ليبيون «يلوّحون» بإغلاق حقول النفط رداً على أزمة «المركزي»

الطرابلسي استبعد اندلاع صراع مسلح في طرابلس معلناً التوصل لاتفاق ينهي الأزمة

الطرابلسي خلال مؤتمره الصحافي في طرابلس (داخلية الوحدة)
الطرابلسي خلال مؤتمره الصحافي في طرابلس (داخلية الوحدة)
TT

ليبيون «يلوّحون» بإغلاق حقول النفط رداً على أزمة «المركزي»

الطرابلسي خلال مؤتمره الصحافي في طرابلس (داخلية الوحدة)
الطرابلسي خلال مؤتمره الصحافي في طرابلس (داخلية الوحدة)

صعد النفط مجدداً إلى مشهد الصراع السياسي في ليبيا، في وقت تتواصل فيه أزمة المصرف المركزي على الرغم من إعلان حكومة الوحدة «المؤقتة» حماية مقره، ونفي وزير داخلية «الوحدة» المكلف، عماد الطرابلسي، ما يتردد عن احتمال شن هجوم من قوة أمنية على مقر المصرف للسيطرة عليه.

وأعلن المتحدث باسم «مجلس أعيان الواحات»، السبت، اعتزامهم التوجه لإغلاق الحقول النفطية لحين التوصل لاتفاق عادل لاقتسام الموارد بين الأقاليم، رداً على ما وصفه بـ«محاولة السيطرة على البنك المركزي بالقوة، والاستفراد بالأموال لتعطيل التنمية».

أعيان الجنوب تحدثوا عن مساعي لإقفال آبار النفط بمنطقة الجنوب الشرقي (أ.ف.ب)

وتحدث مصدر من أعيان الجنوب، حسب وسائل إعلام محلية، السبت، عن مساعي لإقفال آبار النفط وإغلاق الحقول النفطية بمنطقة الجنوب الشرقي، لافتاً إلى أن الخطوة تأتي في إطار الرد على ما وصفه بالخطوات الأحادية للمجلس الرئاسي للسيطرة على المصرف المركزي.

في غضون ذلك، أكد مصدر بالمصرف أن محافظه الصديق الكبير، الذي أقاله المجلس الرئاسي من منصبه، ما زال موجوداً في طرابلس، ويمارس مهامه بشكل اعتيادي، نافياً ما تردد عن سفره خارج البلاد عبر معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس.

وقال عضو اللجنة المشكلة من المجلس الرئاسي لتسلُّم وتسليم إدارة المصرف، علي شتوي، إن مجلس الإدارة الجديد سيباشر عمله، الأحد، برئاسة المحافظ الجديد محمد الشكري، الذي لم يعتذر عن المنصب، بل تحفظ على ظروف التسلُّم والتسليم. مضيفاً أنه «لم يعد للكبير أي علاقة بالمركزي، وفي حال اعتراضه، عليه اللجوء للقضاء، ووزارة الداخلية ستتولى حماية مقر المصرف».

في المقابل، طلب المجلس الرئاسي من الشكري تسلُّم عمله، وأبلغه في خطاب رسمي، تم تسريبه لوسائل إعلام محلية، بانتهاء أفق التصعيد العسكري، وتسلُّم المصرف بشكل سلس.

وبعدما أشاد بما وصفه بالمسؤولية الوطنية العالية، التي تحلت بها القوة الأمنية المكلفة وقيادتها، قال «الرئاسي» مخاطباً الشكري: «تكليفكم لا يزال مستمراً، معبراً عن انتخاب ممثلي الشعب لكم، في جلسة علنية صحيحة الانعقاد، ولم يجر إلغاء القرار في أي جلسة أخرى بالضوابط المعمول بها في اتخاذ القرارات»، مشيراً إلى تزكية مجلس الدولة لهذا الانتخاب.

لكن مصدراً مقرباً من الشكري أكد في تصريحات «تمسكه بشأن توافق مجلسي النواب والأعلى للدولة في تسميته كمحافظ وفق التشريعات النافذة»، لافتاً إلى أن اعتذاره عن قبول منصب المحافظ قد يسبب الحرب في طرابلس، رغم اتصالات لتمكينه من المنصب، حفاظاً على سمعة المصرف. وأوضح أن الشكري يدرك المخاطر الدولية على المصرف، التي تؤثر بشكل مباشر على حرية إدارة الأموال الليبية في الخارج، وتمكين الشعب من الاستفادة منها.

