تقرير: أوكرانيا مستاءة من الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بجوار بطارية «باتريوت» خلال تدريبات عسكرية في ألمانيا يوم 11 يونيو 2024 (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بجوار بطارية «باتريوت» خلال تدريبات عسكرية في ألمانيا يوم 11 يونيو 2024 (أ.ب)
TT

تقرير: أوكرانيا مستاءة من الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بجوار بطارية «باتريوت» خلال تدريبات عسكرية في ألمانيا يوم 11 يونيو 2024 (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بجوار بطارية «باتريوت» خلال تدريبات عسكرية في ألمانيا يوم 11 يونيو 2024 (أ.ب)

قارنت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية بين الدعم الذي تقدمه واشنطن إلى إسرائيل وأوكرانيا، ونقلت عن مصادر قولها إن كييف تشعر بالتفاوت في مستوى المساعدات التي تحصل عليها.

وأضافت الصحيفة أن كييف تريد من الولايات المتحدة إسقاط الصواريخ الروسية مثل إسقاط الصواريخ الإيرانية، لكن توجد «إجابة صعبة» بالنسبة إلى أوكرانيا؛ هي أن موسكو تمتلك أسلحة نووية، بينما لا تمتلكها طهران.

وذكرت أن أنظمة الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة الأميركية والبريطانية عندما ساعدت في إسقاط مئات الصواريخ الإيرانية في 1 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، قالت وزارة الخارجية الأوكرانية: «ندعو حلفاء أوكرانيا إلى الدفاع عن المجال الجوي الأوكراني بالعزم نفسه ودون تردد من هجمات الصواريخ والطائرات من دون طيار الروسية، مع الاعتراف بأن الحياة البشرية ثمينة بالقدر نفسه في أي جزء من العالم».

وقال مساعد كبير في مجلس الشيوخ الأميركي، يعمل على أزمة أوكرانيا، لـ«بوليتيكو»: «الإجابة الصعبة التي قد لا يحب الأوكرانيون سماعها، لكنها للأسف صحيحة، هي أننا نستطيع أن نتحمل مخاطر إسقاط الصواريخ الإيرانية فوق إسرائيل دون إشعال حرب مباشرة مع طهران قد تؤدي إلى حرب نووية، ولكن هناك مخاطر أكبر بكثير في محاولة فعل ذلك مع روسيا».

وكذلك أشار مسؤولان في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتيهما، إلى النقطة نفسها.

وقد يؤدي إرسال قوات أميركية إلى أوكرانيا لإسقاط الصواريخ الروسية إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين القوتين النوويتين الكبريين في العالم، وسط أكبر حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، بينما في الشرق الأوسط، يمكن للولايات المتحدة إسقاط الصواريخ فوق إسرائيل دون إشعال حرب مع خصم مسلح نووياً.

وجهزت إيران المواد النووية إلى مستويات قريبة من صنع أسلحة؛ لكن هناك تقارير تقول إنها لم تحاول صنع قنبلة ذرية.

وقال ميكولا بيليسكوف، الباحث في «المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية»: «من المحزن أن تنظر إلى كل هذا بصفتك مواطناً عادياً في أوكرانيا عندما يُضَحّى ببلدك ومواطنيك في اتفاق لمنع التصعيد من جانب موسكو».

صورة مأخوذة من فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية تُظهِر إطلاق صاروخ «غراد» باتجاه القوات الأوكرانية في موقع غير محدد (أ.ب)

ماذا تريد كييف؟

هناك بالفعل مساعدة لكييف من الحلفاء، ولكن عن بعد، كلما هاجمت روسيا أوكرانيا.

وقال يوري إهنات، المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، «عادةً ما يشير الشركاء إلينا بشأن تحركات القاذفات الروسية إلى مواقع إطلاق النار. يخبروننا متى وأين يستعد الروس للهجوم».

وبمجرد التحذير، يتحرك آلاف الجنود من وحدات الاستطلاع والاتصالات والدفاع الجوي المتنقلة إلى تلك المواقع.

