باكستان تخشى أن تصبح أفغانستان معقلاً للإرهاب الدولي

مخاوف من النفوذ المتزايد لتنظيم «داعش - خراسان» انطلاقاً من قواعده

أطفال يحملون أعلام «طالبان» للاحتفال بالذكرى الثالثة لاستيلاء «طالبان» على أفغانستان بكابل في 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب )
أطفال يحملون أعلام «طالبان» للاحتفال بالذكرى الثالثة لاستيلاء «طالبان» على أفغانستان بكابل في 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب )
TT

باكستان تخشى أن تصبح أفغانستان معقلاً للإرهاب الدولي

أطفال يحملون أعلام «طالبان» للاحتفال بالذكرى الثالثة لاستيلاء «طالبان» على أفغانستان بكابل في 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب )
أطفال يحملون أعلام «طالبان» للاحتفال بالذكرى الثالثة لاستيلاء «طالبان» على أفغانستان بكابل في 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب )

مع تحول انتباه العالم نحو الصراعات في أوكرانيا وفلسطين، يخشى كبار المسؤولين في الحكومة الباكستانية أن تصبح أفغانستان مرتعاً للإرهاب الدولي مرة أخرى.

السفير آصف دوراني كبير الدبلوماسيين في الحكومة الباكستانية الذي جرى تعيينه مبعوثاً خاصاً بشأن أفغانستان (الخارجية الباكستانية)

وبدأ المسؤولون الباكستانيون بالإعراب علناً عن مخاوفهم بشأن الوضع في أفغانستان في الذكرى السنوية الثالثة لحكم «طالبان»، التي بدأت في أغسطس (آب) 2021: «يبدو أن العالم نسي أفغانستان»، وفقاً لتصريحات آصف دوراني، كبير الدبلوماسيين في الحكومة الباكستانية، الذي جرى تعيينه مبعوثاً خاصاً بشأن أفغانستان مؤخراً من قبل الحكومة الحالية.

وأضاف أن «هذا الإهمال العالمي يمكن أن يدفع أفغانستان للعودة إلى حالة ما قبل 11 سبتمبر (أيلول)، وهو وضع يمكن أن يعجل بشن هجوم إرهابي كبير آخر».

مقاتلو «داعش» في كابل قبل تولي «طالبان» الحكم (وسائل إعلام أفغانية)

وتعتقد الحكومة الباكستانية أنها تُركت وحدها للتعامل مع عواقب الانسحاب الأميركي من أفغانستان، حيث يُشكل تنظيم «داعش» تهديداً متزايداً، وتستضيف حكومة «طالبان» كثيراً من المنظمات الإرهابية الدولية والإقليمية بما في ذلك حركة «طالبان الباكستانية»، وهي جماعة إرهابية تشارك في مهاجمة قوات الأمن الباكستانية من قواعدها في أفغانستان. في السنوات الأولى بعد سيطرة «طالبان» على كابل في أغسطس 2021، نجحت الحكومة الباكستانية في حشد دعم الحكومة الإقليمية لجهودها ضد التهديد المتزايد لتنظيم «داعش - خراسان» في أفغانستان والمنطقة الأوسع. وقد شارك تنظيم «داعش - خراسان» في هجمات إرهابية انطلاقاً من قواعده في أفغانستان في إيران، وآسيا الوسطى، وباكستان.

أفراد عسكريون من «طالبان» يسيرون خلال عرض عسكري بينما يحتفلون بالذكرى الثالثة لاستيلاء «طالبان» على أفغانستان في غزنة في 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

وفور سيطرة «طالبان» على كابل، استضافت الحكومة الباكستانية مرتين رؤساء المخابرات الإقليمية إلى إسلام آباد لمناقشة صعود تنظيم «داعش - خراسان» في أفغانستان. جرى الاتفاق في هذه الاجتماعات على أن الاستخبارات الإقليمية ستوفر معلومات استخبارية في الوقت المناسب لحركة «طالبان» الأفغانية لكي تكون فعالة في التعامل مع «داعش»، بيد أن هذا الترتيب لم ينجح في السنوات التي تلت التفاهم الأولي بين رؤساء الاستخبارات الإقليميين.

حراس «طالبان الأفغانية» يقفون في مدينة هيرات (وسائل إعلام أفغانية)

كما أجرى مسؤولو الأمن الباكستانيون ودبلوماسيون من وزارة الخارجية محادثات مع المسؤولين الأميركيين حول القضايا المتعلقة بالإرهاب والأمن الإقليمي في السنوات الثلاث الماضية. قال مسؤول باكستاني كبير إن الإدارة الأميركية لم تتجاوز تقديم تعهدات شفهية لمساعدة باكستان في الحرب ضد الإرهاب.

