طفرة صناديق الاستثمار المتداولة في الصين... تدفقات قياسية وسط تراجع الأسواق

شهدت قفزة بنسبة 40 % لتصل إلى 394 مليار دولار

حارس أمن يخرج من مبنى بورصة شنغهاي في منطقة بودونغ المالية (رويترز)
حارس أمن يخرج من مبنى بورصة شنغهاي في منطقة بودونغ المالية (رويترز)
TT

طفرة صناديق الاستثمار المتداولة في الصين... تدفقات قياسية وسط تراجع الأسواق

حارس أمن يخرج من مبنى بورصة شنغهاي في منطقة بودونغ المالية (رويترز)
حارس أمن يخرج من مبنى بورصة شنغهاي في منطقة بودونغ المالية (رويترز)

تزدهر صناديق الاستثمار المتداولة في الصين مع تدفق صناديق الدولة وتسارع المديرين إلى طرح منتجات جديدة لتلبية الطلب من المستثمرين المحبطين من مديري الأموال النشطين وسوق الأسهم المتعثرة.

وشهدت أصول صناديق الاستثمار المتداولة في الصين ارتفاعاً بنسبة 40 في المائة تقريباً منذ بداية العام، لتصل إلى 2.8 تريليون يوان (394 مليار دولار)، وهي في طريقها إلى تحقيق تدفق قياسي سنوي، وذلك رغم انخفاض مؤشر الأسهم بنسبة 4 في المائة، وفق «رويترز».

وسجّلت أسواق الصين أداءً أضعف من أداء الأسهم العالمية لأكثر من ثلاث سنوات؛ إذ أدى مزيج من عمليات الإغلاق بسبب الوباء، والتعافي غير المقنع، والتوترات الجيوسياسية المتزايدة؛ إلى زعزعة الثقة بثاني أكبر اقتصاد في العالم. والمفارقة هنا أن ذلك أسهم في تعزيز طفرة صناديق الاستثمار المتداولة، التي تتجه بشكل أكبر نحو الاستثمار السلبي.

وضخّت شركة «سنترال هويغين للاستثمار»، وهي صندوق سيادي، نحو 400 مليار يوان في أربعة صناديق استثمار متداولة تتبع مؤشر «سي إس آي 300» منذ أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً لشركة استشارات الصناديق «زد - بن أدفايزر»، وهو تقدير يؤكده أحدث إفصاحات صناديق الاستثمار المتداولة.

أما باقي الأموال فقد جاءت من مستثمرين من القطاع الخاص، بتشجيع من الجهات التنظيمية والعروض الترويجية العدوانية من قبل الوسطاء؛ مما يشير إلى إمكانات إعادة تشكيل مشهد الاستثمار في الصين ودعم تعافي السوق من خلال إعادة توجيه الأموال.

وقال استراتيجي صناديق الاستثمار المتداولة في إدارة الأصول الصينية (ChinaAMC)، وانغ بو، إن «صناديق الاستثمار المتداولة تحظى بتفضيل متزايد من قِبل المستثمرين في الصين بصفتها أداة شفافة وسهلة التداول، في ظل الاعتراف المتزايد بأهمية الاستثمار في المؤشرات».

وأضاف: «تتم تغذية الطفرة أيضاً بدعم من الجهات التنظيمية التي بسّطت عملية الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة، وأيّدت منتجات المؤشرات القادرة على تمويل الأهداف الاستراتيجية لبكين، مثل استقلال التكنولوجيا».

ويحفّز هذا الاتجاه سباقاً لتسجيل المستثمرين، خصوصاً أنهم يتركون الصناديق النشطة ذات الأداء الضعيف.

يُذكر أن المؤشرات النشطة في الصين عانت من أداء ضعيف؛ إذ انخفض مؤشر صندوق الأسهم النشطة (CSI) بنسبة 12 في المائة هذا العام، مقارنة بخسارة بنسبة 3 في المائة في مؤشر «سي إس آي 300».

