بعد خطاب «حميدتي»... هل بدأت الموجة الثانية من الحرب السودانية؟

أعلن تجهيز مليون جندي... ويتجه للتصعيد في الولايات الشمالية

محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
TT

بعد خطاب «حميدتي»... هل بدأت الموجة الثانية من الحرب السودانية؟

محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

رأى محللون سياسيون في خطاب قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ليل الأربعاء - الخميس، الذي دعا فيه قواته إلى تنظيم وترتيب صفوفها استعداداً لمعارك قد تستمر لسنوات، بمثابة إعلان عن موجة جديدة من الحرب ستكون أكثر «شراسة وعنفاً»، يسعى من خلالها إلى نقل القتال إلى ولايات شمال البلاد.

وأمر «حميدتي» في تسجيل مصور جميع قواته من الضباط وضباط الصف والجنود في الاحتياط و«الأذونات» بالتبليغ فوراً إلى وحداتهم العسكرية، مشدداً على منع التصوير خلال المعارك. وتعهد بحشد مليون جندي لـ«تحقيق الانتصار» على الجيش السوداني. وبارك انتصارات قواته في مناطق شمال دارفور (غرب البلاد)، داعياً إياها إلى القضاء على «مرتزقة الحركات المسلحة» التي تقاتل في صفوف الجيش.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (مواقع التواصل)

وأشار إلى أن الجيش السوداني والمجموعات الإسلامية التي تقاتل في صفوفه انتقلوا إلى الخطة «ج»، مؤكداً أنه انتقل إلى الخطة «ب».

وقال المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ لـ«الشرق الأوسط»، إن العنوان الأبرز لخطاب قائد «قوات الدعم السريع»، هو «الانتقال للحرب الشاملة، على عكس ما ذهب البعض لتفسيره بأنه إقرار بالهزيمة».

وأضاف: «الجزء المهم من تصريحاته هو أنه يحاول ممارسة أقصى ضغوط على الأطراف السياسية المدنية، واستمالتها إلى جانبه في المعركة التي يخوضها ضد (النظام الإسلاموي) المعزول الذي أشعل الحرب في البلاد للعودة إلى السلطة مرة أخرى».

وذكر أن «(حميدتي) سعى من خلال إرسال اتهامات مباشرة إلى بعض الدول في الإقليم بالتدخل في الحرب إلى جانب الجيش السوداني، إلى تحجيم دورها، وتنبيه المجتمع الدولي إلى أن هذه التدخلات قد تحول السودان إلى ساحة صراع إقليمي ودولي».

وقال أبو الجوخ: «يبدو واضحاً أن (حميدتي) يمضي في اتجاه استنفار وحشد المكونات الاجتماعية التي تتحدر منها الغالبية العظمى من مقاتلي (الدعم السريع) في غرب البلاد، لخوض موجة جديدة من القتال قد تكون الأكثر شراسة».

وأضاف: «يبدو أن الطرفين قررا المضي نحو حرب عنيفة، وبلا سقوفات؛ الكل ضد الكل، والخطورة فيها أن يسعى كل طرف إلى إيقاع أكبر ضرر بالآخر بغض النظر عن الأضرار الكبيرة التي سترتب على المدنيين».

قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) و«الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) عام 2019 (أ.ف.ب)

ورأى أبو الجوخ أن «الموجة الثانية من الحرب مع تصاعد الخطاب الإثني والجهوي، قد تؤدي إلى حرب أهلية طاحنة، وتعزز من سيناريو تقسيم البلاد».

وتذهب التوقعات إلى أن قائد «الدعم السريع» ألمح بشكل واضح، إلى أنه سيتجه إلى نقل الحرب إلى ولايات شمال البلاد، بدعوى أنها «تمثل الحواضن الاجتماعية لمركز ثقل الجيش السوداني وحلفائه من المجموعات الإسلامية».

بدوره، قال المتحدث باسم «تحالف القوى المدنية بشرق السودان»، صالح عمار، إن «خروج (حميدتي) للحديث في هذا التوقيت كان متوقعاً بعد الهجوم العسكري الذي شنه الجيش السوداني في عدة محاور».

وأضاف أن «مجمل الخطاب مؤشر نحو تصعيد الحرب واشتداد أوارها من جديد، خصوصاً انتهاء موسم الخريف الذي حد من قدرات (قوات الدعم السريع) على التوغل إلى بعض المناطق».

أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

وأشار إلى أن «التصعيد ضربة بداية لموجة جديدة للحرب؛ إذ حاول قائد (الدعم السريع) تقديم مبررات للشعب السوداني والعالم، بأن قادة الإسلاميين المتحالفين مع الجيش هم وراء إشعال وإطالة أمد الحرب، وأن قواته تدافع عن نفسها».

