فرنسا وبريطانيا قلقتان من العمليات الإسرائيلية في الضفة

نددتا بتصريحات بن غفير حول القدس

دمار ألحقته القوات الإسرائيلية بالمساكن في خان يونس بجنوب قطاع غزة الجمعة (د.ب.أ)
دمار ألحقته القوات الإسرائيلية بالمساكن في خان يونس بجنوب قطاع غزة الجمعة (د.ب.أ)
TT

فرنسا وبريطانيا قلقتان من العمليات الإسرائيلية في الضفة

دمار ألحقته القوات الإسرائيلية بالمساكن في خان يونس بجنوب قطاع غزة الجمعة (د.ب.أ)
دمار ألحقته القوات الإسرائيلية بالمساكن في خان يونس بجنوب قطاع غزة الجمعة (د.ب.أ)

عبّرت باريس، الجمعة، عن «قلقها العميق» إزاء تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة سواء كانت في غزة أو في الضفة الغربية. وجاء ذلك في إطار المؤتمر الصحافي الإلكتروني لوزارة الخارجية الفرنسية التي رأت أن «تكثيف الهجمات الإسرائيلية على المدارس ومراكز إيواء النازحين في غزة أدى إلى سقوط عدد غير مقبول من الضحايا المدنيين».

وكما في كل مناسبة ومنذ أكثر من 10 أشهر، شددت باريس «بقوة» على ضرورة «احترام القانون الإنساني الدولي» الذي يفترض أن تلتزم به كل الأطراف «بمن فيها إسرائيل».

وبالتوازي مع ذلك، رأت «الخارجية الفرنسية» في بيان أن «الهجمات التي تضرب العاملين في المجال الإنساني أو موظفي الأمم المتحدة غير مقبولة». وتابع بيان الخارجية أن باريس «تدين بشدة إطلاق النار الإسرائيلي على مركبة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي في غزة في 28 أغسطس (آب)، ما أدى إلى تعليق أنشطة البرنامج في قطاع غزة». كذلك، كررت فرنسا «دعوتها للإفراج غير المشروط والفوري عن جميع الرهائن ولوقف فوري لإطلاق النار في مواجهة حالة الطوارئ الإنسانية في غزة»، داعية إلى «ضمان الوصول الفوري والآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية بكل الوسائل الممكنة، على النحو الذي دعا إليه قرارا مجلس الأمن 2712 و 2720».

وأرادت باريس أن يكون بيانها شاملاً بما في ذلك ما يحصل في عمليات عسكرية إسرائيلية «واسعة النطاق» في الضفة الغربية. واللافت أن بيان الخارجية جاء مخففاً؛ إذ رأى أن الممارسات الإسرائيلية في محافظات عدة في الضفة الغربية «يفضي إلى تفاقم مناخ من عدم الاستقرار والعنف غير المسبوق». ودعت فرنسا أيضاً إلى «وقف الاستيطان على الفور لأنه يتعارض مع القانون الدولي، كما أكدت ذلك محكمة العدل الدولية مؤخراً، ويهدف إلى جعل حل الدولتين مستحيلاً».

ولم يغفل البيان الفرنسي وضع القدس؛ إذ رأت باريس أن «التشكيك المنهجي الآن في الوضع القائم في ساحة الحرم القدسي الشريف يخلق خطر اندلاع حريق شامل». ونص البيان على إدانة فرنسا جميع الأعمال التي تنتهك الوضع القائم، وهي تذكّر بأهمية دور الأردن المحدد في هذا الصدد». كذلك أدانت «الخارجية الفرنسية» «التصريحات غير المسؤولة التي أدلى بها (الوزير إيتمار) بن غفير الذي يدعو علناً وبشكل متكرر إلى القيام بأعمال تتعارض مع الوضع القائم». وختم البيان بدعوة الحكومة الإسرائيلية إلى «إدانة هذه التصريحات غير المقبولة بحزم».

وفي لندن، قال ناطق باسم وزارة الخارجية والتنمية البريطانية: «تشعر المملكة المتحدة بقلق بالغ حيال العملية الجارية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة. ندرك حاجة إسرائيل للدفاع عن نفسها في مواجهة التهديدات الأمنية، لكن تقلقنا بشدة الأساليب التي تتبعها إسرائيل، وأنباء سقوط ضحايا مدنيين، وتدمير بنية تحتية مدنية».

