تعثر ملحوظ للعملية السياسية في سوريا على خلفية إسقاط الطائرة الروسية

جماعة صالح مسلم تطالب بالمشاركة في مؤتمر الرياض.. و«الائتلاف» يحذر من تشكيل جسم سياسي بديل

صورة بثتها وزارة الدفاع الروسية  لعملية تفريغ صواريخ «إس 400» في قاعدة حميميم السورية بمحافظة اللاذقية، التي تتمركز فيها القوات الروسية (رويترز)
صورة بثتها وزارة الدفاع الروسية لعملية تفريغ صواريخ «إس 400» في قاعدة حميميم السورية بمحافظة اللاذقية، التي تتمركز فيها القوات الروسية (رويترز)
TT

تعثر ملحوظ للعملية السياسية في سوريا على خلفية إسقاط الطائرة الروسية

صورة بثتها وزارة الدفاع الروسية  لعملية تفريغ صواريخ «إس 400» في قاعدة حميميم السورية بمحافظة اللاذقية، التي تتمركز فيها القوات الروسية (رويترز)
صورة بثتها وزارة الدفاع الروسية لعملية تفريغ صواريخ «إس 400» في قاعدة حميميم السورية بمحافظة اللاذقية، التي تتمركز فيها القوات الروسية (رويترز)

