«هدنة غزة»: الضغوط تزداد لـ«سد الثغرات»

حديث عن اجتماع في القاهرة بشأن معبر رفح

فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: الضغوط تزداد لـ«سد الثغرات»

فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

جهود حثيثة للوسطاء تستهدف الوصول لهدنة في قطاع غزة، في ظل تباينات بين طرفي الأزمة إسرائيل وحركة «حماس»، تدعمها اتصالات دولية وإقليمية وضغوط أميركية، بينها زيارة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن للمنطقة، إضافة إلى اجتماع بالقاهرة لبحث ترتيبات وعقبات في طريق الاتفاق.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن «تفاؤل حذر» يشوب أجواء المفاوضات، خصوصاً مع تحفظات واعتراضات من قبل «حماس»، وعدم حسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موقفه، مقابل تحركات أميركية وغربية تريد الاتفاق قريباً، لإبعاد شبح التصعيد عن المنطقة بين إسرائيل وإيران. ويعوّل الخبراء على دور الاجتماعات الفنية التي تستضيفها القاهرة لبحث الترتيبات الأمنية للاتفاق في الوصول لتوافقات مع ضغوط جادة على نتنياهو تدفع لإعلان صفقة الهدنة بختام جولة القاهرة قبل نهاية الأسبوع، الذي دعا له الوسطاء، الجمعة الماضي، عقب إعلان مقترح أميركي لسد التباينات والثغرات بين «حماس» وإسرائيل.

وحسب ما أفاد موقع «أكسيوس» الأميركي، الأحد، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، فإن هناك «اجتماع خبراء» من الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر في القاهرة، لبحث الترتيبات الأمنية على طول محور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر، وإعادة فتح معبر رفح، اللذين احتلهما الجانب الإسرائيلي في مايو (أيار) الماضي، فيما لم تعلن مصر رسمياً عن الاجتماع.

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح (رويترز)

ونقلت «هيئة البث الإسرائيلية»، الأحد، عن مسؤولين إسرائيليين، أن الجانب الإسرائيلي يؤيد اقتراح الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق يتضمن انسحاباً تدريجياً للجيش من المحور، وسط تأكيد الهيئة على «خلافات عميقة لا تزال قائمة بشأن انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة».

ورداً على اتهامات تزداد داخل إسرائيل بشأن عرقلة شروط إتمام الاتفاق، قال نتنياهو إن «إسرائيل تخوض مفاوضات معقدة، وهناك أمور يمكن تقديم تنازلات بشأنها في المفاوضات وأمور أخرى لا تنازل فيها»، مؤكداً أن «(حماس) هي من تعرقل إتمام الصفقة، والضغط العسكري والسياسي وحده القادر على دفع الحركة للتراجع عن مواقفها».

ووفق نائب رئيس «المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية»، مختار غباشي، فإنه رغم التباينات بين الطرفين؛ فإن المحادثات الحالية مختلفة عن سابقتها في ظل استنفار إيران و«حزب الله» والحوثيين ضد إسرائيل، ورغبة أميركية وغربية في عدم توسع الحرب وضغوط مستمرة للذهاب لاتفاق.

ورغم حديث أميركي عن «بدايات مشجعة»؛ فإن الفريق المفاوض الإسرائيلي عبّر عن «تفاؤل حذر بشأن المضي في صفقة التبادل»، وفق ما ذكر مكتب نتنياهو، في بيان، السبت، آملاً أن «تؤدي الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة والوسطاء على (حماس) للسماح بتحقيق انفراجة».

صورة تم التقاطها من جنوب إسرائيل على الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

بالتزامن، واصلت «حماس» اتهاماتها لإسرائيل بـ«عرقلة المفاوضات»، كان أحدثها اتهام القيادي بالحركة، سامي أبو زهري، السبت، إسرائيل، بأنها «تواصل عرقلة كل المساعي لإتمام أي اتفاق»، مؤكداً أن الإدارة الأميركية «تراجعت عن بنود سابقة، وتحاول ردع أي تحركات» في المنطقة ضد إسرائيل، (في إشارة لهجوم مرتقب من إيران تجاهها)، رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، في طهران، نهاية يوليو (تموز) الماضي. ويرى أبو زهري أن الحركة «ليست أمام اتفاق أو مفاوضات حقيقية؛ بل أمام فرض إملاءات أميركية»، عاداً أن الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار «وهم».

ويقلل الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، من تأثير تبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بهذا الشكل المتصاعد من قبل وبعد مفاوضات الدوحة التي اختتمت، الجمعة الماضي، مؤكداً أن «هذه حرب نفسية؛ لكن البوادر تقول إن هناك تفاؤلاً لأول مرة نحو اتفاق بدعم أميركي ورغبة دولية واسعة».

