تعاون متزايد بين فيينا والرياض في التكنولوجيا الخضراء والتحول الرقمي

سفيرها لدى المملكة لـ«الشرق الأوسط»: التأشيرات الجديدة دفعت 200 ألف سائح سعودي لزيارة النمسا

اجتماع اللجنة السعودية النمساوية المشتركة في مايو الماضي في فيينا (واس)
اجتماع اللجنة السعودية النمساوية المشتركة في مايو الماضي في فيينا (واس)
TT

تعاون متزايد بين فيينا والرياض في التكنولوجيا الخضراء والتحول الرقمي

اجتماع اللجنة السعودية النمساوية المشتركة في مايو الماضي في فيينا (واس)
اجتماع اللجنة السعودية النمساوية المشتركة في مايو الماضي في فيينا (واس)

أشار دبلوماسي نمساوي إلى أن العلاقات بين فيينا والرياض ستشهد تعاوناً متزايداً في مجالات التكنولوجيا الخضراء والتحول الرقمي والمدن الذكية وزيادة فرص الاستثمار، بمجالات تكنولوجيا المعلومات والأتمتة والخدمات المبتكرة، وهو ما من شأنه توسيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

وقال السفير النمساوي لدى السعودية، أوسكار فوستنغر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «العلاقات بين البلدين قوية، ويشمل التعاون الثنائي الكثير من المجالات، بما في ذلك التصنيع والثقافة والعلوم والرياضة. ويُعد التبادل والتعاون الاقتصادي المتنامي عنصرين حيويين وديناميكيين في علاقاتنا الثنائية».

ووفقاً لفوستنغر، فقد ركزت اللجنة الاقتصادية المشتركة التاسعة، التي عُقدت بفيينا في مايو (أيار) من هذا العام، على مجالات السياحة والرقمنة والتكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة والتنمية الاجتماعية، حيث شاركت 80 شركة في منتدى الأعمال، وتم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي.

ولفت السفير النمساوي في الرياض إلى أن كلا البلدين يتمتعان أيضاً بصناعات التكنولوجيا المالية والتمويل اللامركزي (DeFi) المتنامية، مما يفتح المجال لمزيد من التعاون في معرفة السوق وتعزيز قابلية التوسع.

وأضاف: «استقبلت بلادنا 200 ألف سائح سعودي في عام 2023، وهو رقم قياسي يمثل زيادة ملحوظة، مع توقع مزيد من الزيادة هذا العام، حيث تم بالفعل إصدار الكثير من التأشيرات في إطار سلسلة التأشيرات الجديدة».

سفير النمسا لدى السعودية أوسكار فوستنغر (الشرق الأوسط)

تعاون اقتصادي ثنائي متزايد

يتركز التعاون الاقتصادي بين النمسا والسعودية، وفقاً لفوستنغر، على مجموعة من المجالات الرئيسية. وتنشط الشركات النمساوية في قطاع النفط والغاز بالمملكة، وتساهم في توريد الآلات والمعدات المتخصصة لصناعة البتروكيماويات.

وأشار إلى أن بلاده تصدر مجموعة متنوعة من الأجهزة، بما في ذلك الآلات والأجهزة الكهربائية، وأنابيب الصلب «التبطين»، والرافعات، وأدوات الرفع والنقل، بالإضافة إلى آلات معالجة البلاستيك. وبيّن أن هذه المنتجات تلعب دوراً مهماً في مشاريع البنية التحتية والإنتاج الصناعي في المملكة.

ووفقاً لفوستنغر، يتكون جزء كبير من الصادرات النمساوية إلى المملكة من المنتجات الصيدلانية، لاسيما الأمصال المضادة والأدوية. بالإضافة إلى ذلك، تُصدَّر المركبات النمساوية، وخصوصاً المركبات المتخصصة مثل سيارات الإطفاء، إلى السعودية.