كما يشارك طيارو أوكرانيا في حال وقوع هجمات كبيرة جداً، وقد قُتل أحد هؤلاء الطيارين في حادث تحطم طائرة يوم 26 أغسطس (آب) الماضي عندما أطلقت روسيا أكثر من 230 صاروخاً على منشآت الطاقة في أوكرانيا.

كما ضلت طائرات روسية من دون طيار طريقها فوق بولندا ورومانيا، وقد أرسل البَلدان، العضوان في «الاتحاد الأوروبي» و«حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، طائرات نفاثة رداً على ذلك، ولكنهما يراقبان الطائرات الروسية دون إسقاطها.

وتريد كييف أن تتدخل بولندا ورومانيا بنشاط؛ سواء في مجالهما الجوي وفوق غرب أوكرانيا.

واتفقت كييف ووارسو على مناقشة هذا الاحتمال في إطار اتفاق أمني متبادل أُبرم مؤخراً، ولكن بولندا لم تغير سياستها حتى الآن.

وأوضحت وارسو أنها لن تتصرف دون الدعم الكامل من «حلف شمال الأطلسي» بأكمله.

وقال وزير الدفاع البولندي، فلاديسلاف كوسينياك كاميش، إن مثل هذا الدعم غير موجود. وأضاف أن واشنطن أشارت أيضاً إلى أنها لا تريد تصعيد الصراع مع روسيا.

جندي أوكراني يطلق طائرة مسيّرة متوسطة المدى للتحليق فوق مواقع القوات الروسية في خاركيف (رويترز)

وتأمل كييف أن يُتفَق في نهاية المطاف على إسقاط الصواريخ والطائرات من دون طيار فوق أوكرانيا، تماماً كما سُلّمت المدفعية والدبابات والصواريخ والطائرات المقاتلة الغربية على الرغم من المخاوف السابقة من أن ذلك قد يؤدي إلى تجاوز الخطوط الحُمر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقال وزير الخارجية البولندي، رادوسلاف سيكورسكي، لصحيفة «بوليتيكو» في مقابلة أُجريت معه مؤخراً: «هناك نقاش حيوي؛ سواء في بولندا وفي (حلف شمال الأطلسي) في هذا الموضوع».

وفي حين تريد كييف من حلفائها أن يتصرفوا كما يفعلون مع إسرائيل، فقد قال ضابطان في الدفاع الجوي الأوكراني، تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتيهما، إن «تنفيذ ذلك أسهل فوق إسرائيل منه فوق أوكرانيا؛ لأن إسرائيل دولة صغيرة، وهذا يعني أن الولايات المتحدة تستطيع استخدام أنظمة الدفاع الجوي المحمولة».

في حين أن أوكرانيا دولة واسعة، ولا يمكن الوصول إليها من قبل القوات البحرية الغربية: وسوف يحتاج حلفاؤها إلى نشر دفاعات جوية على الحدود الغربية للبلاد.

وقال ماثيو سافيل، مدير العلوم العسكرية في «معهد الخدمات الملكية المتحدة» في لندن إن «أوكرانيا سوف تحتاج إلى تقديم مساعدة أكبر بكثير، على مساحة أوسع، مع وجود خطر أكبر للدخول في الحرب لتحقيق مكاسب غير مؤكدة، كما ستكون التكلفة أيضاً أكبر، فتواتر الهجمات الروسية أسرع بكثير من المحاولات الإيرانية لضرب إسرائيل بشكل مباشر».

وقد تضطر دول «حلف شمال الأطلسي» أيضاً إلى إرسال طائرات مقاتلة فوق أوكرانيا، مما قد يؤدي إلى اشتباكات مباشرة مع روسيا، وهو ما يحاول البيت الأبيض تجنبه بالضبط.

وأضاف: «لتعظيم فاعلية مثل هذا الجهد، ربما ترغب القوات الغربية في توجيه ضربات مباشرة للطائرات الروسية التي تشن ضربات، أو ضرب رادارات الدفاع الجوي والصواريخ الروسية بعيدة المدى، وبالتالي فإن هذا يربط الدفاع ضد الصواريخ بمشاركة أقرب مباشرَة، حتى لو كان ذلك في الجو فقط».

