سعودية تنسج التاريخ بخيوط التراث

محطات أوصلت هنيدة الصيرفي إلى النجوم والأفلاك

هنيدة الصيرفي مع العارضة العالمية حليمة بتصميم من مجموعة «كوزمو»... (خاص)
هنيدة الصيرفي مع العارضة العالمية حليمة بتصميم من مجموعة «كوزمو»... (خاص)
TT

سعودية تنسج التاريخ بخيوط التراث

هنيدة الصيرفي مع العارضة العالمية حليمة بتصميم من مجموعة «كوزمو»... (خاص)
هنيدة الصيرفي مع العارضة العالمية حليمة بتصميم من مجموعة «كوزمو»... (خاص)

هناك نقاط تحول في مسيرة كل مصمم... نقاط تسلط الضوء على مكامن قوته، ومن ثم تأخذه إلى مرحلة جديدة من مراحل التطور والانتشار. بالنسبة إلى المصممة السعودية، هنيدة الصيرفي، هناك محطات كثيرة أثّرت وأثرت مسيرتها المهنية، لكن يبقى ظهور الأميرة رجوة بفستان من توقيعها ليلة الحناء الملكية، التي سبقت يوم زفافها إلى ولي العهد الأردني، من أهمها. بين ليلة وضحاها، تداولت وسائل الإعلام العالمية صور الأميرة ومعها اسم مصممة الفستان؛ لما يتضمنه من اهتمام بأدق التفاصيل.

هذا الاهتمام ينعكس على كل تصاميمها التي لا تؤكد قدرتها على التفصيل والتطريز وتنسيق الألوان فقط؛ بل أيضاً على إلمام عميق بالتاريخ السعودي وما يكتنزه من تقاليد.

فستان أمسية حِنّة الأميرة رجوة آل سيف (هنيدة)

نشأت هنيدة في جو عائلي يعزز من قيمة الفن والجمال، مما أثرى شغفها بالتصميم والأزياء منذ الصغر. عدّت الأزياء لغة تعبير عن الذات، ووجدت في تصميمها وسيلة للتواصل والجمع بين التراث والتجدد. هذا الشغف جعلها تحرص على تقديم رؤيتها الخاصة للعالم... رؤية تُلخصها بتعزيز قوة المرأة ومكانتها عبر الاحتفال بجمالها.

هنيدة الصيرفي تتوسط مجموعة من العارضات بتصاميمها (خاص)

بيد أنها لا تكتفي فيها بالجانب الزخرفي أو الجمالي للحصول على إطلالات أنيقة بصرياً؛ بل تسعى كذلك إلى أن تحمل معاني عميقة. فكل تصميم يروي قصة، تُكرم التقاليد، أو تنقل رسائل تمكين تخاطب الأجيال الصاعدة. فالهدف الرئيسي لها هو الوصول لكل امرأة تبحث عن التميز من دون أن تتنازل عن الأصالة والتجديد.

تصاميم تعكس التراث

تقول هنيدة لـ«الشرق الأوسط»: «تعكس تصاميمي ارتباطاً عميقاً بتراثنا الثقافي الغني، حيث أدمج بين التقاليد والذوق المعاصر، وأعطي الأولوية للجودة والتفاصيل، فالتراث جزء لا يتجزأ من هويتي، وأسعى إلى مزج التفاصيل التراثية، مثل النقوش والتطريزات، بأساليب عصرية؛ مما يخلق تصاميم تجمع بين الماضي والحاضر».

تصميم أظهرت فيه هنيدة قدرتها على التطريز والجمع بين الأصالة والمعاصرة (خاص)

تفتخر هنيدة بكل خطوة نجاح خطتها، ورؤيتها للدار التي أسستها عن حب، ووصولها إلى العالمية يعدّ إنجازاً يسعدها. تقول: «جرى اختياري أول سفيرة في المملكة العربية السعودية لـ(شوبارد) للمجوهرات الرفيعة، وهو ما أعدّه اعترافاً بالمكانة التي وصلت إليها المرأة السعودية عالمياً، وفي الوقت ذاته يعكس التقدير المتبادل للإبداع بين الغرب والشرق».