وأشار السفير النمساوي في الرياض إلى أن هناك عدداً من القطاعات التي تتمتع بإمكانات كبيرة للتعاون المستقبلي بين فيينا والرياض. كما نوه بأن بلاده تلعب أيضاً دوراً بارزاً في مجال الهندسة المعمارية السعودية من خلال تقديم حلول الإضاءة وصادرات الأخشاب.

وأضاف: «مع (رؤية المملكة 2030) وهدفها نحو تنويع الاقتصاد، تبرز فرص تجارية واستثمارية كبيرة في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح».

وقال فوستنغر: «إن زيادة المعايير البيئية ومشاريع التنمية المستدامة في السعودية، في ظل ندرة المياه والحاجة إلى تعزيز إدارة الموارد، تفتح آفاقاً واسعة لفرص التعاون مع الشركات النمساوية في مجالات إدارة المياه والنفايات».

وشدد على أهمية تعزيز كفاءة العمالة الماهرة والتنظيم القوي في المملكة للاستفادة من نقل المعرفة والمبادرات التعليمية، مما يتيح فرصاً كبيرة في عدد من الصناعات. وأشار إلى أنه في سبتمبر (أيلول)، نظم القسم التجاري بالسفارة النمساوية بعثة تجارية ناجحة إلى الرياض، حيث ركزت على مجالات التكنولوجيا الخضراء.

ونوه إلى أن السعودية تركز على تطوير بنية تحتية مستدامة في مجالات الثقافة والسياحة والترفيه، بينما تتمتع الشركات النمساوية بخبرة واسعة في قطاع السياحة، مما يمكنها من تبادل المعرفة، وتقديم الدعم في بناء البنية التحتية السياحية وتطوير المناطق السياحية، بالإضافة إلى استراتيجيات التسويق العالمية.

وأشار إلى أن القسم التجاري بالسفارة النمساوية قد نظم بعثة تجارية بعنوان «المعرفة السياحية والبنية التحتية» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. كما ستُعقد بعثة تجارية أخرى هذا الشهر، تشمل جزءاً من الوفد الذي سيتوجه إلى أبها لاستكشاف المزيد عن منطقة عسير السياحية المتنامية.

نمو التجارة الثنائية

وفيما يتعلق بالتجارة الثنائية، قال فوستنغر: «على مدى السنوات الماضية، شهدنا تطورات إيجابية مثيرة للإعجاب في مجالات التجارة والاستثمار بين البلدين، مما أدى إلى زيادة كبيرة في حجم التجارة الثنائية».

وأوضح فوستنغر: «في عام 2023، سجلت الصادرات النمساوية إلى المملكة ارتفاعاً إلى 537.8 مليون يورو (579.83 مليون دولار) بزيادة قدرها 11.9 في المائة مقارنة بالعام السابق. كما شهد النصف الأول من عام 2024 زيادة ملحوظة بنسبة 57.2 في المائة، حيث بلغت الصادرات 375 مليون يورو (403.77 مليون دولار) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي».

وأشار فوستنغر إلى أن «الواردات من السعودية إلى النمسا شهدت ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 146.2 في المائة عام 2023، لتصل إلى 442.4 مليون يورو (476.98 مليون دولار). ويعود هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى زيادة الطلب على النفط السعودي والألمنيوم».

وأشار إلى أن «المواد البلاستيكية (البوليمرات) تُعد أيضاً من السلع المستوردة المهمة، حيث سجلت الواردات في النصف الأول من عام 2024 ارتفاعاً جديداً بنسبة 6.33 في المائة، لتصل إلى 258.5 مليون يورو (278.70 مليون دولار)».

وأضاف: «على مدى السنوات الماضية، تمكنت عدة شركات نمساوية من ترسيخ وجودها في السعودية، مثل شركة (Hoerbiger) التي دخلت السوق في عام 2023، وشركة (Andritz) التي بدأت نشاطها في عام 2024. كما احتفلت شركة (TÜV Austria) بافتتاح مقرها الإقليمي بالرياض في مايو 2024، مما يعكس التزام النمسا بتعزيز شراكاتها الاقتصادية في المملكة».

