«ماكبث المصنع»... صرخة مسرحية للتحذير من الذكاء الاصطناعي

تستلهم رائعة شكسبير وتُمثل مصر في «التجريبي»

المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)
المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)
TT
20

«ماكبث المصنع»... صرخة مسرحية للتحذير من الذكاء الاصطناعي

المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)
المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)

في رائعة وليام شكسبير الشهيرة، «ماكبث»، تُجسد الساحرات الثلاث فكرة الشر؛ حين يهمسن للقائد العسكري لورد ماكبث بأنه سيكون الملك القادم على عرش أسكوتلندا، فينجرف وراء تلك النبوءة التي صادفت هوى قديماً في نفسه، ويقتل الملك الحالي «دانكن» حتى يجلس مكانه على كرسي الحكم، لكنه يواجه بعد ذلك مصيراً مأساوياً، جعل من تلك المسرحية واحدة من التراجيديات الشهيرة في الأدب العالمي.

يستلهم المخرج المصري محمود الحسيني تلك القصة في عمل معاصر أعد المعالجة الدرامية له، وهو «ماكبث المصنع»؛ الذي يُمثل مصر ضمن فعاليات المهرجان الدولي للمسرح التجريبي، الذي تمتد فعالياته حتى 11 سبتمبر (أيلول) الحالي بالقاهرة.

التكنولوجيا تحاصر إنسان العصر (مهرجان المسرح التجريبي)
التكنولوجيا تحاصر إنسان العصر (مهرجان المسرح التجريبي)

تضمّن العرض بحلّته المعاصرة مفارقة شديدة الدلالة؛ تتمثل في استبدال الذكاء الاصطناعي بالساحرات، وكأنه أصبح مصدر الشر في العصر الحديث، لا سيما حين يقترن بموت المشاعر والحياة الآلية الخالية من الأحاسيس التي يعيشها إنسان القرن الحادي والعشرين.

ويرى الناقد المسرحي، يسري حسان، أن «أبرز ما يُميز العرض هو الجرأة في التعامل مع نص عالمي شهير دون رهبة أو يد مرتعشة، فضلاً عن الاعتماد على فريق من الهواة من طلبة كلية الأسنان بجامعة القاهرة ليجسدوا شخصياته».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن أداء فريق التمثيل جاء مستوفياً المطلوب بشكل جيد، من حيث النجاح في ترجمة رؤية المخرج، وصنع حالة من التواصل العاطفي والانفعالي مع المتفرج».

توظيف العنصر النسائي في العرض (مهرجان المسرح التجريبي)
توظيف العنصر النسائي في العرض (مهرجان المسرح التجريبي)

ويحكي العمل قصة شاب طموح توفي والده وترك وراءه مصنعاً كبيراً، له سمعته، لكن عمّ الشاب هو مَن يتولى إدارته لاعتبارات عدة، منها السن والخبرة، ما يُثير عدم ارتياح ابن شقيقه الراحل. يسأل الشاب عمّه عن التوقيت الذي سيترك فيه دوره بصفته عاملاً عادياً وينتقل ليصبح الرجل الثاني بعده، ويرتدي الخوذة الفضية، فيجيبه العم إجابة غامضة تُثير حفيظته، قائلاً: «إن ذلك ربما يحدث بعد عام، وربما يحدث بعد ألف عام».

وهنا يأتي دور «مدركة»، وهي شخصية افتراضية تُجسد طغيان الذكاء الاصطناعي في العصر الحديث، وتشير إلى البطل بأن يقتل عمّه حتى لو كان المقابل أن يفقد عيناً وساقاً ويداً.

ويقبل الشاب بتلك الشروط التي تؤكد أن التشوه الداخلي الذي سمّم روحه وأخلاقه عبر الطمع والشراهة للنفوذ أصبح يوازيه تشوه خارجي؛ يتمثل في فقد أعضاء وأطراف حيوية من جسده.

وتتحقق النبوءة، وتتم الصفقة التي تُعيد إلى الأذهان الحكاية الشعبية الألمانية الشهيرة عن «فاوست»، الرجل الذي باع روحه للشيطان ليرضي طموحه، ويشبع نهمه للمغامرة والمعرفة، عبر امتلاك قوى خارقة.