أفضل صديق لأميركا

ويعود الأمر أيضاً بين إسرائيل وأميركا إلى العاطفة والتاريخ، ففي حين يدّعي كثير من الدول أنها أفضل صديق لأميركا أو حليف حاسم، فإن إسرائيل تحتل مكانة فريدة في السياسة الأميركية واستراتيجية الدفاع.

ويشير المسؤولون الأميركيون إلى علاقة بُنيت على مدى عقود من الزمن، وهي العلاقة التي جعلت واشنطن على استعداد لنشر جيشها مباشرة لحماية إسرائيل.

ومع ذلك، تعكس الاتهامات بوجود معايير مزدوجة إحباطاً أوسع نطاقاً في أوكرانيا؛ لأن إدارة بايدن لا تبذل ما يكفي لمساعدة كييف على وقف الهجمات الروسية.

ويشمل ذلك إبطاء مبيعات الأسلحة الأكبر، ومنع أوكرانيا من استخدام الذخائر الأميركية بعيدة المدى لضرب الأراضي الروسية.

وقال شيلبي ماجد، نائب المدير في «المجلس الأطلسي»، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن: «لا يزال هناك المزيد الذي يمكن للولايات المتحدة أن تفعله لمساعدة أوكرانيا في حربها ضد روسيا، ولسوء الحظ، هذا هو التمييز الذي اختارته الإدارة مراراً وتكراراً، إلى الحد الذي أصبحنا فيه نراها تعرقل مصالح أمننا القومي في مساعدة أوكرانيا على هزيمة روسيا، وهناك خوف شبه معوق من عدم الرغبة في ضرب الأسلحة التي تقاتل بها روسيا بشكل مباشر؛ لأن الإدارة ترى أنها ستقاتل روسيا بشكل مباشر».

واعترف المسؤولون الأميركيون بأنهم يدركون الإحباطات المتصاعدة في أوكرانيا، لكنهم قالوا إنهم يعملون على شحنات أسلحة جديدة يأملون أن تخفف هذه المخاوف.

وقال أحد المسؤولين في الإدارة: «لقد ركزنا حقاً على تزويد أوكرانيا بكل ما في وسعنا لمساعدتها في الدفاع عن نفسها. كانت أولويتنا القصوى هي المساعدة في تعزيز دفاعاتها الجوية».

منظومة «باتريوت» المضادة للطيران التي زُوِّدت بها أوكرانيا لتعطيل فاعلية الطيران الروسي (د.ب.أ)

خطر الانتشار النووي

لكن المحلل الأوكراني بيليسكوف حذر بأن التعامل مع روسيا بحذر يرسل رسالة دولية مفادها بأن القوى النووية تحظى بالاحترام الذي لا تحظى به الدول العادية.

وهذا يزيد من خطر أن تقرر دول مثل إيران التحول إلى الأسلحة النووية؛ الأمر الذي من شأنه أن يدمر نظام منع الانتشار الذي يهدف إلى الحد من عدد القوى النووية.

وقال بيليسكوف: «الاستنتاج الذي توصلنا إليه من النهج المختلف تجاه إسرائيل وأوكرانيا هو أن امتلاك سلاح نووي أفضل من عدم امتلاكه».


مقالات ذات صلة

روسيا تحذر من «صراع مباشر» مع «الناتو» بسبب خطة زيلينسكي للنصر

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي 16 أكتوبر 2024 (أسوشيتد برس)

روسيا تحذر من «صراع مباشر» مع «الناتو» بسبب خطة زيلينسكي للنصر

اتهمت موسكو الأربعاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ«دفع» حلف شمال الأطلسي إلى «الدخول في نزاع مباشر» مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جنود في الجيش الروسي على جبهة الحرب مع أوكرانيا (أرشيفية - أ.ب)

تقرير: فرار جنود كوريين شماليين من خطوط المواجهة الروسية بعد أيام من وصولهم

قالت مجلة «نيوزويك» الأميركية، نقلاً عن وسائل إعلام أوكرانية، إن نحو 18 جندياً من كوريا الشمالية يُعتقد أنهم فرّوا من الخطوط المواجهة في روسيا

