«المركزي اللبناني» يضخ سيولة دولارية مضاعفة لمصلحة المودعين

لمواجهة نفقات المواطنين الاستثنائية نتيجة الأعمال الحربية

«مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)
«مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)
TT

«المركزي اللبناني» يضخ سيولة دولارية مضاعفة لمصلحة المودعين

«مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)
«مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)

استبق «البنك المركزي اللبناني» استحقاق صرف الحصص الشهرية للمودعين في البنوك، بقرار مضاعفتها 3 مرات، استثنائياً؛ بهدف تمكين المستفيدين من مواجهة النفقات الطارئة جراء اتساع الأعمال الحربية، وبما يتسق ضمناً مع القرار الأخير للحكومة صرف مساعدات نقدية ورواتب إضافية للعاملين في القطاع العام بدءاً من الشهر المقبل.

وتتكامل هذه المبادرة مع منع المضاربات في أسواق القطع والحفاظ على مكاسب ثبات استقرار سعر صرف الليرة الساري عند مستوى 89.5 ألف ليرة للدولار، رغم التطورات الدراماتيكية والعنيفة التي يشهدها البلد، وبما يعزز نجاعة السياسات النقدية الجديدة القائمة على التحكم الصارم في إدارة تدفقات الكتلة النقدية بالعملة اللبنانية ضمن سقف يصل إلى نحو 60 تريليون ليرة، واستخدام الفوائض في تنمية احتياطات العملات الصعبة بمقدار ملياري دولار خلال سنة واحدة، ليصل حالياً إلى نحو 11 مليار دولار.

كما تشكل هذه الخطوة الجريئة في توقيتها، مع قرب نفاد أو شح المبالغ المتوفرة لدى الأسر من مداخيل الشهر السابق، استجابة مسؤولة من قبل صانع القرار النقدي، وفق المصادر المعنية، لضرورات توفير السيولة لعشرات آلاف المستفيدين، وتمكينهم من تلبية احتياجات مالية أساسية في زمن الحرب، خصوصاً للذين تعرضوا للأذى والإصابة ودخول المستشفيات، أو تتعرض مناطق سكنهم للقصف ويضطرون إلى النزوح إلى مناطق آمنة نسبياً.

وبالتوازي، عمّم وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، يوسف الخليل، تعليماته إلى جميع الإدارات المعنية في الوزارة لـ«الاستمرار في تخصيص الأولوية لتجهيز وصرف أموال الملفات المرتبطة بشؤون الإغاثة وكل ما يحوَّل من وزارة الصحة؛ سواء مستحقات المستشفيات وسواها، وكذلك تلك المحوّلة من الجهات المختصة، مثل بدلات أتعاب للأطباء وشركات الأدوية، وذلك بسيولة نقدية (فريش) وتقديمها على باقي الملفات، للاستجابة لمتطلبات الظرف الراهن من الاعتداءات الإسرائيلية الإجرامية وحاجات النازحين».

ووفق البيان الصادر عن حاكم «مصرف لبنان» بالإنابة، الدكتور وسيم منصوري، طُلب إلى المصارف تسديد - بشكل استثنائي ولمرة واحدة - مبلغ يساوي 3 دفعات شهرية لجميع المستفيدين من التعميمَين «158» و«166»؛ بما يخص الحصص المحددة لشهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. مع الإشارة إلى معاودة العمل العادي بأحكام التعميمَين للشهر التالي.

وبذلك، سيحصل المستفيدون؛ الذين يتعدى عددهم نحو 300 ألف مودع، على المبالغ الإضافية للمضاعفات لشهر واحد، بحيث سيُصرف 1200 دولار لكل مستفيد قديم من التعميم «158»، و900 دولار للمنضوين الجدد، فيما ستبلغ الحصة المضاعفة 450 دولاراً للمستفيدين من التعميم رقم «166»، في حين لم يطرأ أي تعديل يخص حسابات غير المستفيدين الذين يضطرون إلى تنفيذ سحوبات من حساباتهم الدولارية بسعر 15 ألف ليرة لكل دولار، نظير 89.5 ألف ليرة للسعر الساري في أسواق القطع.

وكان مجلس الوزراء قد وافق في جلسته الأخيرة، تحت ضغط الاحتجاجات، على مشروع مرسوم يقضي بإعطاء تعويض مؤقت ومساعدة مالية لجميع العاملين في القطاع العام والمتقاعدين الذين يستفيدون من معاش تقاعدي، فجرت إضافة تعويض شهري مؤقت يوازي ضعفي الراتب الأساسي أو التعويض أو الأجر الشهري أو المعاش التقاعدي، بدءاً من أول الشهر المقبل، إلى التعويض الذي يتقاضاه جميع الموظفين العاملين والمتقاعدين والعسكريين في الخدمة والمتعاقدين، ومن ثم إضافة قيمة راتب إضافي بدءاً من 1 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وراتب مماثل في الشهر التالي. كما مُنح جميع الموظفين مساعدة مالية مقطوعة قدرها 10 ملايين ليرة (نحو 117 دولاراً) عن شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، والمبلغ عينه في الشهر الأخير من السنة الحالية.

ويمكن لضخ هذه السيولة الإضافية لمصلحة الموظفين والمودعين أن تساهم في الحفاظ على التوازن المعيشي النسبي، وفق مصادر اقتصادية معنية، لا سيما في مواجهة موجة الغلاء الطارئة التي طالت معظم المواد الأساسية والاستهلاكية والدواء؛ بسبب الاضطرابات المتصاعدة التي تصيب سلاسل التوريد والنقل بين المناطق، وبما يشمل تناقص المعروض في أسواق الخضراوات والفاكهة والحبوب وسواها، التي ترد بشكل أساسي من محافظات الجنوب والبقاع.


مقالات ذات صلة

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه.

