إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)
سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)
TT

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)
سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)

سيتم تسليط الضوء على أفضل العقول في مجال العلوم الأسبوع المقبل عندما يتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب.

وتحتفي الجوائز، التي أسس لها رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل منذ أكثر من قرن من الزمان، بالأعمال الرائدة التي قد يستغرق إكمالها عقوداً.

ومن الصعب للغاية التنبؤ بمن سيفوز بأعلى مراتب الشرف في العلوم. وتظل القائمة المختصرة والمرشحين سراً، ويتم إخفاء الوثائق التي تكشف عن تفاصيل عملية الاختيار عن الرأي العام لمدة 50 عاماً.

ومع ذلك، هناك بعض الاكتشافات «المذهلة» التي كانت تستحق جائزة «نوبل» ولم تحصل عليها، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

أول جينوم بشري

أحد أبرز الاكتشافات التي كانت مرشحة للحصول على جائزة «نوبل» هو رسم خريطة الجينوم البشري، وهو مشروع جريء بدأ في عام 1990 واكتمل في عام 2003.

أول خريطة كاملة للجينوم البشري (أ.ب)

وشارك في فك الشفرة الوراثية للحياة البشرية اتحاد دولي يضم آلاف الباحثين في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان والصين.

وكان لهذا المسعى تأثير بعيد المدى على علم الأحياء والطب والعديد من المجالات الأخرى. لكن أحد أسباب عدم حصول المشروع على جائزة «نوبل» هو العدد الهائل من الأشخاص المشاركين في هذا العمل الفذ.

ووفقاً للقواعد التي وضعها نوبل في وصيته عام 1895، لا يمكن للجوائز أن تكرم إلا ما يصل إلى ثلاثة أشخاص لكل جائزة، وهو تحدٍ متزايد نظراً للطبيعة التعاونية لكثير من الأبحاث العلمية الحديثة.

الذكاء الاصطناعي

يعمل الذكاء الاصطناعي على تغيير حياة الناس بوتيرة غير مسبوقة. وهو «مجال مزدحم»، لكن يبرز فيه اسمان، وفقاً لـ«ديفيد بندلبيري»، رئيس تحليل الأبحاث في معهد «كلاريفيت» للمعلومات العلمية.

ويحدد بندلبيري الأفراد «الجديرين بالحصول على جائزة نوبل» من خلال تحليل عدد المرات التي يستشهد فيها زملاؤهم العلماء بأوراقهم العلمية على مر السنين.

والشخصيتان البارزتان هنا هما ديميس هاسابيس وجون جامبر، مؤسسا شركة «ديب مايند» التابعة لـ«غوغل» اللذان أنشآ «AlphaFold» وهو نموذج ذكاء اصطناعي للتنبؤ بهياكل البروتين من تسلسل الأحماض الأمينية بدقة عالية، والذي استخدمه ما لا يقل عن مليوني باحث حول العالم، وفق «سي إن إن».

ديميس هاسابيس (يسار) وجون جامبر يتسلمان أحد الجوائز في لوس أنجليس (سي إن إن)

ويساعد «AlphaFold» في تسريع التقدم في علم الأحياء الأساسي والمجالات الأخرى ذات الصلة. ومنذ نشر العالمان بحثهما الرئيسي حول هذه القضية في عام 2021، تم الاستشهاد به أكثر من 13 ألف مرة، وهو ما يصفه بندلبيري بـ«الرقم الاستثنائي»، لأنه من بين إجمالي 61 مليون ورقة علمية، تم الاستشهاد بنحو 500 ورقة فقط أكثر من 10 آلاف مرة.

فهم ميكروبيوم الأمعاء

تعيش تريليونات من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات والفطريات) في جسم الإنسان، وتُعرف مجتمعة باسم «الميكروبيوم البشري». ومع التقدم في التسلسل الجيني خلال العقدين الماضيين، أصبح العلماء أكثر قدرة على فهم ما تفعله هذه الميكروبات، وكيف تتفاعل مع بعضها أو مع الخلايا البشرية، وخاصة في القناة الهضمية.