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه رئيسة اللجنة الانتخابية المركزية إيلا بامفيلوفا في موسكو الاثنين (أ.ف.ب)

موسكو تحذر من «تأجيج التوتر» مع انطلاق مناورات نووية لـ«الناتو»

أفاد الكرملين بأن المناورات النووية التي يجريها حلف شمال الأطلسي «الناتو» سنوياً، وبدأت الاثنين، تؤجج التوتر في ضوء «الحرب الملتهبة» الدائرة في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا طائرة نقل من طراز «تو - 134» (قناة وكالة الفضاء الروسية على تلغرام)

الاستخبارات الأوكرانية تعلن تدمير طائرة نقل عسكرية في روسيا (فيديو)

أعلنت أوكرانيا أن قواتها دمّرت طائرة نقل عسكرية في مطار عسكري في عمق الأراضي الروسية خلال نهاية الأسبوع، في أحدث هجوم تعلن كييف تنفيذه في مناطق بعيدة

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة وُزعت الأحد لعمال مناجم في شرق أوكرانيا وسط استمرار الحرب وتضرر شبكات الطاقة بفعل الهجمات الروسية (أ.ف.ب)

بايدن يزور ألمانيا الجمعة بعد تعذر عقد «قمة الحلفاء»

يتوجه الرئيس الأميركي جو بايدن إلى ألمانيا، يوم الجمعة المقبل، بعد إرجاء زيارته وتعذر عقد «قمة الحلفاء»، السبت، بسبب الإعصار «ميلتون». وجاء هذا وسط تحقيق…

«الشرق الأوسط» (برلين – كييف – موسكو)

«خطة نصر» أوكرانية من دون تنازل عن أراضٍ تتضمن «الانضمام للناتو»... موسكو تصفها «بالعابرة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهو يتحدث أمام أعضاء البرلمان في كييف (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهو يتحدث أمام أعضاء البرلمان في كييف (أ.ب)
TT

«خطة نصر» أوكرانية من دون تنازل عن أراضٍ تتضمن «الانضمام للناتو»... موسكو تصفها «بالعابرة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهو يتحدث أمام أعضاء البرلمان في كييف (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهو يتحدث أمام أعضاء البرلمان في كييف (أ.ب)

عرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «خطة النصر»، التي طال انتظارها، والمكوّنة من خمس نقاط، أمام البرلمان، رافضاً التنازل عن أي أراضٍ تحتلها روسيا ومطالباً بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وتكثيف الدعم الغربي لها، في حين قلل الكرملين فوراً من أهميتها ووصفها بأنها «عابرة». وحاول زيلينسكي مؤخراً الحصول على موافقة الشركاء الغربيين على الخطة، غير أنهم لم يعرِبوا حتى الآن عن دعمهم لها علناً.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي 16 أكتوبر 2024 (أ.ب)

وقال زيلينسكي، الأربعاء، إن «الخطة» يمكن أن تجلب السلام في العام المقبل، لكنها تحتوي على خطوة لم يقرّها بعض الحلفاء الغربيين الأساسيين حتى الآن: وهي دعوة أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) قبل انتهاء الحرب.

قال لنواب البرلمان والقيادة العسكرية في كييف، إن «هذه الخطة تعتمد على الشركاء. وأؤكد: على الشركاء»، مضيفاً أنه من المهم إعادة القتال إلى أراضي العدو؛ حتى يتمكن الشعب الروسي من فهم طبيعة الحرب.

وسيطرت روسيا على قرابة خُمس الأراضي الأوكرانية منذ بدأ الغزو. لكن استبعد زيلينسكي في خطابه احتمال تخلي أوكرانيا عن جزء من أراضيها مقابل تحقيق السلام ورافضاً أي تجميد للنزاع. وقال في خطابه أمام النواب حيث رُفع علما أوكرانيا والاتحاد الأوروبي إن «على روسيا أن تخسر الحرب أمام أوكرانيا. لا يعني ذلك تجميد القتال أو أي مبادلة لأراضي أو سيادة أوكرانيا»، مضيفاً: «إذا بدأنا التحرك وفقاً لخطة النصر هذه الآن، فقد يكون من الممكن إنهاء الحرب في موعد لا يتجاوز العام المقبل».