ورغم التراجع الكبير لمؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 40 في المائة منذ نهاية عام 2020 فإن أصول صناديق الاستثمار المتداولة في البلاد قد تضاعفت تقريباً خلال تلك المدة.

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، كان أداء الصناديق النشطة في الصين أقل من المؤشر القياسي بنحو 12 نقطة مئوية في المتوسط.

وقال رئيس الأبحاث في «زد - بن أدفايزر»، إيفان شي: «لقد فقد مديرو صناديق الاستثمار النجوم هالتهم».

الأيام الأولى

انخفض مؤشر «سي إس آي 300» الصيني الرائد بنحو 40 في المائة منذ نهاية عام 2020، لكن أصول صناديق الاستثمار المتداولة في البلاد تضاعفت ثلاث مرات تقريباً خلال تلك المدة.

وقالت المحللة في «مورنينغ ستار»، واندا وانغ: «أصبح من الصعب بشكل متزايد على الصناديق المدارة بنشاط أن تتفوّق على الصناديق الأخرى».

وأضافت: «يشارك مزيد من المستثمرين الأفراد في استثمار صناديق الاستثمار المتداولة، خصوصاً عندما كانت سوق الأسهم الصينية من الفئة (إيه) مضطربة للغاية».

ووافق بو على أنه أصبح من الصعب التفوّق على المؤشر القياسي مع نضوج السوق. وقال: «المستثمرون الذين يطاردون مديري الصناديق النجمية يمكن أن يحترقوا بسهولة في هبوط السوق».

ومن المؤكد أن الاهتمام بالاستثمار في المؤشرات يتماشى مع التحول العالمي، الذي شهد ارتفاعاً بنسبة 26 في المائة في أصول صناديق الاستثمار المتداولة العام الماضي إلى 11.4 تريليون دولار، وفقاً لشركة الاستشارات «إي تي إف جي آي».

ولكن نظراً إلى أن مشهد صناديق الاستثمار المتداولة في الصين يمثّل شريحة صغيرة جداً من هذا الإجمالي، فإن إمكانات النمو كبيرة وتتجه شركات إدارة الأصول إلى السوق من أجل النمو.

وقال بو، إن «ChinaAMC»، أكبر مدير لصناديق الاستثمار المتداولة في البلاد بأكثر من 500 مليار يوان من أصول صناديق الاستثمار المتداولة، سيطرح منتجات أكثر ابتكاراً ودقة في مجالات تشمل السلع الأساسية، وصناديق الاستثمار المتداولة عبر الحدود، وما يُسمى صناديق الاستثمار المتداولة «بيتا الذكية».

وتشمل شركات صناديق الاستثمار المتداولة الرئيسية في الصين أيضاً شركتي «إي فند مانغمنت» و«هواتاي باين بريدج للاستثمارات»، وهي تجتذب اهتمام الشركات التي تركز تقليدياً على الإدارة النشطة.

وتضاعفت أعمال صناديق الاستثمار المتداولة في الصين التابعة لشركة «جيه بي مورغان آسيت مانغمنت» بأكثر من ثلاثة أضعاف حتى الآن هذا العام، وذلك بفضل قاعدة منخفضة نسبياً، والإطلاق الناجح لصندوق الاستثمار المتداول الذي يتتبع مؤشر «سي إس آي إيه 50»، والتدفقات إلى صندوق الاستثمار المتداول الذي يستثمر في الأسهم منخفضة التقلب وعالية العائد في هونغ كونغ.

وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة إدارة الأصول الأميركية في الصين، ديزيريه وانغ، التي تدير حالياً ستة صناديق استثمار متداولة مدرجة في الصين، إن الشركة تهدف إلى توسيع عروضها لتشمل صناديق استثمار متداولة واسعة النطاق، وصناديق استثمار متداولة نشطة، وصناديق استثمار متداولة عبر الحدود.

وأضافت: «سوق صناديق الاستثمار المتداولة في الصين لا تزال في مرحلة تطور مبكرة نسبياً. واستراتيجيتنا لصناديق الاستثمار المتداولة هي توفير التعرضات الرئيسية التي يحتاج إليها عملاؤنا ومديرو الأصول، وعلى المدى الطويل تقديم قدراتنا في الإدارة النشطة ضمن إطار صناديق الاستثمار المتداولة».