التوسع في الأسواق العالمية

أطلقت هنيدة في أغسطس (آب) 2024 مجموعة «كوزمو» في متجر «Saks Fifth Avenue» بمدينة نيويورك، لتكون أول علامة سعودية تدخل هذا المتجر الذي يضم معظم العلامات الفاخرة حول العالم. تشير هنيدة إلى أن دخول تصاميمها هذا المتجر الشهير خطوة استراتيجية تعزز من وجودها في الأسواق العالمية، كما يفتح أبواباً جديدة للوصول إلى شريحة واسعة من العملاء.

أما بالنسبة إلى «المجموعة»، فتشرح هنيدة أنها تحية للمرأة من خلال تكريم شخصيات نسائية، مثل عالمة الفلك السورية مريم الأسطرلابية، ورائدة الفضاء السعودية ريانة برناوي. شجاعة هؤلاء النساء وغيرهن في استكشاف الكون والغوص في عجائبه لفك ألغازه وأسراره، فتحت شهيتها لابتكار تشكيلة تعكس غموض الكون وجماله، وظفت فيها التكنولوجيا التي دمجتها بالتفاصيل الفنية ولمسات مفعمة بالأنوثة والرقي. كثير من الإطلالات كانت حالمة ورحلة بين النجوم والمجرات.

مشاركة هوليوودية

تشير هنيدة إلى أن دخول تصاميمها متجر «Saks Fifth Avenue» في نيويورك مهم جداً بالنسبة إلى أي مصمم، وتضيف أن اختيارها تصميم ملابس النجمة العالمية كاثرين ماكينمارا في العرض الترويجي لمسلسل «Queen Charlotte»، كان له تأثير عميق في نفسها وإيجابي على مستوى عملها. تعيد اختيارها إلى «قدرتي على مزج التراث بالحداثة، وبلغة تخاطب جمهوراً عريضاً». تتابع: «ثم إن هذا الحدث كان فرصة لتسليط الضوء على الإبداع السعودي، وإظهار مدى قدرة مصممينا على تقديم أعمال تستحوذ على الاهتمام الدولي».

بريانكا شوبرا بإطلالة من تصميم هنيدة الصيرفي في «مهرجان كان السينمائي»... (خاص)

هنيدة متفائلة بالمستقبل... وتقول إن المرحلة المقبلة تحمل كثيراً من المفاجآت الإيجابية، فهي تعمل حالياً على تصميم مجموعات جديدة سنرى نجمات عالميات يتألقن بها في الدورة الرابعة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» المقام بمدينة جدة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.


مقالات ذات صلة

لمسات الموضة من كل قصر وجزئية فيه استلهم حرفيو دار «بوغوصيان» مجوهرات تصرخ بالفخامة والإبداع (بوغوصيان)

لكل قصر قصة، ولكل قطعة أحجارها الكريمة المستلهمة من المقرنصات المزخرفة في قصر الباهية بمراكش أو المرايا والزجاج الساحر في قصر غولستان في طهران.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة المعجبون أشادوا بماكياجها الهادئ وتسريحة شعرها المتماوجة (أ.ف.ب)

لأول مرة... ميغان ماركل تعيد تدوير فستان قديم بعد تفكيك تفاصيله

في بادرة غير مسبوقة، حضرت دوقة ساسيكس، ميغان ماركل، حفلاً خاصاً في مستشفى للأطفال يوم السبت الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة صورة أرشيفية لهادي سليمان تعود إلى عام 2019 (أ.ف.ب)

​هادي سليمان يغادر «سيلين» ومايكل رايدر مديرها الإبداعي الجديد

أعلنت دار «سيلين» اليوم خبر مغادرة مديرها الإبداعي هادي سليمان بعد ست سنوات. لم يفاجئ الخبر أحداً، فإشاعات قوية كانت تدور في أوساط الموضة منذ مدة مفادها أنه…

لمسات الموضة حافظ أسبوع باريس على مكانته بثقة رغم أنه لم ينج تماماً من تبعات الأزمة الاقتصادية (لويفي)

الإبداع... فن أم صناعة؟

الكثير من المصممين في موقف لا يُحسدون عليه، يستنزفون طاقاتهم في محاولة قراءة أفكار المسؤولين والمستهلكين، مضحين بأفكارهم من أجل البقاء.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة عرض ريتشارد كوين كان مفعماً بالأمل والتفاؤل... وهو ما ترجمه بالورود والألوان الفاتحة (أ.ف.ب)

أسبوع لندن للموضة يسترجع أنفاسه... ببطء

تشعر أحياناً أن مصمميه يتلذذون بالأزمات ويستمدون منها أكسجين الابتكار. هذا العام يحتفل بميلاده الـ40 مؤكداً أن الأزمات لم تقضِ عليه بقدر ما زادته عزماً.