وكان «المركزي» قد نفى ما تردد عن تصريح صادر عن «لجنة التسليم والتسلُّم»، المكلفة من قبل المجلس الرئاسي، وأكد في المقابل تمسكه بأن الإجراءات التي قام بها «الرئاسي صادرة من غير ذي صفة وباطلة ومخالفة للقانون»، لافتاً إلى استمرار تعليق عمل موظفيه، مع استمرار تأدية مهامه المرتبطة بالمنظومات والخدمات الإلكترونية، وفق صحيح القانون.

ورددت وسائل إعلام محلية معلومات عن إصدار مذكرة اعتقال في حق زياد دغيم، مستشار محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي للشؤون القانونية، وسفير ليبيا لدى هولندا، بوصفه صاحب فكرة الإطاحة بالصديق من منصبه.

وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» تقوم بتأمين مقر المصرف المركزي (حكومة الوحدة)

إلى ذلك، قالت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، السبت، إنها دشنت ما وصفته بخطتها الاستراتيجية لتنظيم الانتشار الأمني الشرطي في طرابلس للعام الحالي، مشيرة إلى أن هذه الخطة تستهدف تعزيز الأمن والاستقرار في المدينة، من خلال إفراغها من التشكيلات الأمنية والعسكرية، وضمان أن تكون طرابلس «عاصمة للسلام والأمان للجميع».

وأوضحت «الوحدة» أن خطتها للانتشار تعمل على عودة التشكيلات الأمنية والعسكرية إلى مقارها، وتسليم المقار الفرعية لمؤسساتها السابقة، وأن تكون حصرية البوابات الأمنية في الطرقات لمكونات وزارة الداخلية، وأن تكون مهام تأمين المقار العامة منوطة بالوزارة فقط.

وكانت «الوحدة» قد أعلنت تسلمها رسمياً تأمين مقر المصرف، تنفيذاً لتعليمات الطرابلسي، ووفق الاتفاق المبرم بالخصوص، مشيرة في بيان، السبت، إلى قيام مدير أمن طرابلس ومدير الإدارة العامة للدعم المركزي، ورئيس قسم شرطة النجدة بطرابلس؛ بجولة داخل المصرف، وتوزيع الدوريات وفق الخطة الأمنية الموضوعة لتأمينه.

لقاء سابق بين محافظ المصرف المركزي ورئيس مجلس النواب (أرشيفية)

وكان الطرابلسي قد أعلن في مؤتمر صحافي، مساء الجمعة، إنهاء الاستنفار والتصعيد العسكري، الذي شهدته العاصمة، وأعلن الاتفاق على سحب التشكيلات الأمنية والعسكرية كافة وعودتها إلى مقراتها، وتكليف الداخلية والأجهزة المختصة فقط بتأمين المؤسسات والمقار الحكومية ومنافذ الدولة كافة. موضحاً أنه اتفق مع وكيل وزارة الدفاع، عبد السلام الزوبي، وعدد من القيادات الأمنية على انسحاب القوات من جميع المؤسسات الواقعة تحت سيطرتهم في طرابلس، والبقاء داخل مقراتهم، لافتاً إلى أن وزارة الداخلية ستتولى حصراً حماية مؤسسات الدولة، وإخلاء شوارع طرابلس من أي قوات غير مختصة، وإنهاء كل الإشكالات الأمنية في العاصمة.

الطرابلسي أرجع تأخر تنفيذ خطته لإخلاء طرابلس من التشكيلات المسلحة إلى الرغبة في عدم إهدار الدماء (إ.ب.أ)

وأرجع الطرابلسي تأخر تنفيذ خطته لإخلاء طرابلس من التشكيلات المسلحة إلى الرغبة في عدم إهدار الدماء. كما تعهد بعدم تكرار مشهد التحشيد العسكري في العاصمة. وطمأن السفارات والبعثات الدبلوماسية بأن «الوضع الأمني يسير بشكل طبيعي، ولا وجود لأي مخاوف، وليست هناك أي نيّة لصراع مسلح في طرابلس، لكن فرض القوة مطلوب لتأمينها».


