رهانات على خفض جديد للفائدة الأوروبية بعد قرار «الفيدرالي»

رغم تباين الظروف الاقتصادية

مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

رهانات على خفض جديد للفائدة الأوروبية بعد قرار «الفيدرالي»

مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

عزَّز الخفض الكبير لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة يوم الأربعاء الرهانات على المزيد من التيسير من جانب المصرف المركزي الأوروبي، في أكتوبر (تشرين الأول)، لكن هذا لا يزال غير الاحتمال الأكثر ترجيحاً نظراً للاختلافات في الحقائق الاقتصادية.

وقد خفض المركزي الأوروبي بالفعل أسعار الفائدة في يونيو (حزيران)، وفي وقت سابق من هذا الشهر، ويشير العديد من المسؤولين في المصرف إلى تخفيضات ثابتة وفورية كل ثلاثة أشهر في المستقبل لضمان هزيمة التضخم على أساس دائم، وفق «رويترز».

وفي حين أن الاندفاع الواضح من جانب الاحتياطي الفيدرالي يدعم بعض الحجج القائلة بأن المركزي الأوروبي يتخلف عن الركب في ضوء المخاطر المتزايدة للركود، فإن الاقتصاد الأساسي لم يتغير بين عشية وضحاها، وبالتالي فإن صناع السياسات المتشددين في المجلس التنفيذي قد يسوقون الحجج لصالح الانتظار حتى ديسمبر (كانون الأول).

وقال الخبير الاقتصادي في «ناتيكسيس»، ديرك شوماخر: «يحتاج المركزي الأوروبي إلى خفض أسعار الفائدة في أكتوبر (تشرين الأول)، لأن ما فعله (الفيدرالي) هو حجة سخيفة لن تلقى استحساناً في مجلس المحافظين».

وأضاف: «الطريقة الوحيدة لقول ذلك هي أن خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يغير بيانات منطقة اليورو، وقد يكون هذا هو الحال، ولكننا لم نشهد ذلك بعد».

وينعكس هذا أيضاً في تسعير السوق الذي يرى الآن فرصة بنسبة 35 في المائة لخفض أسعار الفائدة على الودائع بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر، ارتفاعاً من 30 في المائة في اليوم السابق، وهو تحول صغير، ولكن لا يزال ملحوظاً يجعل ديسمبر (كانون الأول) التاريخ الأكثر ترجيحاً للتحرك من جانب المركزي الأوروبي.

ومن المرجح أن يتخذ المركزي الأوروبي خطوات أبطأ، لأن لديه مهام أقل بكثير.

ولكن، في الوقت نفسه، لا يزال أمام المركزي الأوروبي 5 أو ربما 6 تخفيضات بمقدار 25 نقطة أساس للوصول إلى مستوى أسعار الفائدة «المحايد»، عند نحو 2 في المائة أو 2.25 في المائة، وفقاً لتقديرات مختلفة، بما في ذلك تقديرات المركزي الأوروبي.

وفي الوقت نفسه، ربما يكون لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي 8 تخفيضات من هذا القبيل في طور الإعداد بحلول ذلك الوقت، وبالتالي فإن أكبر مصرفين مركزيين في العالم قد يصلان إلى نقطة النهاية من تخفيف السياسة في نفس الوقت.

ثم هناك الأساسيات؛ فمن المتوقَّع أن يرتفع معدل التضخم في منطقة اليورو، الذي يبلغ الآن 2.2 في المائة، إلى نحو 2.5 في المائة بحلول نهاية العام، ومن المرجَّح أن يتراجع ببطء إلى 2 في المائة بحلول الأسابيع الأخيرة من عام 2025، مع دفع ضغوط الأجور المترسخة لتكاليف الخدمة إلى الارتفاع.

ولهذا السبب حذر صناع السياسات المتشددون، أو الصقور في لغة السوق، من التحرك بسرعة كبيرة.

وقد دفع بيتر كازيمير من سلوفاكيا بالفعل إلى الانسحاب في أكتوبر، في حين أكد واضعو أسعار الفائدة المؤثرون إيزابيل شنابل وكلاس نوت في الماضي أن التحركات الفصلية التي تتزامن مع التوقعات الجديدة أمر منطقي.

