استفزازات انقلابية في تعز اليمنية... وتغييرات عقائدية

استخدام «الليزر» لعرض الشعارات الطائفية على معالم المدينة

شعاع من الليزر الأخضر استخدمه الحوثيون لرسم شعاراتهم على قلعة القاهرة في مدينة تعز (إكس)
شعاع من الليزر الأخضر استخدمه الحوثيون لرسم شعاراتهم على قلعة القاهرة في مدينة تعز (إكس)
TT

استفزازات انقلابية في تعز اليمنية... وتغييرات عقائدية

شعاع من الليزر الأخضر استخدمه الحوثيون لرسم شعاراتهم على قلعة القاهرة في مدينة تعز (إكس)
شعاع من الليزر الأخضر استخدمه الحوثيون لرسم شعاراتهم على قلعة القاهرة في مدينة تعز (إكس)

بعد نحو ثلاثة أشهر من فتح الطريق الرابطة بين مدينة تعز اليمنية (جنوب غرب) وضاحيتها الشرقية الحوبان، لا تزال الجماعة الحوثية التي تسيطر على هذه الضاحية، تمارس استفزازات متنوعة للسكان، وتسعى لإحداث تغييرات عقائدية مستغلة المناسبات الدينية واحتفالاتها بالمولد النبوي.

ومنذ أيام استخدمت الجماعة معدات وأجهزة حديثة لتوجيه شعاع ضوئي أخضر من أقرب مرتفع في ضاحية الحوبان، والمعروف بـ«تلة سوفتيل» لرسم شعاراتها الطائفية على قلعة القاهرة التي تعد أبرز معالم المدينة، ويمكن رؤيتها من غالبية أحيائها. وجاء هذا التصرف ضمن استعدادات الجماعة للاحتفال بالمولد النبوي الذي تستخدم له الأضواء والزينة الخضراء.

باستخدام الليزر الأخضر نشر الحوثيون صوراً لمؤسسهم وشعاراتهم على المباني والجبال في تعز (إكس)

وقوبل هذا التصرف باستنكار شعبي واسع في مختلف مناطق البلاد، خصوصاً في محافظة تعز وضاحية الحوبان، وردت قوة من الجيش الوطني على تلك الاستفزازات بعملية قنص تمكنت من إتلاف الأجهزة المستخدمة.

ويكشف بشير سلطان، أحد سائقي سيارات الأجرة الجماعية التي تعمل في نقل الركاب بين الحوبان ومدينة تعز، عن إلزام نقاط التفتيش في طريق الحوبان لمالكي وسائقي السيارات المتوجهة إلى قلب مدينة تعز على شراء واستخدام الزينات الخضراء، لاستفزاز سكان المدينة.

لكن غالبية سائقي السيارات المتجهة من الحوبان إلى المدينة يفضلون دفع رشى لنقاط التفتيش على أن يلتزموا بالأوامر الحوثية، أو يعمل السائقون على إزالة الزينات بمجرد دخولهم إلى المدينة، طبقاً لإفادة سلطان لـ«الشرق الأوسط».

ونشرت الجماعة الحوثية اللون الأخضر في مناطق سيطرتها ضمن احتفالاتها السنوية بالمولد النبوي، بطلاء الجدران ونشر الزينات والأضواء الخضراء.

ممارسات صبيانية

مثّل استخدام الأشعة الضوئية الليزرية لإبراز الشعارات الحوثية على معالم مدينة تعز استفزازاً مستحدثاً للسكان الذين حاصرتهم الجماعة على مدى 9 سنوات، وهو الحصار الذي لا يزال مفروضاً رغم فتح أهم وأكبر الطرقات.

وفق كمال شعلان، وهو ناشط مجتمعي في المدينة، فإن الجماعة الحوثية التي قتلت سكان المدينة وجوعتهم ومارست ضدهم مختلف الانتهاكات، لجأت أخيراً إلى مثل هذه الممارسات التي وصفها بـ«الصبيانية»، لإثبات وجودها وسطوتها عليهم، بعد أن اضطرت إلى إيقاف قصف الأحياء السكنية وقنص المدنيين.

فعالية حوثية في تعز جرى فيها حشد عدد كبير من القادة العقائديين لحث السكان على مشاركة الجماعة احتفالاتها (إعلام حوثي)

ويضيف شعلان لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة لجأت لهذه التصرفات للتذكير بوجودها قريباً من المدينة التي لا تزال تحت الحصار المفروض عليها من عدة جهات، إلى جانب سيطرتها على عدد من مديرياتها، مشيراً إلى أنها لجأت أخيراً إلى محاولات إحداث تغييرات عقائدية في المديريات الواقعة تحت نفوذها، رغم أنها لم تقدم على ذلك بهذا الشكل في السابق.

