الحكومة المصرية تُسرّع إجراءات تعديل «الحبس الاحتياطي»

تمهيداً لإرسال التشريعات الجديدة إلى البرلمان

مدبولي يترأس اجتماع مجلس الوزراء المصري في مدينة العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي يترأس اجتماع مجلس الوزراء المصري في مدينة العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
TT

الحكومة المصرية تُسرّع إجراءات تعديل «الحبس الاحتياطي»

مدبولي يترأس اجتماع مجلس الوزراء المصري في مدينة العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي يترأس اجتماع مجلس الوزراء المصري في مدينة العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

تُسرّع الحكومة المصرية من إجراءات تعديل «الحبس الاحتياطي». وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الخميس، أن «مجلس الوزراء توافق على سرعة الانتهاء من التشريعات المطلوبة بشأن إنهاء ملف الحبس الاحتياطي استعداداً لإرسالها إلى مجلس النواب (البرلمان) بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي».

ووجّه السيسي، الأربعاء، بإحالة توصيات «الحوار الوطني» للحكومة، «وسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل التوصيات المتوافق عليها». وشدد، بحسب بيان للرئاسة المصرية، على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، والحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي كإجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق، من دون أن يتحول لعقوبة»، مع «تفعيل تطبيقات بدائل الحبس الاحتياطي المختلفة، وأهمية التعويض المادي والأدبي وجبر الضرر لمن يتعرض لحبس احتياطي خاطئ».

وكان «الحوار الوطني» المصري رفع 24 توصية بشأن «الحبس الاحتياطي» إلى السيسي، الاثنين الماضي، لاتخاذ ما يلزم بشأنها، وتتناول عدداً من المحاور، منها «مدة الحبس الاحتياطي، وبدائله، والموقف في حال تعدد الجرائم وتعاصرها، والتعويض عن الحبس الخاطئ، وكذلك التدابير المصاحبة للحبس الاحتياطي».

مجلس أمناء «الحوار الوطني» خلال مناقشة توصياته بشأن «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني المصري)

وقال مدبولي خلال مؤتمر صحافي بمدينة العلمين الجديدة (بالساحل الشمالي الغربي لمصر)، الخميس، إن مجلس الوزراء استعرض توجيهات الرئيس السيسي، في إطار حرص الدولة على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ومخرجات «الحوار الوطني»، و«تم التوافق على سرعة إنهاء تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، لتكون جاهزة فوراً لسرعة إرسالها للبرلمان لتصبح من أوائل الموضوعات التي يناقشها البرلمان فور بدء الفصل التشريعي المقبل». وأوضح أن هذه الخطوة تعتبر شديدة الأهمية في إطار «إيمان الدولة المصرية بموضوع حقوق الإنسان وتفعيل استراتيجية الدولة المصرية خلال الفترة المقبلة».

ويبدأ مجلس النواب المصري دور الانعقاد الخامس في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفقاً للمادة 274 من اللائحة الداخلية لـ«النواب المصري».

وشرعت «اللجنة التشريعية والدستورية» بمجلس النواب خلال الأيام الماضية في مناقشة مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» بمشاركة قطاعات واسعة من الخبراء والمعنيين بالقضية، ورؤساء الأحزاب والحقوقيين والشخصيات العامة. وتضمن مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» الذي تناقشه اللجنة، تخفيض مدد «الحبس الاحتياطي» بواقع 4 أشهر في قضايا الجنح بدلاً من 6 أشهر، و12 شهراً في قضايا الجنايات بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً في القضايا التي تصل عقوبتها للإعدام أو المؤبد بدلاً من 24 شهراً، على ألا تتخطى أطول مدة 24 شهراً. وتطالب أحزاب وقوى سياسية مصرية بإعادة النظر في قانون «الإجراءات الجنائية» لصدوره سنة 1950 وحتى يواكب التطورات القانونية والسياسية الحالية في مصر.

«العلمين الجديدة» على الساحل الشمالي الغربي لمصر (صفحة المدينة على «فيسبوك»)

في سياق آخر، قال رئيس مجلس الوزراء المصري، إن مدينة العلمين الجديدة أصبحت مقصداً سياحياً عالمياً بكل المقاييس، ويوجد في الساحل الشمالي سياح من أكثر من 100 جنسية هذا العام، بما يعد ضمن خطة الدولة لزيادة المقاصد السياحية في مصر واستهداف عدد كبير من السياح، مؤكداً أن «الساحل الشمالي أصبح مقصداً سياحياً رئيسياً مثل شرم الشيخ والغردقة والقاهرة، وأن هدف كل المدن مثل (رأس الحكمة) في الساحل الشمالي، ألا تكون منطقة موسمية 3 أشهر فقط في فصل الصيف، لكن تكون مقصداً للسياحة أو لعملية التنمية العمرانية على مدار العام».