فلسطينيون يتفقدون دراجة نارية محترقة بعد غارة للجيش الإسرائيلي في مخيم الفارعة للاجئين (إ.ب.أ)

وتزداد في الآونة الأخيرة المشاورات والاتصالات الدولية الداعية لاتفاق هدنة، على أمل دفع إيران لعدم التصعيد مع إسرائيل وإيجاد تهدئة بالمنطقة، وفي بيان مشترك، السبت، أعرب وزراء خارجية بريطانيا ديفيد لامي، وفرنسا ستيفان سيجورنيه، وألمانيا أنالينا بيربوك، وإيطاليا أنطونيو تاياني، عن دعمهم لمحادثات وقف إطلاق النار الجارية. وحثوا جميع الأطراف على تجنب أي «عمل تصعيدي».

ويجري بلينكن زيارة إلى إسرائيل، التي تعد العاشرة للمنطقة منذ بدء الحرب في أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي، للقاء نتنياهو، الاثنين، بعد أيام من طرح واشنطن مقترحات لحل الأزمة في غزة، تعتقد هي والوسيطان قطر ومصر أنها ستؤدي إلى سد الفجوات.

كما بحث وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي، مساء السبت، مع نظيره الإيراني بالوكالة، على باقري كني، جهود وقف إطلاق النار في غزة، وأهمية العمل على احتواء أي تصعيد في المنطقة، حسب إفادة لوزارة الخارجية والهجرة المصرية.

ويعتقد سمير فرج أن الضغوط الدولية، سواء من الولايات المتحدة أو الدول الغربية، تستهدف «تحقيق اختراق بالاتفاق، وسد أي ثغرة قد يتعلل بها أي طرف، بهدف خفض التصعيد بالمنطقة»، لافتاً إلى أن مصر أيضاً تقوم بدور متميز في دعم التوصل لاتفاق والتهدئة بالمنطقة. ويرى أن «نتنياهو وفريقه الوزاري المتطرف يريدون الاستمرار بلا اتفاق حتى الانتخابات الأميركية» في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مستدركاً: «لكن سنرى مدى قدرة إدارة الرئيس الأميركي على إثنائه عن ذلك ودفعه للقبول باتفاق في جولة القاهرة».

وحسب الخبير الاستراتيجي المصري، فإن اجتماع القاهرة بشأن إعادة فتح الجانب الفلسطيني من معبر رفح ومغادرة إسرائيل محور فلادليفيا، سيناقش «تصورات الحل وتقريب وجهات النظر لإبرام اتفاق قريب مع تعويل المنطقة عليه لتهدئة التصعيد».

وتواجه تلك الاجتماعات «صعوبات»، وفق مختار غباشي، في ظل فجوة تتسع بين «حماس» وإسرائيل، وتمسك مصري مشروع بانسحاب إسرائيلي من محور فلادليفيا، ومن الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، مؤكداً أن مخرجات تلك الاجتماعات يكتنفها غموض مع طموحات لنتنياهو في الاستمرار في حربه، لافتاً إلى أن «واشنطن لو جادة تستطيع بما لديها من أوراق ضغط على نتنياهو أن توقف إطلاق النار في غزة خلال 24 ساعة».


مقالات ذات صلة

مقتل إسرائيلي في هجوم بمستوطنة في الضفة الغربية

شؤون إقليمية جنود إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)

مقتل إسرائيلي في هجوم بمستوطنة في الضفة الغربية

قُتل حارس أمن إسرائيلي، الأحد، في هجوم بمستوطنة يهودية في الضفة الغربية المحتلّة، وفق ما أعلن مستشفى إسرائيلي كان قد نُقل إليه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي امرأة فلسطينية تبكي مقتل أحد أقاربها بغارة إسرائيلية على دير البلح (رويترز)

نتنياهو و«حماس» يستقبلان بلينكن بالتقليل من «مفاوضات التهدئة»

في حين يبدأ وزير الخارجية الأميركي، الأحد، زيارة لإسرائيل لدفع التوصل إلى تهدئة في غزة، دعا نتنياهو للضغط على «حماس» لقبول مقترح الهدنة الأخير.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون مصابون من غارة إسرائيلية على خان يونس يصلون إلى مستشفى ناصر بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

«حماس»: الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق «وهم»... وإسرائيل تواصل عرقلة المفاوضات

اتهم قيادي في حركة «حماس» الفلسطينية، يوم السبت، إسرائيل بمواصلة عرقلة كافة المساعي لإتمام أي اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي قوات إسرائيلية في الضفة الغربية (د.ب.أ)

مقتل فلسطينيين اثنين في ضربة جوية إسرائيلية في الضفة الغربية

قتل فلسطينيان، مساء السبت، في قصف استهدف سيارتهما في جنين، وفق ما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية، فيما أكد الجيش الإسرائيلي أنه نفذ «ضربة جوية على خلية إرهابية».

شمال افريقيا جانب من مباحثات السيسي وسيجورنيه في القاهرة (الرئاسة المصرية)

توافق مصري - فرنسي على تكثيف الجهود للحدّ من التصعيد الإقليمي

شدّد الرئيس المصري على «ضرورة تضافر جميع الجهود لاغتنام فرصة المفاوضات الجارية، والوصول إلى اتفاق يحقن الدماء، ويجنّب المنطقة عواقب التصعيد».