مقالات ذات صلة

«تركة القذافي»... ليبيا منقسمة وعملية سياسية ميتة

خاص معمّر القذافي (رويترز)

«تركة القذافي»... ليبيا منقسمة وعملية سياسية ميتة

تغيَّرت ليبيا كثيراً منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011. فشل الليبيون في إقامة نظام جديد أفضل منه. ولكن من هم المتنافسون على تركة القذافي؟

كميل الطويل (لندن)
شمال افريقيا خوري في لقاء سابق مع الدبيبة (حكومة الوحدة)

هل تطلق البعثة الأممية حواراً بين الأفرقاء الليبيين قريباً؟

أعلنت رئيسة البعثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري عزمها إطلاق «مسار تفاوضي» جديد بين الأفرقاء السياسيين بهدف حلحلة الأزمة.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - داخلية الدبيبة)

ليبيا: معتصمون من زوارة يعطّلون العمل «نسبياً» بـ«رأس جدير» الحدودي

تجددت الأزمات المحيطة بمعبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس، مما تسبب في تعطيل العمل به «نسبياً» من الجانب الليبي مرة ثانية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصرف ليبيا المركزي بالعاصمة طرابلس (رويترز)

«لجنة الرئاسي» الليبي تعلن تسلّم «المركزي»... والمصرف ينفي

وسط تحشيد مسلح بالعاصمة أعلنت لجنة مكلفة من المجلس الرئاسي الليبي تسلُّم إدارة المصرف وأنها ستبدأ العمل السبت، نفى الأخير الأمر وقال إن إجراءات «الرئاسي» باطلة

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا قوات ليبية في طرابلس 12 فبراير 2022 (أ.ب)

الأمم المتحدة تُعبّر عن قلقها من التعبئة المسلحة في ليبيا

قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في وقت متأخر من يوم الخميس، إنها تشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بتعبئة قوات في طرابلس وتهديدات باستخدام القوة.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)

«محور فيلادلفيا»... أزمة متصاعدة بين مصر وإسرائيل تبحث عن «حل وسط»

محور فيلادلفيا (تايمز أوف إسرائيل)
محور فيلادلفيا (تايمز أوف إسرائيل)
TT

«محور فيلادلفيا»... أزمة متصاعدة بين مصر وإسرائيل تبحث عن «حل وسط»

محور فيلادلفيا (تايمز أوف إسرائيل)
محور فيلادلفيا (تايمز أوف إسرائيل)

تصاعدت حدة أزمة «محور فيلادلفيا» بين مصر وإسرائيل، حتى باتت عقبة رئيسية أمام اتفاق هدنة في قطاع غزة، وسط محاولات للبحث عن «حل وسط» يوازن بين رفض القاهرة وجود قوات إسرائيلية في الشريط الحدودي، وتمسك تل أبيب بالبقاء بداعي «منع تهريب السلاح لحركة (حماس)».

ودخلت الولايات المتحدة على خط الأزمة محاولة تقديم «حل وسط»، عدّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «بادرة انفراجة»، مرجحين «قبول القاهرة بانسحاب إسرائيلي تدريجي من (محور فيلادلفيا) لإتمام اتفاق هدنة غزة، شريطة أن يؤدي ذلك إلى انسحاب كامل في المراحل التالية من صفقة الأسرى».

و«محور فيلادلفيا» هو شريط حدودي أنشأه الجيش الإسرائيلي خلال احتلاله قطاع غزة بين العامين 1967 و2005، يبلغ عرضه في بعض الأجزاء 100 متر، ويمتد لمسافة 14 كيلومتراً على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة. ويعدّ منطقة عازلة بموجب «اتفاقية كامب ديفيد» الموّقعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979.

ومنذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أصبح «محور فيلادلفيا» مثار تجاذبات بين مصر وإسرائيل، عقب تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ألمح فيها إلى رغبته «السيطرة على الشريط الحدودي»، ما عدته القاهرة «خطاً أحمر يهدد العلاقات بين البلدين»، حسب إفادة رسمية سابقة لرئيس هيئة الاستعلامات في مصر، ضياء رشوان.

وتصاعد الخلاف بشأن المحور الحدودي، في مايو (أيار) الماضي، مع سيطرة إسرائيل على معبر رفح؛ حيث أكدت مصر مراراً رفضها الوجود الإسرائيلي بـ«محور فيلادلفيا»، في وقت تمسكت فيه إسرائيل بالبقاء.

