التاريخ الثقافي والحضاري لمنطقة عسير حيّ في معرض للمخطوطات

مشاهد من رحلة عبد الله فيلبي إلى عسير عام 1936 (وزارة الثقافة)
مشاهد من رحلة عبد الله فيلبي إلى عسير عام 1936 (وزارة الثقافة)
TT

التاريخ الثقافي والحضاري لمنطقة عسير حيّ في معرض للمخطوطات

مشاهد من رحلة عبد الله فيلبي إلى عسير عام 1936 (وزارة الثقافة)
مشاهد من رحلة عبد الله فيلبي إلى عسير عام 1936 (وزارة الثقافة)

من رحلة عبد الله فيلبي إلى عسير عام 1936، إلى نوادر المخطوطات والوثائق التاريخية التي تحتفظ بها دارة الملك عبد العزيز في خزائنها الثمينة، والعملات النقدية التي عبرت الأزمان وحملت معها هوية الشعوب وتاريخها، انطلق «معرض مخطوطات عسير» لاستكشاف قصص الأجداد وتاريخ المنطقة بين طيّات المخطوطات، ومن خلال الأجنحة المتنوعة والندوات والجلسات الحوارية المتخصصة التي يضمها المعرض.

المعرض بدأ استقبال ضيوفه من المتطلعين إلى الإطلالة على تاريخ وتراث المنطقة، وتفاصيلها العريقة، في بيت الثقافة بأحد رفيدة، وهو ثاني البيوت الثقافية التي افتتحتها هيئة المكتبات في المناطق السعودية، لتحويل المكتبات العامة إلى مقار ثقافية رائدة ومتكاملة. وفي الرواق الذي تزيّنه الصور النادرة، يتجول ضيوف المعرض للوقوف على مشاهد فريدة ولحظات خالدة من ذاكرة المكان والإنسان، إذ يسلط الضوء في قسم «الصور التاريخية» التي تعرض لأول مرة على تلك المشاهد التاريخية الحيّة، لا سيما للأجيال الشابة التي لم تعاصر تفاصيل الحقب السابقة.

الأمير تركي بن طلال أمير منطقة عسير ومدير مركز تاريخ عسير د. علي آل قطب (وزارة الثقافة)

تستمر فعاليات المعرض لـ20 يوماً حيث تهدف لتعزيز ثقافة وتراث المنطقة (وزارة الثقافة)

المخطوطات نافذة رصينة للتاريخ

يتضمن المعرض عدداً من المخطوطات والوثائق التاريخية التي تُبرز جزءاً من تاريخ منطقة عسير وبعض العملات النقدية التي تمثل العملات التاريخية المتداولة في المنطقة في حقب زمنية مختلفة، لإبراز تاريخ وثراء المنطقة وغنى ذاكرتها.

وتشارك دارة الملك عبد العزيز، في الاحتفاء بالإرث التاريخي للمنطقة واستكشاف عمقها الحضاري، عبر مجموعة متنوّعة من المعروضات، وتشكيلة من المقتنيات التاريخية النادرة التي تضم صوراً تعرضها في قسم الصور التاريخية، إلى جانب مخطوطات تعرض لأول مرة تبرز جزءاً من تاريخ المنطقة المدوّن ضمن قسم المخطوطات ومخطوطات عسير.

وبذلت دارة الملك عبد العزيز جهوداً لحفظ التراث الإنساني في عسير، وتوثيق الحياة الاجتماعية والقصص التي تعكس جمال حياة المجتمعات قديماً، وتلتقي جهود الدارة مع مركز تاريخ عسير الذي تنفرد جهوده بتتبع تاريخ المنطقة الثرية. ولزيادة الاهتمام بقيمة الوثائق ورصانتها، تضم الفعاليات ورشة متخصصة في ترميم المخطوطات والوثائق القديمة يرافقها جلسة معنية بتوثيق الروايات الشفهية، وهي القناة التي تحيط بما بقي من أجزاء الصورة واستيفاء عناصر حكاية تاريخية مكتملة البناء.

