قال الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التشادية، إنه سيلاحق مقاتلي «بوكو حرام» «أينما ذهبوا، واحداً تلو الآخر، وحتى آخر معاقلهم»، وذلك بعد هجوم شنَّته الجماعة الإرهابية ضد موقع للجيش التشادي قُتل فيه ما لا يقل عن أربعين جندياً وجُرح عشرات آخرون.
في غضون ذلك، قالت الحكومة التشادية، إن ملاحقة منفذي الهجوم الإرهابي من طرف الجيش التشادي «لا تزال مستمرة»، وتعهدت الحكومة بإصدار حصيلة للعملية العسكرية التي أُطلق عليها اسم «حسكنيت».
ويقود هذه العملية العسكرية الرئيس التشادي، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكان جنرالاً سابقاً في الجيش قبل أن يتولى الحكم خلفاً لوالده إدريس ديبي الذي قُتل قبل أربع سنوات خلال معارك مع متمردين.
رسائل الميدان
ليل الأحد - الاثنين 28 أكتوبر (تشرين الأول) تعرَّضت قاعدة تابعة للجيش التشادي لهجوم من قِبل مسلحين من جماعة «بوكو حرام»، وتقع القاعدة في منطقة باركارام، وهي جزيرة في إدارة كايا بمقاطعة البحيرة، وأسفر الهجوم عن مقتل نحو أربعين جندياً تشادياً، وفق بيان صادر عن الرئاسة التشادية، الاثنين.
ونشرت الرئاسة على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر فيه الرئيس ديبي بالزي العسكري والنياشين تزين صدره، وهو يتجول في موقع الهجوم، ويعاين جثث الجنود القتلى ويتحدث مع بعض الجنود المصابين، ويحيط به عشرات الجنود المدججين بالسلاح.
كما ظهر في الفيديو الرئيس ديبي وهو يشارك في دفن الجنود القتلى، قبل أن يدلي بتصريح وهو جالس تحت شجرة، ويتوعد جماعة «بوكو حرام» بأن يلاحقها حتى آخر معاقلها لتعرف مستوى غضب الجيش التشادي.
وقال ديبي: «لقد قررت ملاحقة هؤلاء المتطرفين حتى آخر معاقلهم. سنطارد هؤلاء المتطرفين الذين أحزنوا الكثير من العائلات (...) أينما ذهبوا، واحداً تلو الآخر (...) سيشهدون في الأيام المقبلة غضب الجيش الوطني التشادي».
ومن المكان نفسه أعلن الرئيس التشادي إطلاق عملية «حسكنيت» لملاحقة مقاتلي «بوكو حرام»، وهي كلمة عربية تطلق على نبتة شائكة شديدة المقاومة، توجد غالباً في المناطق الصحراوية، ومعروفة على نطاق واسع في تشاد والسودان ومنطقة الصحراء الكبرى، وهي تشبه الصبار في شكلها وقدرتها على البقاء في ظروف جافة.
نداء وحداد
وفي أول تصريح صادر عن الحكومة التشادية، قال وزير الخارجية عبد الرحمن كليم الله: «قوات الدفاع والأمن تقوم حالياً بملاحقة المهاجمين. وسيتم تقديم حصيلة أكثر تفصيلاً لهذه العملية العسكرية في أقرب وقت ممكن».
وأضاف وزير الخارجية التشادي أن بلاده «تدعو المجتمع الدولي إلى تكثيف دعمه وتعزيز المساعدة في مكافحة الإرهاب، خصوصاً في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد».
من جانبه، أصدر الوزير الأول التشادي بياناً أدان فيه الهجوم الإرهابي ووصفه بأنه «عنف عبثي»، مؤكداً دعمه لقوات الدفاع والأمن «التي تعمل يومياً لحماية الوطن»، وقال الوزير الأول إن «حكومته ستظل متضامنة ومتماسكة في مواجهة التحديات التي تهدد استقرار البلاد، وتلتزم بالعمل من أجل السلام والاستقرار والأمن في أنحاء الوطن كافة».
في غضون ذلك، أعلنت تشاد، الثلاثاء، الدخول في حداد وطني لمدة ثلاثة أيام «تكريماً لشهداء الوطن الذين سقطوا في ميدان الشرف خلال الهجمات التي نفذتها الجماعات الإرهابية».
أزمة سياسية
جاء الهجوم الإرهابي ليلقي بظلاله على وضع سياسي متوتر في تشاد، حيث تزامن مع استقبال ملفات المترشحين لانتخابات تشريعية مرتقبة شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، والتي تقاطعها أحزاب المعارضة، ويدخلها الائتلاف الرئاسي وهو يعاني خلافات داخلية.
وقالت أحزاب المعارضة إن الظروف غير مواتية لتنظيم «انتخابات حرة وشفافة»، بل إن أبرز وجوه المعارضة والمرشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة سوكسيه ماسرا، قال إن ما يجري التحضير له هو «مجرد انتخابات زائفة».
وكان من المفترض أن يغلق باب استقبال ملفات المترشحين للانتخابات التشريعية، الاثنين، لكن جرى التمديد حتى يوم الخميس المقبل، 31 أكتوبر (تشرين الأول)، على أن تنظم الانتخابات يوم 29 ديسمبر المقبل.
وتحظى هذه الانتخابات بأهمية كبيرة؛ لأنها أول انتخابات تشريعية منذ صدور قانون أساسي جديد يحدد تركيبة البرلمان الجديد، كما أنها تأتي في سياق أمني صعب، في ظل تصاعد الهجمات الإرهابية على الحدود مع نيجيريا والنيجر، والحرب الدائرة في السودان.