رئيس وزراء اليابان يتعهّد تحسين العلاقات مع كوريا الجنوبية

تجمع البلدين خلافات بشأن قضايا تاريخية مرتبطة باحتلال اليابان لشبه الجزيرة الكورية

رئيس الوزراء الياباني المنتهية ولايته فوميو كيشيدا يصافح الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول خلال اجتماع كجزء من قمتهما في المكتب الرئاسي بسيول في 6 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الياباني المنتهية ولايته فوميو كيشيدا يصافح الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول خلال اجتماع كجزء من قمتهما في المكتب الرئاسي بسيول في 6 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT
20

رئيس وزراء اليابان يتعهّد تحسين العلاقات مع كوريا الجنوبية

رئيس الوزراء الياباني المنتهية ولايته فوميو كيشيدا يصافح الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول خلال اجتماع كجزء من قمتهما في المكتب الرئاسي بسيول في 6 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الياباني المنتهية ولايته فوميو كيشيدا يصافح الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول خلال اجتماع كجزء من قمتهما في المكتب الرئاسي بسيول في 6 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

التقى رئيس الوزراء الياباني المنتهية ولايته فوميو كيشيدا، الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، الجمعة، لإجراء جولة أخيرة من المحادثات، آملاً في تعزيز العلاقات بين البلدين قبل أن يغادر منصبه.

وتجمع البلدين خلافات بشأن قضايا تاريخية مرتبطة باحتلال اليابان لشبه الجزيرة الكورية بين عامَي 1910 و1945، بما في ذلك العبودية الجنسية والعمل القسري.

لكن يون سعى خلال السنوات الأخيرة لدفن الأحقاد، فأحيا محادثات منتظمة مع كيشيدا وعزز التعاون العسكري في مواجهة التهديدات المزدادة من كوريا الشمالية المسلحة نووياً. وقال يون: «بناء على الثقة المتينة بين بلدينا، تحسّنت العلاقة بين كوريا واليابان بشكل كبير على مدى العام ونصف العام الماضيين».

وأضاف: «ما زالت هناك مسائل صعبة في العلاقة بين كوريا واليابان. أتطلع للعمل معاً بأسلوب استشرافي ليكون من الممكن أن تتواصل خطواتنا باتّجاه مستقبل أكثر إشراقاً». وأفاد كيشيدا بأن «قلبه ينفطر» بالتفكير في أن عدداً كبيراً من الناس «شهد أوقاتاً حزينة وصعبة» في «بيئة صعبة كهذه»، في إشارة إلى ضحايا الخلافات التاريخية.

وأضاف أنه رغم أن لدى البلدين «تاريخاً... من المهم جداً التعاون مع كوريا الشمالية باتّجاه المستقبل عبر وراثة جهود أجدادنا الذين تجاوزوا أوقاتاً صعبة».

وأفاد نائب مستشار الأمن القومي الكوري الجنوبي كيم تاي - هيو الصحافيين، بأن الزعيمين أكّدا أن «أهمية العلاقات الكورية اليابانية لا تتغيّر بغض النظر عن الشخص الذي سيصبح رئيس وزراء (اليابان) المقبل».

ووصف بعض الخبراء القمة الـ12 بين الزعيمين بأنها «إنجاز كبير». وقال الأستاذ في جامعة إيهوا في سيول ليف - إريك إيزلي: «احتاج الأمر شجاعة سياسية من الجانبين لإزالة العقبات التاريخية أمام الدبلوماسية المكوكية».

وأضاف أن «القمم المتكررة لا تسهّل تنسيق السياسة فحسب، بل تدل على رغبة صحية في التعاون مع مسؤولين على مستوى العمل الذين يديرون القضايا الوظيفية، من الجمارك والهجرة وصولاً إلى تغيّر المناخ».

كما وقّع يون وكيشيدا اتفاقاً لتسهيل جهود إجلاء مواطني البلدين في حال طرأ أمر ما في بلد ثالث وتسهيل إجراءات الهجرة.

تحسين العلاقات

وذكر كيم أن الزعيمين شددا على أهمية «التعاون بين كوريا واليابان ومع الولايات المتحدة للاستجابة إلى قضية كوريا الشمالية النووية». والعام الماضي، التقى يون وكيشيدا الرئيس الأميركي جو بايدن بكامب ديفيد، في اجتماع هدف إلى تحسين ردهما المشترك على كوريا الشمالية.