وخلال الأيام الأخيرة كثفت الجماعة الحوثية من أنشطتها التحضيرية للاحتفال بالمولد النبوي في المديريات الواقعة تحت سيطرتها من محافظة تعز بشكل لم يكن مسبوقاً خلال الأعوام الماضية.

وحشدت الجماعة عدداً كبيراً من قادتها العقائديين ورجال الدين الموالين لها في المحافظة إلى فعالية كبيرة بغرض توجيههم لحث السكان على المشاركة في الاحتفال والفعالية المصاحبة له، والتبرع بالأموال لتغطية تكاليف تلك الاحتفالات وشراء الزينة.

ومن القيادات التي شاركت في الفعالية، عصام السماوي الذي عينته الجماعة رئيساً للمحكمة العليا، وأحمد المساوي الذي منحته صفة القائم بأعمال محافظ المحافظة، وإبراهيم عقبات المعين رئيساً للجنة التفتيش القضائي في النيابة، إلى جانب القيادي سلطان السامعي عضو ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الحوثي)، الذي ينتمي لمحافظة تعز.

وأبدى سكان في منطقة الحوبان لـ«الشرق الأوسط» استغرابهم وقلقهم من الاستعدادات غير المسبوقة للاحتفال بالمولد النبوي، وإصرار الجماعة في الفترة الأخيرة على فرض تغييرات عقائدية بشكل ملحوظ.

تغييرات حذرة

يشعر سكان منطقة الحوبان والمديريات الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية بالقلق من وجود مساع حوثية لفرض تغييرات عقائدية. ورغم أنه لم يتم الإفصاح عن أي نيات في هذا الشأن، فإن بعض الإجراءات المتبعة توحي بهذا التوجه وفقاً لشهادات بعض السكان.

ويشير السكان إلى فرض الجماعة الحوثية بعض خطباء المساجد الموالين لها، وهو ما دفع الكثير منهم إلى رفض حضور خطبة الجمعة في تلك المساجد، والانتقال إلى مساجد أخرى.

عمال النظافة بمناطق سيطرة الحوثيين في تعز بفعالية أجبرتهم الجماعة على حضورها بالقوة (فيسبوك)

وينوه سكان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأن هذه التغييرات حدثت بشكل محدود، مرجحين أن تكون الجماعة تهدف إلى تمرير هذه التغييرات دون ضجيج؛ خوفاً من رد فعل المجتمع، إلا أنها، أي التغييرات، كانت ملحوظة، ودفعت بكثيرين إلى رفضها.

وخلال الشهر الماضي رفض المصلون في المنفذ الشرقي لمدينة تعز، وتحديداً في الجانب الواقع تحت سيطرة الجماعة، حضور صلاة الجمعة في مسجد الرحمن، وهو أكبر مساجد المنطقة، بسبب فرض خطيب موالٍ للجماعة.

وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام المحلية، مقطع فيديو لمغادرة المصلين وقت بدء صلاة الجمعة عند اكتشافهم وجود خطيب جديد غير الذي تعودوا حضور خطبته في السابق.

وتبين مصادر محلية في المنطقة أن الجماعة الحوثية كثفت من استقطاباتها العقائدية خلال الأسابيع الماضية، وذلك بعد فتح الطريق بين الحوبان ومدينة تعز، وتضمن ذلك إقامة فعاليات للترويج للأفكار الحوثية مستغلة المناسبات الدينية مثل ما يسمى عيد الغدير وعاشوراء وأخيراً المولد النبوي.

رغم فتح الطريق بين مدينة تعز وضاحية الحوبان فإنه لا يزال السكان يسلكون طرقاً وعرة بسبب الحصار الحوثي (أ.ف.ب)

ويرى الكاتب اليمني باسم منصور أن الجماعة الحوثية تريد تمرير التغييرات التي تخدمها عقائدياً خارج مناطق ما يسمى بحاضنتها الشعبية، ببطء وحذر شديدين خوفاً من ردة فعل المجتمع.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» فسّر منصور التصرفات الأخيرة للجماعة في محافظة تعز، بأنها تأتي ضمن مخاوف الجماعة من حدوث تغيير في سلوك سكان الحوبان والمناطق الواقعة تحت سيطرتها بعد عودة اتصالهم بالسكان في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، وإمكانية حدوث أفعال مقاومة ورفض للنفوذ الحوثي.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ: خفض التصعيد الاقتصادي تفادى أزمة حادة

العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

غروندبرغ: خفض التصعيد الاقتصادي تفادى أزمة حادة

اعترف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بتعثر جهود السلام التي يقودها بين الحكومة اليمنية والحوثيين بسبب الحرب في غزة والتصعيد الإقليمي المرتبط بها.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي نفَّذ البرنامج السعودي أكثر من 229 مشروعاً ومبادرة تنموية في مختلف المناطق اليمنية (سبأ)

