رغم تنامي الإيرادات... الاقتصاد الأفغاني في ورطة كبيرة

الناتج المحلي الإجمالي انخفض 20 % بعد عودة «طالبان» إلى الحكم

مسؤولون من «طالبان» يسيرون أمام ألواح للطاقة الشمسية بعد افتتاح مشروع بقوة 10 ميغاواط في ناغلو بمنطقة سوروبي بكابل 19 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
مسؤولون من «طالبان» يسيرون أمام ألواح للطاقة الشمسية بعد افتتاح مشروع بقوة 10 ميغاواط في ناغلو بمنطقة سوروبي بكابل 19 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

رغم تنامي الإيرادات... الاقتصاد الأفغاني في ورطة كبيرة

مسؤولون من «طالبان» يسيرون أمام ألواح للطاقة الشمسية بعد افتتاح مشروع بقوة 10 ميغاواط في ناغلو بمنطقة سوروبي بكابل 19 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
مسؤولون من «طالبان» يسيرون أمام ألواح للطاقة الشمسية بعد افتتاح مشروع بقوة 10 ميغاواط في ناغلو بمنطقة سوروبي بكابل 19 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

تراجع الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان بنسبة 20 في المائة، منذ عودة جماعة «طالبان» إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021. وبالنظر إلى تفشي البطالة، تحيط الشكوك بالفوائد المترتبة على ادعاء حكومة «طالبان» تحقيقها زيادة قياسية في الإيرادات.

مقاتلو «طالبان» الأفغان يحرسون سوقاً في العاصمة كابل (أ.ب)

وحسب موقع «ماركو تريند» الدولي المعني بمراقبة النمو الاقتصادي في المناطق المتضررة من الصراعات، «تشير تقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان انخفض بنسبة 20 في المائة بعد عودة (طالبان) إلى الحكم».

ومع ذلك، وبعد شهور من السقوط الحر، بدأت بوادر الاستقرار تظهر على الاقتصاد الأفغاني، بفضل القيود التي فرضتها «طالبان» على الواردات المهرَّبة، وكذلك القيود المفروضة على المعاملات المصرفية، والمساعدات المقدمة من الأمم المتحدة.

وتكشف الأرقام عن أن معدل مشاركة القوى العاملة في أفغانستان لعام 2023، بلغ 33.99 في المائة، بانخفاض 0.37 في المائة عن عام 2022، عندما بلغ المعدل ذاته 34.37 في المائة، بزيادة 0.72 في المائة عن عام 2021.

أفغانية تعمل على ماكينة خياطة بمركز الأعمال النسائية في كابل 2 يوليو 2024 (أ.ب)

فرض رسوم وضرائب إضافية

وكثيراً ما يتفاخر مسؤولو «طالبان» بنجاح حكومتهم في جذب مبالغ قياسية من الإيرادات، بعد تشديد السيطرة على تدفقات الإيرادات -عملية تضمنت فرض رسوم وضرائب إضافية، وزيادة التحصيل من عائدات صادرات الموارد الطبيعية، والحد من الفساد، وفرض تنظيمات أشد صرامة.

وحسب تقرير صادر عن وزارة المالية الأفغانية، بلغت الإيرادات للسنة المالية 2022، 193.9 مليار أفغاني (2.2 مليار دولار أمريكي)، و210.7 مليار أفغاني في السنة المالية 2023.

وتزعم «طالبان» أن هذه الأرقام تقترب من مستويات الإيرادات التي جمعتها حكومة الرئيس السابق أشرف غني، التي حظيت بدعم القوات العسكرية الأميركية.

من جهتهم، عبَّر خبراء عن اعتقادهم أن زيادة الإيرادات لم يستفد منها سوى مسؤولي حكومة «طالبان». وفي ظل اقتصاد أفغانستان المنكمش، تبقى استفادة المواطنين العاديين من زيادة الإيرادات أمراً مشكوكاً فيه.

شاحنات أفغانية تحمل بضائع تجارية تتجه نحو كابل على الطريق من معبر تورخام (أ.ف.ب)

معدل البطالة بلغ 14.39 في المائة

وأشار خبراء إلى أن جزءاً كبيراً من الأموال الناتجة عن زيادة الإيرادات مخصَّصٌ لرواتب موظفي الخدمة المدنية وقوات الأمن والعمليات الحكومية وعدد قليل من مشروعات التنمية الكبيرة المنتقاة، خصوصاً في قطاعي إدارة المياه والبنية التحتية للطرق.

وحسب موقع «ماركو تريند»، فإن معدل البطالة في أفغانستان لعام 2023، بلغ 14.39 في المائة، بزيادة قدرها 0.29 في المائة عن عام 2022.

وأفاد الخبراء بأن الاقتصاد الأفغاني يمر بحالة انكماش منذ الانسحاب الأمريكي.