وقال رئيس المصرف المركزي الألماني، يواكيم ناغل، يوم الأربعاء: «التضخم ليس حالياً حيث نريده أن يكون».

ومن المرجح أن يحتفظ صناع السياسات المتشددون، الذين قادوا سلسلة قياسية من زيادات أسعار الفائدة في عامي 2022 و2023، بأغلبية آرائهم، وهذا هو السبب في أن الأسواق لا تضع في الحسبان تحركات المركزي الأوروبي بعد قرار «الفيدرالي».

وقال فرانسيسكو بيسول من «آي إن جي»: «في نهاية المطاف، فإن الصقور الصريحين من شأنهم أن يجعلوا الأسواق مترددة في تسعير المزيد من التيسير من جانب المركزي الأوروبي، على الرغم من النفوذ الحمائمي لبنك الاحتياطي الفيدرالي».

ويرى الصقور «المتشددون» أن نمو الأجور لا يزال سريعاً للغاية.

وارتفعت تكاليف العمالة بنسبة 4.7 في المائة في الربع الثاني، وهو ما يفوق بكثير معدل 3 في المائة الذي يُعتبر متسقاً مع هدف التضخم الذي حدده المركزي الأوروبي، وتستمر النقابات في المطالبة بزيادات كبيرة في الأجور للتعويض عن خسارة الدخل الحقيقي.

كما أن المركزي الأوروبي لا يحصل على كثير من البيانات ذات الصلة حقاً خلال الأسابيع الأربعة حتى اجتماعه في السابع عشر من أكتوبر.

ولا تأتي أرقام الأجور والنمو إلا في الفترة التي تسبق شهر ديسمبر (كانون الأول)، عندما يتم أيضاً نشر التوقعات الجديدة. وهذا يترك للمركزي الأوروبي أرقاماً من الدرجة الثانية، مثل بيانات المسح بشأن الإقراض ونيات الأعمال.

الحمائم

ومع ذلك، فإن الحمائم (الذين يميلون إلى تبني سياسات نقدية توسعية)، ومعظمهم من جنوب أوروبا، يواصلون الدعوة إلى تسريع وتيرة التيسير النقدي.

ويزعم رئيس المصرف المركزي البرتغالي والأكثر صراحة في تبني سياسة الحمائم، ماريو سنتينو، أن آفاق النمو تتدهور بسرعة كبيرة لدرجة أن المركزي الأوروبي قد يفشل في تحقيق هدفه للتضخم ما لم يتحرك بسرعة.

وقال سينتينو لصحيفة «بوليتيكو»: «نظراً للموقف الذي نحن فيه اليوم، في دورة السياسة النقدية، يتعين علينا حقاً أن نعمل على تقليل مخاطر عدم تحقيق الهدف، لأن هذا هو الخطر الرئيسي».

ويزعم الحمائم أن النمو متعثر، والصناعة في حالة ركود، والاستهلاك ضعيف، والناس يجمعون مدخراتهم، ربما خوفاً من التباطؤ.

وتُعتبر كل هذه العوامل انكماشية، وتخلق مخاطر سلبية على نمو الأسعار.

ويقولون أيضاً إن التضخم سوف يتراجع إلى المستوى المستهدف في سبتمبر (أيلول)، وحتى لو حدث ارتفاع طفيف في الأشهر المقبلة فإن شبح التضخم الجامح قد هُزم، خصوصاً أن أسعار الطاقة لا تزال منخفضة.


