الإعلام الإسرائيلي بين الدعوة إلى التجويع والمطالبة بترك غزة فوراً

مطالبة قادة أجهزة الأمن بإعلان أن نتنياهو غير مؤهل لقيادة الدولة

عائلات الإسرائيليين الذين تحتجزهم «حماس» ومؤيدوهم يحملون صور الرهائن مع لافتة كتب عليها «نتنياهو يضحي بحياة الرهائن» خلال مظاهرة أمام مقر الجيش في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
عائلات الإسرائيليين الذين تحتجزهم «حماس» ومؤيدوهم يحملون صور الرهائن مع لافتة كتب عليها «نتنياهو يضحي بحياة الرهائن» خلال مظاهرة أمام مقر الجيش في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT
20

الإعلام الإسرائيلي بين الدعوة إلى التجويع والمطالبة بترك غزة فوراً

عائلات الإسرائيليين الذين تحتجزهم «حماس» ومؤيدوهم يحملون صور الرهائن مع لافتة كتب عليها «نتنياهو يضحي بحياة الرهائن» خلال مظاهرة أمام مقر الجيش في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
عائلات الإسرائيليين الذين تحتجزهم «حماس» ومؤيدوهم يحملون صور الرهائن مع لافتة كتب عليها «نتنياهو يضحي بحياة الرهائن» خلال مظاهرة أمام مقر الجيش في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)

في الوقت الذي يتعرض فيه الإعلام الإسرائيلي لهجمة شديدة من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، متهماً إياه «بإدارة حملة للإطاحة بالحكومة الشرعية»، تخرج الصحف والقنوات التلفزيونية بغالبيتها ضد سياسته، وتحذر من «خطورته على الدولة، وتهديده لمصالحها الاستراتيجية».

وتشهد الساحة الإعلامية استقطاباً حاداً ما بين صحف اليمين التي تعمل لخدمة نتنياهو وائتلافه، والصحف المستقلة التي تقف بغالبيتها ضدهما. ويتركز مضمون النقاشات والهجمات المتبادلة حول الحرب على غزة، وخطر اتساعها إلى حرب إقليمية وصفقة التبادل مع «حماس».

ففي اليمين يحاربون من يؤيد الصفقة ويحث الحكومة على الكف عن عرقلتها؛ لأنهم يطعنون في ظهر الحكومة خلال الحرب. أيضاً يتهمون قادة الجيش بالتخطيط لانقلاب عسكري على الحكومة، ويهاجمونهم وبقية أجهزة الأمن التي تروج علناً للصفقة، بتهمة أن الإعلام المستقل الذي يعلنون مواقفهم من خلاله، يساري، (مع أن كل الصحف الحزبية اليسارية أغلقت وتقريباً لم يعد هناك يسار في إسرائيل).

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي الأربعاء تظهر نائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء أمير برعام (في الوسط) خلال اليوم السابق يشارك في عمليات مع الفرقة 98 في قطاع غزة (أ.ف.ب)
صورة وزعها الجيش الإسرائيلي الأربعاء تظهر نائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء أمير برعام (في الوسط) خلال اليوم السابق يشارك في عمليات مع الفرقة 98 في قطاع غزة (أ.ف.ب)

في الجهة الأخرى، يتهمون نتنياهو بالتفريط بالأسرى الإسرائيليين لدى «حماس»، وجعلهم قرباناً لخدمة مصالحه الحزبية والشخصية، ويطالبون بتجاوز كل ما يعيق التوصل إلى صفقة. ويتهمونه بالسعي لإبقاء فتيل الحرب مشتعلاً، باتجاه حرب إقليمية وجر الولايات المتحدة لتحارب إيران.

ظهر هذا الاستقطاب منذ مطلع السنة، عندما راحت القيادات الأمنية تسرب للصحافة أن «الحرب استنفدت نفسها، ولم تعد هناك حاجة لاستمرارها». فبدأ نتنياهو ومؤيدوه يهاجمون هذه القيادات ويتهمونهم بالتراجع عن العقيدة القتالية الصدامية.

تجمع فلسطينيين في أثناء توزيع الطعام من مطبخ في مخيم البريج وسط قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
تجمع فلسطينيين في أثناء توزيع الطعام من مطبخ في مخيم البريج وسط قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)

واليوم، الأربعاء، دعا الجنرال غيورا آيلاند، في مقال لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إلى العودة لسياسة التجويع لسكان شمالي قطاع غزة. وقال: «المستويان السياسي والعسكري، أعلنا منذ بداية المعركة أنه فقط بالضغط العسكري سيتاح تحقيق أهداف الحرب. وقد مرت أكثر من عشرة أشهر ولا يبدو أننا قريبون من تحقيق أي من الأهداف؛ لأن العملية العسكرية وحدها لا تسمح بتحقيقها. ورأى أن إسرائيل تخلت عن جهدين مهمين؛ الأول سياسي عندما سُئل رئيس الوزراء منذ أكتوبر (تشرين الأول) من معظم زعماء العالم الحر، حول «اليوم التالي»، فأجاب بغرور: «عندما نصل إلى اليوم التالي نتحدث عنه». الجواب كان يجب أن يكون: «في اليوم التالي لن يكون في غزة حكم (حماس)، لكن أيضاً لن يكون حكم عسكري إسرائيلي».

