إيمان جنيدي: قيادة المرأة للأوركسترا تأخرت كثيراً في مصر

عدّت نفسها «أول مايسترا» عربية... وتخطّط لِما هو أبعد

المايسترا إيمان جنيدي ترفض حصر النساء بمهن معيّنة (الشرق الأوسط)
المايسترا إيمان جنيدي ترفض حصر النساء بمهن معيّنة (الشرق الأوسط)
TT

إيمان جنيدي: قيادة المرأة للأوركسترا تأخرت كثيراً في مصر

المايسترا إيمان جنيدي ترفض حصر النساء بمهن معيّنة (الشرق الأوسط)
المايسترا إيمان جنيدي ترفض حصر النساء بمهن معيّنة (الشرق الأوسط)

على مسرح «معهد الموسيقى العربية» في القاهرة، قادت الفنانة المصرية إيمان جنيدي حفلاً موسيقياً مع فرقتها، «المايسترو»، مقدِّمةً مجموعة من أشهر أغنيات الطرب والفولكلور، وعدداً من أشهر أغنيات تسعينات القرن الماضي.

تُعرّف نفسها بأنها «أول مايسترا» في مصر والعالم العربي، ونالت لهذا السبب عدداً من التكريمات، أبرزها في يوم المرأة من السيدة انتصار السيسي، قرينة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل عامين، واحتفت بها جهات إعلامية وثقافية، صنع بعضها أفلاماً تسجيلية رصدت رحلتها من صعيد مصر حتى نجاحها في قيادة أوركسترا كاملة.

الفنانة المصرية في إحدى حفلاتها (الشرق الأوسط)

تنتمي جنيدي إلى مدينة بني سويف (جنوب القاهرة)، حيث نشأت في أسرة مولعة بالفنون خصوصاً الموسيقى. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «كان والدي مهندساً عاشقاً للعزف على البيانو، تعلّم الموسيقى في طفولته؛ إذ كانت جدّتي تُحضر له مدرِّساً متخصِّصاً إلى المنزل لإعطائه دروساً خاصة، فكرَّر معي وإخوتي الأمر عينه، لننشأ على حبّ الموسيقى».

وتتذكر الفنانة حرص والدها على تنظيم جلسات سمر، الخميس من كل أسبوع، في المنزل: «كان كل فرد من الأسرة يقدّم إسهاماً فنّياً بسيطاً، مثل العزف أو إلقاء الشعر أو الرسم، بينما يتحدّث، كأننا في ورشة عمل».

أسَّست فرقة موسيقية وتولَّت قيادتها (الشرق الأوسط)

وبعد الثانوية العامة، قرَّرت الالتحاق بكلية التربية الموسيقية في جامعة حلوان، فانتقلت إلى القاهرة للدراسة، وهناك كانت الآفاق أمامها أكثر اتّساعاً للتعلُّم والتواصل مع الثقافة والفنون.

لم يمرَّ وقت طويل على تخرّجها حتى رُشِّحت لقيادة «الفرقة القومية للموسيقى العربية» في بني سويف، فكانت مفاجأة بالنسبة إليها وإلى المحيطين. شجَّعها زوجها على خوض التجربة، ووجدت صعوبات كثيرة، في مقدّمتها رفضها من أعضاء الفرقة بكونها امرأة، وهو شيء غير مسبوق خصوصاً في الصعيد.

تتابع: «كنتُ صغيرة، بينما كان أعضاء الفرقة، وعددهم نحو 45 فناناً من كبار السنّ، ولم تكن تضمّ سوى فنانتين. وُجِّهت شكوى ضدّي في البداية، لكن بمرور الوقت أصبحنا أصدقاء، ونجحتُ في مهمّتي».

سافرت الفرقة إلى مختلف محافظات مصر لحضور المهرجانات والحفلات، فأُدهش الجمهور من كون قائدة الفرقة سيدة، ثم ما لبثت أن أصبحت معروفة بين محبّي الفنّ، فيُقبلون على حضور حفلاتها، خصوصاً بعد فوز الفرقة بجوائز في فعاليات ثقافية، وفق قولها.

من الاتجاهات البارزة على مدى السنوات الـ30 الماضية، التقدُّم الذي أحرزته النساء في اكتساب التعليم والمهارات، مما سمح لهنّ بدخول مجالات جديدة عدّة، منها اختراق فرق الأوركسترا السيمفونية في العالم أيضاً.