وقال السفير النمساوي إن «هذا النمو (المذهل) في علاقاتنا التجارية والاستثمارية الثنائية الديناميكية يعد عنصراً أساسياً لتعزيز وتعميق العلاقات الشاملة بين فيينا والرياض».


مقالات ذات صلة

الجدعان: نتوقع أن تبلغ استثمارات القطاع الخاص السعودي في أفريقيا 25 مليار دولار

الاقتصاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)

الجدعان: نتوقع أن تبلغ استثمارات القطاع الخاص السعودي في أفريقيا 25 مليار دولار

توقع وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، الاثنين، أن تبلغ استثمارات القطاع الخاص السعودي في قارة أفريقيا 25 مليار دولار خلال الـ10 أعوام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي متحدثًا للحضور في الملتقى الاقتصادي السعودي الإماراتي (الشرق الأوسط)

​التبادل التجاري السعودي - الإماراتي يبلغ 244 مليار دولار في 10 أعوام

أظهر الملتقى الاقتصادي السعودي الإماراتي الذي انطلقت أعماله الأحد بمقر اتحاد الغرف السعودية بالرياض تطورات في حجم التبادل التجاري

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد المشاريع السكنية التابعة لوزارة البلديات والإسكان (الشرق الأوسط)

النمو السكاني يدفع أسعار العقارات السعودية إلى الارتفاع الربعي الخامس عشر منذ 2021

واصلت أسعار العقارات في السعودية سلسلة ارتفاعاتها للربع الخامس عشر على التوالي، منذ مطلع 2021.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد إحدى الجلسات الحوارية لمبادرة مستقبل الاستثمار في نسختها الماضية (الشرق الأوسط)

مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» يجمع صّناع القرار حول العالم في الرياض

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تتأهب الرياض لإطلاق النسخة الثامنة من مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي السعودي في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

السيولة لدى «المركزي السعودي» تصل لأعلى مستوياتها في أغسطس

سجّلت مستويات السيولة في منظومة الاقتصاد السعودي نمواً على أساس سنوي بنسبة 8.7 في المائة، لتبلغ أعلى مستوياتها عند 2.9 تريليون ريال (772 مليار ريال).

«الشرق الأوسط» (الرياض)

محافظ «المركزي» في بنغلاديش: سرقة 17 مليار دولار من البنوك في عهد الشيخة حسينة

محافظ «المركزي» في بنغلاديش: سرقة 17 مليار دولار من البنوك في عهد الشيخة حسينة
TT

محافظ «المركزي» في بنغلاديش: سرقة 17 مليار دولار من البنوك في عهد الشيخة حسينة

محافظ «المركزي» في بنغلاديش: سرقة 17 مليار دولار من البنوك في عهد الشيخة حسينة

اتهم رئيس البنك المركزي الجديد في بنغلاديش كبار رجال الأعمال المرتبطين بنظام الشيخة حسينة بالعمل مع أعضاء وكالة الاستخبارات العسكرية القوية في البلاد، لسحب 17 مليار دولار من القطاع المصرفي أثناء حكمها.

وفي مقابلة مع صحيفة «فاينانشال تايمز»، قال أحسن منصور - الذي جرى تعيينه محافظاً لبنك بنغلاديش بعد فرار الشيخة حسينة من البلاد في يونيو (حزيران) الماضي - إن المديرية العامة لمخابرات القوات ساعدت في فرض عمليات الاستيلاء على البنوك الرائدة.

وقال منصور إن ما يقدَّر بنحو 2 تريليون تاكا (16.7 مليار دولار) جرى إخراجه من بنغلاديش بعد عمليات الاستيلاء على البنوك، باستخدام أساليب مثل القروض المقدَّمة لمساهميها الجدد، وفواتير الاستيراد المتضخمة. وأضاف: «هذه أكبر عملية سرقة للبنوك، وفقاً لأي معايير دولية. لم يحدث ذلك على هذا النطاق في أي مكان، وكان برعاية الدولة، ولم يكن من الممكن أن يحدث لولا قيام رجال الاستخبارات بوضع البنادق على رؤوس [الرؤساء التنفيذيين السابقين للبنوك]».

