اعتبر سياسيون ليبيون عودة الحديث عن دمج الحكومتين «إهداراً للوقت»، مشيرين إلى «وجود خلل في ترتيب الأولويات لدى البعثة الأممية».
وكانت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، قد أوضحت أنها ستركز أكثر في خطواتها المقبلة على تقريب وجهات النظر بشأن العملية السياسية، كمسألة «تشكيل حكومة موحدة جديدة أو اندماج حكومتين»، في إشارة للسلطتين المتنازعتين على الحكم في غرب البلاد وشرقها. كما أشارت خوري في تصريحاتها، التي جاءت في أعقاب إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، إلى استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية، وقضايا تتعلق بالدستور، وتوزيع الثروة والسلطة.
وعد عضو مجلس النواب الليبي، جلال الشويهدي، الحديث عن مقترح دمج الحكومتين «غير ذي جدوى، ولن يحظى بأي دعم من السياسيين أو الشارع الليبي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الإشارة إلى هذا المقترح «تشكك في جدية البعثة بالتوجه لتشكيل حكومة موحدة تضطلع بمهمة إجراء الانتخابات»، معتبراً أن هذا الطرح «ليس سوى صفقة جديدة لتقاسم السلطة بين القوى الرئيسية في شرق البلاد وغربها»، موضحاً أنه «إذا تحقق ذلك فسيحرص المستفيدون منه على ترسيخ الوضع الراهن؛ أي بقاء الانقسام الحكومي والمؤسسي، وستنتهي الآمال بشأن إجراء الانتخابات».
وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، والأخرى مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب، بقيادة أسامة حماد.
ويعتقد الشويهدي أن مجمل تصريحات خوري تعد «تكراراً لتجارب المبعوثين السابقين لحل الأزمة السياسية بالبلاد، التي لم تحقق أي تقدم ملموس».
ويشهد ملف تشكيل حكومة موحدة للبلاد خلافاً بين أفرقاء الأزمة الليبية؛ حيث يتمسك البرلمان بضرورة البحث عن بديل لحكومة الدبيبة، ويتهمها بالفشل في إجراء الانتخابات، بينما يتمسّك هذا الأخير بالبقاء في السلطة حتى إجراء الاقتراع المرتقب.
من جهته، يوضح المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، أن القضايا التي تعتزم خوري التركيز عليها في محادثتها «تحظى بأهمية بالغة، ومن المؤكد أنه تم تسليط الضوء عليها خلال محادثات الأخيرة مع الأطراف السياسية».
ويرى فركاش أن «وجود خلل بترتيب الأولويات فيما طرحته خوري من قضايا متعددة، كشكل الحكم المركزي من عدمه، وتوزيع الثروة والسلطة، يدفع البعض للتشكيك في جدية تحقيقها».
ويضيف فركاش موضحاً: «كان من الأفضل لخوري أن يتم التركيز على قضية جوهرية؛ مثل إقرار الدستور الليبي لتفادي استنزاف مزيد من الوقت»، لافتاً إلى أن وجود دستور تم الاستفتاء عليه «سيسهل إجراء الانتخابات الرئاسية، خصوصاً في ظل وجود اعتراضات على القوانين التي أقرها البرلمان».
وتابع فركاش، لـ«الشرق الأوسط»، أن خوري «تتجاهل عامل الوقت المتاح لها بصفتها رئيسة للبعثة الأممية بالإنابة»، خاصة في ظل تصاعد دعوات منظمات وجهات عدة للأمين العام للأمم المتحدة بتعيين مبعوث جديد في ليبيا.
وفي بيانهم الأخير في العاشر من الشهر الحالي، أكد أعضاء مجلس الأمن على ضرورة قيام الأمين العام بتعيين ممثل خاص جديد للأمين العام لليبيا في أقرب وقت ممكن.
بدوره، يعتقد الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، أن مقترح دمج الحكومتين «بات مستبعداً بدرجة ما مقارنة بفترات ماضية»، وذلك بسبب تصاعد الخلافات بين البرلمان من جهة، والمجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة من جهة أخرى، على خلفية قضايا مختلفة، كان أبرزها الصراع على إدارة المصرف المركزي، مبرزاً أن «مواقف الأطراف الرئيسية، من قوى سياسية وعسكرية بشكل عام، لا يمكن التعويل عليها في قبول حلول وسط تصب في صالح البلاد».
ورأى أن هذه المعضلة «تدركها خوري جيداً، وهو ما تم رصده من خلال تكرار انتقاداتها خلال إحاطتها الأخيرة لإجراءاتهم الأحادية، وتداعيات ذلك على أوضاع الدولة ومعيشية الليبيين».
وانتهى القماطي إلى أن الحصول على دعم وتعهدات كافية من الدول الكبرى المتدخلة بالساحة الليبية «قد يؤدي لتعزيز الثقة بالبعثة الأممية، وقدرتها على تشكيل حكومة موحدة تمهد للانتخابات، وتنقذ البلاد من مخاطر ترسيخ الانقسام».