إيران والأوروبيون يختبرون الدبلوماسية قبل الانتخابات الأميركية

بزشكيان يقرأ رسالة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء الماضي (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يقرأ رسالة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء الماضي (الرئاسة الإيرانية)
TT

إيران والأوروبيون يختبرون الدبلوماسية قبل الانتخابات الأميركية

بزشكيان يقرأ رسالة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء الماضي (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يقرأ رسالة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء الماضي (الرئاسة الإيرانية)

يجتمع مسؤولون إيرانيون وأوروبيون على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل، لمناقشة فرص الجانبين، بشأن إيجاد طريق للعودة إلى الدبلوماسية بخصوص برنامج إيران النووي، وخفض التوترات مع إسرائيل والغرب.

وفي أول زيارة له للغرب منذ انتخابه في يوليو (تموز)، تحط طائرة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأحد المقبل، على الأراضي الأميركية قبل 6 أسابيع من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، والتي قد تعيد الرئيس السابق دونالد ترمب -المعارض القوي للتسوية مع إيران- للبيت الأبيض.

وقال بزشكيان، في مؤتمر صحافي الاثنين، إنه من الممكن لإيران أن تجري محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة إذا أثبتت واشنطن فعلياً أنها ليست معادية للجمهورية الإسلامية.

بزشكيان في زيارة مفاجئة للبرلمان بعدما أثار غضب النواب المحافظين بسبب تصريحاته عن الاتفاق النووي الثلاثاء (خانه ملت)

وأضاف بزشكيان: «لا نعادي الولايات المتحدة. عليها أن توقف عداءها تجاهنا من خلال إظهار حسن نيتها ​​عملياً»، مضيفاً: «نحن إخوة للأميركيين أيضاً»، ورهن لقاءه مع الرئيس الأميركي، بإثبات الأخوة من الطرف المقابل. وتابع: «سنذهب إلى أميركا لنوضح مواقفنا، وندافع عن حقوق شعبنا. في الوقت الحالي، هناك أحاديث توحي بأننا نبحث عن الحرب؛ لكننا دعاة للسلام، ويجب أن ندافع عما نعتقده».

وأصر بزشكيان على أن طهران لا ترغب في تخصيب اليورانيوم بمستويات قريبة من تلك المستخدمة في الأسلحة، ولكنها اضطرت إلى ذلك بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع القوى العالمية.

ورفض التخلي عن البرنامج الباليستي، قائلاً: «لن نتخلى عن قدرتنا الدفاعية ما لم يتم نزع سلاح الجميع في منطقتنا... لا تفرضوا علينا عقوبات أو تهديدات، لن نقبل بالتهديد».

وفي سياق الموقف المعلن، نقلت «رويترز» عن 3 مسؤولين إيرانيين أن بزشكيان، سيُوجه رسالة مفادها أن «طهران منفتحة على الدبلوماسية، في حين يؤكد أن بلاده لن تخضع للضغوط».

ويأمل قادة إيران أن يروا تخفيفاً للعقوبات الأميركية المفروضة بسبب برنامج بلدهم النووي. لكن العلاقات مع الغرب ساءت منذ اتهام إيران بدعم روسيا في الحرب مع أوكرانيا بإرسال طائرات مسيّرة، وتفاقم الوضع مع اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ومن غير الواضح ما إذا كان بوسع الأوروبيين والإيرانيين إيجاد مجالات للتسوية في نيويورك، إذ تُسرع إيران برنامجها النووي، في حين تحد من قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة على مراقبته.

وتضغط بريطانيا وفرنسا وألمانيا، القوى الأوروبية الوحيدة التي وقعت على الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، من أجل سياسة أكثر صرامة للضغط على طهران للعودة إلى الحوار، خشية أن يشجع انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات طهران ولا يترك مجالاً يُذكر للدبلوماسية.

عراقجي وإنريكي مورا المنسق الأوروبي للمحادثات النووية خلال مباحثاتهما في طهران 13 يوليو الماضي (إرنا)

وقد يكون لدى بزشكيان مساحة صغيرة للدبلوماسية، لكن القرار النهائي بيد صاحب القول الفصل في سياسة طهران النووية والخارجية، المرشد الإيراني علي خامنئي، وليس الرئيس.