اللافت أن قطاع التعدين يشكِّل القطاع الوحيد في الاقتصاد الأفغاني، الذي يشهد توسعاً. من جهتها، وقَّعت الحكومة الأفغانية أكثر من 200 اتفاقية تعدين، منذ توليها السلطة عام 2021، بما في ذلك 15 عقداً كبيراً للتعدين، بقيمة تتجاوز 6.5 مليار دولار. وجرى منح هذه العقود لشركات من الصين وإيران وتركيا وقطر والمملكة المتحدة.

صاحب متجر أفغاني يُصلح لوحة إعلانات خارج متجره في كابل (أ.ف.ب)

ووفقاً لبعض المصادر، أسهمت وزارة البترول والتعدين الأفغانية بالإيرادات الآتية في الإيرادات الوطنية: 29 مليون دولار في السنة المالية 2021-2022، و182 مليون دولار في السنة المالية 2022-2023، و118 مليون دولار في السنة المالية 2023-2024، و60 مليون دولار في السنة المالية 2024-2025 (حتى 11 يوليو - تموز 2024).

الإيرادات من مصادر التعدين

وحسبما ورد في تقرير حكومي، فإن الإيرادات من مصادر التعدين زادت، مقارنةً بالعصر السابق، عندما تراوح الإجمالي من 3 إلى 102 مليون دولار سنوياً. وفي ظل النظام الجمهوري، لم يحظَ قطاع التعدين باهتمام كبير.

ونبَّه خبراء إلى أن التحديات الاقتصادية التي يواجهها الشعب الأفغاني ضخمة. وكشف تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في يناير (كانون الثاني) 2024، أن نحو 85 في المائة من الأفغان يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم.

تفاقُم حالة انعدام الأمن

اللافت أن إنجازات هيئة التعدين الأفغانية لم تفلح في تحقيق ضمان الأمن الغذائي للسكان. وعلى نحو مماثل، فإن تنامي قوة العملة وزيادة جهود جمع الإيرادات، لا يثمران بالضرورة نتائج إيجابية للسكان عموماً. وفي حين يشكل الأمن عنصراً حيوياً للنمو الاقتصادي، فإن قدرته على الاستمرار على المدى الطويل، قد يتهددها الخطر إذا فشلت الحكومة الأفغانية في معالجة الفقر المستشري على النحو المناسب.

الواقع أن الفقر المستمر والشعور باليأس بين أبناء المجتمعات المحلية، من شأنهما أن يؤديا إلى تصعيد الصراعات، وتفاقم حالة انعدام الأمن وظهور فصائل متحاربة جديدة.


مقالات ذات صلة

«الإرهاب» يصعّد هجماته في دول الساحل الأفريقي

أفريقيا آثار هجوم إرهابي شنَّته «بوكو حرام» ضد الجيش التشادي (إعلام محلي)

«الإرهاب» يصعّد هجماته في دول الساحل الأفريقي

تصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصاً بعد أن أعلنت تشاد أن أربعين جندياً قُتلوا في هجوم إرهابي.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية شرطيان تركيان أثناء مداهمة على أحد المنازل خلال الحملة على «داعش» (الداخلية التركية)

تركيا: القبض على 2016 من «داعش» في حملة أمنية موسعة

ألقت قوات الأمن التركية القبض على 2016 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في حملة أمنية شملت 45 ولاية في أنحاء البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا خليلة علي أرملة محمد علي كلاي بطل الملاكمة الأسطوري لدى وصولها إلى كابل هذا الأسبوع مع وفد لمناقشة بناء ملعب رياضي وتأسيس اتحاد رياضي باسم «علي» (متداولة)

زيارة زوجة الملاكم الراحل محمد علي كلاي إلى كابل تمثل تغييراً كبيراً بالنسبة لأفغانستان

وصلت خليلة علي، زوجة محمد علي كلاي، بطل العالم السابق في الملاكمة، إلى أفغانستان بدعوة من حكومة «طالبان» في إطار جهود لبناء ملعب رياضي مقصور على الرجال في كابل.

عمر فاروق (إسلام آباد )
أفريقيا عناصر من الأمن الغاني (متداولة)

غانا ترفض تقريراً أشار إلى وجود متشددين إسلامويين في مناطقها الشمالية

رفضت حكومة غانا، تقريراً، أشار إلى أن متشددين إسلامويين من بوركينا فاسو يستخدمون بشكل سري المناطق الشمالية في غانا قاعدة لوجيستية وطبية لدعم تمردهم

آسيا جنود باكستانيون في نقطة تفتيش بوزيرستان (أ.ب)

باكستان: 8 قتلى في هجوم انتحاري على نقطة تفتيش بشمال وزيرستان

قتل 8 أشخاص على الأقل، من بينهم 4 رجال شرطة و2 من قوات الأمن وأصيب 6 آخرون، في هجوم انتحاري، على نقطة تفتيش مشتركة لقوات الأمن والشرطة

«الشرق الأوسط» (بيشاور)

تقرير: الشرطة الصينية تستهدف المحتفلين بعيد الهالوين في شنغهاي

أفراد من الشرطة الصينية (أرشيفية - رويترز)
أفراد من الشرطة الصينية (أرشيفية - رويترز)
TT

تقرير: الشرطة الصينية تستهدف المحتفلين بعيد الهالوين في شنغهاي

أفراد من الشرطة الصينية (أرشيفية - رويترز)
أفراد من الشرطة الصينية (أرشيفية - رويترز)

قال شهود عيان، لـ«هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، إنهم رأوا أفراداً من الشرطة الصينية يفرّقون حشوداً من المحتفلين بعيد الهالوين في شوارع شنغهاي، في حين انتشرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي لتوقيف بعضهم.