ويقول بندلبيري إن هذا «مجال طال انتظار» أن يحصل عالم فيه على جائزة «نوبل». ويعد عالم الأحياء الأميركي، الدكتور جيفري آي. غوردون، رائداً في هذا المجال.

عالم الأحياء الأميركي الدكتور جيفري آي. غوردون (أرشيفية)

وسعى غوردون إلى فهم الميكروبيوم المعوي البشري وكيفية تشكيله لصحة الإنسان، بدءا من الأبحاث المعملية على الفئران. وقاد بحثاً توصّل إلى أن ميكروبيوم الأمعاء يلعب دوراً في التأثيرات الصحية لنقص التغذية، الذي يؤثر على ما يقرب من 200 مليون طفل على مستوى العالم. ويعمل غوردون على تطوير "تدخلات غذائية" تستهدف تحسين صحة الأمعاء.

الجينات المسببة للسرطان

في السبعينيات، كان من المفهوم أن السرطان ينتقل في بعض الأحيان بين العائلات، لكن التفكير السائد حول سرطان الثدي لم يأخذ في الاعتبار أي قابلية وراثية للإصابة بهذا المرض. ومع خلفيتها في البحث عن الاختلافات الجينية بين البشر والشمبانزي، اتبّعت ماري كلير كينغ، عالمة الوراثة الأميركية وأستاذة الطب وعلوم الجينوم، نهجاً جديداً.

ماري كلير كينغ تظهر مع الرئيس الأميركي حينذاك باراك أوباما بعد حصولها على الميدالية الوطنية للعلوم في حفل بالبيت الأبيض في مايو 2016 (سي إن إن)

وعملت كينغ قبل فترة طويلة من حصول العلماء على رسم خريطة الجينوم البشري، وأمضت 17 عاماً في اكتشاف وتحديد الدور الذي تلعبه طفرة «جين BRCA1» في سرطاني الثدي والمبيض.

وقد أتاح اكتشافها إجراء اختبارات جينية يمكنها تحديد النساء المعرضات بشكل متزايد لخطر الإصابة بسرطان الثدي، بالإضافة إلى الخطوات التي يجب اتخاذها لتقليل المخاطر، مثل الفحص الإضافي والعمليات الجراحية الوقائية.


مقالات ذات صلة

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

صحتك سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

أكدت نتائج أولية لدراسة طبية أن التدخل الجراحي ربما لا يفيد معظم النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي، وهو نوع منخفض الخطورة من سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (تكساس)
صحتك فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

كشفت دراسة جديدة عن أن مرض ألزهايمر قد يكون ناجماً في بعض الأحيان عن فيروس الهربس الذي ينتقل من الأمعاء إلى الدماغ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أحد حمامات الصين (أرشيفية - أ.ف.ب)

كم مرة يجب عليك التبول يومياً وفقاً للخبراء؟

هل هناك عدد محدَّد لمرات التبول في اليوم؟ وماذا ينصح الخبراء الصحيون في هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تتم إزالة اللوزتين جراحياً لمئات الآلاف من الأطفال حول العالم كل عام (رويترز)

استئصال اللوزتين قد يزيد فرص إصابتك بالاضطرابات العقلية

كشفت دراسة جديدة أن استئصال اللوزتين يمكن أن يزيد من خطر إصابة المريض باضطرابات عقلية في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك مسافرون  بمطار هامبورج، مع بدء إجازة عيد الميلاد (د.ب.أ)

نشاط واحد قد يعزز من صحة عقلك بشكل كبير... ما هو؟

الخبراء يقولون إن هناك ترابطاً بين الإجازات والفوائد الصحية المؤثرة على صحتك الإدراكية والعقلية، إليك كيف يمكن للسفر أن يحسِّن من صحة دماغك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