أما الجهد الثاني فهو الضغط الاقتصادي. صفقة المخطوفين الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) تحققت لسبب بسيطـ، أنه حتى ذلك الحين دخلت إلى غزة شاحنتا تموين فقط. المطلب الأساس لـ«حماس» في إطار تلك الصفقة، كان زيادة عدد الشاحنات إلى 200 في اليوم، لافتاً إلى أن «أمثال السنوار لا يفزعون من الضغط العسكري، فكلما قتل فلسطينيون أكثر فإن الأمر يخدمهم». واقترح آيلاند على القيادتين السياسية والعسكرية العودة إلى التجويع: «الخطوة التي كان من الصواب عملها منذ نوفمبر، هي فرض حصار كامل على شمالي القطاع، حيث يعيش الآن 300 ألف نسمة».

شهد أبو عمر طالبة هندسة الكومبيوتر تجلس على أنقاض منزل أمس الثلاثاء وتدرس عبر هاتفها المحمول، وسط إغلاق المدارس والجامعات (رويترز)
شهد أبو عمر طالبة هندسة الكومبيوتر تجلس على أنقاض منزل أمس الثلاثاء وتدرس عبر هاتفها المحمول، وسط إغلاق المدارس والجامعات (رويترز)

وكتب الباحث وشيه بن ديفيد، في موقع «ميدا» اليميني، عن أهمية استمرار الحرب: «الدعوات إلى وقفها قبل القضاء على (حماس) وإبعاد (حزب الله) عن الحدود، واستعادة جميع المختطفين، وعودة سكّان الشمال إلى بيوتهم، مرتبطة بغياب عزيمة الانتصار».

ورأى أن نتنياهو أوّل من أدرك ثقل المهمّة، عندما حدّد أهداف الحرب والأولويّات.

بلينكن يتحدث مع عدد من أهالي الرهائن الإسرائيليين في غزة (أ.ب)
بلينكن يتحدث مع عدد من أهالي الرهائن الإسرائيليين في غزة (أ.ب)

في المقابل حذر يوسي فيرتر، محرر الشؤون الحزبية في «هآرتس»، من اغتيال يحيى السنوار. فكتب: «السنوار على بعد خطوة من تحقيق حلم حياته: حرب إقليمية يمكن أن تشتعل إذا هاجم (حزب الله) و/أو إيران. لا توجد له أي مصلحة في تهدئة النفوس وخلق الفرصة أمام إسرائيل لاتفاق تطبيع مع السعودية، مثلاً».

ويقال إن نتنياهو، الذي يعشق الحرب، لا يحلم بإنهائها، فهي الدرع الواقية له بمواجهة لجنة التحقيق الرسمية التي ستكشف إخفاقاته وجرائمه السياسية. استمرارها يحمي حكومته من إسقاط اليمين المتطرف لها. وعبر عن استغرابه من إفشال الصفات، رغم أن كل القيادة العليا الأمنية تقول إنه يمكن العودة إلى القطاع حيث تكون هناك حاجة».

نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

وتابع أن «نتنياهو يجري المفاوضات لإنقاذ المخطوفين بشكل منفصل عن مسؤوليته، كأنهم ضاعوا في الأنفاق عندما كانوا يتنزهون في الحي!. بالنسبة له هم عبء وعائق يزعجه في تدمير (حماس) وتصفية السنوار. وماذا سيحدث لو أن الجيش والشباك نجحا في الوصول إلى رئيس (حماس) وقاما بتصفيته؟... مع من سيتم إجراء المفاوضات لإعادة المخطوفين؟ هل دول الوساطة ستتناقش بشكل منفصل مع كل قائد سرية في (حماس) أو في (الجهاد الإسلامي)؟ ليس استمرار الضغط العسكري هو الذي سيعيدهم، فقط صفقة شجاعة وقيادة شجاعة ونزيهة لديها قيم».

وكتب المؤرخ، ديمتري خومسكي، في الصحيفة نفسها: «الكثير من الإسرائيليين، اليمين واليسار والوسط، يرون أن الشخص الذي يرهن سلامتهم وأمنهم بيده، يهتم بخلق حالة الطوارئ والحفاظ عليها لفترة طويلة غير محدودة، ففي ظلها، يستمر في الهرب من تحمل المسؤولية عن كارثة 7 أكتوبر، ويواصل تأجيل محاكمته في قضية الفساد».

وشدد خومسكي على أن الطريقة العملية الوحيدة لإنقاذ إسرائيل من نتنياهو هي التصدي له علناً بموقف موحد، من وزير الدفاع ورئيس الأركان ونائبه ورئيس الشباك ورئيس الموساد وقائد سلاح الجو ورئيس «أمان»، ويعلنون عن عدم أهليته للحكم ودفعه للاستقالة.