وتابع الناطق البريطاني: «إن خطر زعزعة الاستقرار شديد، والحاجة إلى التهدئة عاجلة. ونحن نواصل مطالبة السلطات الإسرائيلية بممارسة ضبط النفس، والامتثال للقانون الدولي، وملاحقة من يسعون بأفعالهم إلى تأجيج التوترات. المملكة المتحدة تدين بشدة عنف المستوطنين، وكذلك العبارات التحريضية الصادرة عن وزير الأمن القومي بن غفير، التي تهدد الوضع القائم في الأراضي المقدسة في القدس. ليس في مصلحة أحد اتساع رقعة الصراع وعدم الاستقرار في الضفة الغربية».


مقالات ذات صلة

منظمة خيرية أميركية تعلن مقتل 4 أشخاص في غارة إسرائيلية بغزة

المشرق العربي منظمة «أنيرا» الأميركية الخيرية توزع ماء على فلسطينيين في غزة (حساب المنظمة عبر منصة «إكس»)

منظمة خيرية أميركية تعلن مقتل 4 أشخاص في غارة إسرائيلية بغزة

أعلنت منظمة «أنيرا» الأميركية الخيرية مقتل 4 أشخاص كانوا يرافقون إحدى قوافلها جنوب قطاع غزة في غارة جوية إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون بالقرب من منازل مدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

تحليل إخباري خرائط «فيلادلفيا» الجديدة «تعقّد» مفاوضات غزة

عدّ محللون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الكابينت الإسرائيلي بالمصادقة على «خرائط» تحدد أماكن انتشار الجيش الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا» عقدة جديدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي رجل فلسطيني يتفقد المنازل المتضررة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم نور شمس (أ.ب)

سكان الضفة الغربية بعد العمليات الإسرائيلية: نحن غزة ثانية

في اليوم الثالث من العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية، استيقظ السكان على مشهد الشوارع المدمّرة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي دمار في دير البلح بوسط قطاع غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)

نتنياهو يعرقل صفقة التهدئة ويتمسك بـ«فيلادلفيا»

تتفاقم المخاوف في إسرائيل من استمرار نهج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في عرقلة صفقة التهدئة في قطاع غزة، مع إعلان حكومته تمسكها بالبقاء في محور فيلادلفيا.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي آلية إسرائيلية تقف مقابل سيارة إسعاف فلسطينية خلال العمليات العسكرية في جنين (رويترز)

فرنسا: العمليات الإسرائيلية في الضفة الغربية «تفاقم» الوضع

عدت فرنسا أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة «تفاقم جو عدم استقرار وعنف غير مسبوق» معربة عن «قلقها البالغ» إزاء تدهور الوضع.

«الشرق الأوسط» (باريس)

أسلحة الفلسطينيين في الضفة من إيران وإسرائيل

سيارة محترقة عقب غارة إسرائيلية استهدفتها في قرية بجوار جنين في الضفة الغربية الجمعة (أ.ف.ب)
سيارة محترقة عقب غارة إسرائيلية استهدفتها في قرية بجوار جنين في الضفة الغربية الجمعة (أ.ف.ب)
TT

أسلحة الفلسطينيين في الضفة من إيران وإسرائيل

سيارة محترقة عقب غارة إسرائيلية استهدفتها في قرية بجوار جنين في الضفة الغربية الجمعة (أ.ف.ب)
سيارة محترقة عقب غارة إسرائيلية استهدفتها في قرية بجوار جنين في الضفة الغربية الجمعة (أ.ف.ب)

العنوان الأساسي لحملة التصعيد الإسرائيلية الجديدة في الضفة الغربية، التي تُوصف بأنها توازي الاجتياح الذي حصل عام 2002، هو تفكيك شبكة التنظيمات الفلسطينية المسلحة التي تزداد قوة والمؤلفة من نحو 40 كتيبة، والعثور على العبوات الناسفة الثقيلة، والصواريخ النوعية التي هُرّبت من إيران وأذرعها المختلفة في المنطقة إلى الضفة الغربية، لا سيما عبر الأردن، حسب ما تشير تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وكانت السلطات الأردنية أعلنت في السابق كشف عمليات تهريب عدة للأسلحة القادمة إلى أراضيها من سوريا.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه قتل ثلاثة مقاتلين فلسطينيين من حركة «حماس» في غارة جوية في منطقة جنين، في اليوم الثالث من عملياته في الضفة.

