أشار دبلوماسي نمساوي إلى أن العلاقات بين فيينا والرياض ستشهد تعاوناً متزايداً في مجالات التكنولوجيا الخضراء والتحول الرقمي والمدن الذكية وزيادة فرص الاستثمار، بمجالات تكنولوجيا المعلومات والأتمتة والخدمات المبتكرة، وهو ما من شأنه توسيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وقال السفير النمساوي لدى السعودية، أوسكار فوستنغر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «العلاقات بين البلدين قوية، ويشمل التعاون الثنائي الكثير من المجالات، بما في ذلك التصنيع والثقافة والعلوم والرياضة. ويُعد التبادل والتعاون الاقتصادي المتنامي عنصرين حيويين وديناميكيين في علاقاتنا الثنائية».
ووفقاً لفوستنغر، فقد ركزت اللجنة الاقتصادية المشتركة التاسعة، التي عُقدت بفيينا في مايو (أيار) من هذا العام، على مجالات السياحة والرقمنة والتكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة والتنمية الاجتماعية، حيث شاركت 80 شركة في منتدى الأعمال، وتم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي.
ولفت السفير النمساوي في الرياض إلى أن كلا البلدين يتمتعان أيضاً بصناعات التكنولوجيا المالية والتمويل اللامركزي (DeFi) المتنامية، مما يفتح المجال لمزيد من التعاون في معرفة السوق وتعزيز قابلية التوسع.
وأضاف: «استقبلت بلادنا 200 ألف سائح سعودي في عام 2023، وهو رقم قياسي يمثل زيادة ملحوظة، مع توقع مزيد من الزيادة هذا العام، حيث تم بالفعل إصدار الكثير من التأشيرات في إطار سلسلة التأشيرات الجديدة».
تعاون اقتصادي ثنائي متزايد
يتركز التعاون الاقتصادي بين النمسا والسعودية، وفقاً لفوستنغر، على مجموعة من المجالات الرئيسية. وتنشط الشركات النمساوية في قطاع النفط والغاز بالمملكة، وتساهم في توريد الآلات والمعدات المتخصصة لصناعة البتروكيماويات.
وأشار إلى أن بلاده تصدر مجموعة متنوعة من الأجهزة، بما في ذلك الآلات والأجهزة الكهربائية، وأنابيب الصلب «التبطين»، والرافعات، وأدوات الرفع والنقل، بالإضافة إلى آلات معالجة البلاستيك. وبيّن أن هذه المنتجات تلعب دوراً مهماً في مشاريع البنية التحتية والإنتاج الصناعي في المملكة.
ووفقاً لفوستنغر، يتكون جزء كبير من الصادرات النمساوية إلى المملكة من المنتجات الصيدلانية، لاسيما الأمصال المضادة والأدوية. بالإضافة إلى ذلك، تُصدَّر المركبات النمساوية، وخصوصاً المركبات المتخصصة مثل سيارات الإطفاء، إلى السعودية.
وأشار السفير النمساوي في الرياض إلى أن هناك عدداً من القطاعات التي تتمتع بإمكانات كبيرة للتعاون المستقبلي بين فيينا والرياض. كما نوه بأن بلاده تلعب أيضاً دوراً بارزاً في مجال الهندسة المعمارية السعودية من خلال تقديم حلول الإضاءة وصادرات الأخشاب.
وأضاف: «مع (رؤية المملكة 2030) وهدفها نحو تنويع الاقتصاد، تبرز فرص تجارية واستثمارية كبيرة في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح».
وقال فوستنغر: «إن زيادة المعايير البيئية ومشاريع التنمية المستدامة في السعودية، في ظل ندرة المياه والحاجة إلى تعزيز إدارة الموارد، تفتح آفاقاً واسعة لفرص التعاون مع الشركات النمساوية في مجالات إدارة المياه والنفايات».
وشدد على أهمية تعزيز كفاءة العمالة الماهرة والتنظيم القوي في المملكة للاستفادة من نقل المعرفة والمبادرات التعليمية، مما يتيح فرصاً كبيرة في عدد من الصناعات. وأشار إلى أنه في سبتمبر (أيلول)، نظم القسم التجاري بالسفارة النمساوية بعثة تجارية ناجحة إلى الرياض، حيث ركزت على مجالات التكنولوجيا الخضراء.
ونوه إلى أن السعودية تركز على تطوير بنية تحتية مستدامة في مجالات الثقافة والسياحة والترفيه، بينما تتمتع الشركات النمساوية بخبرة واسعة في قطاع السياحة، مما يمكنها من تبادل المعرفة، وتقديم الدعم في بناء البنية التحتية السياحية وتطوير المناطق السياحية، بالإضافة إلى استراتيجيات التسويق العالمية.
وأشار إلى أن القسم التجاري بالسفارة النمساوية قد نظم بعثة تجارية بعنوان «المعرفة السياحية والبنية التحتية» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. كما ستُعقد بعثة تجارية أخرى هذا الشهر، تشمل جزءاً من الوفد الذي سيتوجه إلى أبها لاستكشاف المزيد عن منطقة عسير السياحية المتنامية.
نمو التجارة الثنائية
وفيما يتعلق بالتجارة الثنائية، قال فوستنغر: «على مدى السنوات الماضية، شهدنا تطورات إيجابية مثيرة للإعجاب في مجالات التجارة والاستثمار بين البلدين، مما أدى إلى زيادة كبيرة في حجم التجارة الثنائية».
وأوضح فوستنغر: «في عام 2023، سجلت الصادرات النمساوية إلى المملكة ارتفاعاً إلى 537.8 مليون يورو (579.83 مليون دولار) بزيادة قدرها 11.9 في المائة مقارنة بالعام السابق. كما شهد النصف الأول من عام 2024 زيادة ملحوظة بنسبة 57.2 في المائة، حيث بلغت الصادرات 375 مليون يورو (403.77 مليون دولار) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي».
وأشار فوستنغر إلى أن «الواردات من السعودية إلى النمسا شهدت ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 146.2 في المائة عام 2023، لتصل إلى 442.4 مليون يورو (476.98 مليون دولار). ويعود هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى زيادة الطلب على النفط السعودي والألمنيوم».
وأشار إلى أن «المواد البلاستيكية (البوليمرات) تُعد أيضاً من السلع المستوردة المهمة، حيث سجلت الواردات في النصف الأول من عام 2024 ارتفاعاً جديداً بنسبة 6.33 في المائة، لتصل إلى 258.5 مليون يورو (278.70 مليون دولار)».
وأضاف: «على مدى السنوات الماضية، تمكنت عدة شركات نمساوية من ترسيخ وجودها في السعودية، مثل شركة (Hoerbiger) التي دخلت السوق في عام 2023، وشركة (Andritz) التي بدأت نشاطها في عام 2024. كما احتفلت شركة (TÜV Austria) بافتتاح مقرها الإقليمي بالرياض في مايو 2024، مما يعكس التزام النمسا بتعزيز شراكاتها الاقتصادية في المملكة».
وقال السفير النمساوي إن «هذا النمو (المذهل) في علاقاتنا التجارية والاستثمارية الثنائية الديناميكية يعد عنصراً أساسياً لتعزيز وتعميق العلاقات الشاملة بين فيينا والرياض».