ووفقاً لـ«بي بي سي»، أدى رد الشرطة العنيف إلى قمع احتفالات «الهالوين»، وعدّ الكثيرون هذا الإجراء محاولة من السلطات لقمع التجمعات العامة الكبيرة وحرية التعبير.

وأضافت أنه لم يكن هناك إشعار رسمي يحظر احتفالات «الهالوين»، في حين انتشرت شائعات عن حملة قمع محتملة في وقت سابق من هذا الشهر، ولم تعلّق السلطات بعد.

ويأتي ذلك بعد عام من ارتداء أزياء تسخر من الحكومة الصينية وسياساتها خلال احتفالات بعيد الهالوين في شنغهاي، حيث أظهرت صور أشخاصاً يرتدون ملابس، مثل كاميرا مراقبة عملاقة وأجهزة اختبار «كوفيد»، ومنشوراً خاضعاً للرقابة على موقع «ويبو» للتواصل الاجتماعي.

وهذا العام، أظهرت لقطات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أشخاصاً يرتدون أزياء غير مثيرة للجدل على ما يبدو، بما في ذلك أزياء شخصيات القصص المصورة، مثل: «باتمان» و«ديدبول»، وهم يُقتادون إلى عربات الشرطة، وقال بعض المشاركين في الحفل عبر الإنترنت إنهم أجبروا على إزالة المكياج في مركز للشرطة.

ولكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الشرطة تستهدف أي نوع من الأزياء، حيث تُرك الكثير من المحتفلين الآخرين بمفردهم.

وقال شهود عيان لـ«بي بي سي» إن يوم الجمعة تجمع عدد كبير من ضباط الشرطة والعربات على طريق في وسط مدينة شنغهاي، وطُلب من الأشخاص الذين يرتدون الأزياء المغادرة، وكذلك السبت، شُوهدت الشرطة وهي تفرّق المحتفلين من حديقة في المدينة.

وفقاً لشاهد العيان، قال: «عندما غادرنا الحديقة، طُلب منا خلع جميع أغطية الرأس، وقيل لنا إن كل من يغادر من هذا المخرج لا يمكن أن يرتدي أزياء تنكرية»، وأضاف أنه رأى رجلاً يشتبك مع أفراد الشرطة عندما حاول الدخول.

وقال أحد سكان شنغهاي إن عدد أفراد الشرطة الذين يسجلون تفاصيل الأشخاص الذين يرتدون أزياء تنكرية يبدو أنه يتجاوز عدد المحتفلين أنفسهم، وأضاف: «لا يُفترض أن تكون شنغهاي على هذا النحو لقد كانت السلطات دائماً متسامحة للغاية».

وفي وقت سابق من هذا الشهر، تلقى بعض أصحاب المقاهي والمكتبات والحانات في شنغهاي تعليمات بعدم إقامة احتفالات بـ«الهالوين»، وأصدرت بعض الجامعات تحذيرات إلى طلابها.

وقال أحد الطلاب في جامعة «فودان»، إن السلطات أخبرتهم مؤخراً بعدم المشاركة في التجمعات، كما اطلعت «بي بي سي» على إشعار من جامعة أخرى في شنغهاي صدر للطلاب في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) يثنيهم عن «الحد من المشاركة في التجمعات الكبيرة والصغيرة في المستقبل القريب».

وهذه ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها السلطات الصينية إجراءات صارمة ضد الملابس التنكرية. في عام 2014 قالت شرطة بكين إن الأشخاص الذين يرتدون أزياء خاصة بـ«الهالوين» في المترو قد يُعتقلون؛ لأن هذه الأزياء قد تتسبّب في «تجمع الحشود وخلق مشكلات».

ولكن هذا العام تأتي التحذيرات على خلفية حركة احتجاج «الكتاب الأبيض» التي بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 عندما تجمعت مجموعات كبيرة من الناس، معظمهم من الشباب، بشكل عفوي في إحدى الليالي في أحد شوارع شنغهاي حداداً على ضحايا حريق، وسرعان ما تحول هذا التجمع إلى مظاهرات قصيرة، ولكنها واسعة النطاق ضد سياسات البلاد في التعامل مع «كوفيد»، في أحد أكبر التحديات التي تواجه سلطة الحكومة الصينية منذ احتجاج ميدان «السلام السماوي» (تيانانمن).