محمد شقير
المشرق العربي برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)

بري لـ«الشرق الأوسط»: انتخابات الرئاسة في موعدها... ولا نشترط تفاهمات مسبقة حول الحكومة

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن المساعي مستمرة لإنجاح الجلسة النيابية المقررة في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية.

ثائر عباس (بيروت)
خاص ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: ميقاتي أعطى تعليمات للمؤسسات اللبنانية للتعاون مع «هيئة تحرير الشام»

فُتِحَت قنوات التواصل بين لبنان والحكومة السورية المؤقتة، ونَقَل دبلوماسيون رسالة من قائد «هيئة تحرير الشام» إلى لبنان بأنه لا مشكلة مع الدولة اللبنانية

يوسف دياب

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
TT

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)

استمراراً للحملة التي يقودها منذ قرابة عام للحد من قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن، أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة أخرى للقيادة والسيطرة في صنعاء، ليل السبت - الأحد، قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته منذ بدء الحملة، بنيران صديقة ونجاة الطيارين.

وتشن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلى جانب الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وأفاد سكان صنعاء، حيث العاصمة اليمنية المختطفة، بدوي انفجارات ضخمة جراء الغارات التي ضربت منطقة عطان التي يعتقد أنها لا تزال تضم مستودعات للصواريخ الحوثية، وكذا معسكر الحفا الواقع بالقرب من جبل نقم شرق المدينة.

وأقرت الجماعة الحوثية بتلقي الضربات في صنعاء، وبتلقي غارة أخرى ضربت موقعاً في جبل الجدع التابع لمديرية الحديدة شمال محافظة الحديدة الساحلية، دون الحديث عن آثار هذه الضربات.

ومع وجود تكهنات باستهداف عناصر حوثيين في منشأة السيطرة والتحكم التي قصفتها واشنطن في صنعاء، أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نفذت غارات جوية وصفتها بـ«الدقيقة» ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وسيطرة تديرها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في صنعاء.

وأوضح البيان الأميركي أن القوات نفذت ضرباتها في صنعاء بهدف تعطيل وتقليص عمليات الحوثيين، مثل الهجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

إسقاط صاروخ ومسيّرات

خلال العملية نفسها، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها أسقطت كثيراً من الطائرات الحوثية من دون طيار الهجومية أحادية الاتجاه وصاروخ كروز المضاد للسفن فوق البحر الأحمر، وأشارت إلى أن العملية شاركت فيها قوات جوية وبحرية، بما في ذلك طائرات من طراز «إف 18».

وتعكس الضربة - بحسب البيان - التزام القيادة المركزية الأميركية المستمر بحماية أفراد الولايات المتحدة وقوات التحالف والشركاء الإقليميين والشحن الدولي.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وفي وقت لاحق، قالت القيادة المركزية الأميركية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم إسقاط إحدى مقاتلاتها من طراز «إف 18» فوق البحر الأحمر، صباح الأحد (بتوقيت اليمن)، عن طريق الخطأ، ما أجبر طياريها على القفز بالمظلة.

في غضون ذلك زعم الحوثيون أنهم أفشلوا الهجوم الأميركي واستهدفوا حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» وعدداً من المدمرات التابعة لها باستخدام 8 صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيّرة. وبحسب ادعاء المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أسفرت العملية عن إسقاط طائرة «إف 18» أثناء محاولة المدمرات التصدي للمسيّرات والصواريخ، كما زعم المتحدث الحوثي أن حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» انسحبت بعد استهدافها من موقعها السابق نحو شمال البحر الأحمر، بعد تعرضها لأكثر من هجوم من قبل القوة الصاروخية والقوات البحرية وسلاح الجو المسيّر التابع للجماعة.

وإذ تعد هذه أولى مقاتلة تخسرها الولايات المتحدة منذ بدء غاراتها على الحوثيين في 12 يناير (كانون الثاني) 2024، أكدت القيادة المركزية أنه تم إنقاذ الطيارين الاثنين، وأصيب أحدهما بجروح طفيفة بعد «حالة إطلاق نيران صديقة على ما يبدو»، ولا يزال ذلك قيد التحقيق.

سفينة مدمرة في موقع ضربته القوات الإسرائيلية بميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون (أ.ف.ب)

وذكر البيان أن الطائرة المقاتلة من طراز «إف إيه 18 هورنت» كانت تحلق فوق حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، وأن إحدى السفن المرافقة لحاملة الطائرات، وهي الطراد الصاروخي جيتيسبيرغ، أطلقت النار عن طريق الخطأ على الطائرة وأصابتها.

وكانت واشنطن أنشأت ما سمته تحالف «حارس الازدهار» في ديسمبر (كانون الأول) 2023 للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، وإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن، لكن ذلك لم يحل دون إيقاف هذه الهجمات التي ظلت في التصاعد، وأدت إلى إصابة عشرات السفن وغرق اثنتين وقرصنة ثالثة، إلى جانب مقتل 3 بحارة.

ومع تصاعد الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، وكان آخرها صاروخ انفجر في تل أبيب، وأدى إلى إصابة 23 شخصاً، يتخوف اليمنيون من ردود انتقامية أكثر قسوة من الضربات السابقة التي كانت استهدفت مواني الحديدة ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة (الخميس الماضي) استهدفت إلى جانب المواني محطتي كهرباء في صنعاء.

وفي أحدث خطبه، الخميس الماضي، قال زعيم الحوثيين إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1147 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مسيَّرة، فضلاً عن الزوارق المسيّرة المفخخة.

كما تبنى الحوثي مهاجمة 211 سفينة مرتبطة بمن وصفهم بـ«الأعداء»، وقال إن عمليات جماعته أدّت إلى منع الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، وعطّلت ميناء إيلات.