فلسطينيون يلعبون بالقرب من الحدود مع مصر في رفح على طول «محور فيلادلفيا» جنوب غزة (أ.ب)

معضلة رئيسية

وفي محاولة لحل الأزمة المتصاعدة، طلب الرئيس الأميركي، جو بايدن، من نتنياهو سحب قواته من المنطقة الحدودية بين مصر وغزة، حسبما نقله موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، عن 3 مسؤولين إسرائيليين، لم يسمهم، قالوا إن «نتنياهو قبل جزئياً طلب بايدن».

من جانبه، أكد نائب المدير العام لـ«المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، اللواء محمد إبراهيم الدويري، أن «(محور فيلادلفيا) يعد إحدى المعضلات الرئيسية والنقاط الخلافية في مفاوضات هدنة غزة»، واصفاً إياه بأنه «مفتاح التوصل لاتفاق الهدنة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن تكثيف الرئيس الأميركي اتصالاته، أخيراً، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء الإسرائيلي؛ «يستهدف الدفع باتجاه حل هذه المعضلة».

وتحدث بايدن هاتفياً مع قادة قطر ومصر، مساء الجمعة، «ليضغط من أجل التوصل إلى اتفاق صعب المنال لوقف إطلاق النار في غزة»، حسبما نقلته «رويترز» عن البيت الأبيض. تزامنت الاتصالات مع جولة جديدة من المفاوضات في القاهرة. وأكد السيسي وبايدن «أهمية التزام الأطراف المعنية بتذليل العقبات وإبداء المرونة لإتمام اتفاق هدنة غزة»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية.

دخان تصاعد بعد قصف جوي إسرائيلي بالقرب من الجدار الفاصل بين مصر ورفح في 6 مايو الماضي (أ.ب)

حل وسط

مقترحات حل أزمة «محور فيلادلفيا» لم تقتصر على الجانب الأميركي؛ حيث تداولت وسائل إعلام إسرائيلية حلولاً عدة، من بينها ما نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، السبت، بشأن «تقديم تل أبيب مقترحاً أمنياً يتضمن إنشاء حاجز تحت الأرض على الحدود بين قطاع غزة ومصر، مشابه للحاجز بين غزة والأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل». ولفتت الصحيفة إلى أن «النقاش بشأن هذا المقترح بدأ قبل سيطرة الجيش الإسرائيلي على (محور فيلادلفيا) في مايو (أيار) الماضي»، مرجحة أن «يستغرق هذا الحل أمداً طويلاً للتنفيذ، ناهيك عن عقبة التمويل».

وأكد مصدر مصري مطلع على سير المفاوضات «عدم صحة المقترحات التي تتداولها وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن إنشاء أبراج أو جدار تحت الأرض». لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك انفراجاً عاماً في المشهد. هناك تقبّل من القاهرة لبعض الأفكار التي طرحت من الجانب الإسرائيلي والأميركي». وأوضح أن «هناك مفاوضات تقنية تجري بشأن الخرائط التي تحدد أماكن انتشار الجيش الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن «تل أبيب وافقت من حيث المبدأ على الانسحاب من محور فيلادلفيا ومعبر رفح».

وقال المصدر المصري إن «الولايات المتحدة تتحدث مع مصر عن انسحابات تدريجية للقوات الإسرائيلية من المحور وضمانات وتعهدات في هذا الصدد، وهي أفكار تقبّلت القاهرة بعضها كحل وسط، ويمكن البناء عليها في مفاوضات الهدنة التي ستبدأ، الأحد، في القاهرة». ولفت إلى أن «هناك مسارين للتفاوض، الأول متعلق بمحور فيلادلفيا، والثاني بشأن الترتيبات الأمنية في معبر رفح».

وغادر وفد إسرائيلي القاهرة، الجمعة، بعد تسليم مصر خرائط للمواقع المقترحة بوجود القوات الإسرائيلية فيها داخل قطاع غزة و«محور فيلادلفيا» خلال المرحلة الأولى من الهدنة، من المفترض أن تعرضها القاهرة على «وفد حركة (حماس) خلال لقائه في مصر».