انعكست حادثة إسقاط تركيا الطائرة الروسية بالقرب من الحدود السورية، سلبا على المسار السياسي لحل الأزمة في سوريا، وهو ما عبّر عنه مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا أمس من العاصمة السويدية استوكهولم، لافتًا إلى أن ما حصل قد يضر بعملية السلام السورية، «كما أن هناك احتمالاً أن يعقد الأمور».
في هذه الأثناء، لا تزال الجهود منصبة حاليا على تأمين ظروف إنجاح المؤتمر المفترض عقده في الرياض مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل بهدف توحيد صفوف المعارضة، تأهبًا لمفاوضات جديدة مع النظام، كما نص بيان مؤتمر فيينا الأخير. غير أن التطورات التي شهدتها المنطقة الحدودية السورية - التركية، والتصعيد في الموقفين الروسي والتركي، عوامل من شأنها أن تؤخر مسار الحل السياسي ككل، بحسب متابعين للملف السوري عن كثب.
المواقف التي أطلقها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد حادثة إسقاط الطائرة الحربية الروسية، ربما حملت مؤشرًا واضحًا لتعثر الحل والمفاوضات السياسية؛ إذ قال الوزير الروسي إنه «مع كل أهمية عملية فيينا، فإنه من المشكوك فيه جدا استمرار اللقاءات بهذه الصيغة حتى يتم تنفيذ قرار اللقاء الأخير حول التوصل إلى اتفاق على تشكيلة وفد المعارضة للمفاوضات مع الحكومة، وكذلك وضع قائمة موحدة للمنظمات الإرهابية». وأشار لافروف إلى أنه قال لنظيره وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي اتصل منذ أيام وعرض اللقاء مجددا بأسرع وقت: «إنه من العبث تماما الاجتماع من أجل عقد لقاء دوري فقط، وشد الحبل مجددا، وهو من غير ذي أفق بالنسبة لمصير بشار الأسد، وخسارة للوقت».
ويعوّل الفرقاء المتمسكون بالحل السياسي على مؤتمر الرياض لإعادة تحريك العملية السياسية المتوقفة منذ مؤتمر فيينا الأخير الذي انعقد في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. إلا أن السعودية لم توزّع حتى الساعة أي دعوات على قوى المعارضة تمهيدًا للقاء المرتقب بانتظار تبلور كل المعطيات وتأمين ظروف نجاحه، وهو ما أكده بدر جاموس، عضو الهيئة السياسية في «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» المعارض، بقوله إن «الرياض هي التي تهتم بإتمام التحضيرات لهذا اللقاء، وهو ما أبلغنا به مبعوث السعودية الذي التقيناه قبل أيام في إسطنبول». وبينما رجّح جاموس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عقد المؤتمر قبل 10 ديسمبر المقبل، أوضح أن الحضور لن يقتصر على الائتلاف، بل سيلحظ أيضًا ممثلي الكتائب العسكرية وشخصيات معارضة أخرى. وأوضح: «أما طلب (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي) المشاركة (جماعة صالح مسلم) في المؤتمر، فليس مرحبًا به تمامًا، باعتبار أن لدينا إشكالية معهم لعدم وضوح رؤيتهم للحل في سوريا، كما أنه لا موقف جديًا من قبلهم فيما يتعلق بمصير الرئيس السوري بشار الأسد وبموضوع وحدة الأراضي السورية».
من جانبه، قال صالح مسلم، الرئيس المناوب لحزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي»، لوكالة «رويترز» إن حزبه لم يتلق بعد أي دعوة رسمية للمشاركة في مؤتمر الرياض، لكنه ينتظر أن يتمثل من خلال «هيئة التنسيق الوطنية»، وشدّد على أهمية تمثيل الفصائل المسلحة، وأضاف: «ويعني هذا أنه يجب السماح بحضور (قوات سوريا الديمقراطية)»، وهي تحالف مسلح جديد مدعوم من الولايات المتحدة لا يقاتل قوات النظام ويضم «وحدات حماية الشعب» الكردية ومقاتلين عربا. وادعى مسلم أن «قوات سوريا الديمقراطية» - الناشطة حاليًا في شمال شرقي سوريا - «شركاء رئيسيون ضد (داعش)، وهذه القوات تأخذ مناطق محرّرة من النظام ومن (داعش)، ولذلك يجب أن تكون جزءا من العملية، لأنها مشروع لمستقبل سوريا».
على صعيد آخر، أشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، في تصريحات صحافية أمس الجمعة إلى أن هناك «اتفاقا بشأن إطلاق العملية السياسية والحوار السياسي بين الأطراف السورية بداية العام المقبل»، وأردف أن هناك اتفاقًا على أنه «قبل إطلاق الحوار من المهم أن يتم توحيد مواقف المعارضة إلى حد ما بما يسمح بتشكيل وفد تفاوضي موحد». واستطرد قائلاً إن هذا يعني أن «مصر يجب أن توافي الجانب السعودي بأسماء مجموعة المعارضة التي اجتمعت في القاهرة وحققت شوطا كبيرا في توحيد مواقفها» والدول الأخرى كذلك «كي يبدأ الجهد الخاص بالتوصل إلى فريق تفاوضي واحد، وهذا ليس أمرًا سهلاً وسيستغرق جهدًا كبيرًا وصعبًا». من جهته، نبّه هيثم المالح، رئيس اللجنة القانونية في «الائتلاف»، إلى وجوب عدم تركيز الجهود خلال مؤتمر الرياض على «خلق جسم سياسي معارض جديد بديلاً للائتلاف، وإنما على بلورة رؤية سياسية موحدة»، يجري طرحها خلال المفاوضات المرتقبة مع النظام. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «الائتلاف يمثل 85 في المائة من الفصائل المقاتلة على الأرض، وبالتالي، لا حاجة لجسم جديد في هذه المرحلة.. الأرجح أنه سيؤخر الحل، وقد يعرقله». وأعرب المالح عن اعتقاده أنه «أصلاً لا إمكانية لتقدم أي حل سياسي إلا على ضوء الحل العسكري». هذا، وكان المبعوث الدولي دي ميستورا قد التقى في 23 نوفمبر وفدا من «الائتلاف» وقوات المعارضة المدنية الأخرى، وفي اليوم التالي وفودًا من جماعات المعارضة المسلحة، لإطلاعهم على النتائج التي توصلت إليها المجموعة الدولية لدعم سوريا في فيينا، بما في ذلك الربط الوثيق بين وقف إطلاق النار وعملية سياسية موازية وفقًا لبيان جنيف عام 2012.
وفي هذا السياق، أوضح المبعوث الدولي الخاص، أن جهوده مستمرة لـ«التحضير للمحادثات بين الأطراف السورية تحت رعاية الأمم المتحدة، بهدف التوصّل إلى عمليّة سياسيّة تهدف إلى إقامة حكم موثوق وشامل وغير طائفي وصياغة دستور جديد في سوريا».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.