ويقود الشاب سيارة ومعه عمه فتقع حادثة مروعة، ويموت العم ويخرج الشاب مصاباً إصابة بالغة.

وعلى خطى النص الشكسيبري، يتورط فتى المصنع في مزيد من إزهاق الأرواح، فالدم لا يؤدي إلا إلى دم أكثر، وقتل العم يستتبعه بالضرورة قتل ابنه حتى لا يرث مكانة أبيه. الزوجة في النصين عامل مُحرّض على القتل؛ مهمتها الأولى وأد أي مشاعر رحمة أو إنسانية أو تردد قد تعتمل في نَفس زوجها؛ إنها أول من تطلب المجد، لكنها أيضاً أول من تعاني من الكوابيس، وتتحول حياتها إلى جحيم من الهذيان ثم الجنون.

أداء تمثيلي جماعي لافت (مهرجان المسرح التجريبي)
أداء تمثيلي جماعي لافت (مهرجان المسرح التجريبي)

وتصل المأساة إلى ذروتها حين يشك فيها زوجها فيقتلها، ثم يفاجأ بأنها كانت تحمل طفله الأول بين أحشائها، فتصيبه لعنة الندم والخذلان إلى الأبد.

ويلفت حسان إلى أن «المخرج اعتمد منهج التقشف في الأداء التمثيلي، بحيث تصل الفكرة ويتعمق المعنى بأقل عدد من الأداءات التعبيرية والكلمات، بعيداً عن الثرثرة اللغوية أو الإسهاب».

مشيراً إلى أن «التعبير عن موت المشاعر، ولاإنسانية العصر، والطابع الآلي للحياة اليومية المعاصرة تم التعبير عنه في بداية العرض بشكل سلس، سريع الإيقاع، عبر مشاهد الاستيقاظ من النوم والعمل في المصنع، ثم العودة والذهاب إلى الفراش، ثم الاستيقاظ، في دائرة مفرغة تخلو من المشاعر، ويتحول فيها الفرد إلى مجرد آلة».


مقالات ذات صلة

بـ«عايض وفرقة السامري»… أبطال الدرعية يحتفلون في «ليلة التتويج»

رياضة سعودية الأمير خالد بن محمد رئيس نادي الدرعية و وزير السياحة أحمد الخطيب خلال تواجدهما في المباراة (نادي الدرعية)

بـ«عايض وفرقة السامري»… أبطال الدرعية يحتفلون في «ليلة التتويج»

سهرت جماهير مباراة الدرعية والعُلا الختامية في دوري الدرجة الثانية السعودي حتى وقت مبكر من فجر اليوم الثلاثاء على أنغام الفنان السعودي عايض.

سلطان الصبحي (الرياض) نواف العقيّل (الرياض)
يوميات الشرق حلمي خلال تسلم إحدى جوائز «ضي» في ختام المهرجان (حساب إلهام شاهين على فيسبوك)

​«ضي» يحصد 4 جوائز في ختام «هوليوود للفيلم العربي»

حصد الفيلم السعودي - المصري «ضي... سيرة أهل الضي» 4 جوائز في ختام النسخة الرابعة من مهرجان «هوليوود للفيلم العربي» الذي اختتمت فعالياته الأحد.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تو عدّ البلاد العربية ملهمة لتصوير أعماله (المركز الإعلامي لقمرة السينمائي)

المخرج الصيني جوني تو: البلاد العربية مُلهِمة سينمائياً

قال المخرج الصيني جوني تو، خلال مشاركته بالنسخة الـ11 من ملتقى «قمرة السينمائي» القطري، إن الفعاليات والملتقيات الفنية الدولية تعدّ فرصةً لتبادل الآراء البناءة.