وذكر عمار أن «البلاد في حاجة قصوى إلى وقف لإطلاق النار وعملية سياسية، وليس تصعيداً جديداً يتضرر منه ملايين السودانيين، وهو ما حتم على السودانيين جميعاً التوحد ضد الحرب، في مقابل أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل وسريع لوقف الموجة الجديدة من القتال التي قد تؤدي إلى المزيد من الانتهاكات وتفاقم الأوضاع الإنسانية خلال المرحلة المقبلة».


مقالات ذات صلة

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، طرفي النزاع في السودان إلى «إلقاء السلاح» بعد عام ونصف العام من الحرب التي تعصف بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا من داخل أحد الصفوف بمدرسة «الوحدة» في بورتسودان (أ.ف.ب)

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات «الثانوية»

أعلنت الحكومة السودانية في بورتسودان عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، السبت المقبل، في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر، لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لقاء حاكم اقليم دارفور و نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو (فيسبوك)

مناوي: أجندتنا المحافظة على السودان وليس الانتصار في الحرب

قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، إن أجندة الحركة «تتمثل في كيفية المحافظة على السودان، وليس الانتصار في الحرب».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا 
أرشيفية لمتظاهرين في واشنطن يطالبون البيت الأبيض بالتدخل لوقف حرب السودان في أبريل 2023 (أ.ف.ب)

سودانيون يحيون ذكرى ثورة 19 ديسمبر بـ«احتجاجات إسفيرية»

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي السودانية إلى «ساحة نزال لفظي عنيف» في الذكرى السادسة لثورة 19 ديسمبر (كانون الأول) التي أنهت حكم البشير بعد 30 عاماً في السلطة.

أحمد يونس (كمبالا)

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة يوسف ندا قيادي بـ«الإخوان المسلمين»

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة يوسف ندا قيادي بـ«الإخوان المسلمين»

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)

أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، صباح اليوم (الأحد)، وفاة أحد قادتها، يوسف ندا، الذي يعد مؤسس إمبراطوريتها المالية، والمدرج على قوائم الإرهاب بالبلاد، عن عمر ناهز 94 عاماً.

وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه.

وانضم ندا لجماعة «الإخوان» عام 1947، وتخرَّج في كلية الزراع، بجامعة الإسكندرية، في بداية الخمسينات، واعتُقل مع كثير من عناصر وقادة الجماعة بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1954، وفقاً لما ذكرت وسائل إعلام محلية.

و بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب الجماعة عام 1956 بعد أن أُفرج عنه، وفي عام 1960 قرَّر نقل نشاطه المالي من مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا ومنها إلى النمسا، وتوسَّع نشاطه بين البلدين، حتى لُقِّب نهاية الستينات بأنه «ملك الإسمنت في منطقة البحر المتوسط».

داخل منزله في إيطاليا (وسائل إعلام سويسرية)

وبعد ثورة سبتمبر (أيلول) عام 1969 في ليبيا، فرَّ ندا إلى اليونان ومنها إلى سويسرا، وأسَّس شركات اقتصادية عدة تعمل لحساب الجماعة، كما كان له دور بارز في تمويل أنشطتها، واتُّهم في مصر ودول عدة بأنه أحد داعمي الإرهاب.

أسس ندا «بنك التقوى» في جزر البهاما مع القيادي بالإخوان غالب همت في عام 1988، وكان أول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية، واستطاع البنك تحقيق مكاسب كبيرة في سنواته الأولى، ما دفع يوسف ندا إلى أن يكون شخصية بارزة في عالم الاقتصاد والمال في أوروبا.

قوائم الإرهاب

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 اتهمه الرئيس الأميركي جورج بوش بضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر، وأعدت الإدارة الأميركية تقريراً أدرجت فيه اسم يوسف ندا في «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، ورغم أن مجلس الأمن شطب اسمه من الداعمين للإرهاب بناءً على طلب سويسري، فإن الإدارة الأميركية رفضت شطبه من «القوائم السوداء».

وفي أبريل (نيسان) 2008 أحاله الرئيس المصري الراحل حسني مبارك إلى المحاكمة العسكرية، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات غيابياً، وذلك قبل أن يصدر الرئيس الراحل محمد مرسي عفواً عاماً عنه في 26 يوليو (تموز) 2012.

وفي منتصف الشهر الحالي، أُدرج ندا على قائمة الكيانات الإرهابية في مصر لمدة 5 سنوات، وكانت الجريدة الرسمية المصرية قد نشرت في عددها الصادر 15 ديسمبر (كانون الأول)، حكم محكمة الجنايات الدائرة الثانية «جنائي بدر»، بإدراج 76 متهماً على قائمة الكيانات الإرهابية، لمدة 5 سنوات.

أصدرت المحكمة القرار في طلب الإدراج رقم 8 لسنة 2024 قرارات إدراج إرهابيين، و3 لسنة 2024 قرارات إدراج كيانات إرهابية، والمقيدة برقم 1983 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا، حيث قررت المحكمة إدراج 76 متهماً، على قائمة الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات، بينهم يوسف مصطفى علي ندا.