مجموعة متنوّعة من المعروضات والمقتنيات التاريخية النادرة في المعرض (وزارة الثقافة)

المخطوطات والوثائق التاريخية التي تُبرز جزءاً من تاريخ منطقة عسير (واس)

تشجيع الوعي بالتاريخ

أوضح الدكتور علي عوض آل قطب، مدير مركز تاريخ عسير، أن المركز اضطلع في هذا المعرض بعدد من الأنشطة، أبرزها المشاركة بمجموعة من المخطوطات والوثائق الخاصة بتاريخ وتراث منطقة عسير، وهي موزعة عبر الحقب التاريخية الثلاث في العهد السعودي، وتأخذ اتجاهات مختلفة تشمل العلمي والاقتصادي والسياسي.

وتابع مدير المركز في حديث له مع «الشرق الأوسط» أن كل المعروضات من المخطوطات والوثائق النادرة في غاية الأهمية، ومركز تاريخ عسير تتعدى مهمته حفظ الوثائق وعرضها خلال المعرض، إلى المساهمة في زيادة الوعي بالجوانب التاريخية والاجتماعية للمنطقة، مستهدفاً في ذلك كل المهتمين بالتراث والسعي إلى تعزيز الهوية والوعي بقيمة التراث والثقافة.

وأضاف آل قطب: «تضم الوثائق المعروضة، وثيقة الأعيان التاريخية التي كتبت عام 1351 للهجرة، والتي يطالب فيها الأعيان من منطقة عسير بتأييد تغيير مسمى مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية، وهو ما يعكس تفاعلاً كبيراً بين الأهالي والملك المؤسس ومشروعه الوحدوي العظيم خلال تلك الحقبة، بالإضافة إلى عدد من الوثائق التي تعكس تفاصيل اجتماعية مختلفة من التاريخ القديم، ومنها قصيدة شعرية لأحد الشعراء الملهمين في القرن الثالث عشر الهجري، وغلاف لكتاب (تاريخ الملك العسيري)، وهو أحد المصادر التاريخية المهمة المكتوبة بالنظام الحولي، ووثائق تاريخية أخرى».

يحفز المعرض السياحة الثقافية وبناء تجربة معرفية متكاملة للسائح (وزارة الثقافة)

ندوات المعرض تتناول موضوعات متصلة بقضايا تاريخية وثقافية حيوية (واس)

وعلى هامش المعرض الذي يقام بالشراكة بين هيئة تطوير المنطقة وهيئة المكتبات ومركز تاريخ عسير ومكتبة الملك عبد العزيز العامة، تعقد مجموعة من الندوات التي تتناول موضوعات متصلة بقضايا تاريخية وثقافية حيوية، تتناول آفاق الرواية التاريخية وتقنياتها، والحضور الاجتماعي للمرأة في المنطقة، وفرص توظيف تاريخ عسير في الأعمال الفنية، والتراث الشعري بوصفه مصدراً تاريخياً مهماً، وذلك مع نخبة من المختصين.

ويهدف المعرض الذي تستمر فعالياته لـ20 يوماً، إلى تعزيز ثقافة وتراث المنطقة والتعريف بها لتحقيق مستهدفات استراتيجية عسير وإبراز مساهمات الجهات الثقافية في حفظ التراث الثقافي والعلمي للمنطقة، وتمكين الممارسين والمهتمين بالتاريخ من عقد لقاءات ونقاشات مفتوحة ذات اهتمام مشترك، وتطوير منظومة عمل ثقافية مُشتركة بين عدة جهات لتجويد المخرجات الثقافية وتحفيز السياحة الثقافية، وبناء تجربة معرفية متكاملة للسائح.


مقالات ذات صلة

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت «الأوركسترا السعودية» أجمل الألحان الموسيقية في ليلة ختامية كان الإبداع عنوانها على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
خاص الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

خاص نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

كشف مسؤول نيجيري رفيع المستوى عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

«إثراء» تكرّس مؤتمر الفن الإسلامي بالظهران «في مديح الفنان الحِرفي»

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
TT

«إثراء» تكرّس مؤتمر الفن الإسلامي بالظهران «في مديح الفنان الحِرفي»

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)

افتتح الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، اليوم الأحد، أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية، بحضور الأمير سلطان بن سلمان، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس الأمناء لجائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد.