وقال كيم إن الزعيمين «قررا المحافظة على جهوزيتهما لمنع» استفزاز كوري شمالي مدعوم من روسيا. وذكرت وسائل إعلام يابانية أن كيشيدا قد يقوم أيضاً بزيارة أخيرة لواشنطن قبل تنحّيه.

وأعلن كيشيدا أنه لن يسعى للترشح مرة أخرى زعيماً للحزب الليبرالي الديمقراطي الذي يحكم منذ مدة طويلة لدى انقضاء ولايته هذا الشهر. ويتوقع أن يختار الحزب المحافظ زعيماً جديداً له في 27 سبتمبر (أيلول).

وقالت تشوي إيون - مي الباحثة في معهد آسان للدراسات السياسية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن زيارة كيشيدا التي تأتي قبل 3 أسابيع من انتهاء ولايته تظهر «استعداده وسعيه لمواصلة زخم تحسين العلاقات بين البلدين». وأضافت أن الزيارة «ستكون رسالة لرئيس الوزراء المقبل لمواصلة هذه الجهود».

وتعرضت إدارة يون لانتقادات شديدة في يوليو (تموز)، بعد إضافة شبكة مناجم في جزيرة يابانية معروفة بالعمل القسري في زمن الحرب، إلى قائمة التراث العالمي لمنظمة «اليونسكو»، بعدما أسقطت كوريا الجنوبية اعتراضاتها السابقة على إدراجها. ونظّمت مجموعات المجتمع المدني احتجاجات مناهضة لزيارة كيشيدا الجمعة.

وقال ناطق باسم منظمة محلية للسلام: «في كل مرة يأتي كيشيدا يكون الرئيس يون باع حياة وسلامة الشعب الكوري الجنوبي». وأفادت الشرطة «وكالة الصحافة الفرنسية»، بأنه تم توقيف شخصين بعدما حاولا الصعود على تمثال ضخم وسط سيول خلال مظاهرة.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب) play-circle 00:35

بيونغ يانغ تطلق تحدياً باليستياً مزدوجاً لبايدن… وترمب

أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً فيما يمكن أن يشكل تحدياً إضافياً لواشنطن وحلفائها قبل أسبوعين من عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

علي بردى (واشنطن)
آسيا شرطيون ماليزيون يساعدون في إجلاء أشخاص بولاية كلنتن (إ.ب.أ)

نزوح عشرات الآلاف ومقتل 13 في أسوأ فيضانات تشهدها تايلاند وماليزيا منذ عقود

قالت السلطات إن عدد القتلى بسبب أسوأ سيول تضرب منذ عقود جنوب تايلاند وشمال ماليزيا ارتفع إلى 13 على الأقل.

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور - بانكوك)
الاقتصاد ناقلة نفط في عرض البحر (رويترز)

كوريا الجنوبية تتوقع تأثيراً اقتصادياً محدوداً للصراع في الشرق الأوسط

قال مكتب الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول اليوم (الأحد)، إن كوريا الجنوبية تشهد تأثيراً اقتصادياً محدوداً في أعقاب ضربة انتقامية وجهتها إسرائيل لإيران.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا سيول سابقة بمدينة كان (أ.ف.ب)

سيول مفاجئة في كان الفرنسية تجرف السيارات عبر الشوارع

اجتاحت السيول مدينة كان الفرنسية، اليوم الاثنين، لتجرف السيارات عبر الشوارع وتترك المدينة الواقعة بمنطقة الريفييرا والشهيرة بمهرجانها السينمائي بحالة تأهب قصوى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«طالبان» توسع حملتها على الحلاقين وتاركي الصلاة

حلاق أفغاني يقص شارب أحد الزبائن بينما يظهر الثلج في الخلفية في كابول بأفغانستان في 9 فبراير (شباط) 2012 (أ.ب)
حلاق أفغاني يقص شارب أحد الزبائن بينما يظهر الثلج في الخلفية في كابول بأفغانستان في 9 فبراير (شباط) 2012 (أ.ب)
TT
20

«طالبان» توسع حملتها على الحلاقين وتاركي الصلاة

حلاق أفغاني يقص شارب أحد الزبائن بينما يظهر الثلج في الخلفية في كابول بأفغانستان في 9 فبراير (شباط) 2012 (أ.ب)
حلاق أفغاني يقص شارب أحد الزبائن بينما يظهر الثلج في الخلفية في كابول بأفغانستان في 9 فبراير (شباط) 2012 (أ.ب)

أفاد تقرير لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في أفغانستان «أوناما» أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التابعة لـ«طالبان»، احتجزت رجالاً وحلاقين بسبب تسريحات شعرهم، وآخرين بسبب تخلفهم عن الصلاة في المساجد خلال شهر رمضان. بينما أعلنت باكستان أنها تستعد لإعادة آلاف المهاجرين الأفغان إلى بلدهم.