داليا ماهر (الدوحة)
يوميات الشرق تلوين وأنشطة فنية في الهواء الطلق (الشرق الأوسط)

الجامعة الأميركية تحتفل بالقاهرة بوصفها «مدينة عالمية»

على مدار ثلاثة أيام، فتحت الجامعة الأميركية بالقاهرة أبوابها للجمهور لاستضافة النسخة الثانية من مهرجانها الثقافي السنوي في مقرها التاريخي.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق من جمهور مهرجان كواتشيلا (أ.ب)

انطلاق مهرجان «كواتشيلا» الموسيقي الأميركي وليدي غاغا من أبرز المشاركين

انطلق، الجمعة، مهرجان كواتشيلا الأميركي الضخم في صحراء كاليفورنيا، مع حفلة لليدي غاغا التي أشعلت الأجواء عبر مجموعة من أعمالها القديمة، والحديثة.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

الذكاء الاصطناعي قد يتيح للبشر فهم لغة الدلافين قريبًا

ربما قد نتمكن يوماً ما من إجراء دردشة مع الدلافين (رويترز)
ربما قد نتمكن يوماً ما من إجراء دردشة مع الدلافين (رويترز)
TT
20

الذكاء الاصطناعي قد يتيح للبشر فهم لغة الدلافين قريبًا

ربما قد نتمكن يوماً ما من إجراء دردشة مع الدلافين (رويترز)
ربما قد نتمكن يوماً ما من إجراء دردشة مع الدلافين (رويترز)

قد يتمكن العلماء قريباً من فهم الطريقة المذهلة التي تتحادث بها الدلافين بمساعدة الذكاء الاصطناعي، وفق تقرير لصحيفة «إندبندنت» البريطانية.

والدلافين كائنات بحرية ثرثارة فائقة الذكاء، تُعرف بسلوكها الاجتماعي المعقد، وأسماءها المميزة التي تُطلقها صافراتها، ونقراتها وأصواتها التي تُشكل حياتها في الماء.

ويُتوقع أن يُسهم نموذج ذكاء اصطناعي جديد اسمه «DolphinGemma» طورته «غوغل» في فك شفرة أحد أكثر أشكال التواصل تطوراً في المحيط. وقد تعاونت شركة التكنولوجيا مع باحثين من معهد جورجيا للتكنولوجيا ومشروع الدلافين البرية (WDP).

وتستخدم الدلافين مجموعة متنوعة من الأصوات عالية التردد لجذب شريك، والحفاظ على الانسجام الاجتماعي داخل المجموعة، والعثور على أصدقاء.

وقد جمع مشروع الدلافين البرية بياناتٍ غزيرة حول أصوات الدلافين، وبدأ في تحديد أنماطها، مثل الصافرات المميزة التي تستخدمها الأمهات وصغارها للعثور على بعضهم بعضاً.

ووجد المشروع أيضاً أن الدلافين تستخدم نبضات صوتية متقطعة أثناء المعارك، وتصدر أصواتاً طنينية عند التودد إلى شريك أو مطاردة أسماك القرش.

ويأمل العلماء أن يتمكن النموذج قيد التطوير، باستخدام تقنية صوتية متقدمة بمساعدة الذكاء الاصطناعي، من تحويل أصوات الدلافين إلى صيغة قابلة للتحليل. ومن المأمول أن يُسهّل ذلك تحديد الأنماط والمعاني.

والمثير للدهشة أنه يمكن تشغيل «DolphinGemma» مباشرةً على الهواتف الذكية التي يستخدمها الباحثون الميدانيون في البرية.

ويجري تدريب «DolphinGemma» على دلافين الأطلسي المرقطة، إلا أن الفريق يأمل في تطبيق النتائج على أنواع أخرى من الحيتانيات، مثل دلافين قارورية الأنف أو دلافين الدوار. ويأمل الباحثون أن يكشف نموذج الذكاء الاصطناعي عما تقوله الدلافين حقاً.

وسيَستخدم نموذجاً لغوياً كبيراً، وهو نوع من برامج الكمبيوتر يتميز بقدرته الفائقة على اكتشاف الأنماط في المعلومات المعقدة، مثل أصوات الدلافين.

وعلى غرار طريقة تدريب «تشات جي بي تي» على فهم اللغة البشرية، صُمم «DolphinGemma» لاكتشاف الأنماط ومجموعات الأصوات والدلائل في دردشة الدلافين. ويساعد ذلك الباحثين على تجاوز مجرد تسجيل أصوات الدلافين، إذ سيتمكنون من استكشاف كيفية عمل هذه الأصوات كلغة.

ومع تعمق العلماء في حوار الدلافين، فمن المتوقع أن يكون لأكثر سكان المحيط ثرثرة الكثير ليقولوه. وربما نتمكن يوماً ما من إجراء دردشة معهم.