وقال شهود عيان في الموقع لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «القوات الإسرائيلية نفّذت هجوماً على سيارة في بلدة الزبابدة جنوب شرقي جنين».

وأشاروا إلى أن الجنود الإسرائيليين فتشوا السيارة بعد الغارة. ورأى مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» في المكان أشلاء أخرجها مسعفون من السيارة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، من جانبه، أن وسام الخازم، الذي يُعدّ قائد «حماس» في جنين، قُتل داخل السيارة التي كانت تحتوي على أسلحة وذخيرة وكميات كبيرة من النقود، وفق البيان الإسرائيلي.

وسبق لإسرائيل أن شنّت عمليات عسكرية واسعة على البلدات في شمال الضفة الغربية، على الرغم من أن العملية الحالية تُعدّ الأكبر منذ سنوات طويلة. وقد سُئل مسؤول إسرائيلي عن الاجتياحات والاعتقالات الواسعة التي يقومون بها في الضفة، فأجاب قائلاً: «هذه العملية لا تستهدف القضاء على الإرهاب تماماً. فالإرهاب كان وسيستمر، وهو موجود في جنوب الضفة أيضاً، ولم نقرر حملة هناك. لكن في الشمال توجد شبكة منظمة، ولديها أسلحة مختلفة وعبوات ناسفة جُهزّت في إيران وصواريخ (آر بي جي) جديدة وفتاكة. هذه أسلحة تكسر التوازن. نحن نعاني اليوم من العبوات البدائية التي تُصنّع في الضفة الغربية، لكن كل عبوة تقنية يمكن أن تحدث أضراراً كارثية. كل هذا يشير إلى أن إيران قررت فتح جبهة الضفة الغربية ونحن نريد استباقها؛ لذلك جاءت هذه العملية».

جنود إسرائيليون خلال العمليات العسكرية في منطقة جنين بالضفة الغربية الجمعة (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)

وسُئل هذا المسؤول: هل توجد أدلة على أن هذه الأسلحة هي من صنع إيراني؟ هل توجد كتابة باللغة الفارسية أو أي علامات أخرى؟ وهل اُستخدمت؟ فأجاب: «لم تُستخدم بعد، لكن لدينا معلومات استخبارية تدل على أنها موجودة، ونحن نفتش عنها من بيت إلى بيت. ونحن نعرف أن إيران تدرّب هؤلاء الشبان وتدفع لهم النقود».

وسُئل: هل تعتقد أن هذه العملية ستنجح في مكافحة الإرهاب فعلاً؟ ما رأيك في القول إنها تخلق جيشاً جديداً من الكارهين الحاقدين الذين يكرهون إسرائيل أكثر من الجيل الحالي، ولديهم قدرات تكنولوجية أقوى، وبالتالي يُلحقون ضرراً أكبر. لماذا لا تفتشون عن وسائل أخرى سياسية مثلاً؟ فأجاب: «نحن جيش. نمتلك قوة عسكرية جبارة. ونتعامل بالقوة. وليس من شأننا أن نتدخل في السياسة. ما نقوم به هو عملية جارفة ستستغرق وقتاً طويلاً لاجتثاث الإرهاب».

وسُئل عن تصريحات وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، عن تحويل الضفة الغربية إلى غزة وترحيل المواطنين منها، فرد قائلاً: «هذه عملية للضفة الغربية، ولا علاقة لها بساحات أخرى. ولا توجد لدينا مخططات للترحيل، لكن في حال قرر السكان المغادرة لن نمنعهم. والمواطنون الذين يعيشون في مناطق لا ننشط بها، أيضاً في الشمال، هناك الحياة تسير كالمعتاد.

