رواج مهنة «الإسكافي» في مصر بسبب التضخم

إقبال على «الأحذية اليدوية» بعد ارتفاع أسعار «العلامات التجارية» بشكل غير مسبوق

أحد صناع الأحذية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
أحد صناع الأحذية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

رواج مهنة «الإسكافي» في مصر بسبب التضخم

أحد صناع الأحذية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
أحد صناع الأحذية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)

بعد عزوف قطاع كبير من المصريين عن شراء الأحذية المصنوعة يدوياً خلال السنوات الماضية؛ بسبب تنوع أشكال الأحذية المصنوعة آلياً ورخص سعرها وتوفرها، عاد البعض مجدداً إلى شراء المنتجات اليدوية مُحكمة الصنع، التي بات سعرها أرخص مقارنةً بأسعار العلامات التجارية المحلية والعالمية.

وشهدت محال صناعة وتصليح الأحذية المنتشرة في ربوع مصر، انتعاشة في الآونة الأخيرة، وفق أكثر من «إسكافي» تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن عودة الحياة إلى محالهم بفعل الغلاء.

في زاوية غير متسعة من أحد شوارع وسط القاهرة، جلس هاني متولي على مقعده الخشبي، داخل محله العتيق منهمكاً في صناعة حذاء أسود جديد.

يقدم متولي وعدد من زملائه في المحل أشكالاً متنوعة من الأحذية بينها «البوت» و«الهاف بوت»، التي يستعين في إنتاجها بنماذج وموديلات إنجليزية وإيطالية وألمانية ويصنعها بخامات مصرية، وتبدأ حسب متولي من 450 جنيهاً وتصل إلى 1400 جنيه، (الدولار الأميركي يعادل 48.7 جنيه مصري).

وتسبب شح الدولار بمصر في تراجع استيراد كثير من السلع ومن بينها الأحذية من الخارج. ووفق تقرير صادر عن المجلس التصديري للجلود والأحذية والمنتجات الجلدية في العام الماضي، فإن واردات مصر من الجلود والأحذية والمصنوعات والملابس الجلدية تراجعت بنسبة 17.1 في المائة خلال النصف الأول من عام 2023.

أحذية مصنوعة يدوياً في القاهرة (الشرق الأوسط)

يمتلك متولي مجلة وكتالوجاً يضمان أشكالاً ونماذج متنوعة من الأحذية من بينها أحذية الرياضيين الخفيفة، وهواة ركوب الخيل، يشرح لـ«الشرق الأوسط» أن «كل موديل من هذه المنتجات له سعر خاص، حسب المصنعية والجلد المستخدَم، وقال إن معظم أحذيته تُصنع من جلود الأبقار المعروفة بخفتها وراحتها للأقدام خصوصاً في الصيف». لافتاً إلى أن «ارتفاع أسعار منتجات الشركات الكبرى التي تعتمد على الجلد الطبيعي أعاد الموطنين إلينا مثل ما كان يحدث في التسعينات».

وفي حي المنيل بالقاهرة يعمل سعيد عبد العظيم وشقيقه عامر في محل ورثاه عن والدهما، ويصنعان الأحذية حسب الشكل الذي يطلبه الزبون، كما يقوم سعيد كذلك بعمل تجديد جزئي للنعال حال ما إذا كان الجلد جيداً.

ويضيف سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «أنا من يقترح في معظم الأحيان على زبائني تجديد أحذيتهم، ووضع نعال جديدة بدلاً من الهالكة، إذ يأتي إليَّ بعضهم ومنهم موظفون على المعاش، ويطلبون أن أقوم بمعالجة النعل، لكني أجده متهالكاً، ويكون الحل وضع نعل جديد يختاره الزبون من بين نماذج أقدمها له، وأحصل في مقابل تجديدها على نحو مائتي جنيه في المتوسط، وذلك يكون أكثر جدوى من شراء حذاء جديد يتجاوز سعره ألفي جنيه».

إسكافي مصري متخصص في صناعة الأحذية الخفيفة (الشرق الأوسط)

وفي منطقة المنيب (جنوب الجيزة) يعمل «الإسكافي» سامي عبد الملك، الذي لا يتجاوز عمره 40 عاماً، داخل محله الخاص، وذلك بعد إتقان المهنة في صباه في مسقط رأسه بحي إمبابة (شمال الجيزة): «معظم زبائني من النساء، يأتين لي ومعهن أحذيتهن وأحذية أزواجهن وأبنائهن، وجميعها تحتاج إلى نوع من التمتين أو إعادة الخياطة من جديد».