جميلة حلفيشي (لندن)

مجوهرات «بوغوصيان»... رحلة قصور تصل إلى العالم من طريق الحرير

من كل قصر وجزئية فيه استلهم حرفيو دار «بوغوصيان» مجوهرات تصرخ بالفخامة والإبداع (بوغوصيان)
من كل قصر وجزئية فيه استلهم حرفيو دار «بوغوصيان» مجوهرات تصرخ بالفخامة والإبداع (بوغوصيان)
TT

مجوهرات «بوغوصيان»... رحلة قصور تصل إلى العالم من طريق الحرير

من كل قصر وجزئية فيه استلهم حرفيو دار «بوغوصيان» مجوهرات تصرخ بالفخامة والإبداع (بوغوصيان)
من كل قصر وجزئية فيه استلهم حرفيو دار «بوغوصيان» مجوهرات تصرخ بالفخامة والإبداع (بوغوصيان)

القصور والمباني المعمارية، لم تكن يوماً مجرد سكن لأصحابها. كانت تعبيراً عن مدى ازدهار عهدهم وتطلعاتهم السياسية. كما كانت بمعمار فريد شهد على السلطة والقوة ورؤية بعيدة المدى. هذا ما اكتشفه ألبرت بوغوصيان خلال رحلاته.

ألبرت، هو من الجيل السادس لعائلة بوغوصيان المعروفة بمجوهراتها الرفيعة. تأسست في عام 1868 في أرمينيا، ثم انتقلت إلى حلب بسوريا في أوائل القرن العشرين، ثم بيروت، وأخيراً إلى جنيف.

يقول إن السفر يجري في عروق العائلة. بدأ مع الجد الكبير، مؤسس الدار أوفانيس بوغوصيان الذي كان يحرّكه حسّه التجاري وفضوله الفني. كانت طريق الحرير آنذاك هي المسار الذي يسلكه المستكشفون والتجار من الغرب بحثاً عن كنوز الشرق. هذه الطريق نفسها تقفى أثرها ألبرت بعد مرور قرنين من الزمن تقريباً. فقد ورث عن جده فضوله لاكتشاف ثقافات بعيدة يغرف من منابعها ما يُغني تصاميم الدار ويُثْريها.

القاعة البيضاء في قصر غولستان ألهمت بزخرفاتها وإضاءتها طقماً يحاكي التحفة الفنية (بوغوصيان)

خلال هذه الرحلات، وصل إلى قناعة بأن عظمة المعمار وفنيته الهندسية والحرفية أرقى أشكال الفنون التي يمكن الاستلهام منها. أول تجربة له كانت في قصر تاج محل. كان عمره لا يتعدى الثامنة عشرة، ولم ينس لحد الآن كيف انبهر بزخرفاته وجمالياته. كانت اللحظة التي وقف فيها أمام أسواره وحتى قبل أن يدخله، حاسمة. أثْرت حسه الفني والمهني على حد سواء. يقول إنها لحظة علمته كيف يمكن أن تعكس القصور فناً عابراً للأجيال، ليس لصلابة الحجر الذي بُنيت بها، بل لكمية الحرفية والفنية التي تغطي الجدران والأسقف والأرضيات. استخلص منها أن الإبداع يمكن فعلاً أن يُخلق من الحجر.

مرت سنوات وعقود على هذه الرحلة، زار خلالها قصوراً أخرى كثيرة أكدت له صحة إحساسه الأول؛ لهذا كانت مجموعة المجوهرات التي تم طرحها هذا العام بعنوان رحلة عبر القصور مسألة وقت فقط.