وينظم المؤتمر مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» بالظهران، بالتعاون مع جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد، ويستمر حتى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تحت شعار «في مديح الفنان الحِرفي».

ويحضر المؤتمر باحثون في الفن والتاريخ الإسلامي، ومثقفون وضيوف من مختلف دول العالم،

ويهدف إلى دعم وإحياء التقاليد الفنية الإسلامية بتسليط الضوء على أعمال الحِرفيين المعاصرين الذين يُبقون هذه التقاليد الفنية والحِرفية على قيد الحياة.

الحرف رحلة تعلّم

وفي كلمته، ثمن المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين ورئيس مجلس أمناء جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد الأمير سلطان بن سلمان آل سعود، جهود «أرامكو» في مجال الإرث والحضارة ودعم المشاريع التراثية في المنطقة الشرقية، مستعرضاً الأهمية التاريخية للحِرف بوصفها مليئة بالتراث الحضاري للمناطق، وذلك عطفاً على إنجازات المملكة في المحافل الدولية والعالمية بمشاركات متنوعة، سواء من مؤسسات ومعارض ومؤتمرات ذات بُعد تاريخي واجتماعي تصبّ في المنفعة المجتمعية.

وأكد «الأهمية التاريخية للحرف على أنها رحلة تعلم وليست إنجازات»، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى «دور المتاحف في تعزيز التاريخ بوصفها وجهة رئيسية لكل دولة». وأشار إلى جهود المملكة في تسجيل واحة الأحساء بصفتها موقعاً تراثياً عالمياً في منظمة اليونسكو.

الحرفي شاعر صامت

وفي كلمته ذكر مدير مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» عبد الله الراشد أن مدرسة الفنون الإسلامية يكاد يغيب عنها الصانع، قائلاً: «القطع الإسلامية لا تعرف من صنعها، أما القطع المعاصرة فيُحتفى بالصانع، وكأن الحرفي في الفنون الإسلامية يود أن يبقى في الظل والخفاء»، مشيراً إلى أن «الحرفي شاعر صامت»، فمن هذا المنطلق حرص «إثراء» على إقامة هذا المؤتمر «في مديح الفنان الحرفي»، والذي «يحوي أوراقاً بحثية وجلسات حوارية ومعارض مصاحبة من أنحاء العالم؛ لنستكشف جمال الحرف الإسلامية وتأثيرها العميق على الثقافة الإنسانية، ولنعبر بتقدير عالٍ لمن يبدعون بأيديهم تراثنا وهويتنا ويصنعونها في زمن جل ما يلمس ويستخدم يصنع بالآلة، لذا أتينا بهذه المعارض لنحتفي باليد البشرية».

ولفت الراشد إلى إطلاق ثلاثة معارض متزامنة مع أعمال المؤتمر في القطع الأثرية والفنون الإسلامية والأزياء التراثية من حول العالم، في حين يتزامن إطلاق المؤتمر مع تسمية عام 2025 عام الحرف اليدوية الذي أطلقته وزارة الثقافة، مما يضيف بعداً خاصاً لهذه المناسبة.

وأضاف: «جهودنا في (إثراء) للعام المقبل تتضمن تقديم عشرات البرامج الكبرى والمعارض والورش؛ كلها حول الحرف اليدوية نستهدف فيها آلاف الزوار».

كود المساجد

بدوره، أعلن رئيس مجلس أمناء الفوزان لخدمة المجتمع عبد الله بن عبد اللطيف الفوزان، اعتماد كود المساجد في المملكة، والذي عملت عليه الجائزة بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية واللجنة الوطنية لكود البناء، مشيراً إلى أنه سيجري تدشينه في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

وأشار إلى أن المؤتمر ملهم لإحياء الإرث الحضاري والتاريخي للأجيال القادمة، منوهاً، في الوقت نفسه، بالمكانة التي يتمتع بها الفنان الحرفي عبر العصور، لذا جاءت الجائزة بوصفها مرجعاً ثقافياً وفكرياً ومظلة حاضنة للمبادرات، والتي تحافظ على الموروث بوصفه رؤية مستقبلية.