سريان التوافق على تعيين محافظ لـ«المركزي» الليبي

توقعات بقرب استئناف إنتاج النفط

لحظة تصويت مجلس النواب على تعيين المحافظ الجديد للمصرف المركزي ونائبه (مجلس النواب)
لحظة تصويت مجلس النواب على تعيين المحافظ الجديد للمصرف المركزي ونائبه (مجلس النواب)
TT

سريان التوافق على تعيين محافظ لـ«المركزي» الليبي

لحظة تصويت مجلس النواب على تعيين المحافظ الجديد للمصرف المركزي ونائبه (مجلس النواب)
لحظة تصويت مجلس النواب على تعيين المحافظ الجديد للمصرف المركزي ونائبه (مجلس النواب)

صوَّت مجلس النواب الليبي، الاثنين، على اعتماد اتفاق مع «الأعلى للدولة» رعته بعثة الأمم المتحدة، ويقضي بحل أزمة المصرف المركزي، وسط توقعات بعودة إنتاج النفط مجدداً من الحقول المغلقة، لكن الإدارة الحالية للمصرف، فى تعبير عن رفضها، قررت بشكل مفاجئ إلغاء «ضريبة على النقد الأجنبي».

وصوَّت أعضاء مجلس النواب، بالإجماع على اختيار ناجي عيسى محافظاً جديداً للمصرف، ومرعي البرعصي نائباً له، على أن يُشكَّل مجلس إدارة المصرف خلال 10 أيام، وذلك خلال جلسة عقدها المجلس بمقره في مدينة بنغازي بشرق البلاد، بحضور 108 أعضاء، برئاسة عقيلة صالح، ونُقلت على الهواء مباشرة.

رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (رويترز)

وأعلن عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم المجلس، القرار، في حين أشاد صالح، قبل أن تتحول الجلسة مغلقة، بموافقة 112 من أعضاء «الأعلى الدولة» على اختيار القيادة الجديدة للمصرف لإنهاء الأزمة التي اندلعت مؤخراً، متهماً «المجلس الرئاسي» مجدداً بـ«التسبب فيها»، واعتبر أنه تمت معالجتها بـ«الحكمة والتوافق».

وتزامناً مع قرار مجلس النواب، أعلن خالد المشري، رئيس «المجلس الأعلى للدولة»، أنه أحال إلى القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة ستيفاني خوري، قائمة بأسماء أعضاء المجلس الموافقين على الاتفاق الموقّع بشأن حل أزمة المصرف.

في المقابل، وفي تصعيد جديد، أعلنت إدارة المصرف، في قرار مفاجئ الاثنين، وقف تنفيذ قرار رئيس مجلس النواب، بشأن فرض ضريبة على سعر الصرف الرسمي، ابتداءً من الثلاثاء.

موظف يلفّ رزمة من النقود داخل مصرف بمدينة مصراتة الساحلية الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وعمّم عبد الفتاح عبد الغفار، محافظ المصرف المكلف من «المجلس الرئاسي»، على المصارف، قراره الجديد، علماً بأن محافظ المصرف المقال من منصبه الصديق الكبير، طالب بفرض ضريبة جديدة بنسبة 27 في المائة على بيع النقد الأجنبي، وأيَّدها عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، لكن رفضها عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، واعتبرها قرارات «أحادية ومنفردة» قام بها صالح.

وسارعت وسائل إعلام محلية، إلى انتقاد قرار المحافظ، مشيرة إلى «عدم وجود أثر قانوني له بصفته المكتسبة بقرار أحادي غير ملزم»، بحسب السلطة التشريعية، في خطوة فاشلة جديدة لاستمرار الأزمة، على حد تعبيرها.

وكان صالح، قد أعلن رسمياً أنه يتعامل مع خالد المشري، بصفته «الرئيس الشرعي» المنتخب لـ«مجلس الدولة»، وذلك في خطاب وجّهه إلى مدير مكتب رئيس المجلس.

ويعني رد صالح، رفضه التعامل مع محمد تكالة، الرئيس السابق لـ«مجلس الدولة»، الذي كان قد رفض الموافقة على قرار مجلس النواب، بإنهاء ولاية حكومة الدبيبة.