«الرئاسي» الليبي يقرر تعيين محافظ جديد لـ«المصرف المركزي»

لقاء سابق يجمع الكبير والمبعوث الأميركي (المصرف المركزي بطرابلس)
لقاء سابق يجمع الكبير والمبعوث الأميركي (المصرف المركزي بطرابلس)
TT

«الرئاسي» الليبي يقرر تعيين محافظ جديد لـ«المصرف المركزي»

لقاء سابق يجمع الكبير والمبعوث الأميركي (المصرف المركزي بطرابلس)
لقاء سابق يجمع الكبير والمبعوث الأميركي (المصرف المركزي بطرابلس)

قال «المجلس الرئاسي» الليبي، إنه قرر تعيين محافظ جديد لـ«مصرف ليبيا المركزي» وإعادة هيكلة مجلس إدارة المصرف، وذلك في تحد لمجلس النواب بشرق البلاد، ما سيفتح مواجهة سياسية واسعة بينهما في الأيام المقبلة.

الكبير والمبعوث الأميركي في مقر «المركزي» بطرابلس (المصرف)

وأوضح «المجلس الرئاسي» في بيان مساء الأحد، أنه اتخذ قراره «بالإجماع، بوضع قرار مجلس النواب الذي سبق واتخذه عام 2018 بشأن انتخاب محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي وتشكيل مجلس إدارة جديد»، مؤكداً أن هذا القرار «وافق عليه جميع أعضائه، في إطار تحمل مسؤوليته الوطنية للحفاظ على مقدرات البلاد، ومنع تعرضها لأي ضرر».

وطمأن «المجلس الرئاسي» الليبيين بأن هذه الخطوة «تهدف إلى ضمان استقرار الأوضاع المالية والاقتصادية في البلاد»، لافتاً إلى أن هذه التغييرات «تأتي لتعزيز قدرة المصرف المركزي على القيام بمهامه بكفاءة وفعالية، بما يضمن استمرارية تقديم الخدمات المالية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي».

كما طمأن «المجتمع الدولي، بأن هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز الحوكمة والاستقرار المؤسسي في ليبيا»، وتأكيد الالتزام «بالتعاون مع جميع الشركاء الدوليين لضمان تنفيذ هذه التغييرات، بما يخدم مصلحة الشعب الليبي وتعزيز مناخ الثقة داخلياً وخارجياً».

ونوه إلى أنه «ستنطلق مفاوضات تضمن الانتقال السلمي بين كفاءات وطنية راقية قدمت جهوداً مضنية لسنوات طويلة».

ويأتي قرار «المجلس الرئاسي» بعد يومين من صدور قرار رئاسة مجلس النواب بشأن إيقاف العمل بالقرار رقم (3) الصادر في عام 2018 بتكليف محمد عبد السلام الشكري محافظاً لـ«مصرف ليبيا المركزي».

وقال المجلس في بيان إنه يوقف العمل بالقرار «لمضي مدة تكليفه، وعدم مباشرة مهام عمله من تاريخ صدور قرار تكليفه».

مصعب مسلم مدير إدارة تقنية المعلومات بالمصرف المركزي الليبي (حسابات موثوقة على مواقع التواصل الاجتماعي)

كان «مصرف ليبيا المركزي» هدد الأحد بتعليق أعماله بعد خطف أحد موظفيه، لكن بعد ساعات أعلن مقربون منه إطلاق سراحه. وأكدت وسائل إعلام محلية أنه تم إطلاق سراح مصعب مسلم، مدير إدارة تقنية المعلومات بالمصرف، بعد ساعات من إعلان خطفه من قِبل جهة مجهولة، من أمام بيته، صباح اليوم نفسه. لافتاً إلى أنه تم أيضاً «تهديد بعض المسؤولين الآخرين بالخطف».

وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها المصرف لمضايقات خلال أغسطس (آب) الجاري، إذ سبق وأفاد بتعرض المؤسسة وموظفيها وأنظمتها لتهديدات متزايدة، وناقش محافظ المصرف، الصديق الكبير، ذلك في لقاءين منفصلين مع القائم بأعمال رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا، ستيفاني خوري، والمبعوث الأميركي لليبيا، ريتشارد نورلاند، اللذين أبديا دعمهما لعمل واستقرار «المصرف المركزي».

ومنذ أقل من أسبوع، وعلى خلفية تسريبات عن نية «المجلس الرئاسي» إقالة المحافظ، أعقبتها تحركات مسلحة وصفت بـ«المقلقة» داخل طرابلس، حذر نورلاند من مغبة «المخاطر المستمرة الناتجة عن الجمود السياسي في ليبيا والتهديدات التي تطال (المركزي)».

وكان المصرف، الذي أكّد رفضه لما وصفه بـ«الأساليب الغوغائية التي تُمارسها بعض الأطراف خارج إطار القانون، وتُهدّد سلامة موظفيه، واستمرار عمل القطاع المصرفي»، أعلن «إيقاف أعماله وإداراته ومنظوماته كافة حتى يتم الإفراج عن مسلم، وعودته للعمل، ووقف هذه الممارسات».