«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

أنجلينا جولي وسيغورني ويڤر تتألقان

أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)
أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)
TT

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)
أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب للممثلتين الأميركيّتين سيغورني ويڤر وأنجلينا جولي.

بالنسبة لويڤر بطلة أفلام «أڤاتار» و«غوريللاز في الضباب» ونحو 100 فيلم آخر، تم الاحتفاء بها في ليلة الافتتاح وإهداؤها الجائزة التقديرية عن كل أعمالها.

وبينما كان حديثها لجمهور الصالة المتخمة بالحاضرين صادق النبرة وهي تتحدث عن شعورها حيال هذا التقدير ومهنتها كممثلة، بادلها الجمهور التحية بالتصفيق وقوفاً وجلوساً. بالنسبة لعديدين هي واحدة من خيرة ممثلات هوليوود وأشهرهن (74 سنة)، وما زالت مرغوبة ونشطة كما كان حالها في الثمانينات وما بعد.

سيغورني ويڤر مع جائزة «الأسد الذهبي» التكريمية (إ.ب.أ)

جولي وماريا

أما أنجلينا جولي فبلغ إعجاب الحاضرين بأدائها دور المغنية الأوبرالية ماريا كالاس، في «ماريا»، درجة الوقوف والتصفيق لها لتسع دقائق متوالية. وكثيرون شاهدوا الدموع تترقرق في عيني الممثلة تقديراً لهذا. فيما بعد الفيلم انطلق الحديث عن أنها ستكون بالتأكيد إحدى المرشّحات للأوسكار وقد تفوز به.

«ماريا» للمخرج التشيلي بابلو لوران يشبه وشاحاً صُمم ليمنح الممثلة التي تقوم بدور المغنية اليونانية كالاس كل التألق الذي تستحقه. فوز أنجلينا جولي بالدور يعكس بالنسبة إليها حجر زاوية في مهنتها الناجحة عموماً والمضطربة في بعض الأحيان.

أنجلينا جولي في «ماريا» (نتفليكس)

كان بابلو خاض غمار الأفلام البيوغرافية مرّتين سابقتين؛ الأولى سنة 2016 عندما أخرج «جاكي» عن جزء من حياة جاكلين كندي، والثانية سنة 2021 عندما قدّم كذلك تلك المرحلة المهمّة من حياة الأميركية ديانا في فيلمه «سبنسر».

حتى في فيلمه الأسبق «الكونت» (2023) الذي تناول فيه شخصية الديكتاتور التشيلي أغوستو بينوشيه اختار جزءاً معيّناً فقط من حياته ولم يشأ، كباقي هذه الأفلام المذكورة هنا له، تناول سيرته على مدار سنوات عديدة.

«ماريا» يركّز على الأيام السبعة الأخيرة من حياة أسطورة الأوبرا، وكما الحال في «الكونت» يدمج بعض الفانتازيا ببعض الواقع ليستخرج فيلماً عالي الوتيرة كقصّة حياة، ومنخفض النبرة عندما يصل الأمر لمنح المشاهد صورة كاملة لتلك الأيام الحاسمة والأخيرة.

واحدة من علامات تلك الفترة، حسب الفيلم، هي إحساسها بأنها تريد الوثوق من أنها ما زالت ملكة الأوبرا بين المغنيات، وأن هناك جمهوراً واسعاً وكبيراً يتابعها وفنها. شيء لا يختلف إلا بدرجات عن صورة غلوريا سوانسون عندما قامت ببطولة فيلم بيلي وايلدز «سنست بوليڤارد» سنة 1950. لكن التراجيديا في فيلم «ماريا» تتعرّض لسطوة الممثلة جولي وشهرتها، ما يجعل الفيلم كما لو أنه صُنع لجولي أكثر مما هو حول حياة كالاس أو، على الأقل، بالقدر نفسه.

في أي من الحالتين لا يمكن لوم جولي كثيراً في هذا المضمار. عليها أن تستغل الفرصة لتقدم أداءً درامياً يوازي أداء كالاس الغنائي. المفارقة الصعبة والمهمّة (والمفيدة للممثلة) هي أن انتقاء الأسبوع الأخير من حياة ماريا كالاس ليكون موضوع الفيلم يمنح الممثلة اختباراً أدائياً لم تعهده من قبل؛ ذلك لأن هذا الأسبوع كان الأسوأ في حياة كالاس. كانت باتت مدمنة مخدرات وصوتها يعاني من تأثير ذلك، ولم تعد واثقة من قدراتها رغم أنها كانت راغبة فعلاً في العودة إلى الأضواء.

يخلق كل ذلك فيلماً داكناً حول انهيار حياة وانطفاء شعلة. نرى كالاس تعاني من مشاكلها فتمتنع عن تناول الطعام لأيام (هناك إشارة إلى أن امتناعها بدأ قبل فترة من بداية أحداث الفيلم). ذاكرتها تستعيد أوج لحظاتها، لكنها كانت بدأت تدرك أن أفضل سنوات مهنتها هي تلك السنوات الغابرة. في هذا السياق، يوزّع المخرج مشاهد «فلاش باك» التي تثري المادة بقدر ما تعزز حضور أفضل السنوات لشخصيته.