واستقبلت مصر عام 2023 نحو 14.9 مليون سائح بزيادة 27 في المائة على العام السابق، بحسب بيان لمجلس الوزراء المصري بداية العام الحالي. وقال محافظ جنوب سيناء، خالد مبارك، الخميس، إن «مصر تستهدف زيادة حجم الحركة السياحية الوافدة إليها والوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028». وتقع «العلمين الجديدة» داخل الحدود الإدارية لمحافظة مرسى مطروح، بطول 48 كيلومتراً من الطريق الدولي (الإسكندرية - مطروح)، حيث تبدأ حدودها من طريق وادي النطرون إلى الضبعة، وهي أول مدينة مليونية في الساحل الشمالي الغربي، وتنتمي إلى مدن الجيل الرابع المصرية، كما تتشابه مع العاصمة الإدارية الجديدة في ضخامة المشروعات العالمية التي تُقام بها.

كما أكد مدبولي خلال المؤتمر الصحافي، الخميس، أن الدولة المصرية ملتزمة برعاية مصالح المواطنين القاطنين في منطقة «رأس الحكمة» والالتزام بتوفير التعويضات المستحقة للسكان، سواء كانت نقدية أو عينية، وذلك في إطار جهود الدولة لتحقيق التنمية الشاملة في المنطقة. وأضاف أن أهالي المنطقة سيكونون أول المستفيدين من هذه التنمية، مشدداً على أهمية إيصال هذه الرسالة وفقاً لتوجيهات الرئيس السيسي، التي تؤكد على «استيعاب احتياجات السكان وضمان حقوقهم».

جانب من الأعمال الإنشائية الجارية في مدينة «رأس الحكمة» (مجلس الوزراء المصري)

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قُدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع» (الدولار الأميركي يساوي 48.8 جنيه في البنوك المصرية).

وتتابع الحكومة المصرية إجراءات تعويض أهالي منطقة «رأس الحكمة» الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد). وشدد رئيس مجلس الوزراء المصري، قبل أيام، على «تسريع خطة تسليم الأراضي البديلة، وتحديد ملكية كل مستحق ممن سيتم تعويضهم»، لتتمكن الحكومة من تسلُّم أراضي المرحلة الأولى المخصصة للمشروع المشترك بين مصر والإمارات، الذي يستهدف تنمية وتطوير المنطقة.

وبشأن توافر السلع في الأسواق المصرية، أكد مدبولي أن «الاحتياطي الاستراتيجي من كافة السلع الضرورية هو في إطار آمن؛ إذ يصل الاحتياطي في بعض السلع الاستراتيجية ومنها القمح إلى أكثر من 6 أشهر». ولفت إلى أنه «سيتم التحرك نحو تحقيق التوازن في أسعار الكهرباء على مدار 4 سنوات»، موضحاً أن الزيادة في أسعار الكهرباء «ستكون ملحوظة للشرائح الأعلى والتي تستهلك كميات أكبر».


مقالات ذات صلة

«التعليم» المصرية تستعين بالأزهر لتحصين الطلاب ضد «التطرف»

شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال استقبال الوزير محمد عبد اللطيف (وزارة التربية والتعليم المصرية)

«التعليم» المصرية تستعين بالأزهر لتحصين الطلاب ضد «التطرف»

تُعزز وزارة التربية والتعليم المصرية تعاونها مع الأزهر من أجل تحصين الطلاب ضد «التطرف».

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق أحد صناع الأحذية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)

رواج مهنة «الإسكافي» في مصر بسبب التضخم

اتجه مصريون مجدداً إلى شراء المنتجات اليدوية مُحكمة الصنع، التي بات سعرها أرخص مقارنةً بأسعار العلامات التجارية المحلية والعالمية.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان المصري محمد فؤاد (حسابه على «إنستغرام»)

مشاجرة محمد فؤاد داخل مستشفى تجدّد الجدل حول «أزمات الفنانين»

أعادت مشاجرة الفنان المصري محمد فؤاد ملف أزمات «انفلات أعصاب الفنانين» للواجهة مجدّداً، بعد أن دخل في مشاجرة عنيفة مع أحد الأطباء داخل مستشفى حكومي بالقاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا زيادة أسعار كهرباء المنازل تُقلق المصريين (تصوير: عبد الفتاح فرج)

رفع أسعار كهرباء المنازل يعمّق مخاوف الغلاء في مصر

بدأت الحكومة المصرية تطبيق زيادة تعريفة الكهرباء بدءاً من الشهر الحالي للمرة الثانية في غضون عام بعد الزيادات التي طبقت مطلع يناير الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الإعلامي المصري باسم يوسف اشتهر ببرنامج «البرنامج» (صفحته الرسمية على «فيسبوك»)

باسم يوسف يتصدر «تريند إكس» في مصر رغم إغلاق حسابه

برز اسم الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف مجدداً بعد الإعلان عن إغلاق منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي حسابه، دون تحديد السبب رسمياً.