المايسترا المصرية تستعدّ لتدشين مؤسَّسة فنّية (الشرق الأوسط)

في هذا الصدد، تلفت جنيدي إلى أنها تشرَّفت بكونها «المايسترا الأولى»، لكنها تشعر أنّ تولّي امرأة قيادة أوركسترا في مجتمعها قد تأخَّر كثيراً: «يتطلّب هذا العمل سمات شخصية خاصة، فإلى جانب الموهبة والمهارات الفنّية، بما يشمل البراعة في قراءة النوتة والتوزيع، ينبغي التحلّي بالقدرة على القيادة، واحتواء كل أعضاء الفرقة، وتوظيف كل فنان في مكانه الصحيح، علاوة على ضرورة التميُّز بسرعة البديهة، والقدرة على الإدارة والتصرُّف في المواقف الطارئة على المسرح».

وتؤكد: «تملك المرأة بطبيعتها كل هذه السمات، ولا تقلّ بذلك عن الرجل، فتستحق قيادة الأوركسترا بجدارة، لكنها تأخَّرت؛ إذ إنه لا يزال ثمة أولويات تلتزم بها النساء، وقد تقف عائقاً أمام اختراقهن بعض المهن التي تتطلّب التفرّغ أو تستقطع وقتاً طويلاً منهنّ. تتحمّل المرأة مسؤوليات كبرى تتضخَّم في بعض المجتمعات تجاه الأسرة، لا سيما عندما يصعُب توافر الدعم لها».

ترى أنّ المرأة تمتلك جميع مقوّمات قيادة الفرقة الموسيقية (الشرق الأوسط)

وثمة مشكلة أخرى تتمثَّل بتحيُّز المجتمع للرجل، ورفضه تولّي المرأة بعض المناصب أو تحقيق نجاحات في مجالات منها الموسيقى، وفق تعبيرها، «لكن ذلك قد لا يتوقّف فحسب على مصر أو العالم العربي في مجال الموسيقى، وإنما قد يُدهَش البعض بوجود مقاومة طويلة الأمد، خصوصاً في أوروبا، لفكرة أنّ الموسيقيات يمكن تعيينهنّ قائدات رئيسيات ومديرات موسيقية لأوركسترا».

في 2015، أسَّست الفنانة فرقتها الخاصة باسم «المايسترو»، وأصبحت قائدة لها. تتكوّن من عازفين ومطربين معروفين، وعدد أعضائها نحو 50 فناناً؛ تُقدّم عروضها في دار الأوبرا المصرية ومعهد الموسيقى العربية، ومجموعة من المراكز الثقافية الأجنبية والسفارات.

تتنوّع أعمالها، رغم أنها في الأصل فرقة للموسيقى العربية، فالجنيدي قرّرت لاحقاً التوسُّع في ألوان الغناء التي تقدّمها الفرقة، لتتضمّن، إلى جانب الطرب المصري الأصيل، أغنيات التسعينات، والأغنيات التراثية والعربية، خصوصاً الخليجية المعاصرة. تختم: «كانت تنبغي مواكبة العصر، فأستطيع جذب مختلف فئات الجمهور، بعيداً عن الأعمال الهابطة. أؤمن أنّ ذلك جزء من دوري المجتمعي».

تستعدّ إيمان جنيدي حالياً لإطلاق مؤسّستها الفنية باسم «وجدان مصر للفنون والثقافة»، وتضمّ جميع أنواع الفنون، مثل الموسيقى والتمثيل والرسم والغناء، وستُوجه اهتماماً بارزاً لرعاية ذوي الحاجات الخاصة من الموهوبين.


مقالات ذات صلة

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يوميات الشرق لها في كل بيتٍ صورة... فيروز أيقونة لبنان بلغت التسعين وما شاخت (الشرق الأوسط)

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يُضاف إلى ألقاب فيروز لقب «سيّدة الصمت». هي الأقلّ كلاماً والأكثر غناءً. لكنها عندما حكت، عبّرت عن حكمةٍ بسيطة وفلسفة غير متفلسفة.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص «حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

في الحلقة الثالثة والأخيرة، نلقي الضوء على نشوء «حزب الفيروزيين» في لبنان وسوريا، وكيف تحول صوت فيروز إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة وعشق يصل إلى حد الهوَس أحياناً.