مقالات ذات صلة

ما المتوقع من بيانات التضخم الأميركية اليوم؟

الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

ما المتوقع من بيانات التضخم الأميركية اليوم؟

من المحتمل أن يكون التضخم في الولايات المتحدة قد تفاقم الشهر الماضي على خلفية ارتفاع أسعار الغاز والسيارات المستعملة. فكيف سينعكس ذلك على قرار «الفيدرالي»؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الزبائن يتسوقون بأحد أكشاك الفاكهة والخضراوات في شارع بورتوبيللو بلندن (لندن)

تراجع التضخم البريطاني بشكل غير متوقع إلى 2.5 % في ديسمبر

تباطأ التضخم في المملكة المتحدة بشكل غير متوقع، الشهر الماضي، حيث انخفضت مقاييس النمو الأساسية للأسعار التي يتابعها بنك إنجلترا بشكل أكثر حدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

التضخم في السعودية يتباطأ إلى 1.9 % في ديسمبر

تباطأ التضخم في السعودية في ديسمبر الماضي إلى 1.9 % على أساس سنوي من 2 % في نوفمبر الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

الأسواق العالمية تتأرجح بانتظار بيانات التضخم الأميركية

أشارت العقود الآجلة للأسهم الأوروبية والأميركية إلى انتعاش متواضع يوم الثلاثاء، رغم أن ارتفاع عوائد السندات والدولار القوي جعلا المستثمرين يتوخون الحذر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد أشخاص يسيرون حاملين أمتعتهم في محطة للقطارات ببكين (إ.ب.أ)

رسوم ترمب قد تخفّض نمو الصين إلى 4.5 % في 2025

أظهر استطلاع أجرته وكالة «رويترز» أن النمو الاقتصادي في الصين من المرجح أن يتباطأ إلى 4.5 في المائة في عام 2025، وأن يتراجع أكثر إلى 4.2 في المائة في عام 2026.

«الشرق الأوسط» (بكين)

وزير النقل السعودي: نتمتع ببنية تحتية قوية لدعم صناعة التعدين

وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي المهندس صالح الجاسر خلال «مؤتمر التعدين» (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي المهندس صالح الجاسر خلال «مؤتمر التعدين» (الشرق الأوسط)
TT

وزير النقل السعودي: نتمتع ببنية تحتية قوية لدعم صناعة التعدين

وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي المهندس صالح الجاسر خلال «مؤتمر التعدين» (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي المهندس صالح الجاسر خلال «مؤتمر التعدين» (الشرق الأوسط)

قال وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، إن لدى المملكة بنية تحتية قوية لدعم صناعة التعدين، كما أن شبكة الطرق هي الأكثر ارتباطاً عالمياً.

وأضاف: «في العام الماضي وحده، قمنا بنقل أكثر من 25 مليون طن من البضائع في نظام السكك الحديدية لدينا، ومعظمها من المعادن».

وذكر أن السعودية استثمرت في الطرق لسنوات كثيرة، وأن مواني المملكة عصرية ومجهزة بأحدث التقنيات، ولديها شبكة من 5500 خط سكة حديد، والتي بُنِيت إلى حد كبير لدعم صناعة اللوجستيات وصناعة التعدين بشكل خاص.

وأكمل: «عندما قمنا ببناء استراتيجيتنا الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، تم بناؤها بالتنسيق الكامل مع وزارة الصناعة والثروة المعدنية لضمان أننا نلبي الخطط الطموحة لديهم لبناء صناعة التعدين».

وكشف الجاسر عن أن نحو 50 في المائة من التمويل في قطاع النقل والخدمات اللوجستية سيتم توجيهه للسكك الحديدية، وهذا بالتالي يدعم الصناعة والمعادن.

وأضاف أن عدد خطوط السكك الحديدية تضاعف في السنوات الثلاث الأخيرة، وأن «عدد الخطوط الوطنية والدولية التي تتواصل مع موانينا ارتفع من 53 إلى 115». ولفت إلى أن نظام النقل والخدمات اللوجستية تم بناؤه بتقنيات حديثة وصديقة للبيئة.

وأوضح الجاسر أن المرونة مهمة جدّاً، و«لقد اختُبرت المرونة خلال جائحة (كوفيد) وأيضاً خلال أزمة البحر الأحمر الحالية، حيث تأثر نحو 50 في المائة من التجارة في البحر الأحمر بما يحدث. ومع ذلك، زادت وارداتنا وصادراتنا بنسب مرتفعة من خانة الأرقام الأحادية في العام الماضي».