وأصدرت «أوناما» تقريراً مفصلاً استند إلى 6 أشهر من الرصد اليومي المحايد الذي أجرته البعثة في مختلف أنحاء البلاد، حول تطبيق «قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» وتأثيراته، منذ فرضته وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات التابعة لـ«طالبان» في 21 أغسطس (آب) 2024. ويغطي هذا القانون جوانب عديدة من الحياة اليومية في أفغانستان، بما في ذلك النقل العام والموسيقى والحلاقة والاحتفالات. وأبرزها حظر الوزارة أصوات النساء ووجوههن المكشوفة في الأماكن العامة.

شاحنة مليئة باللاجئين الأفغان ومحمّلة بأمتعتهم تنتظر المغادرة إلى أفغانستان في مركز احتجاز قرب الحدود الباكستانية الأفغانية في 11 أبريل (نيسان) 2025 في تشامان (أ.ف.ب)
شاحنة مليئة باللاجئين الأفغان ومحمّلة بأمتعتهم تنتظر المغادرة إلى أفغانستان في مركز احتجاز قرب الحدود الباكستانية الأفغانية في 11 أبريل (نيسان) 2025 في تشامان (أ.ف.ب)

وفي الشهر نفسه، حذّر مسؤول كبير في الأمم المتحدة من أن هذه القوانين تقدم «رؤية قاتمة» لمستقبل البلاد، إذ تُضيف إلى القيود الحالية المفروضة على النساء والفتيات في مجالات العمل والتعليم واللباس. ورفض مسؤولو «طالبان» مخاوف الأمم المتحدة في شأن هذه القوانين.

وأفاد التقرير أنه خلال الأشهر الستة الأولى من تطبيق القوانين، كان أكثر من نصف حالات الاحتجاز بموجبها تتعلق «إما برجال ليست لديهم لحية طويلة أو تسريحة شعر مناسبة، أو حلاقين يقدمون خدمات تشذيب أو قصّ شعر غير مطابقة للمواصفات». وأشار إلى أن شرطة الآداب أوقفت أشخاصاً بشكل تعسفي «من دون مراعاة للإجراءات القانونية الواجبة والحماية القانونية»، مضيفاً أنه خلال شهر رمضان، أخضع الرجال لحضور صلوات الجماعة المفروضة ولمراقبة دقيقة، ما أدى في بعض الأحيان إلى احتجاز تعسفي لمن لم يحضروا.

وذكر التقرير أن الآثار الاجتماعية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة لتطبيق القانون، من المرجح أن تُفاقم الوضع الاقتصادي والإنساني المتردي في أفغانستان، بما في ذلك قدرة وكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية على تقديم المساعدات الإنسانية وتلبية الحاجات الإنسانية الأساسية لملايين الأشخاص في كل أنحاء أفغانستان.

ريحانة نجيب شابة أفغانية تبلغ من العمر 22 عاماً تقدم خدمات صالون تجميل من منزلها وتنعكس صورتها في مرآة لوحة مكياج في كابل بأفغانستان في 10 أبريل (نيسان) 2025 (أ.ب.أ)
ريحانة نجيب شابة أفغانية تبلغ من العمر 22 عاماً تقدم خدمات صالون تجميل من منزلها وتنعكس صورتها في مرآة لوحة مكياج في كابل بأفغانستان في 10 أبريل (نيسان) 2025 (أ.ب.أ)

التأثيرات على الفتيات

وأشار إلى أن مجلس الأمن في قراره رقم 2777 حول أفغانستان، عبّر عن «قلقه البالغ إزاء تزايد تآكل احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ولا سيما النساء والفتيات، وافتقارهن إلى فرص متساوية في التعليم والعمل والعدالة والفرص الاقتصادية، والمشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة في الحياة العامة، وحرية التنقل، والتمتع بالخدمات الأساسية». وكرّر دعوته «طالبان» من أجل التراجع سريعاً عن هذه السياسات والممارسات، بما في ذلك الأمر المتعلق بـ«الرذيلة والفضيلة».