ويتخصص عبد الملك كذلك في صناعة «الشبشب»، حسب قوله لـ«الشرق الأوسط»: «هذا النوع من الصناعة يزدهر في فصل الصيف»، مضيفاً: «في بداية كل موسم أتجهز لشراء الجلود التي أحتاج إليها، والنعال التي أرى أنها مناسبة لصناعة حذاء خفيف وجيد، وهذا يساعدني على تقديمه بسعر مناسب بعيداً عن تقلبات الأسعار التي تُدخلنا كل يوم في حال».

في السياق ذاته، يؤكد سمير جودة، صانع أحذية في منطقة ترسا بالجيزة، أنه لاحظ في الفترة الأخيرة ازدياد أعداد الزبائن الذين يفضلون ارتداء أحذية مصنوعة باليد. ورغم طلب موظفين وحِرفيين من جودة صناعة أحذية (عُمولة) فإن أصحاب المعاشات هم الأكثر طلباً لها، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يقدرون على شراء الأنواع باهظة الثمن من الأسواق».

كلام جودة صدّق عليه رشاد محمد، موظف بالمعاش، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه اضطر لتكليف إسكافي بصناعة حذاء (عُمولة) بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار الأحذية في الأسواق والتي يصل سعر بعض أنواعها إلى 5 آلاف جنيه وهذا مبلغ يتجاوز قيمة معاشه.

بفعل الغلاء... مصريون يعودون إلى الأحذية المصنوعة يدوياً (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «الصناعة اليدوية للحذاء لها ميزة كبيرة، حيث أختار بنفسي نوع الجلد ولونه والموديل الذي يناسبني، وكل هذا يخضع لمزاجي، ففي النهاية أرتدي حذاءً صُنع أمام عيني».

وبسبب ارتفاع أسعار الجلود الطبيعية، يطلب زبائن صناعة أحذيتهم من جلود مصنَّعة رخيصة الثمن.

ويحصل الحرفيّ على المقاس المناسب من الزبائن أولاً، وبعد عملية اختيار الموديل والشكل، يستغرق تصنيع الحذاء الواحد أكثر من يوم، إذ يخضع لعدة مراحل.


مقالات ذات صلة

«التعليم» المصرية تستعين بالأزهر لتحصين الطلاب ضد «التطرف»

شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال استقبال الوزير محمد عبد اللطيف (وزارة التربية والتعليم المصرية)

«التعليم» المصرية تستعين بالأزهر لتحصين الطلاب ضد «التطرف»

تُعزز وزارة التربية والتعليم المصرية تعاونها مع الأزهر من أجل تحصين الطلاب ضد «التطرف».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي يترأس اجتماع مجلس الوزراء المصري في مدينة العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

الحكومة المصرية تُسرّع إجراءات تعديل «الحبس الاحتياطي»

أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الخميس، أن «مجلس الوزراء توافق على سرعة الانتهاء من التشريعات المطلوبة بشأن إنهاء ملف الحبس الاحتياطي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان المصري محمد فؤاد (حسابه على «إنستغرام»)

مشاجرة محمد فؤاد داخل مستشفى تجدّد الجدل حول «أزمات الفنانين»

أعادت مشاجرة الفنان المصري محمد فؤاد ملف أزمات «انفلات أعصاب الفنانين» للواجهة مجدّداً، بعد أن دخل في مشاجرة عنيفة مع أحد الأطباء داخل مستشفى حكومي بالقاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا زيادة أسعار كهرباء المنازل تُقلق المصريين (تصوير: عبد الفتاح فرج)

رفع أسعار كهرباء المنازل يعمّق مخاوف الغلاء في مصر

بدأت الحكومة المصرية تطبيق زيادة تعريفة الكهرباء بدءاً من الشهر الحالي للمرة الثانية في غضون عام بعد الزيادات التي طبقت مطلع يناير الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الإعلامي المصري باسم يوسف اشتهر ببرنامج «البرنامج» (صفحته الرسمية على «فيسبوك»)

باسم يوسف يتصدر «تريند إكس» في مصر رغم إغلاق حسابه

برز اسم الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف مجدداً بعد الإعلان عن إغلاق منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي حسابه، دون تحديد السبب رسمياً.

محمد عجم (القاهرة )

«الجونة السينمائي» يُطلق برنامجاً جديداً لدعم الأفلام القصيرة

المهرجان لدعم الأفلام القصيرة (الجونة السينمائي)
المهرجان لدعم الأفلام القصيرة (الجونة السينمائي)
TT

«الجونة السينمائي» يُطلق برنامجاً جديداً لدعم الأفلام القصيرة

المهرجان لدعم الأفلام القصيرة (الجونة السينمائي)
المهرجان لدعم الأفلام القصيرة (الجونة السينمائي)

أعلن مهرجان الجونة السينمائي عن إطلاق برنامج جديد للأفلام القصيرة تحت مظلة «سيني جونة» خلال دورته السابعة (24 أكتوبر (تشرين الأول) - 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024).