قصر الريجنسي بمدينة برايتون ألهم مجموعة من المجوهرات بطبيعته ومعماره (بوغوصيان)

اختزل فيها تجاربه وقناعاته. استغرق تصميمها وتنفيذها 4 سنوات، تمخَضت عن ولادة 70 قطعة تشمل خواتم وأقراط أذن وعقود وأساور. كل طقم منها مستوحى من قصر من قصور تاريخية رائعة، وبالتالي فإن كل جزئية فيها تُجسِّد زخرفة عمود في بهو قصر، أو نقشات جص في سقف، أو مشربية صغيرة يخترقها الضوء في آخر، وهكذا. فيها كلها، طوع المعادن الثمينة واستعمل الأحجار بسخاء.

عقد مستوحى من قصر غولستان (بوغوصيان)

بالنسبة له، فإن لكل قصر قصة، ولكل جزئية فيه أبطالها وأحجارها الكريمة، سواء كانت المقرنصات المزخرفة في قصر الباهية بمراكش، أو المرايا والزجاج في قصر غولستان في طهران، أو البوابات الكبرى في قصر جايبور وغيرها.

قصر تشيانلونغ

قاعة من قاعات قصر تشيانلونغ الذي يشكّل جزءاً من المدينة المحرّمة في بكين (بوغوصيان)

تأثير قصر تشيانلونغ تجسَّد في قلادة تتوسطها زهرة طافية بزخرفات صينية كلاسيكية (بوغوصيان)

مثلاً، ظهرت تفاصيل قصر تشيانلونغ الذي أمر الإمبراطور تشيانلونغ ببنائه في عام 1771، والذي يشكل جزءاً من المدينة المحرّمة في بكين، في قطع عدة، منها قلادة Tranquil Magnolia «مانغوليا هادئة» تتوسطها زهرة مركزية تستحضر الزخرفة الصينية الكلاسيكية للفرع المزهر، محفورة من أم اللؤلؤ، تبدو وكأنها تطفو داخل القطعة مرصعة بالماس وملونة بالأخضر.

القصر الكبير

جانب من القصر الكبير الذي يظهر فيه بوذا والتنين من الذهب انعكست على مجوهرات من الماس الأصفر والأبيض (بوغوصيان)

بُني في بانكوك عام 1782 مقرّاً لإقامة ملوك سيام، ظهر في مجموعة Shimmering Rays ليعكس شدّة اللمعان الذي يتميز به القصر إلى جانب الأعمدة وصور التنين التي تزين الكثير من أركانه. حرفيو الدار ركزوا على بريقها الذهبي، الذي يسطع مثل أشعة الشمس، باستعمال الماس الأصفر والأبيض.

قصر برسيبوليس

قصر برسيبوليس الواقع في جبال زاغروس بإيران لا يزال حاضراً في شتى الفنون بأطلاله وألوانه (بوغوصيان)

يقع في جبال زاغروس بإيران وشُيِّد في القرن السادس قبل الميلاد. أطلاله لا تزال شاهدة على منصاته وسلالمه العالية. ترجمت دار «بوغوصيان» الطوب المستخدم في بناء لوحاته الجدارية وبواباته مزججاً بالأزرق والأصفر في عقد «بوابة بابل» Babylon Gate. غني عن القول أن القطعة تتميّز بأشكال هندسية جريئة واستخدام التماثل لإضفاء طابع رسمي. وتعكس أحجار اللازورد المنحوتة والفيروز والمرجان، تباين الظلال الزرقاء والبرتقالية من العمارة.

بينما تُترجم مجموعة لوتس اللازورد Lapis Lotus الزهرة التي تظهر في النقوش البارزة للقصر، بالماس والفيروز واللازورد والعقيق وي برسيبوليس، لتعكس التجدّد.

قصر غلستان

مجموعة متاهة المرايا لقصر غولدستان اعتمدت تقنية النحت بكل الألوان لتعكس المرايا واللوحات (بوغوصيان)

شُيِّد وسط طهران في القرن السادس عشر، ويُعرف باسم «قصر حديقة الورود»، ويغلب عليه طابع المعمار التقليدي في عصر القاجار. كانت قاعة المرايا الشهيرة أكثر ما شد انتباه حرفيي «بوغوصيان». يقول ألبرت إن هذه القاعة استغرق بناؤها أربع سنوات، وتجسدت عبقرية المهندسين والحرفيين في هذه المرايا التي غطت كل الجوانب، وهو ما عبَّر عنه في مجموعة Mirror Maze «متاهة المرايا». مجموعة تغلب عليها تقنية النحت وأحجار الياقوت الأحمر والوردي والأزرق، الزمرد، الفيروز، والماس هندسة القاعة واللوحات المزخرفة بالزجاج الملوّن.