مقالات ذات صلة

سوق الأسهم السعودية تُنهي الأسبوع بتراجع إلى 11840 نقطة

الاقتصاد مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)

سوق الأسهم السعودية تُنهي الأسبوع بتراجع إلى 11840 نقطة

أغلق مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية «تاسي» آخِر جلسات الأسبوع متراجعاً بمقدار 27.40 نقطة، وبنسبة 0.23 في المائة، إلى 11840.52 نقطة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)

عصر ذهبي جديد للعملات المشفرة مع تجاوز قيمتها السوقية 3 تريليونات دولار

وسط موجة من التفاؤل والتوقعات بتحولات جذرية، حافظت سوق العملات المشفرة على زخم صعودي قوي عقب فوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب في انتخابات 5 نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مستثمران يتابعان شاشة التداول في السوق المالية السعودية (رويترز)

سوق الأسهم السعودية تكسب 18 نقطة بدعم من البنوك

ارتفع «مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية» (تاسي)، بنهاية جلسة الاثنين، بنسبة 0.16 في المائة، وبمقدار 18 نقطة، ليصل إلى مستويات 11830.38 نقطة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداولون يراقبون شاشات تعرض معلومات الأسهم في البورصة القطرية (رويترز)

تراجع معظم الأسواق الخليجية تزامناً مع انخفاض أسعار النفط

انخفضت أغلب أسواق الأسهم في منطقة الخليج بنهاية جلسة تداولات الثلاثاء، وذلك تزامناً مع تراجع أسعار النفط بنسبة 5 في المائة خلال الجلستين السابقتين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)
شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)
TT

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)
شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)

رغم عدم إعلان العديد من الدول الحليفة لواشنطن بـ«شكل مباشر» لاعتراضها على جوانب من أحدث حلقات العقوبات الأميركية ضد روسيا، فإن التصريحات المتوالية أشارت إلى تضرر هذه الدول وبحثها عن حلول لتجاوز شظايا العقوبات.

وعقب إعلان واشنطن يوم الخميس عن فرض عقوبات على حزمة من البنوك الروسية، قفزت إلى السطح مشكلة معقدة، إذ إن أحد تلك البنوك هو «غازبروم بنك»، المملوك من شركة الغاز الحكومية «غازبروم»، ويعد من أهم الحلقات المالية للتحويلات مقابل شراء الغاز الروسي من الدول الخارجية.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن الولايات المتحدة فرضت عقوبات جديدة على بنك غازبروم، في الوقت الذي يكثف فيه الرئيس جو بايدن الإجراءات لمعاقبة موسكو على غزوها لأوكرانيا قبل أن يترك منصبه في يناير (كانون الثاني).

وبفرض العقوبات الأميركية، وتجريم التعامل مع البنك الروسي، فإن واشنطن حكمت عرضيا باحتمالية وقف إمداد دول كثيرة حليفة لها بالغاز الروسي.

وفي ردود الفعل الأولية، قالت وزارة الاقتصاد في سلوفاكيا إنها تحلل العقوبات الأميركية الجديدة ضد «غازبروم بنك»، وستعرف تأثيرها المحتمل على سلوفاكيا قريبا. وتمتلك شركة «إس بي بي»، المشتري الحكومي للغاز في سلوفاكيا، عقدا طويل الأجل مع «غازبروم».

كما قالت وزارة الخارجية المجرية في رد بالبريد الإلكتروني على «رويترز» يوم الخميس إنها تدرس تأثير العقوبات الأميركية الجديدة ضد «غازبروم بنك»، وستتصل بمورد الغاز الطبيعي إذا لزم الأمر. وبموجب اتفاق مدته 15 عاماً تم توقيعه في عام 2021، تحصل المجر على 4.5 مليار متر مكعب سنوياً من روسيا من خلال شركة غازبروم.

