صالح يتهم المجموعات المسلحة بـ«تعطيل الانتقال السياسي» في ليبيا

دعا لـ«الحوار» خلال إطلاق حكومة حماد مؤتمر «إعمار الجنوب»

حفتر وصالح والناظوري وحمّاد وبالقاسم خلال أعمال مؤتمر إعادة إعمار الجنوب الليبي (صندوق الإعمار)
حفتر وصالح والناظوري وحمّاد وبالقاسم خلال أعمال مؤتمر إعادة إعمار الجنوب الليبي (صندوق الإعمار)
TT

صالح يتهم المجموعات المسلحة بـ«تعطيل الانتقال السياسي» في ليبيا

حفتر وصالح والناظوري وحمّاد وبالقاسم خلال أعمال مؤتمر إعادة إعمار الجنوب الليبي (صندوق الإعمار)
حفتر وصالح والناظوري وحمّاد وبالقاسم خلال أعمال مؤتمر إعادة إعمار الجنوب الليبي (صندوق الإعمار)

اتهم عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، التشكيلات المسلحة بتعطيل «الانتقال السياسي السلس» في البلاد، مشدداً على ضرورة إخلاء العاصمة طرابلس من الميليشيات.

وتحدث صالح أمام المؤتمر الأول لإعادة إعمار الجنوب، اليوم (الخميس)، عن ضرورة التفاهم والحوار بين الأطراف كافة «من أجل حل المشاكل الليبية والمحافظة على أمن البلاد».

حماد وبلقاسم على هامش المؤتمر الأول لإعمار الجنوب (الحكومة)

وأطلقت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، برئاسة أسامة حمّاد، اليوم (الخميس)، مؤتمرها الأول لإعادة إعمار مدن الجنوب، من مدينة سبها (عروس الجنوب) بحضور المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، ورئيس الأركان العامة الفريق عبد الرازق الناظوري.

ومن قصر فزان بمدينة سبها، وتحت شعار «من التهميش إلى الإعمار»، بدأت فعاليات المؤتمر، بمشاركة أيضاً من أعضاء بمجلس النواب، وعمداء بلديات الجنوب، وعدد كبير من مكونات الجنوب الثقافية والاجتماعية والسياسية.

وقال حفتر إن تنمية وإعمار مناطق الجنوب الليبي ستكون لها الأولوية خلال الفترات المقبلة، مبرزاً أن تنمية الجنوب «ستكون أولوية لنا»، وأن القوات التابعة للقيادة العامة في الجنوب «تحظى بتأييد شعبي كبير».

حماد رفقة الناظوري (الحكومة الليبية)

من جانبه، قال حماد في كلمته: «الحكومة بدأت عبر أدواتها التنفيذية في تنفيذ الخطط التنموية في مدن وقرى الجنوب الليبي، حيث انطلقت المشاريع الاستراتيجية في كل مجالات البنية التحتية»، مشيراً إلى أن «الجميع واصل الليل بالنهار من أجل تحقيق أعلى معدلات الجودة والإتقان في العمل والتنفيذ».

كما أعلن حماد استمرار دعم الحكومة الكامل لصندوق تنمية وإعمار ليبيا، وتوفير جميع الوسائل والإمكانات المادية واللوجستية، التي تتطلبها طبيعة العمل والمشاريع المستهدفة، مثمناً دور مجلس النواب والقيادة العامة في مجال البناء وإعادة الإعمار والتنمية. وترحم على «الشهداء الأبرار»، داعياً للجرحى والمصابين بالشفاء التام من «أبطال القوات المسلحة العربية الليبية والقوات المساندة الذين لبوا نداء الوطن».

وكان رئيس الحكومة، ونائبه سالم الزادمة، ومدير «صندوق إعادة إعمار ليبيا»، بالقاسم حفتر، قد استبقوا أعمال المؤتمر بافتتاح عدد من المشاريع، من بينها فندق «بيت سبها»، ومستشفى النساء والولادة بالمدينة.