ونعود إلى الأسلحة، فهي عنوان أساسي وهي موضوع لافت. إذ إن من يعرف قوة الجيش ومكانته وبقية أجهزة الأمن في إسرائيل يستصعب التصديق أن الأسلحة المتوفرة في الضفة الغربية جاءت من إيران فعلاً وبكميات تستدعي حرباً لأجل جمعها وقتل من يستحوذ عليها. صحيح أن الحدود بين إسرائيل والأردن طويلة جداً (600 كيلومتر) ومخترقة، إذ إنها في غالبية المواقع تقتصر على سياج عادي بسيط ولا يحمي من التهريب. وليس هناك شك في أن عمليات تهريب أسلحة تمت، مثلما أُحبطت عمليات مثل هذه أيضاً. والأردن نفسه نشر عدة بيانات في الماضي دلّت على وجود عمليات تهريب أسلحة من الحدود مع سوريا.

وكان يُحسب في البداية أنها موجهة لدعم قوى (التطرف الإسلامي) في رغبتها بالمساس بالنظام، لكن اُكتشف أن قسماً منها موجه إلى فلسطين للتنظيمات المسلحة، وقسماً منها إلى تجار أسلحة من العرب واليهود في إسرائيل، الذين يبيعونها لكل مشترٍ».

وتصل كميات غير قليلة من هذه الأسلحة إلى منظمات الجريمة، التي تستخدمها في حروبها الداخلية بين العصابات أو في عمليات ثأر أو في عمليات ابتزاز وتحصيل «الخاوة» (الإتاوات). وما دامت هذه الأسلحة يُقتل بها عرب، فإن سلطات إنفاذ القانون الإسرائيلية تتراخى، خصوصاً من الشرطة. ومنذ أن تولّى إيتمار بن غفير وزارة الأمن الداخلي المسؤولة عن الشرطة، بات رجال الأمن يهملون أكثر مكافحة الاتجار وتهريب هذه الأسلحة.

فلسطينيون خلال تشييع رجل قتلته إسرائيل في مخيم نور شمس قرب طولكرم الجمعة (إ.ب.أ)

السلاح إسرائيلي أيضاً

بيد أن ما لا يتطرق إليه الجيش هو أن هناك أسلحة إسرائيلية متوافرة بكميات ضخمة في أيدي الناس. وخلال الحرب على غزة، اعترف الجيش بأن كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة والعتاد التي اكتشفوها في أنفاق «حماس» ومخازن أخرى، كانت صناعة إسرائيلية. والأمر نفسه يحدث اليوم في الضفة الغربية.

في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) 2023، كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، عن قدوم شاحنات عسكرية من غزة إلى منشأة تقع قرب قرية جولس العربية في الشمال، تُستخدم لتدمير الأسلحة. حملت الشاحنات 150 بندقية «إم 16»، ونحو 100 صاروخ «لاو»، وعشرات صواريخ الـ«آر بي جي»، وعشرات الآلاف من الرصاصات، وكميات من العبوات الناسفة ذات التقنية العالية، وعبوات ناسفة قسم منها جرى إعداده من الصواريخ والقذائف التي ألقتها الطائرات والدبابات والمدافع الإسرائيلية ولم تنفجر، فانقض عليها الفلسطينيون وأعادوا استخدامها. وقالت الصحيفة إن هذه الكمية لا تزيد على خُمس الأسلحة التي صُودرت من غزة. وقالت أيضاً إن غالبية الأسلحة التي استخدمتها عناصر «حماس» في هجومها على إسرائيل في يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كانت من صنع إسرائيلي، غالبيتها سُرقت من معسكرات الجيش وبِيعت في السوق السوداء، وقسم منها باعه جنود.

وفي الفترة نفسها، وبدلاً من التحقيق في كيفية وصول الأسلحة إلى منظمات فلسطينية، والحد من الظاهرة، بادر وزير الأمن القومي بن غفير، إلى توزيع أسلحة على المواطنين الراغبين بذلك حتى يدافعوا عن أنفسهم في وجه هجمات «حماس». وقد حصل على هذه الأسلحة، حسب إحصائيات الشرطة نفسها، 240 ألف شخص. وقد وُزعت بطرق فوضوية، كما يبدو، مما أتاح لتجار الأسلحة الحصول على نسبة كبيرة منها بالتحايل.