وخارج القارة الأوروبية، قال وزير الصناعة الياباني يوجي موتو يوم الجمعة إن اليابان ستتخذ كافة التدابير الممكنة لمنع حدوث اضطرابات في تأمين إمدادات مستقرة من الغاز الطبيعي المسال من مشروع «سخالين-2» الروسي في أعقاب العقوبات الأميركية الجديدة.

ومنحت العقوبات الأميركية إعفاءات للمعاملات المتعلقة بمشروع النفط والغاز سخالين-2 في أقصى شرق روسيا حتى 28 يونيو (حزيران) 2025، وفقاً لرخصة عامة محدثة نشرتها وزارة الخزانة.

وقال موتو في مؤتمر صحافي يوم الجمعة: «إن سخالين-2 مهم لأمن الطاقة في اليابان»، مشيراً إلى أنه لا يوجد انقطاع فوري، حيث يتم استبعاد المعاملات من خلال «غازبروم بنك» مع «سخالين-2» أو «سخالين إنرجي» من العقوبات. وقال: «سنستمر في تقديم تفسيرات مفصلة للولايات المتحدة وأعضاء مجموعة السبع الآخرين كما فعلنا في الماضي، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لضمان عدم وجود عقبات أمام تأمين إمدادات مستقرة لليابان».

من ناحية أخرى، قال رئيس شركة «أوساكا» للغاز، وهي مشتري للغاز الطبيعي المسال «سخالين-2»، إن العقوبات الأميركية الجديدة لن تؤثر على عملية تسوية شراء الوقود.

ولا تتوقع الشركة، وهي ثاني أكبر مزود للغاز في اليابان، والتي تشتري الوقود المبرد للغاية من «سخالين-2» بموجب عقد طويل الأجل، أن تؤثر العقوبات الأميركية على معاملاتها، كما قال رئيس شركة أوساكا للغاز ماساتاكا فوجيوارا للصحافيين يوم الجمعة، مشيراً إلى أن الشركة لا تستخدم «غازبروم بنك» للتسوية.

وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، التي استخدمت أقوى أداة عقوبات لديها، فإن «غازبروم بنك» لا يمكنه التعامل مع أي معاملات جديدة متعلقة بالطاقة تمس النظام المالي الأميركي، وتحظر تجارته مع الأميركيين وتجمد أصوله الأميركية.

وتحث أوكرانيا الولايات المتحدة منذ فبراير (شباط) 2022 على فرض المزيد من العقوبات على البنك، الذي يتلقى مدفوعات مقابل الغاز الطبيعي من عملاء «غازبروم» في أوروبا.

كما فرضت وزارة الخزانة عقوبات على 50 بنكاً روسياً صغيراً ومتوسطاً لتقليص اتصالات البلاد بالنظام المالي الدولي ومنعها من إساءة استخدامه لدفع ثمن التكنولوجيا والمعدات اللازمة للحرب. وحذرت من أن المؤسسات المالية الأجنبية التي تحافظ على علاقات مراسلة مع البنوك المستهدفة «تنطوي على مخاطر عقوبات كبيرة».

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين: «إن هذا الإجراء الشامل سيجعل من الصعب على الكرملين التهرب من العقوبات الأميركية وتمويل وتجهيز جيشه. سنواصل اتخاذ خطوات حاسمة ضد أي قنوات مالية تستخدمها روسيا لدعم حربها غير القانونية وغير المبررة في أوكرانيا».

كما أصدرت وزارة الخزانة ترخيصين عامين جديدين يسمحان للكيانات الأميركية بإنهاء المعاملات التي تشمل «غازبروم بنك»، من بين مؤسسات مالية أخرى، واتخاذ خطوات للتخلص من الديون أو الأسهم الصادرة عن «غازبروم بنك».

وقالت وزارة الخزانة إن «غازبروم بنك» هو قناة لروسيا لشراء المواد العسكرية في حربها ضد أوكرانيا. وتستخدم الحكومة الروسية البنك أيضاً لدفع رواتب جنودها، بما في ذلك مكافآت القتال، وتعويض أسر جنودها الذين قتلوا في الحرب.