ووصل حفتر وصالح بعد ظهر الخميس إلى مطار سبها، وكان في استقبالهما حمّاد، وعدد من القيادات العسكرية والوزراء والنواب، والمسؤولين وعمداء البلديات وجمع من المواطنين.

حماد والزادمة خلال قص شريط الافتتاح (الحكومة الليبية)

وعدّ متابعون هذه الزيارة، وإطلاق المؤتمر «تكريساً للحكومة في سيطرتها على مفاصل الجنوب، وخصماً من رصيد غريمتها (الوحدة الوطنية) في غرب البلاد»، وذلك بالنظر إلى مواجهة أزمات الجنوب بحل مشاكله، و«ليس بالتجاهل والإقصاء».

وقالت الحكومة قبيل إطلاق أعمال المؤتمر إن حمّاد وبالقاسم والزادمة، بالإضافة إلى وزير الدفاع بالحكومة أحميد حومة، ووكيل وزارة الحكم المحلي أبو بكر أمصادف، التقوا عمداء بلديات المنطقة الجنوبية بقصر فزان الدولي للمؤتمرات.

وتضمن اللقاء بحث «حلحلة المشاكل والعراقيل كافة، التي تواجه سير عمل البلديات»، إذ تعهد حمّاد بـ«معالجة الإشكاليات التي تواجه أهالي المدن والمناطق في جنوب البلاد، مع تأكيده بأن المشاريع في الجنوب لن تتوقف حتى يصل قطار التنمية والإعمار لكل المناطق دون استثناء».

كما أشار حماد إلى أن الحكومة «ستبذل كامل جهودها لتغيير الواقع المرير، الذي يعيشه أهالي الجنوب الليبي، المتمثل في تردي الخدمات العامة بشتى أنواعها، وتهالك الطرق الرابطة بين المدن».

من جهته، أكد بالقاسم ضرورة العمل المُشترك لتنمية وتطوير وإعمار مدن ومناطق الجنوب الليبي بشكل كامل، من أجل إنهاء الأزمات ورفع المعاناة عن المواطنين. فيما ثمن الحضور «الجهود المبذولة من الحكومة وصندوق التنمية، وإعادة الإعمار، المتمثلة في تدشين المشاريع الاستراتيجية المهمة بمدينة سبها وباقي مدن الجنوب».

والبلديات المشمولة باللقاء هي سبها والجفرة، وبراك الشاطئ والقرضة الشاطئ، وأدري الشاطئ، ووادي البوانيس، وبنت بية، والغريفة، وأوباري، وغات، والقطرون وتراغن، ووادي عتبة، إضافة إلى البركت، وزويلة، وتيجرهي، وبرقن، والشرقية، وزلة، وتهالا، والعوينات، والشويرف.

وكانت الحكومة قد افتتحت فندق «بيت سبها» بعد الانتهاء من أعمال صيانته وتجهيزه، بسعة 75 غرفة. ويعد وفق بيان الحكومة من «المشاريع المهمة التي أولتها الحكومة الليبية اهتماماً خاصاً، والعمل على إعادة صيانته، بعد سنوات من الإهمال والدمار الذي أصابه خلال فترة الحروب والصراعات التي شهدتها سبها».

واستعرض الزادمة إمكانات المستشفى، الذي تم افتتاحه، والذي يتميز بسعة سريرية تصل إلى 50 سريراً، مما يجعله قادراً على تلبية احتياجات الأمهات والأطفال في المنطقة، وفق بيان الحكومة.

ويعاني الجنوب الليبي منذ إسقاط النظام السابق عام 2011 من نقص الخدمات الحكومية، وشح الوقود، وارتفاع الأسعار بشكل كبير، وارتفاع مستوى البطالة. وسبق أن اشتكى مشايخ وأعيان فزان من تعرض مدن الجنوب الليبي لـ«التجويع والإقصاء والتهميش» على أيدي الحكومات المتعاقبة، محذرين من تعرض المنطقة إلى «تغيير ديموغرافي ممنهج».