في النهاية، يبرز الفيلم كدراما ممهورة بمعالجة فنية جيدة تعلو على مستوى التعامل مع الشخصية بحب. بكلمات أخرى، هو فيلم مهم مُعالج ببرود عاطفي حيال الموضوع.

البحث عن «ريمو»

بعيداً جداً عن هذا الموضوع، وضمن مسابقة الدورة الـ81 الحالية لمهرجان ڤنيسيا، يأتينا من القارة اللاتينية فيلم آخر عنوانه «أقتل الجوكي» (Kill the Jokey) للأرجنتيني لويس أورتيغا. كأفلام كثيرة في هذا العصر، هناك أكثر من عشر شركات إنتاج وتمويل وضعت في الفيلم أموالها. هو أرجنتيني بقدر ما هو مكسيكي وإسباني ودنماركي وأميركي، وهذا بعض قليل مما يطالعنا الفيلم به في قائمة شركاته المنتجة.

على ذلك، الموضوع المطروح وهويّته محددان جيداً. دراما ذات خصائص يمتزج فيها الجد بالهزل والوضع الشخصي بالخلفية العامّة.

من «أقتل الجوكي» (راي فيلمز)

بداية الفيلم لافتة وواعدة، نرى فيها امرأة تغني بلا جمهور في حانة فارغة. هناك رجل نائم منزلق فوق كرسيه. يدخل رجلان من ذوي الأشكال التي تستطيع أن تدرك أنهما خاضا حياة عصيبة. أحدهما يضع عصاه في فم النائم لإيقاظه. إنه «الجوكي ريمو» (بيريز بسكارت)، والرجلان جاءا لكي يأخذاه إلى حيث سيلتقي به رئيس عصابة تراهن على سباقات الجياد. المطلوب منه أن يفوز. لكن في التجربة الأولى ما إن تُفتح الأبواب لانطلاق الجياد حتى يقع أرضاً. هو «جوكي» في ماضيه أما حاضره فمميّز بالشراب والإدمان وفقدانه للياقة المطلوبة.

لا يحيطنا الفيلم علماً بالسبب الذي أدى بـ«ريمو» إلى هذا الوضع. يبدو واحداً من شخوص الواقع الحاضرة التي فقدت الاهتمام بأهم الأشياء في الحياة. لكن الفيلم بدوره يفتقد شيئاً آخر: يبدأ بنبرة خيالية لافتة حيث أي شيء وكل شيء قد يقع. لكنه يتحوّل بعد ذلك إلى نبرة مختلفة عندما يهرب «ريمو» من المستشفى بعد حادثة خلال سباقه الثاني. هنا تتعرّض الحكاية إلى التواء واضح. تصبح شيئاً من كوميديا مباشرة حول عصابة تبحث عن «ريمو» للانتقام منه بعدما تسبب في خسارتها مادياً خلال الرهانات.

لا يفقد الفيلم جاذبيّته وإن كان لا ينجز الكثير عدا ذلك. يحتوي على تلك الأفكار المودوعة في التغريب؛ إذ كل مشهد عليه أن يأتي مخالفاً للتوقعات. جديد في الناحية البصرية وكفكرة، لكن الحكاية تمشي في درب مختلف بحيث الكثير مما نشاهده على صعيد المضامين وكتعليق اجتماعي من خلال موضوعه، يتبعثر بحيث لا يصل الفيلم إلى تحديد ما يرغب منا تقديره من تلك المضامين.


مقالات ذات صلة

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
يوميات الشرق «عن الكلاب والرجال» (AE Content)

رسالة احتجاج من 300 فنان ضد المشاركة الإسرائيلية بمهرجان «ڤينيسيا»

بدا الأمر نشازاً عرض فيلمين إسرائيليين في مهرجان «ڤينيسيا» في حين أن الأحداث لا تزال في أوجها، وأن إدارة المهرجان لم تشأ أي اشتراك روسي بسبب الحرب الأوكرانية.

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا )
سينما «بيتلجوس بيتلجوس» مايكل كيتون... الحقيقة والخيال (بلان ب إنترتاينمنت)

«ڤينيسيا» يدفع بالأسماء الكبيرة والأفلام المهمّة

تنطلق غداً، النسخة الجديدة من مهرجان «ڤينيسيا» السينمائي، وتنتهي مساء 7 سبتمبر، حاملاً بكل ثقة الرقم 81 في عدّاد دوراته وبذلك يكون هو شيخ المهرجانات قاطبة.