ويعمل برنامج «سيني جونة للأفلام القصيرة» على توفير فرص وخلق مساحات من الدعم للأفلام القصيرة الواعدة، موجهاً دعوة مفتوحة لصناع الأفلام للتقدم بمشاريعهم للحصول على جوائز مالية تقدم للأفلام الروائية القصيرة «قيد الإنتاج»

الجوائز مُقَدَمة من قِبل مدينة «O West»، والتي تقدم دعماً مالياً بقيمة مليوني وربع المليون جنيه (الدولار يعادل 48.7 جنيه مصري) موزعة على ثلاث جوائز: الأولى بقيمة مليون جنيه، والثانية بقيمة 750 ألف جنيه، والثالثة بقيمة نصف مليون جنيه.

وقال عمرو منسي المدير التنفيذي لمهرجان الجونة السينمائي إن «قرار تخصيص قسم خاص للأفلام القصيرة يأتي ضمن استراتيجية المهرجان لدعم وتشجيع صناع الأفلام الشباب، والمساهمة في تطوير صناعة السينما بشكل عام»، مشيراً إلى أن «ذلك يأتي استكمالاً للشراكة الناجحة بين الجونة ومدينة O West، التي طالما كانت شريكاً حريصاً على دعم المشهد السينمائي».

وأشار منسي إلى أن الأمر لا يقف عند التمويل فحسب، بل ستحظى المشاريع الفائزة بفرصة العرض الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الدورة التالية لمهرجان الجونة السينمائي. وهذا العرض يتيح للأفلام الفائزة فرصة الاحتفاء بها في بلدها، من خلال مسابقة الأفلام القصيرة في مهرجان الجونة السينمائي التي تضم أبرز الأفلام سنوياً، مع منحها الحرية لاكتساب الشهرة والعرض أمام العالم في المهرجانات السينمائية العالمية.

ويبدأ استقبال المشاريع اعتباراً من 22 أغسطس (آب) وحتى 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، في دعوة مفتوحة لصناع الأفلام المصريين، وسيُدعى أصحاب المشاريع المختارة إلى مهرجان الجونة السينمائي حيث سيعرضون مشاريعهم على لجنة تحكيم من خبراء الصناعة على أن يتم الإعلان عن المشاريع الفائزة في 31 أكتوبر.

وعبرت المديرة الفنية لمهرجان الجونة السينمائي، ماريان خوري، عن سعادتها بإطلاق «سيني جونة للأفلام القصيرة» قائلة «فرحتي كبيرة لرؤية الأفلام القصيرة وهي تحظى بالتمكين وتمنح مساحات جديدة مؤثرة»، مضيفة «إنها لفرصة رائعة لجلب مواهب جديدة لصناعة الأفلام».

وعلقت السيناريست مريم نعوم، رئيسة منتدى الجونة السينمائي «إن ما يميز سيني جونة للأفلام القصيرة هو تمكين صيغة غالباً ما يتم تجاهلها ولكنها ذات قيمة كبيرة لصناع الأفلام. فخلال السنوات القليلة الماضية نالت الأفلام القصيرة المصرية إشادة دولية وحققت بعضاً من أبرز الجوائز في مجموعة من المهرجانات السينمائية العالمية. حيث تعد بطاقة التعارف التي يستخدمها صناع الأفلام لتقديم أنفسهم للعالم، كما أنها مساحة حرة لصناع الأفلام المشهورين الذين غالباً ما يتوقون للعمل على مشاريعهم الخاصة بحرية بعيداً عن قيود صناعة الأفلام التجارية».

يعمل برنامج «سيني جونة للأفلام القصيرة» على خلق فرص للأعمال الواعدة (الجونة السينمائي)

وفي السياق ذاته، علق تامر دويدار، الرئيس التنفيذي لمدينة O West و«مكادي» «نحرص في مدينة (O West) على إثراء المشهد الفني والثقافي في مصر وهو ما عززته إقامة مهرجان الجونة السينمائي كل عام ليكون فرصة حقيقية ليمتد هذا الدعم للسينما والتي تعد من أعظم أشكال الفن».

وأضاف دويدار «نحن سعداء بنمو تعاوننا ليشمل برامج جديدة ومؤثرة والتي كان آخرها برنامج للأفلام القصيرة. يأتي هذا الدعم متماشيا مع اهتمام (O West) بتنمية صناعة الأفلام المصرية وتمكين صناع الأفلام المحلية، ورؤيتنا لبناء مدينة متكاملة مستدامة تساهم في تنمية المجتمع في مجالات التعليم والفن والثقافة والرياضة وريادة الأعمال».