جينات سرطان الثدي... تهدّد صحة الرجال

جينات سرطان الثدي... تهدّد صحة الرجال
TT

جينات سرطان الثدي... تهدّد صحة الرجال

جينات سرطان الثدي... تهدّد صحة الرجال

عندما اكتشفت ماري كلير كينغ، أول جين على صلة بسرطان الثدي الوراثي عام 1990، تعيّن عليها اختيار اسم له. وبالفعل، استقرت على أربعة حروف «بي آر سي إيه» (BRCA)، وهو الاسم الذي حمل ثلاثة معانٍ مميزة. وجاء اختيار هذا الاسم تكريماً لجامعة «كاليفورنيا» ببيركلي؛ حيث كانت تعمل كينغ آنذاك. الأهم من ذلك، حمل الاسم إشارة إلى بول باروكا، الطبيب الفرنسي الذي عاش في القرن الـ19، والذي أقرّت أبحاثه وجود صلة بين التاريخ الصحي العائلي والإصابة بسرطان الثدي. كما حمل الاسم الجديد اختصاراً لمرض سرطان الثدي «breast cancer».

جينات سرطان الثدي

في غضون سنوات قليلة من اكتشاف كينغ «BRCA1»، جرى اكتشاف جين آخر «BRCA2». واليوم، نال هذان الجينان شهرة ربما تفوق أي جين آخر، وتعزّزت صورتهما عبر أبحاث كشفت عن تأثيرات هائلة لهما على خطر الإصابة بالسرطان. وأعقب ذلك إطلاق حملات توعية بخصوص الجينين.

وفي مقال رأي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» عام 2013، كشفت الممثلة أنجلينا جولي خضوعها لعملية استئصال الثديين الوقائية، بسبب طفرة جين «BRCA» لديها، مما دفع الكثير من النساء إلى إجراء اختبارات حمض نووي.

وبالفعل، أصبح جينا «BRCA» على صلة وثيقة بالثديين، بقدر ما أصبحت الشرائط الوردية رمزاً دولياً لسرطان الثدي. ومع تحفيز المزيد من النساء نحو محاولة اكتشاف ما إذا كان لديهن طفرات «BRCA»، ساعد ذلك بدرجة هائلة في تقليص مخاطر الإصابة بسرطان الثدي الوراثي.

طفرات سرطانية

ومع ذلك، على مدار العقود الثلاثة منذ اكتشاف الجينين، تعلّم العلماء كذلك أن طفرات «BRCA» يمكن أن تسبّب الإصابة بالسرطان في المبايض والبنكرياس والبروستاتا. وفي الآونة الأخيرة، جرى الربط بين هذه الطفرات وظهور السرطان بأجزاء أخرى من الجسم، مثل: المريء، والمعدة، والجلد.

وتشير تقديرات إلى أن ما يصل إلى 60 في المائة من الرجال الذين لديهم تغيرات في جين «BRCA2»، يُصابون بسرطان البروستاتا. ومع ذلك، نجد أن الرجال أقل وعياً عن النساء بفكرة أن طفرات جين «BRCA» يمكن أن تؤثر فيهم.

وفي حديث دار بيني وبين كولين بريتشارد، بروفسور الطب المخبري وعلم الأمراض بجامعة «واشنطن»، قال: «إنها مشكلة تتعلّق بالصورة العامة»، مشيراً إلى أن الرجال الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بسرطان الثدي، ربما لا يدركون أن من الضروري خضوعهم للفحص. كما يفتقر الأطباء إلى الوعي اللازم بخصوص الرجال الذين يجب أن يخضعوا للفحص، وطبيعة الخطوات التي يجب اتخاذها عند اكتشاف طفرة.

واليوم، يعمل بريتشارد وباحثون آخرون على إعادة تسمية جين «BRCA»، والمتلازمة المرتبطة به، بهدف دفع المزيد من الرجال إلى إجراء الاختبار اللازم.