أمارنا

«بردية الملكة» في قصر أمارنا (بوغوصيان)

لم ينس ألبرت زيارة «أمارنا» المدينة التي بُنيت في عهد الفرعون أخناتون في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. انبهر بأطلال القصر الشمالي، الذي بُني لزوجته نفرتيتي، وكيف برزت فيه أساليب الفنون المصرية القديمة لهذه الفترة، مع تحوّل واضح نحو أسلوب أكثر حرية وعفوية. وتُظهر شظايا من لوحات تُعزى إلى «الغرفة الخضراء» في قصر أمارنا تفسيراً لنقوش البردي التقليدية، بشكل هندسيّ أكثر تجريداً.

طقم يغلب عليه اليشم الأخضر والزمرد والماس والسفير في إشارة إلى «الغرفة الخضراء» في «أمارنا» (بوغوصيان)

من هذه الإيحاءات، ولدت مجموعة «بردية الملكة» Queen’s Papyrus مصنوعة من اليشم الأخضر، والزمرد والماس، حيث تشير الألوان الخضراء إلى «الغرفة الخضراء» في أمارنا وتاريخ الزمرّد الذي استُخدم حتى في مصر القديمة منذ عام 1500 قبل الميلاد. ويمنح التزاوج بين الزمرد البراق واليشم الأخضر غير المصقول، إحساساً بالمفاجأة يعكس التحوّل الإبداعي في فترة بناء أمارنا، وكذلك التباين بين القطع الحادّ لرؤوس البردي والشعور الأكثر استدارة في القاعدة.

قصر الباهية

تجسَّدت زخرفات الأسقف والخشب في قصر باهية في مجوهرات دافئة بتقنيات حرفية عالية (بوغوصيان)

أما رياض الألوان في مراكش، فكان له أيضاً تأثير على المخيلة الإبداعية. فالقصر الذي شُيِّد في أواخر القرن التاسع عشر من قِبل سي موسى، الوزير الأكبر للسلطان مولاي الحسن الأول، صُمّم على مساحة ثمانية هكتارات وزُخرف بحرفية عالية وفق التقاليد المغربية اليدوية. تبرز هذه الزخارف في كل تفاصيلها، بدءاً من المقرنصات إلى أسقف خشب الأرز المطلية.

وهذا ما عكسته مجموعة Mosaic Haven «ملاذ الفسيفساء» بلونها الأحمر الغني، والمستوحاة من أعمال الشبك الخشبي للفناء والسقف. ويعرض السوار والأقراط أيضاً تقنيات فائقة التعقيد من أعمال الشبك، مع التلاعب بفكرة الألوان المتباينة في النمط المستخدم في القصر نفسه من خلال طبقتين من اليشم الأخضر، والأوبال الوردي، والفيروز، مغلفتين بالياقوت البنفسجي، والماس الأصفر، وعقيق الإسبسارتين.

القلعة الحمراء

في ورش بوغوصيان تم تطوير تقنية فريدة للترصيع لمحاكاة الجدران والأسقف في قصر الحمراء (بوغوصيان)

يُعدّ قصر الحمراء من أشهر نماذج فنّ العمارة الإسلامية. يقع على تلة السبيكة فوق مدينة غرناطة الإسبانية، شاهداً على الوجود العربي في أوروبا بين القرنين الثامن والخامس عشر. بُني قصر الحمراء في القرن الثالث عشر، ولا يزال نصباً تذكارياً يزوره الكثير من الناس حتى يومنا هذا. ويبرز جمال وزخرفة القصر بشكل خاص في المقرنصات، التي تمثّل المستويات السبعة للسماء.

في ورش بوغوصيان تم تطوير تقنية فريدة لترصيع الماس الأبيض والأصفر في طقم Seven Realms، لمحاكاة السقف الخشبي الأصلي في قاعة السفراء، وتبدو فيه الماسات بأشكالها المختلفة وكأنها تطفو، في تعبير تجريدي عن الأنماط الهندسية الموجودة داخل القاعة.