محمود الزيباوي (بيروت)
يوميات الشرق إد شيران يُغنّي... ويُفاجئ (فيسبوك)

إد شيران يُفاجئ 200 تلميذ... رائعة أيتها الموسيقى

ظهر المغنّي وكاتب الأغنيات البريطاني إد شيران، بشكل مفاجئ، في فعالية مهنية عن صناعة الموسيقى مُوجَّهة للتلاميذ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيما يأتي الحلقة الثانية من أضوائنا على المرحلة الأولى من صعود فيروز الفني، لمناسبة الاحتفال بعامها التسعين.

محمود الزيباوي (بيروت)
خاص فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

عشية عيدها الـ90 تلقي «الشرق الأوسط» بعض الأضواء غير المعروفة على تلك الصبية الخجولة والمجهولة التي كانت تدعى نهاد وديع حداد قبل أن يعرفها الناس باسم فيروز.

محمود الزيباوي (بيروت)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
TT

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير الذين اختفوا عن حفل الختام الذي أقيم في قصر ثقافة مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء.

ووفق نقاد، فإن التضارب الذي يحدث بين مواعيد انعقاد مهرجانات مصرية على غرار «شرم الشيخ المسرحي» و«القاهرة السينمائي» هو السبب وراء اختفاء نجوم الشاشات والمسرح عن حضور فعاليات المهرجان.

ورغم استمرار انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي المعروف بكثافة فعالياته، جرى تكريم بعض نجوم الفن والسينما، عبر حفل «غولدن غلوب» ومجلة «Enigma»، بأحد الفنادق الكبرى على النيل، كان من بينهم الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، والفنانة يسرا، اللذان تم منحهما جائزة «عمر الشريف».

وشهد حفل ختام «شرم الشيخ المسرحي» حضور عدد قليل من الفنانين والمسرحيين، من بينهم الفنان سيد خاطر، وكيل وزارة الثقافة المصرية الأسبق، وأحمد بو رحيمة، مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة بالشارقة، والفنان علاء مرسي، والفنان والبروفيسور الروسي ميخائيل جوريفوري، والمخرج الروماني قسطنطين كرياك، رئيس مهرجان سيبيو الدولي، والفنانة حلا عمران، والفنانة اللبنانية مروة قرعوني، والفنان أحمد وفيق، والمخرج السوري ممدوح الأطرش، والكاتبة فاطمة المعدول، والدكتور سعيد السيابي من سلطنة عمان، والمخرج عصام السيد، والفنانتان المصريتان عزة لبيب، ومنال سلامة.

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي (شرم الشيخ المسرحي)

وسيطرت مصر على جوائز حفل الختام؛ إذ حصل شباب مسرحها على جائزة أفضل عرض متكامل بمسرحية «هجرة الماء» وشهادتي تقدير لجودة العمل في مسابقة مسرح الطفل والنشء، كما حصل المصري أحمد بيلا على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع، عن عرض «خلف النافذة»، أما عن أبرز الجوائز العربية فحصل العرض الإماراتي «حكايات صامتة» على جائزة أفضل أداء جماعي في مسابقة مسرح الطفل والنشء، وحصل العرض العماني «فضيلة عبيد» على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع.

وأعلن المخرج مازن الغرباوي، مؤسس ورئيس المهرجان، أن دولة كوريا الجنوبية ستكون ضيف شرف المهرجان في الدورة المقبلة التي ستحمل اسم الفنانة المصرية القديرة إلهام شاهين، لمسيرتها المهمة في المسرح المصري والعربي.

وأعرب المخرج السوري ممدوح الأطرش عن سعادته البالغة لتكريمه في مصر، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أتابع المهرجان منذ انطلاقه قبل 9 سنوات، وأراه يتطور سنة تلو الأخرى».

ممدوح الأطرش خلال حفل الختام (شرم الشيخ المسرحي)

وعن أعماله الفنية التي يحضر لها خلال الفترة المقبلة، قال الأطرش: «أجهز لفيلم سينمائي عن حياة الفنانة الراحلة أسمهان، نجري حالياً تشاورات ونقاشات عدة حوله، حتى يخرج بالصورة الرائعة التي تُمثل قيمة أسمهان بصفتها فنانة عالمية، مع سرد سريع لقصة عائلة الأطرش».

يُذكر أن الدورة التاسعة من المهرجان كانت تحمل اسم المخرج الكبير الراحل جلال الشرقاوي، وشهدت مشاركة 36 دولة، ومنح الفنانة السورية حلا عمران درع «سميحة أيوب»، بجانب تكريم الفنان علاء مرسي، والفنان الروسي ميخائيل جوريفوي، والمخرج السوري ممدوح الأطرش.