استنفار دوريات الشرطة الفرنسية في باريس في أثناء انعقاد دورة الألعاب الأولمبية بباريس في أبريل 2024 (أ.ف.ب)

وتواجه باكستان تحدياً هائلاً يتمثل في كبح جماح تهديد حركة «طالبان الباكستانية»، التي تتلقى الآن المساعدة من جماعة داخل حركة «طالبان الأفغانية» ومن تنظيم «القاعدة» الموجود في أفغانستان. وزادت حركة «طالبان الباكستانية» بشكل كبير من ضرباتها الإرهابية داخل الأراضي الباكستانية. ويقول المسؤولون الباكستانيون إن أهم جانب للتهديد المقبل من أفغانستان هو أن معظم الجماعات الإرهابية لديها شخصيات دولية وطموحات دولية. ورغم أن الخبراء الدوليين يعتقدون أن «القاعدة» في أفغانستان ليس سوى ظل للتنظيم السابق، ولا يمكنه المشاركة في أي ضربة إرهابية على المستوى الدولي، لكن الأهم من ذلك هو أن لتنظيم «داعش» طابعاً وطموحات دولية واضحة، وهو ما يؤكده هجومه الأخير في موسكو.

مقاتلو «طالبان» يحتفلون بالذكرى الثالثة لانسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة من أفغانستان في كابل بأفغانستان في الأربعاء 14 أغسطس (أ.ب)

وأشار آصف دوراني، الدبلوماسي الباكستاني البارز، في مقابلة صحافية أُجريت معه مؤخراً إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في أفغانستان؛ فمعدلات البطالة والجوع في المجتمع الأفغاني آخذة في الارتفاع، ما يتيح للجماعات الإرهابية فرصة القيام بعمليات التجنيد من جانب القطاعات الفقيرة والمضطهدة في المجتمع الأفغاني.

ومؤخراً، ذكرت الشرطة الباكستانية أن أغلب الانتحاريين الذين نفذوا التفجيرات الأخيرة في باكستان كانوا من المواطنين الأفغان، وهو ما يشير بوضوح إلى أن حتى حركة «طالبان باكستان» كانت تصنَّف من بين الشرائح الفقيرة في المجتمع الأفغاني.

وأشار السفير دوراني إلى أن تنظيم «داعش»، الذي يُشكل تهديداً كبيراً للأمن العالمي، يوسع وجوده في أفغانستان.

وتؤكد هجمات التنظيم الأخيرة في موسكو وطهران وباكستان على قدراته المتنامية وإمكانية شن مزيد من الهجمات.

وشدد دوراني على أن صعود تنظيم «داعش» في أفغانستان يُشكل تهديداً شديداً ومتصاعداً يمكن أن تكون له عواقب بعيدة المدى خارج المنطقة. ومن المفارقات أنه منذ سنوات قليلة فقط، كانت دول مثل روسيا وإيران تشدد على أهمية الجهود الإقليمية المشتركة لكبح واحتواء صعود تنظيم «داعش» في المنطقة، منذ بضعة أشهر لم يحدث أي تحرك على هذه الجبهة.


مقالات ذات صلة

أفغانستان: «شرطة الأخلاق» التابعة لـ«طالبان» تفصل 280 من قوات الأمن لعدم إطلاق لحاهم

آسيا أفراد أمن «طالبان» يتحركون في شوارع هرات يوم 14 أغسطس 2024 خلال احتفالهم بالذكرى الثالثة لاستيلاء الحركة على أفغانستان (أ.ف.ب)

أفغانستان: «شرطة الأخلاق» التابعة لـ«طالبان» تفصل 280 من قوات الأمن لعدم إطلاق لحاهم

قال مسؤولون، الثلاثاء، إن الوزارة التابعة لحركة «طالبان» المعنية بالرقابة على الأخلاق، فصلت أكثر من 280 من أفراد قوات الأمن الأفغانية، لعدم إطلاق لحاهم.

«الشرق الأوسط» (كابل )
أفريقيا استنفار أمني صومالي خارج العاصمة مقديشو (متداولة)

الجيش الصومالي يستعيد قرى مهمة من «حركة الشباب»

استعاد الجيش الصومالي عدداً من القرى في إقليم غدو بولاية جوبالاند جنوب الصومال، وذلك خلال عملية عسكرية نفذها اليوم بالتعاون مع قوات موالية له

أفريقيا أسلحة وآليات عسكرية استحوذ عليها مقاتلو «القاعدة» من الجيش المالي (إعلام محلي)

«القاعدة» يكثف هجماته في دول الساحل

كثفت مجموعة مسلحة تابعة لتنظيم «القاعدة» هجماتها في دولتي مالي وبوركينا فاسو، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وكبدت جيشي البلدين خسائر وُصفت بأنها «فادحة».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا حثت الحكومة البريطانية من يمتلكون سكاكين الزومبي والمناجل في البلاد على تسليمها لأقسام الشرطة بأمان «متداولة»