محمد عجم (القاهرة )

«التعليم» المصرية تستعين بالأزهر لتحصين الطلاب ضد «التطرف»

شيخ الأزهر خلال استقبال الوزير محمد عبد اللطيف (وزارة التربية والتعليم المصرية)
شيخ الأزهر خلال استقبال الوزير محمد عبد اللطيف (وزارة التربية والتعليم المصرية)
TT

«التعليم» المصرية تستعين بالأزهر لتحصين الطلاب ضد «التطرف»

شيخ الأزهر خلال استقبال الوزير محمد عبد اللطيف (وزارة التربية والتعليم المصرية)
شيخ الأزهر خلال استقبال الوزير محمد عبد اللطيف (وزارة التربية والتعليم المصرية)

تُعزز وزارة التربية والتعليم المصرية تعاونها مع الأزهر من أجل تحصين الطلاب ضد «التطرف»، وكذا الاستعانة بعلماء الأزهر في تقديم «محتوى عصري» للطلاب بالمدارس.

وخلال زيارته إلى شيخ الأزهر، أحمد الطيب، في مقر مشيخة الأزهر بالقاهرة، الخميس، أعرب وزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، عن تطلعه لـ«التعاون مع الأزهر في مجالات تحصين الطلاب ضد التطرف وتعزيز قيم الصدق والإخلاص وبر الوالدين وغيرها من القيم»، مؤكداً أهمية «إيجاد وسائل غير تقليدية لدمج القيم والأخلاق في المناهج التعليمية بما يسهل ترجمتها إلى سلوكيات فاعلة في المجتمع».

وأكد الطيب أن التعليم له خصوصية وشخصية مستقلة، لا بد أن تتناسب مع تطلعات الأمة لخلق كوادر شبابية قادرة على حمل راية القيادة في المستقبل، محذراً من خطورة الانسياق خلف ما يعرف بـ«الأنظمة والأساليب التعليمية الحديثة»، التي تحمل أهدافاً غير معلنة لإقصاء الهوية العربية. وشدد على ضرورة التنبه لـ«مخططات اختطاف التعليم العربي بما يخدم أجندات الغزو الثقافي»، وضرورة استعادة المدرسة لدورها المرموق ورونقها المعهود مع تضمين المناهج التعليمية ما يضمن بناء وتخريج شباب قادر على التمسك بقيم الدين والأخلاق، حسب بيان مشيخة الأزهر.

ويرى رئيس تحرير صحيفة «صوت الأزهر» الناطقة باسم مشيخة الأزهر، أحمد الصاوي، أن ثمة تعاوناً قائماً بالفعل بين الأزهر و«التعليم» في أمور عدة مرتبطة بالعملية التعليمية، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن هناك توافقاً على أهمية التركيز على محتوى «القيم» المقدم للطلاب، وهو أمر ليس وليد اللحظة، بل ممتد، وجرت مناقشته عدة مرات، ليس مع وزارة «التعليم» فحسب، لكن داخل «بيت العائلة المصري»، الذي يضم الأزهر وممثلي مختلف الكنائس أيضاً.

وأضاف الصاوي أن الأزهر لديه من العلماء والأستاذة والخريجين، الأعداد المؤهلة للتعاون مع «التعليم» بما يخدم التبادل الثقافي والمعرفي المنشود، الذي يأتي في إطار استراتيجية أكبر يجري تنفيذها بين مختلف مؤسسات الدولة معنية ببناء الإنسان المصري وشخصيته الثقافية والفكرية وليس بالتعليم فقط.

في سياق ذلك، أبدت عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مها عبد الناصر، تعجبها من حديث وزير «التعليم» عن «المحتوى العصري» من دون أن يكون هناك وضوح لمضمون هذا المحتوى، بالإضافة إلى اتباع الوزير «سياسة المفاجأة» في كل قرار يجري الإعلان عنه، وهو أمر «لا يمكن تجاوزه باعتبار السياسات التعليمية ليست مرتبطة بأفراد، لكنها بمثابة مشروع قومي ممتد». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنه على وزير «التعليم» إيضاح ما سيعمل على تطبيقه، و«ما إذا كان نتاج توصيات أو مقترحات من خبراء ومختصين أو تجارب في دول مشابهة، وهي أمور جميعها لم تُعلن للرأي العام حتى الآن».

وهو رأي عارضه الخبير التربوي المصري، حسن شحاتة، بقوله لـ«الشرق الأوسط» إن «التعدد والتنوع في الأفكار التي يسعى وزير (التعليم) إلى تطبيقها تعكس اهتماماً كبيراً بتطوير العملية التعليمية والتربوية بما يعيد للمدرسة دورها المفقود منذ سنوات».

وجاءت زيارة عبد اللطيف لشيخ الأزهر بعد إعلان الأزهر بشكل رسمي دراسة القرارات التي اتخذها وزير «التعليم» أخيراً بتعديل المواد الإجبارية في مرحلة التعليم الثانوي (قبل مرحلة التعليم الجامعي)، وهي القرارات التي يدرس الأزهر «ما إذا كانت سوف تطبق على معاهده في العام الدراسي المقبل أم لا».

عودة إلى الصاوي، الذي أشار إلى أن الآليات التنفيذية للتعاون بين الأزهر و«التعليم» تعمل وزارة التربية والتعليم على ترتيبها في الوقت الحالي، مؤكداً جاهزية الأزهر لتنظيم زيارات تثقيفية للمدارس من الواعظين والواعظات وغيرهم، على غرار ما يحدث في الأماكن العامة وغيرها، بهدف التصدي لأي «فكر متطرف».