الصين تُحذر شركاتها من بناء مصانع السيارات بالخارج

بكين تأمل في لقاء أوروبا «بمنتصف الطريق» لتعزيز العلاقات الاقتصادية

عامل يراقب شاحنة تنقل سيارات «تسلا» من مصنع الشركة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
عامل يراقب شاحنة تنقل سيارات «تسلا» من مصنع الشركة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
TT

الصين تُحذر شركاتها من بناء مصانع السيارات بالخارج

عامل يراقب شاحنة تنقل سيارات «تسلا» من مصنع الشركة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
عامل يراقب شاحنة تنقل سيارات «تسلا» من مصنع الشركة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

حذّرت وزارة التجارة الصينية شركات صناعة السيارات في البلاد من مخاطر القيام باستثمارات مرتبطة بالسيارات في الخارج، في اجتماع عقد مؤخراً، وفق ما قال شخصان مطلعان على الأمر لـ«رويترز»؛ إذ تسعى الشركات إلى التوسع العالمي لمواجهة تباطؤ النمو في سوقها المحلية.

وفي اجتماع عقد أوائل يوليو (تموز)، أخبرت الوزارة شركات صناعة السيارات المحلية بعدم الاستثمار في الهند، مستشهدة بتوجيه من الحكومة المركزية، و«نصحت بشدة» بعدم الاستثمار في روسيا أو تركيا، واستخدمت نبرة أكثر لطفاً لتسليط الضوء على المخاطر في بناء المصانع في أوروبا وتايلاند، وفق ما قال أحد الأشخاص.

وقال المصدر إن الوزارة شجّعت أيضاً شركات صناعة السيارات على استخدام المصانع في الخارج للتجميع النهائي للسيارات مع مكونات مفككة يتم تصديرها من الصين، وذلك للتخفيف من المخاطر المحتملة الناجمة عن قضايا جيوسياسية.

ولكن لم يتم تقديم أي نصيحة لهم للتأكد من بقاء تقنيات المركبات الكهربائية الأساسية في البلاد، كما ذكرت «بلومبرغ نيوز» لأول مرة، الخميس، وفق ما قال مصدران رفضا الكشف عن اسميهما؛ لأنهما غير مخولين بالتحدث إلى وسائل الإعلام. ولم ترد وزارة التجارة على الفور على استفسار أرسل بالفاكس للتعليق.

توترت العلاقات بين الصين والهند منذ اشتباك جيشيهما على حدودهما المتنازع عليها في جبال الهيمالايا في عام 2020، ما دفع نيودلهي إلى تشديد التدقيق على الاستثمارات الصينية، ووقف المشاريع الكبرى.

وتكافح شركة «سايك» المملوكة للدولة الصينية مع استثماراتها في الهند لسنوات. وقالت في أبريل (نيسان) إن الشركة ستجلب مستثمرين هنوداً لخلق بيئة تشغيلية أكثر ملاءمة لعلامتها التجارية «إم جي» في البلاد.

وفي روسيا، شهدت السيارات ذات العلامات التجارية الصينية نمواً في وجودها، بعد تراجع شركات صناعة السيارات الغربية بسبب العقوبات. وأفادت وكالة أنباء «تاس» الروسية المملوكة للدولة في أغسطس (آب) بأن شركة «شيري» تجري محادثات مع الشركات المصنعة الروسية حول إنتاج السيارات في المصانع الروسية، وفقاً لفلاديمير شماكوف، مدير فرع «شيري» الروسي.

وتبحث شركات صناعة السيارات الصينية بشكل متزايد عن التوسع في الخارج؛ إذ تكافح مشكلة فائض الطاقة المتزايدة بسبب ضعف الطلب في الصين، ما أدى إلى حرب أسعار طويلة وعنيفة. كما قوبلت جهودهم لتعزيز المبيعات في أسواق السيارات الكبرى، مثل أوروبا والولايات المتحدة، برسوم جمركية أعلى على السيارات الكهربائية.

ومع سعي العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك إسبانيا وإيطاليا، إلى جذب الاستثمار من شركات صناعة السيارات الصينية، تظل الشركات حذِرة من إنشاء إنتاج محلي بشكل مستقل هناك، الأمر الذي يتطلب قدراً كبيراً من الاستثمار وفهماً عميقاً للقوانين والثقافة المحلية.

وقال مسؤولو شركة «جيلي»، ثاني أكبر شركة لصناعة السيارات في الصين من حيث المبيعات، لـ«رويترز» في فرنكفورت هذا الأسبوع، إن الشركة تبحث عن مواقع لمصنع في أوروبا، لكنها لم تلتزم بشكل كامل ببناء الإنتاج المحلي.

واختار آخرون مثل «ليبموتور» الشراكة مع شركات محلية. وبدأ مشروع «ليبموتور» المشترك مع «ستيلانتس» في إنتاج السيارات الكهربائية بمصنع شركة صناعة السيارات الفرنسية الإيطالية في بولندا هذا العام.

تأتي الأنباء وسط تصعيد غربي صيني في عدة محاور تتعلق بالاقتصاد والتجارة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، الخميس، إن الصين تأمل في أن تتمكن أوروبا من الالتقاء بها في منتصف الطريق وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية الصحية والمستقرة.