مقالات ذات صلة

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع صالح مع نورلاند وبرنت في بنغازي (السفارة الأميركية)

«النواب» الليبي يكرّس خلافاته مع «الرئاسي» و«الوحدة»

نشرت الجريدة الرسمية لمجلس النواب مجدداً قراره بنزع صلاحيات المجلس الرئاسي برئاسة المنفي قائداً أعلى للجيش، وعدّ حكومة «الوحدة» برئاسة الدبيبة منتهية الولاية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

يرى ليبيون من أسر ضحايا «المقابر الجماعية» في مدينة ترهونة غرب البلاد أن «الإفلات من العقاب يشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»

شمال افريقيا السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)

«مفوضية الانتخابات» الليبية: نسب التصويت كانت الأعلى في تاريخ «البلديات»

قال عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات إن نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية للمجموعة الأولى التي تجاوزت 77.2 % هي الأعلى بتاريخ المحليات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

تحدّث عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عن 4 أطراف قال إنها هي «أسباب المشكلة في ليبيا»، وتريد العودة للحكم بالبلاد.

جمال جوهر (القاهرة)

زعيم المعارضة الموريتانية يبحث مع الوزير الأول تحضير «الحوار السياسي»

الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
TT

زعيم المعارضة الموريتانية يبحث مع الوزير الأول تحضير «الحوار السياسي»

الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)

ناقش الوزير الأول الموريتاني، المختار ولد اجاي، ملف «الحوار السياسي» مع زعيم المعارضة الموريتانية، حمادي ولد سيدي المختار، خلال لقاء يعد الأول من نوعه منذ إعادة انتخاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئيساً للبلاد في يونيو (حزيران) الماضي، وتعهده بتنظيم «حوار وطني» مع المعارضة.

ويعد هذا الحوار أحد أهم مطالب المعارضة الموريتانية، خاصة بعد أعمال عنف وتوتر سياسي أعقبت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي فاز بها ولد الشيخ الغزواني من الشوط الأول بنسبة 56 في المائة من الأصوات، وهو فوز اعترف به مرشحو المعارضة، باستثناء الناشط الحقوقي، بيرام الداه اعبيد، صاحب المرتبة الثانية بنسبة 22 في المائة.

مرشح المعارضة الناشط الحقوقي بيرام الداه اعبيد (أ.ف.ب)

وبعد الانتخابات الأخيرة دعت أحزاب المعارضة إلى حوار سياسي يناقش جميع الملفات، وخاصة الملف الانتخابي، بسبب ما تقول المعارضة إنها اختلالات كبيرة تعاني منها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وتورطها في «شبهات» تزوير.

تحضير للحوار

عين ولد الغزواني بعد تنصيبه في أغسطس (آب) الماضي حكومة جديدة، بقيادة الوزير الأول المختار ولد اجاي، وأسند إليه الملف السياسي، حيث بدأ الأخير عقد لقاءات مع عدة سياسيين، شملت قادة أحزاب الأغلبية الرئاسية، وشخصيات بارزة في المعارضة التقليدية، وصولاً إلى زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية، والهيئة الدستورية المشكلة من أحزاب المعارضة، الممثلة في البرلمان الموريتاني.

زعيم المعارضة متحدثاً للإعلام العمومي بُعيد اللقاء (الوزارة الأولى)

حضر اللقاء الأخير مع زعيم المعارضة الديمقراطية جوب أمادو تيجان، وعبد السلام ولد حرمة، العضوان في مكتب تسيير مؤسسة المعارضة الديمقراطية، وقائدا حزبين معارضين، حصلا خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة على أكثر من 12 مقعداً في البرلمان.

وقال زعيم المعارضة في تصريح صحافي إن اللقاء مع الوزير الأول «يدخل في إطار اللقاءات الدورية، التي نص عليها القانون بين الوزارة الأولى ومؤسسة المعارضة»، مبرزاً أنه كان «فرصة لنقاش العديد من القضايا، من أبرزها الحوار السياسي المرتقب ودور مؤسسة المعارضة فيه، حيث إن المشرع الموريتاني جعل لها نصيباً في تنظيم الحوارات السياسية ما بين المعارضة والحكومة».