ورد على أنها دعوة إلى انقلاب عسكري ضد رئيس حكومة منتخب، قال إنها «ديماغوجيا رخيصة لا أساس لها. فلا أحد يخطر بباله أن يقوم الجيش باعتقال رئيس الحكومة وتولي الحكم في الدولة بالقوة».


مقالات ذات صلة

نتنياهو شبه حركة «حماس» بالنازيين

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي كلمة خلال إحياء ذكرى الهولوكوست في القدس اليوم (إ.ب.أ)

نتنياهو شبه حركة «حماس» بالنازيين

ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الأربعاء)، النظام في إيران بأنه «تهديد وجودي لمصير البشرية جمعاء».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مقاتلون من «حماس» يقفون في تشكيل قبل حفل تسليم الرهائن الإسرائيليين للصليب الأحمر بالنصيرات 22 فبراير الماضي (أ.ب)

تقرير: «حماس» ترفض أي مقترح يتضمن وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار في غزة

ذكرت قناة «آي 24 نيوز» التلفزيونية الإسرائيلية اليوم (الأربعاء)، نقلاً عن مصدر سياسي مطلع، أن حركة «حماس» ترفض أي مقترح يتضمن وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رد فعل فلسطيني على مقتل طفل في غارة إسرائيلية على مدرسة حُوّلت إلى ملجأ في مستشفى الشفاء بمدينة غزة (أ.ف.ب)

هل تعزز زيارة ترمب للمنطقة فرص «هدنة غزة»؟

عد تنازلي بدأ لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمنطقة، ومعه تتصاعد حالة الترقب لمسار الحرب في غزة، وسط اتصالات وتحركات مكثفة من الوسطاء لطرح «أفكار جديدة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية ترمب ونتنياهو في البيت الأبيض 7 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

ترمب لنتنياهو: حرب غزة طالت زيادة عن حدها

بعد جلسة صاخبة تجلَّى فيها هجوم وزراء اليمين الإسرائيلي المتطرف على قائد الجيش الجديد إيال زامير وتهديده بالفصل، قرر المجلس الوزاري المصغر لشؤون السياسة والأمن…

نظير مجلي (تل أبيب)
أوروبا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز (د.ب.أ)

إسبانيا: فشل إلغاء صفقة أسلحة مع إسرائيل يثير توتراً داخل الحكومة

أدى قرار وزارة الداخلية الإسبانية بالمضي قدماً في عقد لشراء ذخائر من شركة إسرائيلية إلى زيادة التوتر داخل الائتلاف اليساري الحاكم، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية

«الشرق الأوسط» (مدريد)

نتنياهو شبه حركة «حماس» بالنازيين

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي كلمة خلال إحياء ذكرى الهولوكوست في القدس اليوم (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي كلمة خلال إحياء ذكرى الهولوكوست في القدس اليوم (إ.ب.أ)
TT
20

نتنياهو شبه حركة «حماس» بالنازيين

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي كلمة خلال إحياء ذكرى الهولوكوست في القدس اليوم (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي كلمة خلال إحياء ذكرى الهولوكوست في القدس اليوم (إ.ب.أ)

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الأربعاء)، النظام في إيران بأنه «تهديد وجودي - ليس فقط لمستقبلنا، بل لمصير البشرية جمعاء»، وتعهد بأن إسرائيل سوف تضمن عدم حصول إيران على الأسلحة النووية.

وأضاف في كلمة ألقاها خلال إحياء ذكرى الهولوكوست: «إذا فشلت إسرائيل في هذه الحملة، فإن الدول الغربية ستكون التالية في الصف... لكن إسرائيل لن تخسر ولن تستسلم».

شبه حركة «حماس» بالنازيين

وقال: «هم (حماس) في الواقع يشبهون النازيين تماماً، تماماً مثل (أدولف) هتلر»، مضيفاً: «هم يرغبون في قتل وإبادة جميع اليهود، ويعلنون صراحة نيتهم تدمير دولة اليهود. يقولون ذلك جهاراً، لكن هذا لن يحدث. نحن عازمون على إبادة وحوش (حماس)، هؤلاء الوحوش الذين ارتكبوا أسوأ مذبحة شهدناها منذ الهولوكوست».

وتابع: «قبل عامٍ، وقفتُ في هذا المكان نفسه، وتحدَّثتُ بحزمٍ ضدَّ جهاتٍ في المجتمع الدولي سعت إلى تقييدنا. حذَّرونا من أنَّهم سيفرضون حظراً على توريد الأسلحة إلى إسرائيل إذا دخلنا رفح. قلتُ، بصفتي رئيس وزراء دولة إسرائيل، فلن يمنعنا أحد من الدفاع عن أنفسنا. لن يُقيّدنا أحد. إذا اضطررنا للوقوف وحدنا، فسنقف وحدنا».

وقال: «لقد غيّرنا وجه الشرق الأوسط. كل من خشي أن نواجه محرقة أخرى بعد مذبحة السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، رأى كيف قلبنا الموازين. في يوم ذكرى المحرقة هذا، أعدكم بأن الضغط العسكري على (حماس) سيستمر. سندمر جميع قدراتها. سنعيد جميع رهائننا. سنهزم (حماس). وسنمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية».