رئيس وزراء بريطانيا: موازنة أكتوبر ستكون مؤلمة وتلمِّح لرفع الضرائب

مبيعات التجزئة تنخفض للشهر الثالث على التوالي

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي خطاباً في حديقة الورود في «داونينغ ستريت» (وكالة حماية البيئة)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي خطاباً في حديقة الورود في «داونينغ ستريت» (وكالة حماية البيئة)
TT

رئيس وزراء بريطانيا: موازنة أكتوبر ستكون مؤلمة وتلمِّح لرفع الضرائب

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي خطاباً في حديقة الورود في «داونينغ ستريت» (وكالة حماية البيئة)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي خطاباً في حديقة الورود في «داونينغ ستريت» (وكالة حماية البيئة)

قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن موازنة أكتوبر (تشرين الأول) ستكون «مؤلمة»، مما أعطى أكبر تلميح حتى الآن بشأن زيادات الضرائب.

وقال ستارمر متحدثاً من «داونينغ ستريت»: «سأكون صريحاً معكم، هناك موازنة قادمة في أكتوبر وستكون مؤلمة».

وأضاف: «تماماً كما فعلت عندما استجبت لأعمال الشغب، سيتعين عليَّ التوجه إلى البلاد، وأطلب منكم أيضاً قبول الألم قصير الأمد من أجل المصلحة طويلة المدى. إنها المقايضة الصعبة من أجل الحل الحقيقي».

ومن المقرر تقديم الموازنة في 30 أكتوبر المقبل.

وقال كير إن «أولئك الذين لديهم أكتاف أوسع يجب أن يتحملوا العبء الأثقل، وأولئك الذين أحدثوا الفوضى يجب أن يبذلوا قصارى جهدهم لتنظيفها».

وأشار رئيس الوزراء إلى «العجز (الثقب الأسود) البالغ 22 مليار جنيه إسترليني» في مالية البلاد، والذي قال إن مكتب مسؤولية الموازنة لم يكن على علم به، وذلك في انتقاده للحكومة السابقة.

وأضاف: «قلت إن التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها. عندما يكون هناك تآكل عميق في قلب هيكل ما، لا يمكنك التستر عليه... عليك إعادة هيكلة كل شيء، ومعالجة المشكلة من جذورها. حتى لو كان ذلك عملاً شاقاً أو يستغرق وقتاً أطول».

ورداً على سؤال حول الزيادات الضريبية المحددة التي يتم النظر فيها، كرر كير أن الضرائب على «العمال» -مثل ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة والتأمين الوطني- لن ترتفع.

وأضاف: «يتعين علينا أن نبتعد عن فكرة أن الأدوات الوحيدة التي يمكن سحبها هي مزيد من الضرائب، أو مزيد من الإنفاق».

وتابع: «مهمتنا الأولى هي نمو الاقتصاد».

وكان رئيس الوزراء يتحدث من حديقة الورود في «داونينغ ستريت»، التي استخدمها سابقاً مستشار بوريس جونسون، دومينيك كامينغز، بعد أن خرق قواعد الإغلاق بسبب «كوفيد-19»، كما أقيمت فيها التجمعات أثناء الحفلات.

وبدا هذا خياراً متعمداً؛ حيث قال كير: «هذه حكومة تعمل من أجلكم، وهي عبارة عن حديقة ومبنى كانا يستخدمان في السابق لحفلات الإغلاق... هذه الحديقة وهذا المبنى عادا الآن إلى خدمتكم».

وألقى كير مراراً وتكراراً باللوم على الحكومة السابقة في التأثير على قراراته، بما في ذلك اختبار الأهلية للحصول على مدفوعات الوقود الشتوية للمتقاعدين.

وقد شكك البعض في مزاعم الحكومة بشأن «الثقب الأسود» الذي تركه المحافظون بقيمة 22 مليار جنيه إسترليني في أعقاب منح رواتب كبيرة للنقابات، بما في ذلك لكل من الأطباء المبتدئين وسائقي القطارات.

وقال كير إنه «لا يريد اختبار دفعات الوقود في فصل الشتاء»؛ لكنه أكد أن هذا كان خياراً لا بد من اتخاذه «لحماية المتقاعدين الأكثر ضعفاً».

على صعيد آخر، أبلغ تجار التجزئة البريطانيون عن انخفاض في المبيعات للشهر الثالث على التوالي في أغسطس (آب)، ويتوقعون انخفاضاً آخر في سبتمبر (أيلول)، مما دفعهم إلى خفض خطط التوظيف والاستثمار، وفقاً لاتحاد الصناعة البريطاني يوم الثلاثاء، وفق «رويترز».

وقال الاتحاد البريطاني للصناعة إن ميزان مبيعات التجزئة الشهرية بلغ «-27» هذا الشهر، وهو انخفاض أقل حدة من «-43» في يوليو (تموز) ولكن ثاني أضعف قراءة منذ أبريل (نيسان).

وتوقع تجار التجزئة شهراً ضعيفاً آخر في سبتمبر، مع انخفاض مؤشر توقعات المبيعات إلى «-17».

وقال كبير الاقتصاديين في الاتحاد، مارتن سارتوريوس: «استمرت مبيعات التجزئة في التراجع في العام حتى أغسطس، مع انكماش أيضاً في قطاعات الجملة والسيارات».

وأضاف: «أبلغ تجار التجزئة عن زيادة في الحذر بشأن خطط الاستثمار والتوظيف، مما يعكس على ما يبدو مخاوف بشأن ضعف الطلب المستمر».

وتعرض قطاع التجزئة لضربة قوية نتيجة الضغوط على القدرة الشرائية لكثير من الأسر، في حين أضر سوء الأحوال الجوية في الأشهر الأخيرة بالمبيعات أيضاً.

وأظهرت نسخة ربع سنوية من الاستطلاع انخفاض نيات الاستثمار إلى «-35» في أغسطس من «-25» في مايو (أيار) وانخفاض مؤشر خطط التوظيف المتوقعة إلى «-28» من «-18».

وتراجع مؤشر الأسعار البيعية المتوقعة لتجار التجزئة إلى «+15» من «+30» في مايو.


مقالات ذات صلة

ريفز: الاضطرابات المالية تؤكد ضرورة تسريع جهود تحفيز النمو في بريطانيا

الاقتصاد وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز تتحدث في مجلس العموم بعد زيارتها الأخيرة للصين (أ.ف.ب)

ريفز: الاضطرابات المالية تؤكد ضرورة تسريع جهود تحفيز النمو في بريطانيا

أصرت وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، على أن الاضطرابات في الأسواق المالية تؤكد ضرورة تسريع وتعميق جهود تحفيز النمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث في جامعة لندن كوليدج (د.ب.أ)

ستارمر يدافع عن ريفز ويؤكد التزام الحكومة بخطط الإصلاح الاقتصادي

اضطر رئيس الوزراء كير ستارمر يوم الاثنين للدفاع عن وزيرة ماليته، راشيل ريفز، مؤكداً أنها ستضمن تمويل الإنفاق اليومي من خلال الضرائب مع ضمان النمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد صورة عامة تُظهر وسط تل أبيب (رويترز)

عجز موازنة إسرائيل يرتفع إلى 6.9 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2024

أفادت وزارة المالية الإسرائيلية، اليوم (الاثنين)، بأن عجز الموازنة قد بلغ 19.2 مليار شيقل (5.2 مليار دولار) في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الاقتصاد أوراق نقدية من الجنيه الإسترليني والعملات المعدنية داخل صندوق في مقهى بمانشستر (رويترز)

عائدات السندات البريطانية لأجل 30 عاماً تبلغ أعلى مستوى منذ 27 عاماً

ارتفعت عائدات السندات الحكومية البريطانية لأجل 30 عاماً إلى أعلى مستوى لها في 27 عاماً، يوم الاثنين، مما أدى إلى تمديد موجة بيع بسوق السندات.

الاقتصاد أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)

ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني تشهد أكبر تراجع منذ أزمة موازنة 2022

سجلت ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني أكبر انخفاض لها هذا الأسبوع منذ أزمة موازنة المملكة المتحدة في عام 2022، وفقاً لبيانات سوق الخيارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ما المتوقع من بيانات التضخم الأميركية اليوم؟

أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

ما المتوقع من بيانات التضخم الأميركية اليوم؟

أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

من المحتمل أن يكون التضخم في الولايات المتحدة قد تفاقم الشهر الماضي على خلفية ارتفاع أسعار الغاز والسيارات المستعملة، وهو اتجاه قد يُقلل من احتمالية قيام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض سعر الفائدة الرئيسي كثيراً هذا العام.

ومن المتوقع أن تعلن وزارة العمل يوم الأربعاء عن ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في ديسمبر (كانون الأول) بنسبة 2.8 في المائة عن العام الماضي، وفقاً لخبراء اقتصاديين استطلعت آراؤهم شركة «فاكتسيت»، بعد أن كان قد ارتفع بنسبة 2.7 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وسيكون هذا هو الارتفاع الثالث على التوالي، بعد أن انخفض التضخم إلى أدنى مستوى له منذ 3 سنوات ونصف السنة إلى 2.4 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وقد يؤدي هذا الارتفاع إلى تأجيج المخاوف المستمرة بين عدد من الاقتصاديين، وفي الأسواق المالية من أن التضخم قد علق فوق هدف «الاحتياطي الفيدرالي»، البالغ 2 في المائة. وقد أدّت مثل هذه المخاوف إلى ارتفاع أسعار الفائدة على سندات الخزانة، ما أدى أيضاً إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للرهون العقارية والسيارات وبطاقات الائتمان، حتى مع قيام «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض سعر الفائدة الرئيسي.

وقد تسبب تقرير الوظائف القوي غير المتوقع الصادر يوم الجمعة الماضي في انخفاض أسعار الأسهم والسندات، بسبب المخاوف من أن الاقتصاد السليم قد يُحافظ على ارتفاع التضخم، ما يمنع «الاحتياطي الفيدرالي» من خفض سعر الفائدة الرئيسي أكثر من ذلك.

وباستثناء فئتي الغذاء والطاقة المتقلبتين، توقع الاقتصاديون أن يظل ما يُسمى بالتضخم الأساسي عند 3.3 في المائة في ديسمبر للشهر الرابع على التوالي.

وعلى أساس شهري، من المرجح أن ترتفع الأسعار بنسبة 0.3 في المائة في ديسمبر للشهر الثاني على التوالي، ومن شأن ارتفاع الأسعار بهذه الوتيرة أن يتجاوز هدف «الاحتياطي الفيدرالي»، البالغ 2 في المائة. ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة.

ومن المحتمل أن يكون جزء من الارتفاع في الأسعار مدفوعاً بعوامل لمرة واحدة، مثل قفزة أخرى في تكلفة البيض، التي كانت واحدة من أكثر فئات الأغذية تقلباً في السنوات الأخيرة. وقد أدَّى تفشي إنفلونزا الطيور إلى هلاك عدد من قطعان الدجاج، ما قلّل من المعروض من البيض.

ويتوقع الاقتصاديون بشكل عام أن ينخفض التضخم قليلاً في الأشهر المقبلة؛ حيث تنمو أسعار إيجار الشقق والأجور وتكاليف التأمين على السيارات بشكل أبطأ، ولكن ما يُلقي بظلاله على التوقعات هو السياسات التضخمية المحتملة من الرئيس المنتخب دونالد ترمب، فقد اقترح الأخير زيادة الرسوم الجمركية على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي للمهاجرين غير المصرح لهم.

يوم الثلاثاء، قال ترمب إنه سينشئ «دائرة الإيرادات الخارجية» لتحصيل الرسوم الجمركية، ما يُشير إلى أنه يتوقع فرض عدد من الرسوم في نهاية المطاف، حتى إن كان قد قال أيضاً إنه ينوي استخدامها ورقة مساومة. وخلال حملته الانتخابية، وعد بفرض رسوم تصل إلى 20 في المائة على جميع الواردات، ورسوم تصل إلى 60 في المائة على البضائع القادمة من الصين.

وفي الأسبوع الماضي، أظهر محضر اجتماع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال ديسمبر أن الاقتصاديين في البنك المركزي يتوقعون أن يظل التضخم هذا العام كما هو تقريباً في عام 2024، مدفوعاً قليلاً بسبب ارتفاع الرسوم الجمركية.

وقال رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن البنك المركزي سيُبقي على سعر الفائدة الرئيسي مرتفعاً، حتى يعود التضخم إلى 2 في المائة. ونتيجة ذلك، يتوقع المستثمرون في «وول ستريت» أن يخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي مرة واحدة فقط هذا العام، من مستواه الحالي البالغ 4.3 في المائة، وفقاً لأسعار العقود الآجلة.

ولا تزال تكاليف الاقتراض الأخرى مرتفعة، ويرجع ذلك جزئياً إلى توقعات ارتفاع التضخم، وقلة تخفيضات أسعار الفائدة من جانب «الاحتياطي الفيدرالي». وارتفعت معدلات الرهن العقاري، التي تتأثر بشدة بالعائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، للمرة الرابعة على التوالي الأسبوع الماضي إلى 6.9 في المائة، وهو أعلى بكثير من أدنى مستوياتها في عهد الوباء، الذي بلغ أقل من 3 في المائة.

وفي ظل مرونة سوق العمل -حيث انخفض معدل البطالة إلى مستوى متدنٍّ بلغ 4.1 في المائة الشهر الماضي- فإن المستهلكين قادرون على مواصلة الإنفاق، ودفع عجلة النمو. ومع ذلك، إذا تجاوز الطلب ما يمكن أن تنتجه الشركات، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التضخم.

في وقت سابق من هذا الشهر، اتفق عدد من الاقتصاديين البارزين، بمن في ذلك رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» السابق، بن برنانكي، على أن التعريفات الجمركية التي سيفرضها ترمب في نهاية المطاف لن يكون لها على الأرجح سوى تأثيرات طفيفة على التضخم. وقد نوقشت هذه المسألة في الاجتماع السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرنسيسكو.

وقال جيسون فورمان، أحد كبار المستشارين الاقتصاديين خلال إدارة أوباما، في المؤتمر إن الرسوم قد ترفع معدل التضخم السنوي بعدة أعشار من النقطة المئوية فقط، لكنه أضاف أنه حتى زيادة بهذا الحجم قد تكون كافية للتأثير على قرارات «الاحتياطي الفيدرالي» بشأن معدل الفائدة.

وقال في الرابع من يناير (كانون الثاني): «أنت في عالم تكون فيه سياسات ترمب أشبه بالأعشار، أكثر من كونها شيئاً كارثياً». وأضاف: «لكنني أعتقد أننا أيضاً في عالم يعتمد فيه اتجاه بقاء معدلات الفائدة على حالها أو انخفاضها أو ارتفاعها على تلك الأعشار».