«البرنامج السعودي» يدرس إنشاء صندوق لدعم التنمية الزراعية في اليمن

ناقش مسؤول سعودي مع وكيل وزارة الزراعة والري اليمنية، إنشاء صندوق لدعم التنمية الزراعية في اليمن، إلى جانب أبرز التحديات التي تواجه قطاع الزراعة في البلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الحوثيون فرضوا تمرير تعديلات على قانون السلطة القضائية لتثبيت قبضتهم (إعلام محلي)

​اتهامات للحوثيين بنسف العدالة غداة تعديلات قانون القضاء

فرضت الجماعة الحوثية في اليمن تعديلات غير دستورية على قانون السلطة القضائية بمناطق سيطرتها تمكنها من استكمال السيطرة على القضاء وتعيين معمميها بالمحاكم

محمد ناصر (تعز)
الخليج القوات المشتركة السعودية تواصل جهودها الإنسانية في الأراضي اليمنية كافّة (الشرق الأوسط)

القوات المشتركة تنقل 1000 من سكان سقطرى في رحلات مجانية خلال 9 أشهر

تواصل القوات المشتركة السعودية جهودها الإنسانية في جميع الأراضي اليمنية حيث سيّرت مؤخراً بالتنسيق مع السلطة المحلية في محافظة أرخبيل سقطرى رحلة جوية مجانية إلى…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي مقاتلة «إف 18» تنطلق من حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر لصد هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

ضربات أميركية تدمر 5 مسيّرات حوثية ومنظومتي صواريخ

أوضحت القيادة المركزية الأميركية أن قواتها دمرت خلال الـ24 ساعة الماضية 5 طائرات مسيرة تابعة للحوثيين المدعومين من إيران ومنظومتين صاروخيتين.

علي ربيع (عدن)

بعد إلغائها العام الماضي… المملكة المتحدة تعيد فرض تأشيرة السفر على الأردنيين

مطار هيثرو (أ.ب)
مطار هيثرو (أ.ب)
TT

بعد إلغائها العام الماضي… المملكة المتحدة تعيد فرض تأشيرة السفر على الأردنيين

مطار هيثرو (أ.ب)
مطار هيثرو (أ.ب)

فرضت المملكة المتحدة بداية من 10 سبتمبر (أيلول) 2024، متطلبات الحصول على تأشيرة للمواطنين الأردنيين.

ووفقاً لقناة «رؤية» الأردنية، هذا التغيير يعني أنه يتعين على المسافرين الأردنيين المتوجهين إلى المملكة المتحدة أو العابرين من خلالها الحصول على تأشيرة سارية المفعول، لتحل محل نظام تصريح السفر الإلكتروني (ETA) الذي كان مستخدماً سابقاً.

وقد منحت المملكة المتحدة فترة انتقالية تستمر حتى 8 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث لا يزال بإمكان المسافرين الذين حجزوا رحلاتهم قبل سريان القاعدة الجديدة استخدام تصريح السفر الإلكتروني الحالي الخاص بهم.

وقد أعلنت وزارة الداخلية البريطانية عن هذا القرار بسبب مخاوف بشأن إساءة استخدام نظام تصريح السفر الإلكتروني. واستشهدت وزارة الداخلية بحالات استخدم فيها مواطنون أردنيون تصريح السفر الإلكتروني لتقديم طلبات لجوء في آيرلندا، أحياناً تحت ذرائع كاذبة، وهو الأمر الذي دفع المملكة المتحدة إلى إعادة العمل بمتطلبات التأشيرة التقليدية.

وأكدت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية أن السفارة البريطانية في عمان أبلغتها رسمياً بقرار السلطات البريطانية إنهاء نظام تصريح السفر الإلكتروني، الذي تم طرحه في البداية في فبراير (شباط) 2024، لتسهيل طلبات التأشيرة الإلكترونية للأردنيين.

ووفق الدكتور سفيان القضاة، المتحدث باسم الوزارة، فإن رسالة وزير الداخلية البريطاني إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني عزت القرار إلى استمرار الانتهاكات والتجاوزات و«إساءة الاستخدام» لتصريح السفر الإلكتروني من قبل بعض المسافرين.

وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها السلطات الأردنية لمعالجة هذه القضايا من خلال الحوار مع المملكة المتحدة، فإن استمرار إساءة الاستخدام أدى إلى إعادة العمل بنظام التأشيرات السابق.

ولا تزال الحكومة الأردنية تجري مناقشات مع المملكة المتحدة لإعادة العمل بنظام تصريح السفر الإلكتروني المحتمل بشروط منقحة تلبي متطلبات كلا الطرفين، والهدف هو تسهيل زيارة الأردنيين للمملكة المتحدة، مع ضمان الامتثال لقوانين الهجرة.