وخلال الحرب في غزة كشفت الشرطة العسكرية أن ظاهرة سرقة السلاح والذخيرة من معسكرات الجيش تضاعفت عدة مرات، وقد اُعتقل عدد من الجنود المتورطين بذلك. وأكدت أنه ليس لديها شك في أن قسماً غير قليل من هذه الأسلحة بِيع إلى التنظيمات الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية.

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع لصحيفة أميركية، إن «الأسلحة التي أنتجها الجيش واستخدمها في حصاره على غزة، وصلت إلى أيدي التنظيمات الفلسطينية المسلحة التي استخدمتها بدورها لكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وبينها صواريخ ورشاشات ثقيلة». وأكد ضابط برتبة رائد، أُطلق عليه «ج»، أن أحداً لم يُفاجأ بهذه الظاهرة، «لكننا صُدمنا من نوعيتها ومن كمياتها الضخمة».

وفي 21 الجاري، اُعتقل جندي يهودي من إحدى المستوطنات في الضفة الغربية شرق رام الله، وصُودرت كمية غير كبيرة من الأسلحة في بيته. وقد اعترف بأنه سرقها من مخازن الجيش المؤقتة في قطاع غزة حيث كان يؤدي خدمته العسكرية في جيش الاحتياط. ومن بين هذه المواد: عشر عبوات، و26 قنبلة، ومناظير ليلية، ودروع فولاذية، وخوذ وغيرها.

وكانت الشرطة اعتقلت ثلاثة شبان من عرب النقب، اتهموا بأنهم في 21 يناير (كانون الثاني) سرقوا أسلحة وذخيرة من شاحنة عسكرية، قرب تجمع بدوي.

وتؤكد هذه المعطيات أن إيران ليست وحدها مصدر الأسلحة للتنظيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، بل إن جزءاً منها مصدره إسرائيل نفسها.

كتائب «حركة الجهاد»... واختراقات إسرائيلية

محمد جابر الملقب بـ«أبو شجاع» قائد «كتيبة طولكرم» التابعة لـ«سرايا القدس» في «حركة الجهاد» قتلته إسرائيل في غارة على مخيم نور شمس بطولكرم يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

تقول مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» في لندن إن حركة «الجهاد الإسلامي» انطلقت في عملية تشكيل كتائب مسلحة تابعة لها من مخيم جنين، ثم امتدت تدريجياً إلى القرى المحيطة بالمخيم، وبعد ذلك إلى المخيمات الأخرى في شمال الضفة الغربية. وأضافت أن تمويل هذه الكتائب يأتي إلى حد كبير عبر أموال تُهرّب من لبنان غالباً، حيث يجري نقلها بوساطة فلسطينيين يحملون الهوية الإسرائيلية. ويجري نقل الأموال عبر شبكات معقدة، مما يجعل من الصعب على السلطات الإسرائيلية والفلسطينية تتبعها وتجفيف منابعها.

وتابعت أن السلاح يصل إما عبر التهريب من الحدود الأردنية في منطقة الأغوار، وإما من خلال شراء السلاح مباشرة من المافيا الإسرائيلية.

ويقول مصدر أمني فلسطيني إن السلطة الفلسطينية لا تسيطر على المواطنين الذين يحملون الهوية الإسرائيلية في الداخل، والذين ينقلون الأموال إلى عناصر الكتائب.

وتستغل إسرائيل الهيكلية غير المركزية للكتائب الناشطة في الضفة، وتحاول اختراقها من خلال عملاء يتظاهرون بأنهم مصدر للسلاح أو التمويل، من بين أساليب عدة للتجنيد. وفي 26 أغسطس (آب) 2024 قتل الجيش الإسرائيلي شابين فلسطينيين من جنين عند مدخل مستوطنة أرائيل. كان الشابان يتبعان لكتيبة «الجهاد الإسلامي» في جنين، ويظهر من تسجيل صوتي لهما في أثناء مطاردتهما من قِبل الجيش أنهما تعرضا لخديعة من قبل «إسرائيلي». ووفقاً للروايات المتداولة، كان الشخص ذاته قد سلمهما في مرتين سابقتين السلاح، لكن تبيّن في المرة الثالثة أنه عنصر في «الشاباك» الإسرائيلي.