وأشار زيلينسكي، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى أن الأولوية في «خطة النصر» المكوّنة من خمس نقاط هي التكامل بشكل أفضل مع التكتل العسكري الغربي (ناتو)، مشيراً إلى أن موسكو تقوّض أمن أوروبا منذ عقود؛ نظراً إلى أن كييف ليست طرفاً في الحلف، داعياً حلفاء بلاده الغربيين أيضاً إلى رفع القيود على استخدام أوكرانيا للأسلحة بعيدة المدى ليكون بإمكان كييف استهداف المواقع العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية المحتلة كما داخل روسيا.

وقلل الكرملين فوراً من أهمية الخطة. وأفاد الناطق باسمه دميتري بيسكوف بأن «خطة السلام الوحيدة الواردة هي بأن يدرك نظام كييف مدى عقم السياسة التي يتبعها ويفهم بأن عليه أن يصحو». وطالبت روسيا كييف بالتخلي عن الأراضي التي تسيطر عليها بالفعل في شرق وجنوب أوكرانيا شرطاً لمحادثات السلام.

وأعلن الجيش الروسي أثناء عرض زيلينسكي للخطة بأن قواته سيطرت على قريتين أخريين في شرق أوكرانيا. وذكرت وزارة الدفاع الروسية في بيان أنه تم «تحرير» قريتي نيفسكي وكراسني يار، في حين نشرت تسجيلاً مصوراً يظهر أبنية مدمّرة في نيفسكي، حيث رفعت الأعلام الروسية.

وانتقد زيلينسكي في خطابه كلاً من الصين وإيران وكوريا الشمالية لدعمها موسكو، مجدداً اتهاماته بيونغ يانغ بإرسال مواطنيها للعمل في المصانع الروسية والقتال إلى جانب القوات الروسية. وقال للنواب إن «ائتلاف المجرمين إلى جانب بوتين يشمل بالفعل كوريا الشمالية». وأضاف: «يرى الجميع الدعم الذي يقدمه النظام الإيراني لبوتين وتعاون الصين مع روسيا».

ورفضت كييف أي خطط أخرى لإنهاء الحرب بما في ذلك تلك التي طرحتها البرازيل والصين، مشيرة إلى افتقارها إلى الضمانات لأمن أوكرانيا أو سيادتها وسلامة أراضيها.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بجوار بطارية «باتريوت» خلال تدريبات عسكرية في ألمانيا يوم 11 يونيو 2024 (أ.ب)

وكان قد زار زيلينسكي القادة الأوروبيين الأسبوع الماضي في مسعى للترويج للخطة وضمان حصولها على أكبر قدر ممكن من الدعم، في وقت يرتبط أي دعم مستقبلي لها من واشنطن بنتيجة الانتخابات الأميركية المقررة الشهر المقبل.

وبخلاف «صيغة السلام» التي وضعها زيلينسكي وفي نصها أن على روسيا سحب جميع قواتها من الحدود الأوكرانية المعترف بها دولياً، لم يقدم الرئيس الأوكراني قبل الأربعاء تفاصيل كثيرة عن «خطة النصر». وقال إن هناك جانباً آخر من الخطة وهو قيام الدول المجاورة لكييف بإسقاط الطائرات المسيّرة الروسية فوق أوكرانيا من أراضيها.

وذكر الأربعاء أنه ناقش ملحقاً سرياً لـ«خطة النصر» مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا لنشر «حزمة ردع استراتيجية غير نووية» على الأراضي الأوكرانية تمنع أي هجمات روسية مستقبلية بعد انتهاء الحرب. وأكد أنه سيستعرض «خطة النصر» كاملة خلال قمة للاتحاد الأوروبي. ومن المقرر أن يشارك زيلينسكي في القمة في بروكسل المقررة الخميس بهدف حشد الدعم للخطة.