وقال مسؤول إيراني، طلب عدم الكشف عن هويته: «يرى حكام إيران أن المواجهة المتوترة مع الغرب بشأن برنامج إيران النووي يجب أن تنتهي... لكن من خلال مفاوضات من موقع قوة وليس تحت ضغط».

وقالت كيلسي دافنبورت، مديرة سياسة منع الانتشار في رابطة الحد من التسلح، إنه من المرجح عدم وجود حديث موضوعي قبل الانتخابات الأميركية.

لكن اتخاذ خطوات مؤقتة، مثل تخفيف بعض العقوبات المفروضة على إيران مقابل توسيع مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنشآتها النووية، قد يكون أمراً ممكناً.

وأضافت كيلسي دافنبورت، المؤيدة بشدة للاتفاق النووي: «أن خفض التصعيد أمر معقول. أتصور أنه سيفيد الجانبين».

 إيران تلمح إلى استعدادها للحوار

ألمح خامنئي في خطاب ألقاه في أغسطس (آب) إلى استعداده لاستئناف المفاوضات النووية. كما أرسل تعيين عباس عراقجي وزيراً للخارجية إشارة «إيجابية»، إذ كان أحد المهندسين الرئيسيين للاتفاق النووي لعام 2015 الذي حد من قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات الغربية.

لكن تعيين مندوب إيران السابق في الوكالة الدولية، المتشدد كاظم غريب آبادي، نائباً لوزير الخارجية وكبيراً للمفاوضين النوويين، قد يحمل إشارة أيضاً عن تصلب إيران في المفاوضات.

صورة نشرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من غريب آبادي خلال اجتماع ربع سنوي في فيينا سبتمبر 2020

ولا تزال الشكوك قائمة عند الجانبين بشأن ما يمكن تحقيقه من خلال اجتماعات الأمم المتحدة؛ حيث من المقرر أن يلتقي بزشكيان وعراقجي بمسؤولين أوروبيين. ولم يتضح ما إذا كان كبير المفاوضين سيرافق وفد بلاده إلى نيويورك.

بالنسبة للأوروبيين، الذين ما زالوا طرفاً في الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترمب في 2018، هناك شعور بأن قيادة طهران لن تغير مسارها، وأن التوصل لأي اتفاق أوسع يشمل البرنامج النووي والدور الجيوسياسي لإيران غير واقعي في الوقت الحالي.

وهذا تحديداً صحيح بالنظر إلى هجوم إيران بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل في أبريل (نيسان) الماضي، والتقارير عن نقلها صواريخ باليستية إلى روسيا.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي أوروبي: «أعتقد أننا نبحث عن الأقل مقابل الأقل. عليك أن تفعل شيئاً في هذا الشأن، ونحن نفعل شيئاً في ذاك».

وذكر مسؤول إيراني ثانٍ أن طهران ترحب «بفكرة الأقل مقابل الأقل؛ لأن الظروف أسوأ بكثير مما كان عليه الأمر في عام 2015».

وتتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون وإسرائيل إيران باستخدام برنامجها النووي غطاءً لمحاولات تطوير القدرة على إنتاج الأسلحة. وتقول إيران إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط.

عودة العقوبات

لا يملك الغرب سوى القليل من الأدوات للضغط على طهران وسط مخاوف من أن الإدارة الأمريكية المقبلة، سواء بقيادة ترمب أو نائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس، ستحتاج إلى الوقت لمراجعة السياسة.

قد يمنح هذا القليل من الوقت لوضع خطة عمل مشتركة قبل أكتوبر (تشرين الأول) 2025 عندما ينتهي العمل بقرار مجلس الأمن رقم 2231، الذي وفّر صلاحية لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.

وقال مسؤول أوروبي كبير: «هذا يخاطر بسحب أداة الضغط الرئيسية لدينا على إيران؛ لذا يتعين علينا ممارسة الضغط الآن».

ولم تقرر «الترويكا الأوروبية» بعد ما إذا كانت ستُعيد فرض العقوبات ومتى، لكنها تثير على مدى عدة أشهر احتمال القيام بذلك لمحاولة استعادة بعض النفوذ على إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي الجديد في نهاية يناير (كانون الثاني).

وفي إشارة إلى إحباطها من إدارة بايدن، مضت «الترويكا الأوروبية» قدماً في يونيو (حزيران) بقرار يوبخ إيران في «الذرية» على الرغم من التحفظات الأميركية على أن هذا القرار قد يؤدي إلى تفاقم الأجواء الجيوسياسية المتوترة بالفعل.

