفصل بين لبنان وإسرائيل عقب انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب عام 2000 (أ.ف.ب)

أثار تلاعب الجيش الإسرائيلي بـ«الخطّ الأزرق»، الذي رسمته الأمم المتحدة بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 2000، قلقاً واسعاً في لبنان حيال فرض أمر واقع إسرائيلي جديد يعيد أزمة الحدود إلى نقطة الصفر، وينسف معالم «الخطّ الأزرق» المعترف به دولياً؛ إذ أعلنت «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» أن جنودها «وثقوا مشاهد تُظهر قوات إسرائيلية تزيل إحدى علامات الحدود».

ووجهت القوات الدولية اتهاماً مباشراً إلى الجيش الإسرائيلي بـ«استهداف مواقعها وجنودها عمداً عند (الخط الأزرق) وفي محيطه، في محاولة لإضعاف مهمتها في الجنوب».

يأتي العبث بـ«الخطّ الأزرق» على وقع المعارك المتصاعدة بين إسرائيل و«حزب الله»، خصوصاً في المناطق الممتدة من رأس الناقورة إلى القطاع الشرقي.

طبّارة: جزء من مخطط أوسع

وعدّ سفير لبنان الأسبق في واشنطن، رياض طبّارة، أن «إزالة إسرائيل نقاطاً حدودية تعدّ تفصيلاً لمخططها الأوسع، وهو تحويل منطقة جنوب الليطاني إلى أرض محروقة وغير قابلة للحياة». ورأى طبارة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «ليست واضحة خلفيات إزالة بعض النقاط على (الخط الأزرق)، لكن ذلك يصبّ حتماً في سياق تسهيل حركة قواتها للخروج والدخول من وإلى المنطقة العازلة، التي تريدها إسرائيل خالية تماماً من المنازل والبنى التحتيّة».

عناصر من قوات «يونيفيل» لحفظ الأمن قرب «الخط الأزرق» الحدودي مع إسرائيل خلال زيارة أنصار «حزب الله» إلى المنطقة (إ.ب.أ)
عناصر من قوات «يونيفيل» لحفظ الأمن قرب «الخط الأزرق» الحدودي مع إسرائيل خلال زيارة أنصار «حزب الله» إلى المنطقة (إ.ب.أ)

وقال طبّارة: «بغضّ النظر عن خطورة ما تفكّر فيه الدولة العبرية لجهة التلاعب بالحدود البرية، فإنه يبقى الأهم أنها أفرغت مناطق الشريط الحدودي من سكانها وجعلتها تحت سيطرتها ومراقبتها، سواء من الجوّ والمرتفعات، وإن كانت لا تريد البقاء على الأرض، فإنها لن تسمح بعودة الناس إلى هذه المنطقة في المدى المنظور».

شحادة: خلق أمر واقع جديد

من جانبه، رأى المنسّق السابق للحكومة اللبنانية مع قوات «اليونيفيل»، العميد المتقاعد منير شحادة، أن «العبث بـ(الخطّ الأزرق) من قبل إسرائيل، هدفه خلق أمر واقع جديد، ومحاولة قضم أراضٍ لبنانية جديدة، وإعادة التفاوض على تظهير الحدود من نقطة الصفر». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الفعل الإسرائيلي ينسف كلّ ما كان يسعى (المبعوث الأميركي) آموس هوكستين إلى ترسيخه في السابق، لجهة اعتماد (الخطّ الأزرق) حدوداً دولية بين لبنان وفلسطين المحتلّة، حيث صرح بذلك مرات عدّة بهدف تمرير هذه الفكرة، وذلك خلال الأشهر الأولى من الحرب، وقد جوبهت برفض لبناني».

قائد «يونيفيل» الجنرال أرولدو لازارو يزور مواقع عدة لقواته بالقرب من «الخط الأزرق» في نهاية ديسمبر 2023 (قناة يونيفيل على تلغرام)
قائد «يونيفيل» الجنرال أرولدو لازارو يزور مواقع عدة لقواته بالقرب من «الخط الأزرق» في نهاية ديسمبر 2023 (قناة يونيفيل على تلغرام)

وأشار شحادة إلى أن إسرائيل «ستحاول الانطلاق بالترسيم البرّي بدءاً من الحدود البحرية، يعني بطريقة معاكسة، مع أنها صرحت، وعلى لسان أكثر من مسؤول، بأنها تسعى للتفتيش عن ثغرة لإلغاء اتفاق الترسيم البحري أيضاً، وتحديداً من (خط الطفافات) الذي تُرِك أمر البت فيه خارج الترسيم البحري من خلال معالجة ملاحظات الحدود البرية»، مؤكداً أن إسرائيل «ستحاول قضم أراضٍ لبنانية شاسعة جديدة، وغايتها من ذلك السيطرة على مرتفعات داخل الأراضي اللبنانية تشكّل نقاطاً استراتيجية تشرف على مناطق لبنانية واسعة وعلى أراض في فلسطين المحتلّة».