وقال المحافظ إن محمد سيف العلم، مؤسس ورئيس مجموعة «إس علم» الصناعية، وزملاءه «اختلسوا» ما لا يقل عن 10 مليارات دولار «حداً أدنى» من النظام المصرفي، بعد السيطرة على البنوك، بمساعدة المديرية العامة للاستثمار. وأضاف: «كانوا يمنحون أنفسهم قروضاً كل يوم».

وفي بيان أصدرته شركة المحاماة «كوين إيمانويل أوركهارت آند سوليفان»، نيابة عن سيف العلم، قالت مجموعة «إس علم» إن مزاعم منصور «لا أساس لها من الصحة». وقالت المجموعة: «إن الحملة المنسقة التي شنتها الحكومة المؤقتة ضد مجموعة إس علم وعدد من الشركات الرائدة الأخرى في بنغلاديش، فشلت في احترام المبادئ الأساسية للإجراءات القانونية الواجبة».

وقال البيان: «لقد قوَّضت بالفعل ثقة المستثمرين، وأسهمت في تدهور القانون والنظام. نظراً لسِجلّ المجموعة ومساهماتها، فإننا نجد الاتهامات التي وجهها المحافظ... مفاجئة وغير مبرَّرة».

وكانت الشيخة حسينة في السلطة لمدة عقدين من الزمان في بنغلاديش، وهي دولة يبلغ عدد سكانها 170 مليون نسمة، وثاني أكبر مُصدّر للملابس في العالم، لكن حكمها شابته مزاعم التلاعب بالأصوات، وسجن وتعذيب المعارضين، والفساد المستشري. وفرَّت رئيسة الوزراء السابقة إلى الهند، في أغسطس (آب) الماضي، ولا يُعرَف مكان وجودها الحالي.

وقد تعهدت الحكومة المؤقتة، برئاسة الحائز على جائزة نوبل محمد يونس، والتي تولّت السلطة بعد هروب الشيخ حسينة، مراراً باستعادة الأموال التي تزعم أنها اختُلست من قِبل أعضاء النظام وشركائهم.

وقال منصور، المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي الذي أخبر صحيفة «فاينانشال تايمز»، الشهر الماضي، بأنه طلب مساعدة المملكة المتحدة للتحقيق في ثروات حلفاء الشيخة حسينة بالخارج، إن أعضاء مجالس إدارة البنوك الرائدة كانوا مستهدَفين تحت حكمها.

وقد اختطف مسؤولون استخباراتيون أعضاء مجالس الإدارة من منازلهم، ونقلوهم إلى أماكن أخرى مثل الفنادق، وأُمروا «تحت تهديد السلاح» ببيع جميع أسهمهم في البنوك «للسيد إس علم»، والاستقالة من مناصبهم بصفتهم مديرين. وقال: «لقد فعلوا ذلك في بنك تلو الآخر».

وقال أحد الرؤساء التنفيذيين السابقين للبنك، لصحيفة «فاينانشال تايمز»، إنه أُجبر على الاستقالة من منصبه، في جزء من عملية استحواذ قسرية.

وقال محمد عبد المنان، الرئيس التنفيذي السابق لبنك إسلامي في بنغلاديش، أحد أكبر البنوك المقرضة في البلاد، إنه تعرَّض لضغوط من «أشخاص مرتبطين بالحكومة آنذاك» منذ عام 2013. وشمل ذلك الضغط لتجنيد أعضاء مجلس الإدارة، بناءً على اقتراح مكتب رئيس الوزراء، وتفتيش «أشخاص مرتبطين بوكالات حكومية» لغرفة فندق يستخدمها أحد المديرين الأجانب للبنك. وقال عبد المنان إنه في يناير (كانون الثاني) 2017، جرى تحويل مساره في طريقه إلى اجتماع مجلس الإدارة، واصطحابه لمقابلة مسؤول دفاعي كبير، ثم احتجازه ليوم عمل كامل؛ لإجباره على الاستقالة.