وقال دبلوماسيون أوروبيون ومسؤول أميركي إن إدارة بايدن حاولت إبعاد ملف إيران عن مهام الرئيس، لإفساح المجال لأولويات أخرى.

وصرح عراقجي للتلفزيون الرسمي في 15 سبتمبر (أيلول) الحالي بأنه «مع اقتراب موعد الانتخابات، فإن الأميركيين ليسوا مستعدين لمفاوضات جادة... ومع ذلك، إذا لزم الأمر، فسنبادر بالاتصال بالأوروبيين، ولن ننتظر الولايات المتحدة».

صورة التقطها قمر «بلانت لابس» لحفريات تحت جبل قرب منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم وسط إيران في 14 أبريل 2023 (أ.ب)

وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة «تنسق عن كثب مع (الترويكا الأوروبية) بشأن نهجنا تجاه إيران، ويشمل ذلك ما يتعلق بالتقدم النووي المثير للقلق الذي تحرزه إيران».

ومات الاتفاق النووي لعام 2015 تقريباً، والوحدة الدولية خلال إبرام ذلك الاتفاق، عندما وقفت روسيا والصين إلى جانب القوى الغربية، لم تعد موجودة.

ومن بين السيناريوهات التي تفكر فيها إيران في حال فوز ترمب، هي ضمان تأييد الأوروبيين للاتفاق النووي، وتجنب تفعيل آلية لإعادة قرارات أممية مجمدة بموجب الاتفاق النووي، والتعويل على الانقسام بين ضفتي الأطلسي.


مقالات ذات صلة

برهم صالح لـ«الشرق الأوسط»: العراق أفضل شاهد على العنف... والمنطقة قريبة من الهاوية

المشرق العربي الرئيس العراقي السابق برهم صالح (الشرق الأوسط)

برهم صالح لـ«الشرق الأوسط»: العراق أفضل شاهد على العنف... والمنطقة قريبة من الهاوية

دشّنت «الشرق الأوسط» سلسلة جلسات حوارية مع صنّاع القرار حول العالم، بدأت مع الرئيس العراقي السابق برهم صالح، الذي قدّم تصوراته عن مستقبل التصعيد في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني خلال مؤتمر صحافي الیوم (جماران)

إيران تنفي استهداف مسؤولين أميركيين سابقين

قالت إيران إن اتهامها باستهداف مسؤولين أميركيين سابقين «لا أساس له من الصحة». وقال محمد جواد ظريف نائب الرئيس الإيراني إن بلاده لم ترسل أشخاصاً لتنفيذ اغتيالات.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب (أ.ب)

بعد محاولة اغتياله... ترمب يعود مجدداً لعقد تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا

أعلن المرشح الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة دونالد ترمب عن نيته الظهور مجدداً في الموقع الذي تعرض فيه لمحاولة اغتيال في يوليو (تموز) الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي 
خامنئي خلال لقائه أمس قدامى المحاربين في الحرب العراقية - الإيرانية (إ.ب.أ)

خامنئي: «حزب الله» تلقّى ضربة... ولن يركع

أقرّ المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس (الأربعاء)، بأن «حزب الله» اللبناني تلقّى ضربة باغتيال قادة له من قِبل إسرائيل، لكنه شدّد على أن هذا الحزب «لن يركع».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي (إ.ب.أ)

غروسي إلى صفحة جديدة من محادثات «نووي إيران»

قال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إنه «لمس» رغبة كبرى لدى المسؤولين الإيرانيين حول التواصل مع الوكالة بعد محادثات في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن

الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن
TT

الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن

الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه اعترض بنجاح فجر الجمعة صاروخا أطلق من اليمن باتجاه وسط الدولة العبرية حيث دوّت صافرات الإنذار، مشيرا إلى أنّ عملية الاعتراض أسفرت عن دويّ انفجارات وتساقط شظايا.
وقال الجيش في سلسلة بيانات متلاحقة إنّ "صفارات الإنذار التي انطلقت في مناطق متعددة وسط إسرائيل هي نتيجة صاروخ أطلق من اليمن"، مؤكدا أنّ "الصاروخ تمّ اعتراضه بنجاح بواسطة منظومة الدفاع الجوي آرو (السهم)".