الحكومة البريطانية تحث المواطنين على تسليم سكاكين «الزومبي» للشرطة

حثت الحكومة البريطانية من يمتلكون سكاكين الزومبي والمناجل في البلاد على تسليمها لأقسام الشرطة بأمان، قبل دخول حظر على الأسلحة الخطرة حيز التنفيذ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا مسؤولو الأمن الباكستانيون يتفقدون مكان انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارة للشرطة في بيشاور (باكستان) في 16 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

مقتل 6 إرهابيين خلال اشتباكات مسلحة شمال غربي باكستان

لقي 6 مسلحين من العناصر الإرهابية مصرعهم، خلال اشتباكات وقعت مع الجيش الباكستاني في مقاطعة وزيرستان شمال غربي باكستان


مسؤول صيني يؤكد ثقته بـ«إعادة توحيد كاملة» مع تايوان

العلمان الصيني والتايواني يظهران في صورة مركبة (رويترز)
العلمان الصيني والتايواني يظهران في صورة مركبة (رويترز)
TT

مسؤول صيني يؤكد ثقته بـ«إعادة توحيد كاملة» مع تايوان

العلمان الصيني والتايواني يظهران في صورة مركبة (رويترز)
العلمان الصيني والتايواني يظهران في صورة مركبة (رويترز)

أكد مسؤول كبير في الحزب الشيوعي الصيني، الثلاثاء، خلال مؤتمر عُقد في هونغ كونغ، أن بلاده واثقة بتحقيق «إعادة توحيد كاملة» مع تايوان التي تعدها جزءاً من أراضيها، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وشارك أكثر من 1200 سياسي وشخصية مؤيدة للصين من البر الرئيسي وهونغ كونغ وتايوان والخارج في هذا الاجتماع السنوي الذي عُقد تحت عنوان «تعزيز إعادة التوحيد السلمية للصين»، والذي انعقد للمرة الأولى منذ 14 عاماً في هونغ كونغ، وفق ما ذكر المنظمون.

وقال شي تايفنغ، رئيس إدارة عمل الجبهة المتحدة «اليوم (...) نحن أكثر ثقة وقدرة من أي وقت مضى على استكمال إعادة التوحيد».

وإدارة عمل الجبهة المتحدة التي نظمت الاجتماع، مسؤولة عن التحاور مع الأقليات الإثنية والمجتمعات الدينية والصينيين في الخارج حول القضايا المتعلقة بهونغ كونغ وماكاو والتيبت وشينجيانغ وتايوان.

وتعد الصين تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، مؤكدة أنها لن تتردّد في استخدام القوة لاستعادتها.

«خطير ومعقّد»

حذر شي في كلمته من أن الوضع الحالي في مضيق تايوان «خطير ومعقد»، متهماً حكومة الرئيس التايواني الجديد لاي تشينغ تي وحزبه التقدمي الديمقراطي، بأنهما «يحرضان من دون سبب على المواجهة بين الضفتين».

وأضاف: «لكن الوقت والأحداث دائماً لصالح أولئك الذين يدعون إلى إعادة التوحيد الوطنية».

وأكد أنّ «علينا... أن نحافظ على روحنا القتالية، وأن نجرؤ على تحمّل مسؤولياتنا... وأن نبقى يقظين دائماً في مواجهة تصرفات وتحركات القوى الاستقلالية التايوانية وقوى التدخّل الخارجي».

وتحافظ الصين على وجود عسكري شبه يومي حول تايوان مع نشر مقاتلات ومسيّرات وسفن حربية. وتصف بكين لاي بأنّه «انفصالي خطير» بسبب رغبته في الحفاظ على سيادة تايوان.

غير أنّ سيناريو «إعادة التوحيد» لا يحظى بشعبية كبيرة بين التايوانيين، وفقاً لاستطلاعات الرأي التي تُجريها جامعة تشينغشي الوطنية بانتظام.

وأظهر آخر استطلاع نُشر في يونيو (حزيران) أنّ نحو 1 في المائة فقط يؤيّدون «التوحيد في أسرع وقت ممكن»، في حين يريد نحو 90 في المائة أن يستمرّ الوضع الحالي.

ومن بين المشاركين في مؤتمر هونغ كونغ قادة أحزاب سياسية صغيرة مؤيّدة لإعادة التوحيد، مثل الحزب الجديد وحزب العمل.

وبالنسبة لبكين، تُعد التيبت (هيمالايا) وشينجيانغ (شمالي غرب) حيث تعيش غالبية سكانية من الأويغور المسلمين، أجزاءً من الأراضي الصينية غير قابلة للتصرّف، في حين تعد هونغ كونغ وماكاو «منطقتين إداريتين خاصّتين».