نسف الحدود البرية وربما البحرية

وعمد الجيش الإسرائيلي في الأيام الماضية إلى إزالة عدد من البلوكات الإسمنتية الواقعة على «الخطّ الأزرق»، بهدف إدخال دبابات ومدرعات إلى الأراضي اللبنانية عند بدء العملية العسكرية البرية منذ نحو 40 يوماً، كما طلب من القوات الدولية إخلاء جميع مواقعها بمحاذاة «الخطّ الأزرق» والتوجّه إلى شمال مجرى نهر الليطاني، وهو ما رفضته قيادة القوات، وأكدت البقاء في مراكزها وممارسة مهامها.

ويبدو أن الاعتداءات الإسرائيلية آخذة في التطوّر يوماً بعد يوم لنسفّ كل ما كان متفقاً عليه في السابق. وحذّر العميد شحادة بأن «إسرائيل تسعى إلى نسف الحدود البرّية، وربما الحدود البحرية التي رسّمت قبل عامين... وتخفّض سقف الشروط اللبنانية التي كانت موجودة حول النقاط الـ13 المتنازع عليها، والأراضي المحتلة في خراج بلدة الماري (الجزء الشمالي لقرية الغجر)، ومنها امتداداً إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا».


مقالات ذات صلة

قتيل من «الجماعة الإسلامية» وآخر من «حزب الله» بغارتين إسرائيليتين في لبنان

المشرق العربي قوات الأمن اللبنانية تتفقد موقع غارة جوية إسرائيلية بالقرب من بلدة الدامور الساحلية 22 أبريل 2025 والتي ورد أنها قتلت قائداً عسكرياً في «الجماعة الإسلامية» المتحالفة مع «حماس» (أ.ف.ب)

قتيل من «الجماعة الإسلامية» وآخر من «حزب الله» بغارتين إسرائيليتين في لبنان

قتل قيادي في «الجماعة الإسلامية» في لبنان الحليفة لـ«حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) وعنصر في «حزب الله» جراء غارتين نفذتهما إسرائيل في بلدة تقع جنوب بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره اللبناني يوسف رجي في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر تؤكد دعمها الكامل لجهود رئيس لبنان وحكومته لاستعادة الأمن والاستقرار بالبلاد

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، أن مصر تدعم بشكل كامل جهود الرئيس اللبناني جوزيف عون وحكومته لاستعادة الأمن والاستقرار بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي البيك أب الذي قصفته القوات الغسرائيلية في الحنية (إكس)

أحدهما قيادي في «الجماعة الاسلامية»... قتيلان بغارتين إسرائيليتين جنوب لبنان

قُتل قيادي في تنظيم «الجماعة الإسلامية» الحليف لحركة «حماس» الفلسطينية، اليوم (الثلاثاء)، بضربة إسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة تقع إلى جنوب بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص عناصر من الجيش اللبناني يفتشون سيارة عند حاجز (مديرية التوجيه)

خاص هل أوقع لبنان بـ«المجموعة الأُم» لمطلقي الصواريخ على إسرائيل؟

كشفت مصادر أمنية لبنانية عن أن المجموعة المسلحة التي أوقفتها مديرية المخابرات بالجيش اعترفت بأن أفرادها نفّذوا عمليتَي إطلاق الصواريخ في مارس (آذار) الماضي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي السيارة التي استهدفها القصف الإسرائيلي في الغازية جنوب لبنان (الوكالة الوطنية للإعلام)

إسرائيل تلاحق المسؤولين التقنيين في «حزب الله»

تُلاحق إسرائيل المسؤولين التقنيين في «حزب الله» بعدما كانت تركز استهدافاتها على المسؤولين الأمنيين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

استحداث منصب نائب للرئيس الفلسطيني

فلسطينيون يتسابقون للحصول على حصص طعام في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتسابقون للحصول على حصص طعام في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT
20

استحداث منصب نائب للرئيس الفلسطيني

فلسطينيون يتسابقون للحصول على حصص طعام في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتسابقون للحصول على حصص طعام في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

وافقت منظمة التحرير الفلسطينية، أمس، على استحداث منصب نائب لرئيس لجنتها التنفيذية، في خطوة هي الأولى منذ تأسيسها في عام 1964، وتشغل الشخصية نفسها منصب نائب رئيس السلطة الفلسطينية. ووفق ما ذكرته وكالة «وفا» الفلسطينية، فإن القرار ينص على أن يُعين نائب رئيس اللجنة التنفيذية من بين أعضاء اللجنة، بترشيح من رئيسها ومصادقة أعضائها، ويحق لرئيس اللجنة تكليف النائب بمهام، وأن يعفيه من منصبه، وأن يقبل استقالته.

وصوت لصالح القرار، 170 عضواً من الأعضاء الحاضرين في القاعة والمشاركين عبر تقنية «زووم»، فيما صوت عضو واحد بالرفض وعضو آخر بالامتناع.

وقال الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر سيحال إلى اللجنة التنفيذية ليتم انتخاب هذه الشخصية الجديدة».

وأوضح أن اجتماعاً سيعقد غداً (السبت) للجنة التنفيذية، برئاسة الرئيس محمود عباس، مشيراً إلى أنه لا يُعرف ما إذا كان الاجتماع سيبحث إجراء انتخابات لاختيار من يشغل منصب نائب الرئيس.