وعندما سُئل المتحدث باسم وزارة الخارجية ماو نينغ عن تعليقات رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بأن الاتحاد الأوروبي يجب أن يُعيد النظر في التعريفات الجمركية المقترحة على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين، قال: «تقدر الصين تفكير سانشيز الموضوعي والعقلاني»، وأضاف: «تسعى الصين إلى إيجاد حلول يمكن أن يقبلها الجانبان».

وجاءت تعليقات ماو فيما سيزور وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو أوروبا في الأيام المقبلة لإجراء مناقشات حول قضية الاتحاد الأوروبي المناهضة للدعم ضد السيارات الكهربائية المصنعة في الصين، مع اقتراب موعد التصويت على فرض المزيد من تعريفات السيارات الكهربائية.

وقال متحدث باسم الوزارة الصينية في مؤتمر صحافي دوري، إن وانغ سيجري محادثات مع نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية والمفوض التجاري فالديس دومبروفسكيس في 19 سبتمبر (أيلول).

والمفوضية الأوروبية، التي تشرف على سياسات التجارة في الاتحاد الأوروبي، على وشك اقتراح تعريفات نهائية تصل إلى 35.3 بالمائة على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين، إضافة إلى رسوم استيراد السيارات القياسية البالغة 10 بالمائة في الاتحاد الأوروبي.

وستخضع الرسوم الجمركية النهائية المقترحة للتصويت من قِبَل الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي. وسيتم تنفيذها بحلول نهاية أكتوبر (تشرين الأول) ما لم تصوت أغلبية مؤهلة من 15 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي، تُمثل 65 بالمائة من سكان الاتحاد الأوروبي ضد الرسوم.

وقال سانشيز في الصين يوم الأربعاء: «لا نحتاج إلى حرب تجارية أخرى. إذا سألتني، فنحن بحاجة إلى إعادة النظر في موقفنا». وحتى الآن، كانت إسبانيا واحدة من أكثر المؤيدين علانية للرسوم الجمركية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين.


مقالات ذات صلة

السعودية تُرتب تسهيلات ائتمانية بـ2.5 مليار دولار لتمويل الميزانية

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

السعودية تُرتب تسهيلات ائتمانية بـ2.5 مليار دولار لتمويل الميزانية

أعلن المركز الوطني لإدارة الدين في السعودية إتمام ترتيب اتفاقية تسهيلات ائتمانية دوّارة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بهدف تمويل احتياجات الميزانية العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أعلام الولايات المتحدة والصين (رويترز)

معركة «الحظر التجاري» بين أميركا والصين تشتعل مع بداية 2025

قالت وزارة التجارة الأميركية الخميس إنها تدرس قواعد جديدة من شأنها فرض قيود على الطائرات الصينية دون طيار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)

الإيرادات العمانية ترتفع 15 % في 2024 مدفوعة بزيادة أسعار النفط

كشفت البيانات الأولية الصادرة عن وزارة المالية العمانية، الخميس، تسجيل البلاد إيرادات تُقدر بنحو 12.7 مليار ريال عماني (33 مليار دولار) في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد سيارات كهربائية بانتظار الشحن في ميناء يانتاي شرق الصين (أ.ف.ب)

شركات السيارات الكهربائية الصينية تمدد «حوافز الشراء»

مددت شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية حوافز الشراء حتى بداية عام 2025، مع استمرار حرب الأسعار، في أكبر سوق للسيارات في العالم، للعام الثالث على التوالي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد صينيون يحتفلون بقدوم العام الجديد في مدينة ووهان وسط الصين (أ.ف.ب)

اليوان والأسهم والعائدات الصينية تفتتح 2025 على هبوط قياسي

سجل اليوان الصيني أدنى مستوى في 14 شهراً بأول يوم تداول بالعام الجديد بينما هبطت الأسهم والعائدات على السندات الصينية

«الشرق الأوسط» (شنغهاي)

السعودية تُرتب تسهيلات ائتمانية بـ2.5 مليار دولار لتمويل الميزانية

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

السعودية تُرتب تسهيلات ائتمانية بـ2.5 مليار دولار لتمويل الميزانية

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

أعلن المركز الوطني لإدارة الدَّين في السعودية إتمام ترتيب اتفاقية تسهيلات ائتمانية دوَّارة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية؛ بهدف تمويل احتياجات الميزانية العامة بقيمة 2.5 مليار دولار (ما يعادل 9.4 مليار ريال)، تمتد على مدى ثلاث سنوات، وقد جرى تأمينه بمشاركة ثلاث مؤسسات مالية إقليمية ودولية.

ووفق بيانٍ، نشره المركز، الخميس، يأتي ترتيب هذه التسهيلات الائتمانية ضمن استراتيجية المملكة للدين العام متوسطة المدى، بتنويع مصادر التمويل لتلبية الاحتياجات التمويلية بتسعير عادل، ضمن أُطر وأسس مدروسة لإدارة المخاطر، ووفقاً لخطة الاقتراض السنوية المعتمَدة باستغلال فرص الأسواق لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي، مثل تمويل المشاريع التنموية ومشاريع البنية التحتية.