محمد رُضا (ڤينيسيا)
يوميات الشرق جورج كلوني وأمل علم الدين يصلان إلى البندقية (أ.ب)

​نجوم أميركيون يعودون إلى «مهرجان البندقية» بعد غياب

يتوافد نجوم عالميون بدءاً من أنجلينا جولي إلى جورج كلوني مروراً بليدي غاغا وبراد بيت ودانيال كريغ من يوم الأربعاء للمشاركة في «مهرجان البندقية» السينمائي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شربل روحانا مع الفرقة السداسية (فيسبوك الفنان)

حفل «أوتار بعلبك»... سهرة تروي حكاية الفرح والألم

رغم الأوضاع الصعبة أصرّت لجنة مهرجانات بعلبك على أنها يجب أن تكون حاضرة في الموسم الصيفي ولو بحفلة واحدة، ولتكن في بيروت، ما دام عزّت إقامتُها بمدينة الشمس.

سوسن الأبطح (بيروت)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)
السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)
TT

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)
السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.

وكانت زوجة السيناريست الراحل قد ذكرت في تصريحات صحافية سابقة أنه قد أصيب بجلطة في القلب، وبعد أسبوع تحسنت حالته فغادر المستشفى، لكن سرعان ما تدهورت حالته الصحية بعدها بأيام، وأصيب بالتهاب حاد في الرئة، ما أدى لدخوله في غيبوبة حتى وفاته.

وأعلنت الأسرة عن تشييع جثمانه الأحد المقبل من كنيسة «مارمرقص» بالقاهرة.

ويعد عاطف بشاي أحد كتّاب الكوميديا البارزين، فقد لمع اسمه خلال فترة الثمانينات بعد تخرجه في معهد السينما بالقاهرة عام 1976، وله كثير من الأعمال التي قدّمها في السينما والتليفزيون.

وقد نعى الكاتب الراحل نقابة المهن السينمائية وعدد كبير من المخرجين، فكتب المخرج هاني لاشين عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «أخي الحبيب رفيق المشوار وعشرة العمر وداعاً السينارست الكبير عاطف بشاي».

رحيل السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

وكتب المخرج أمير رمسيس: «فقدنا اليوم صاحب عدد من أخف الأعمال ظلاً في السينما المصرية وداعاً عاطف بشاي»، وكتب الناقد أسامة عبد الفتاح: «وداعاً صديق أبي (الأديب عبد الفتاح رزق) الذي صاغ درامياً العديد من قصصه وأستاذي وصديقي العزيز عاطف بشاي لن ننساك».

وكان بشاي قد برع في كتابة الأعمال الكوميدية التي قدمها عبر مسلسلات وأفلام تلفزيونية، من بينها أفلام «محاكمة علي بابا» 1987، «الوزير جاي» 1986، «فوزية البرجوازية» 1985، «قبل الوصول لسن الانتحار» 1987، «يوميات ست عصرية» 1987، كما كتب السيناريو والحوار لعدد كبير من المسلسلات التلفزيونية. من بينها «عمارة يعقوبيان» 2007، و«شخلول» 2006 ، و«السندريللا» 2006، و«الكلام المباح» 2005 ، و«اللقاء الثاني» 1988، و«ناس وناس» 1989، و«نقل مخ» 1989.

واتجه بشاي لكتابة مقالات الرأي في السنوات الأخيرة في عدة صحف مصرية.

وكتبت الناقدة أماني فؤاد على صفحتها بـ«فيسبوك»: «الأستاذ عاطف بشاي... الإنسان الراقي، والقلم الصحافي الجريء، وكاتب السيناريو المبدع... وداعاً، لروحك كل السلام والرحمة».

كما نعاه الناقد الفني محمود عبد الشكور، وكتب على صفحته بـ«فيسبوك»: «من ينسى تقديمه لكتابات أحمد رجب في أفلام مثل (محاكمة علي بابا) و(فوزية البورجوازية) و(الوزير جاي) و(المجنون)؟ ومن ينسى تقديمه الرائع لرواية (لا) لمصطفى أمين في حلقات تحمل نفس الاسم؟ ومن ينسى حلقات مسلسل (اللقاء الثاني) التي كتبها عن قصص نهى حقي؟ فقد كان مجرد ظهور اسمه على التترات عنواناً على الجودة والإتقان، وعلى حرفة الكتابة الدرامية في أعلى مستوياتها».

وتقول الناقدة الفنية المصرية، ماجدة خير الله، إن «السينارست عاطف بشاي قد ظهر في مرحلة عظيمة خلال فترة أفلام التلفزيون، التي كان لها الفضل في ظهور مؤلفين ومخرجين بارزين». وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «الكاتب الراحل لديه رصيد كبير من الأعمال المتميزة، كما له الفضل في تحويل أعمال روائية مهمة لكتّاب كبار، مثل سيناريو فيلم (أنا لا أكذب ولكني أتجمل) الذي كتبه عن قصة لإحسان عبد القدوس، وكذلك أعمال الكاتب الكبير أحمد رجب على غرار (محاكمة علي بابا) و(فوزية البرجوازية)، وقصة (لا) لمصطفى أمين التي حوّلها لمسلسل تليفزيوني». وأوضحت أن «أعماله اتسمت بالتنوع بين الكوميديا والأعمال الاجتماعية، ومن بينها مسلسل (اللقاء الثاني) لبوسي ومحمود ياسين، و(يا رجال العالم اتحدوا) لحسين فهمي».