في العادة، تنتج جينات «BRCA» بروتينات تساعد في إصلاح الحمض النووي التالف في جميع أنحاء الجسم. ويجري تشخيص معظم الأشخاص الذين يحملون طفرات تضعف وظيفة الجين، بمتلازمة سرطان الثدي والمبيض الوراثي. (يعني وجود عرض سرطان الثدي والمبيض الوراثي، أن الشخص معرّض لخطر متزايد للإصابة بالسرطان، وليس أنه مصاب بالفعل بالمرض).

واللافت أنه لا يوجد رابط وراثي معروف فيما يتعلّق بمعظم حالات سرطان الثدي، ومع ذلك فإن أكثر من 60 في المائة من النساء المصابات بطفرة ضارة في «BRCA1» أو «BRCA2»، يتعرّضن للإصابة بسرطان الثدي، مقارنة بنحو 13 في المائة من السكان الإناث على نطاق أوسع.

سرطانا البروستاتا والبنكرياس

وبطبيعة الحال، يمكن أن يُصاب الرجال بسرطان الثدي كذلك، لكن يبقى ها الأمر نادر الحدوث، حتى بين حاملي طفرة «BRCA».

يُذكر أنه لم تتضح بعد الأهمية الكاملة للرابط بين طفرات «BRCA» وسرطاني البنكرياس والبروستاتا حتى وقت قريب فقط. ربما العقد الماضي، حسبما أفاد بريتشارد. وتبعاً للدراسات القائمة، ثمة تنوّع كبير في المخاطر المحددة الناجمة عن هذه الطفرات المتعلقة بالرجال. ومع ذلك، يبقى أمر واحد شديد الوضوح: الرجال الذين يحملون طفرات «BRCA» ليسوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان البروستاتا فحسب، بل يواجهون كذلك خطر الإصابة بصور أكثر عدوانية من المرض.

وبحسب الإحصاءات، فإن نحو واحد من كل 400 شخص يحمل طفرة ضارة في «BRCA1» أو «BRCA2»، ونصفهم من الرجال. ومع ذلك، تبقى النساء أكثر احتمالاً بكثير لأن يتعرّضن لوجود طفرة؛ بمعدل يصل إلى 10 أضعاف، حسب إحدى الدراسات.

وتكشف الإحصاءات عن أن نصف الأميركيين فقط يخضعون لفحص جسدي سنوياً، ولا يدرك الأطباء دوماً ضرورة أن يوصوا بأن يخضع الرجال لاختبار «BRCA». ويبلّغ الكثير من الرجال الذين لا يخوضون اختبار طفرة «BRCA» عن إجرائهم الاختبار ذاته لبناتهم، وأظهرت دراسات أنهم يميلون إلى الشعور بالارتباك تجاه مخاطر إصابتهم بالسرطان أنفسهم. وبفضل حملات التوعية بخصوص جين «BRCA»، أقبلت الكثير من النساء على إجراء الاختبار. على سبيل المثال، في غضون الأسبوعين التاليين لظهور مقال أنجلينا جولي الذي انتشر على نطاق واسع، رصد الباحثون ارتفاعاً بنسبة 65% في معدلات إجراء اختبار «BRCA». وفي هذه الحالة، قد يخضع عدد من الأشخاص للاختبار أكثر من اللازم. ومع ذلك، فإنه بوجه عام، ساعد ارتفاع فحوصات السرطان والتدخلات الجراحية الاختيارية في تقليل معدلات الوفيات بسبب سرطان الثدي والمبيض.

التوعية بالمخاطر

ويمكن أن يؤدي نشر الوعي حول ارتباط الجينات بأنواع أخرى من السرطان إلى الأمر نفسه بين الرجال. وسعياً لتحقيق هذه الغاية، عبّر بريتشارد في تعليق له نشرته دورية «نيتشر» عام 2019، عن اعتقاده ضرورة إعادة تسمية سرطان الثدي والمبيض الوراثي «متلازمة كينغ»، تيمناً بماري كلير كينغ.

*«ذي أتلانتيك أونلاين»

- خدمات «تريبيون ميديا».