وأكد زعيم المعارضة أن الوزير الأول «عبر عن استعداده لاتخاذ التدابير اللازمة من أجل تنظيم حوار سياسي على الوجه الأكمل، وفق ما تتيحه القوانين»، مؤكداً أن ذلك «هو ما تأمله مؤسسة المعارضة».

ملفات سياسية

خلال الحديث مع الوزير الأول، طرح زعيم المعارضة ملفات تتعلق بصعوبة ترخيص الأحزاب السياسية، وما يواجه ذلك من تأخير في أروقة وزارة الداخلية، وهي قضية تثير الكثير من انتقادات الناشطين السياسيين المعارضين الذين يتهمون الدولة بعرقلة الترخيص لأحزابهم السياسية منذ عدة سنوات.

وكان حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة نظم عام 2011 قد أسفر عن سن قوانين تهدف إلى تقليص عدد الأحزاب السياسية في البلاد، ووضع عراقيل أمام ترخيص الأحزاب الجديدة، لكن في الفترة الأخيرة بدأت أصوات ترتفع متهمة وزارة الداخلية باستهداف المعارضين لحرمانهم من الحق في تأسيس أحزاب سياسية.

من لقاء سابق لقادة المعارضة في موريتانيا (الشرق الأوسط)

وقال زعيم المعارضة إن «الاجتماع كان فرصة أيضاً للحديث عن ترخيص الأحزاب السياسية، وضرورة تسريعها وحماية الحريات العامة»، مشيراً في السياق ذاته إلى أنه طرح على الوزير الأول أزمة «ارتفاع الأسعار وخدمات المياه الكهرباء والفيضانات».

انفتاح على المعارضة

نشرت الوزارة الأولى بياناً عن اللقاء، وقالت إنه «استعرض جميع القضايا المتعلقة بالشأن العام السياسي والاجتماعي للبلد، وما تطرحه المعارضة من تساؤلات، أو ملاحظات حول عمل الحكومة»، وفق نص البيان، مشيرة إلى أن الوزير الأول «قدم عرضاً مفصلاً يجيب على جميع التساؤلات المطروحة، وأوضح ما تقدمه الحكومة من حلول استعجالية، أو استراتيجية على المدى القريب أو المتوسط لمختلف القضايا المطروحة، بتعليمات مباشرة ومواكبة قريبة من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني».

وأبدى الوزير الأول تفهمه للانتقادات التي تعبر عنها المعارضة حيال عمل الحكومة، وقال إن الجميع «مدعو للمشاركة بالنقد البناء والتحسيس حول الإجراءات التي تمس حياة المواطنين مباشرة»، قبل أن يؤكد «انفتاح الحكومة على كل ما من شأنه أن يحسن من أداء العمل».

وخلص الوزير الأول إلى التأكيد على أهمية أن يشارك الجميع في «الرقابة على المسار، وصيانة المنجز والمبادرة الجدية للإشارة لتصحيح المسارات، مواكبة لعمل الحكومة»، وفق البيان الصادر عن الوزارة الأولى.

صعوبات الحوار

ورغم اتفاق الحكومة والمعارضة على ضرورة تنظيم حوار وطني يشارك فيه الجميع، ويناقش كافة الملفات، فإنه لم يعلن -حتى الآن- أي سقف زمني محدد لتنظيم هذا الحوار المرتقب.

الرئيس ولد الشيخ الغزواني تعهد بتنظيم «حوار وطني» مع المعارضة (أ.ب)

ومع أنه خلال الأيام الأخيرة بدأت تقطع خطوات لتحضير الحوار السياسي، خاصة من طرف الوزير الأول، إلا أن هذا الحوار لم تتضح بعد ملامحه العامة، ولا أجندته وملفاته، ولا حتى الجهة التي ستتولى الإشراف عليه وتنسيقه.

وفيما سبق برزت خلافات حول بعض الملفات «الحساسة»، كقضايا الإرث الإنساني والعبودية، حيث تصر المعارضة على طرحها على طاولة الحوار، فيما تعارض ذلك أطراف داخل السلطة، وهو ما يعتقد أنه عصف بمحاولات سابقة للحوار.