فلسطينيون يشقون طريقهم أثناء فرارهم من البريج بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء المنطقة (رويترز)

إنجاز هدنة

من جهته أكد الدويري أن «مصر ترفض بشكل مطلق استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي غير المبرر سواء في (محور فيلادلفيا) أو معبر رفح»، و«هذا يُعد أهم الشروط المصرية إذا كانت هناك رغبة إسرائيلية أو أميركية في إنجاز اتفاق الهدنة»، على حد قوله، مؤكداً أن «هذا موقف مصري واضح وصريح لا يقبل تنازلات وغير مرتبط بموقف أو رأي حركة (حماس)».

لكن في الوقت نفسه، أوضح الدويري أن «الهدف الأسمى، وهو التوصل إلى الهدنة، قد يتيح المجال أمام إمكانية مناقشة مقترحات عملية في هذا المجال، شريطة أن تؤدي في النهاية وفي توقيت محدد إلى انسحاب إسرائيلي نهائي من محور فيلادلفيا».

في سياق ذلك، قال الخبير الاستراتيجي رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، إن «بايدن اقترح انسحاب إسرائيل بعمق كيلومترين، لكن إسرائيل وافقت على كيلومتر واحد»، مشيراً إلى أن «مصر يمكن أن تقبل بانسحاب تدريجي في المرحلة الانتقالية في إطار التسويات النهائية، لكنها بأي حال من الأحوال لن تقبل بوجود إسرائيلي دائم في المحور الحدودي». ولفت إلى أن «القاهرة رفضت وضع أبراج في (محور فيلادلفيا)، كما رفضت وضع أجهزة الاستشعار حتى قبل حرب غزة، وهي ترفض أي اتهامات إسرائيلية تتعلق بتأمين الحدود أو الاعتداء على سيادتها على أراضيها».

ومن بين المقترحات الإسرائيلية لحل الأزمة «تركيب أجهزة استشعار وكاميرات على الحدود المصرية - الفلسطينية، أو إقامة أبراج مراقبة على الحدود»، حسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، التي أكدت «رفض مصر الاقتراحين، بدعوى أن أي عدد من أبراج المراقبة في المحور من شأنه أن يمنح إسرائيل سيطرة عسكرية هناك».

جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)

تفاؤل حذر

وبين الحين والآخر تتكرر المزاعم الإسرائيلية بشأن عمليات تهريب السلاح عبر الحدود مع قطاع غزة، مستهدفة «تبرير بقائها في (محور فيلادلفيا)»، وهي مزاعم سبق أن نفتها مصر مراراً. وقال الدويري إن «القاهرة اتخذت إجراءات متكاملة أدت إلى إغلاق الأنفاق كافة في هذه المنطقة، ما يعني وقف أي عمليات تهريب ممكنة».

وسبق أن نفت مصر أكثر من مرة مزاعم إسرائيلية عن استخدام الأنفاق الحدودية في التهريب. وذكر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية في بيان صحافي، يناير (كانون الثاني) الماضي، أنه في إطار جهود مصر لمكافحة «الإرهاب» في سيناء، «عملت على تقوية الجدار الحدودي مع قطاع غزة الممتد لـ14 كيلومتراً، عبر تعزيزه بجدار خرساني طوله 6 أمتار فوق الأرض و6 أمتار تحت الأرض، فأصبح هناك 3 حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، يستحيل معها أي عملية تهريب لا فوق الأرض ولا تحت الأرض».

ووفق المصدر المصري المطلع فإن «القاهرة تقبلت بعض الأفكار والرؤى، وحركة (حماس) أحيطت علماً بالتفاصيل وقدمت لها خريطة كاملة بأماكن الانسحابات الإسرائيلية، وسيبدأ العمل في الفترة المقبلة على مراجعة هذه المسائل».

ونفى المصدر المصري ما يتردد في وسائل الإعلام الإسرائيلي عن «اتجاه القاهرة وتل أبيب لتعديل معاهدة السلام بينهما أو البروتوكول الأمني». وقال إنه «لا صحة لهذا الكلام، والعمل حالياً يتم على خرائط تفصيلية واضحة لأماكن انتشار الجيش الإسرائيلي والترتيبات الأمنية المتعلقة بالانسحاب من ممرات نتساريم وديفيد ومعبر رفح ومناطق التماس الاستراتيجية المجاورة لمصر». وأضاف: «بينما تبدو الأمور جيدة بالنسبة لمصر وإسرائيل يظل التفاؤل حذراً بشأن التوصل لاتفاق نهائي لهدنة في غزة».