من جانب آخر، أكد المستشار الألماني أولاف شولتس استعداده للتحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول تحقيق «سلام عادل» في أوكرانيا. وخلال بيان حكومي حول القمة الأوروبية، قال شولتس في برلين، الأربعاء، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أيضاً أعلن عن ضرورة عقد مؤتمر سلام جديد بمشاركة الرئيس الروسي.

وأضاف السياسي المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية: «لهذا السبب، عندما يطرح السؤال حول ما إذا كنا سنتحدث مع الرئيس الروسي، نجيب: نعم، هذا هو الحال أيضاً». وشدد شولتس على أن «هناك مبادئ واضحة يتبعونها في هذا الشأن»، مشيراً إلى أنه لن تكون هناك قرارات «على حساب أوكرانيا ودون التنسيق مع أقرب شركائنا».

المستشار الألماني أولاف شولتس لدى استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في برلين الجمعة (أ.ب)

وذكر المستشار الألماني أن عدداً لا يحصى من الجنود الروس يروحون كل يوم «ضحايا للجنون الإمبريالي للرئيس الروسي». وتابع شولتس: «هم أيضاً ضحايا لسياساته التي تهدف إلى توسيع بلاده. وهو أمر يجب ألا يتكرر بهذه الطريقة في أوروبا».

وعلى الصعيد الميداني، أعلنت روسيا، الأربعاء، سيطرتها على بلدتين جديدتين في شرق أوكرانيا، وهما منطقتان تتقدم فيهما قواتها بسرعة منذ أسابيع عدة. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إنها سيطرت على بلدة نيفسكي في منطقة لوغانسك، وكذلك بلدة كراسني يار، الواقعة جنوب بلدة ميرنوغراد القريبة من بوكروفسك التي تعدّ منطقة استراتيجية للجيش الأوكراني. ونشرت صوراً لقرية فيها طريق رئيسية واحدة، تصطف على جانبيها منازل مدمرة في حين يظهر جندي روسي وهو يحمل عَلم موسكو من نافذة منزل متضرر. وأظهرت اللقطات الجوية أن القرية الصغيرة دُمّرت بالكامل تقريباً.

وأعلنت موسكو سيطرتها على البلدتين في حين عرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمام البرلمان في كييف رؤيته لكيفية إنهاء القتال المتواصل منذ أكثر من عامين.

وسارعت أوكرانيا إلى إجلاء عشرات آلاف الأشخاص من بوكروفسك وميرنوغراد مع تقدم القوات الروسية. وأمرت السلطات الأوكرانية بإخلاء مدينة رئيسية وثلاثة تجمعات سكنية أخرى في منطقة خاركيف بشمال شرق البلاد، وذلك مع اقتراب القوات الروسية وصعوبة تقديم الخدمات خلال فصل الشتاء المقبل. وشمل أمر الإخلاء مدينة كوبيانسك، وهي مركز للسكك الحديدية يمر خلاله نهر أوسكيل، وكذلك بلدة بوروفا إلى الجنوب، بالقرب من مدينة إيزيوم، وهي مركز لوجيستي رئيسي آخر.

وسيطرت القوات الروسية على كوبيانسك في الأسابيع التي أعقبت غزو أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، لكن القوات الأوكرانية استعادتها في وقت لاحق من ذلك العام.

وقال أوليه سينيهوبوف، حاكم خاركيف، في تصريحات بثها التلفزيون الوطني إن أمر الإخلاء إلزامي. وأضاف، كما نقلت عنه «رويترز»: «الوضع الأصعب هو في قطاع كوبيانسك. على الضفة الشرقية لنهر أوسكيل الذي يقسم المدينة، لم يعد بوسعنا ضمان عودة إمدادات الكهرباء والتدفئة والمياه بسبب القصف المستمر».

وتابع: «جميع فرق الإصلاح تتعرض على الفور لإطلاق النار من الروس». وقالت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني إن 19 معركة دارت بالقرب من كوبيانسك خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ولا تزال سبع معارك مستمرة.

وقال سينيهوبوف إن مراكز إجلاء أقيمت في خاركيف، ولا يزال أربعة آلاف من السكان في خطر على الضفة الشرقية لنهر أوسكيل وثلاثة آلاف آخرين على الضفة الغربية.