ريحانة نجيب أفغانية تبلغ من العمر 22 عاماً تقدم خدمات صالون تجميل من منزلها وتخدم زبوناتها في كابول بأفغانستان في 10 أبريل (نيسان) 2025 (إ.ب.أ)
ريحانة نجيب أفغانية تبلغ من العمر 22 عاماً تقدم خدمات صالون تجميل من منزلها وتخدم زبوناتها في كابول بأفغانستان في 10 أبريل (نيسان) 2025 (إ.ب.أ)

وأشارت بعثة الأمم المتحدة إلى أن كلا الجنسين تأثرا سلباً، وخاصة أصحاب الأعمال الصغيرة، مثل مراكز التعليم الخاصة، وصالونات الحلاقة وتصفيف الشعر، والخياطين، ومتعهدي الطعام لحفلات الزفاف، والمطاعم، ما أدى إلى انخفاض أو فقدان الدخل وفرص العمل تماماً. وأضافت أن الآثار الاجتماعية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة لتطبيق القوانين من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي المتردي في أفغانستان.

وقدّرت دراسة أجراها البنك الدولي أن حظر السلطات تعليم النساء وعملهنّ يمكن أن يكلف البلاد أكثر من 1.4 مليار دولار سنوياً. غير أن زعيم «طالبان»، هبة الله أخوندزاده، أكّد أولوية الشريعة الإسلامية ودور وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إصلاح المجتمع الأفغاني. وقال في رسالة قبيل عيد الفطر إنه من الضروري «إقامة مجتمع خالٍ من الفساد والمحن، ومنع الأجيال القادمة من الوقوع ضحايا للمعتقدات الضالة والممارسات الضارة والأخلاق السيئة».

ووفقاً للتقرير، كُلِّف أكثر من 3300 مفتش، معظمهم من الذكور، بتوعية الناس بالقانون وتطبيقه. ووفقاً للناطق باسم الوزارة سيف الرحمن خيبر، جرت معالجة آلاف الشكاوى، كما دافعت الوزارة عن حقوق المرأة الأفغانية، بالإضافة إلى «تطبيق الأحكام الشرعية في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الشعائر، ودرء المنكرات، والقضاء على العادات السيئة».

وأكدت الوزارة التزامها بكل الحقوق الإسلامية والإنسانية، وقد أثبتت ذلك عملياً، رافضةً محاولات «التخريب أو نشر الشائعات» حول نشاطاتها.

الملا عبد السلام حنفي مسؤول «طالبان» يزور مأوى مؤقتاً للمهاجرين الأفغان العائدين من باكستان المجاورة على الحدود الأفغانية الباكستانية في تورخام بأفغانستان في 10 أبريل (نيسان) 2025 (إ.ب.أ)
الملا عبد السلام حنفي مسؤول «طالبان» يزور مأوى مؤقتاً للمهاجرين الأفغان العائدين من باكستان المجاورة على الحدود الأفغانية الباكستانية في تورخام بأفغانستان في 10 أبريل (نيسان) 2025 (إ.ب.أ)

الطرد من باكستان

في غضون ذلك، أعلنت باكستان أن آلاف المهاجرين الأفغان الذين تقدموا بطلبات لإعادة توطينهم في دول ثالثة ربما يواجهون الطرد الجبري ما لم ينتقلوا إلى الدول المضيفة قبل نهاية أبريل (نيسان) الحالي.

ولم يذكر نائب وزير الداخلية الباكستاني طلال شودري دولاً بعينها، بيد أن إعلانه جاء بعد تعليق برامج قبول اللاجئين الأميركية التي خلّفت وراءها أكثر من 25 ألف مواطن أفغاني يواجهون حالة من عدم اليقين. وقال أيضاً إنه سيتم فوراً ترحيل أي أجنبي موجود في البلاد بشكل غير قانوني، وإنه سيسمح لمن حصلوا على صفة لاجئ من الأمم المتحدة بالبقاء حتى يونيو (حزيران) المقبل على الأقل.

ويسعى بعض الأفغان أيضاً إلى الاستقرار في دول غربية أخرى، ومنها المملكة المتحدة.