المحافظ السابق الصديق الكبير (الشرق الأوسط)

وأثَّرت قرارات مجلس النواب و«المجلس الأعلى للدولة» على سعر العملات الأجنبية في السوق الموازية، حيث تغير سعر الدينار الليبي بشكل متسارع من 7.12 إلى 6.5 مقابل الدولار الأميركي.

وتوقعت مصادر برلمانية ليبية، لوكالة «نوفا» الإيطالية، استئناف إنتاج النفط الخام مجدداً تدريجياً، ابتداءً من الثلاثاء، على أن تعود العمليات بشكل كامل الأربعاء المقبل، إعلاناً بنهاية ما وصفته الأزمة السياسية والمالية الخطيرة المرتبطة بالمصرف المركزي والتي أصابت البلاد بالشلل.

بدورها، قالت ستيفاني خوري، القائم بأعمال البعثة الأممية، إنها تلقت «تعهدات من الجهات الرسمية في المنطقة الشرقية لإعادة فتح الحقول و الموانئ النفطية قريباً»، وشددت في تصريحات لها على ضرورة «الحفاظ على موارد البلاد بعيداً عن الصراعات السياسية، وأهمية إنهاء إغلاق الحقول والموانئ النفطية التي أدت إلى توقف الإنتاج والصادرات».

اجتماع اللافي والكوني مع المبعوث الفرنسي (المجلس الرئاسي الليبي)

بدوره، قال «المجلس الرئاسي» إن موسى الكوني، وعبد الله اللافي، نائبي رئيسه، أكّدا خلال اجتماعهما، الاثنين، بطرابلس، مع المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي بول سولير، على ضرورة دعم المجتمع الدولي للحلول التي يقودها الليبيون لتحقيق الاستقرار.

ونقل المجلس عن سولير، في اللقاء الذي حضره سفير فرنسا مصطفى مهراج، وناقش ما وصفه بـ«حالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد منذ أشهر»، تأكيده على أن بلاده تضع الملف الليبي «في مقدم اهتماماتها، وتسعى لمساعدة ليبيا في الخروج من الانسداد السياسي بالتواصل مع كل الأطراف السياسية، لتحقيق الاستقرار والوصول للانتخابات عبر حلول ليبية»، كما أكد استمرار بلاده في التشاور مع الدول المهتمة بالشأن الليبي، لإيجاد صيغة مناسبة تساهم في حل الأزمة الليبية.

بموازاة ذلك، أكد الدبيبة، «أهمية تطوير قدرات الأجهزة الأمنية والعسكرية للتصدي لأي تهديدات، مع ضرورة تكثيف التعاون بين مختلف الجهات الأمنية».

لقاء الدبيبة مع قائد قوة العمليات المشتركة (حكومة الوحدة)

واستغل الدبيبة، اجتماعه مساء الأحد بطرابلس، مع آمر «قوة العمليات المشتركة» اللواء عمر بوغدادة، للتشديد على «ضرورة التنسيق المستمر مع الجهات المعنية لتعزيز الأمن على الحدود»، مؤكداً على «أهمية الاستمرار في تعزيز القدرات الأمنية للدولة لضمان حماية المواطنين والحفاظ على سيادة البلاد ضد أشكال التهديدات كافة».

وقال إن الاجتماع بحث «مستجدات ملفات مكافحة الإرهاب والجهود المبذولة لتعزيز أمن الدولة وحمايتها من أي اختراقات لجهود مكافحة عصابات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر».

اجتماع خوري مع فريق مجموعة العمل الأمنية (البعثة الأممية)

من جهة أخرى، أكد سفراء وملحقو الدفاع المشاركون في «مجموعة العمل الأمنية»، الحاجة الملحة إلى دعم جهود اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في تنفيذ ولايتها بشكل فعال، خصوصاً تعزيز اتفاق وقف إطلاق النار. كما أعربوا خلال لقائهم مساء الأحد، مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية، عن أملهم في تبادل مثمر في اجتماع سرت؛ بهدف تعزيز الاستقرار والسلام في ليبيا.

وقالت البعثة الأممية في بيان مقتضب، إن هذا اللقاء يأتي في إطار الاستعداد للاجتماع المقرر للمجموعة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) في مدينة سرت.


مقالات ذات صلة

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».

تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.

وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».

ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».

بدر عبد العاطي يصافح كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».

وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.

جانب من كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في مهام حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.

وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».

هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (حساب الرئيس الصومالي على «إكس»)

ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.

فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.

وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».

وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.