نقابة الصحافيين تنتقد تغطية انتخابات «رئاسية» تونس

قالت إنها «تدور في سياق غير متزن»

من مظاهرة سابقة لإعلاميين وصحافيين وسط العاصمة تونس (إ.ب.أ)
من مظاهرة سابقة لإعلاميين وصحافيين وسط العاصمة تونس (إ.ب.أ)
TT

نقابة الصحافيين تنتقد تغطية انتخابات «رئاسية» تونس

من مظاهرة سابقة لإعلاميين وصحافيين وسط العاصمة تونس (إ.ب.أ)
من مظاهرة سابقة لإعلاميين وصحافيين وسط العاصمة تونس (إ.ب.أ)

حذرت نقابة الصحافيين التونسيين، الأربعاء، من مناخ يسوده «الترهيب» بشأن التغطية الصحافية للانتخابات الرئاسية التونسية، المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، حسبما أوردت وكالة الأنباء الألمانية.

واختصت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالولاية على تغطية وسائل الإعلام ومراقبتها، وهو القرار الذي لقي احتجاجات كبيرة من النقابة ومؤسسات إعلامية وحقوقية. وأرسلت الهيئة تنبيهات تتضمن ملاحظات إلى وسائل الإعلام، مع بدء تقديم الترشحات للانتخابات الرئاسية في 29 من يوليو (تموز) الماضي.

وأشارت النقابة، عقب اجتماع ضم خبراء ومحامين، الأربعاء، إلى وجود «ضغوطات وتضييقات على حرية الصحافة والتعبير، وضرب لحق الحصول على المعلومة». وقالت، في بيان لها، إن التغطية الصحافية للانتخابات «تدور في سياق غير متزن نظراً لغياب الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا). إلى جانب وجود مناخ يسوده الترهيب، وإصدار الأحكام السالبة للحرية في حق صحافيين وإعلاميين ومدونين».

وأصدر الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي ترشح لولاية ثانية، المرسوم 54 في عام 2022، المرتبط بجرائم أنظمة الاتصال والمعلومات، وهو المرسوم الذي تنظر له مؤسسات حقوقية على أنه تضييق لحرية التعبير. وقال رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، بسام الطريفي، في وقت سابق، إن السلطات قامت بتحريك قضايا ضد نحو 300 شخص من صحافيين ومحامين ومدونين ومواطنين عبر المرسوم 54، ما يجعل الأمر في غاية الخطورة. وفي مثل هذه القضايا، غالباً ما تُوجَّه للصحافيين تهم متنوعة، مثل نشر أخبار غير صحيحة والتشهير والإساءة للغير.



خبراء: «حراك الجزائر» لم يحقق مطالب الشعب بالديمقراطية

صورة للحراك الذي أرغم الرئيس بوتفليقة على مغادرة السلطة (أ.ف.ب)
صورة للحراك الذي أرغم الرئيس بوتفليقة على مغادرة السلطة (أ.ف.ب)
TT

خبراء: «حراك الجزائر» لم يحقق مطالب الشعب بالديمقراطية

صورة للحراك الذي أرغم الرئيس بوتفليقة على مغادرة السلطة (أ.ف.ب)
صورة للحراك الذي أرغم الرئيس بوتفليقة على مغادرة السلطة (أ.ف.ب)

يرى خبراء أن شعلة الحراك الداعم للديمقراطية، الذي أزاح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من السلطة، انطفأت، لكن تداعيات الوعي الذي خلقه آنذاك في المجتمع «لا تزال قائمة، ويمكن تلمّسها في الحملة الجارية حالياً تمهيداً لانتخابات شبه محسومة النتائج».

الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة الذي أطاح به الحراك الشعبي (أ.ف.ب)

كان الشعار الأوّل للمظاهرات الشعبية الكبيرة، التي بدأت في 22 فبراير (شباط) 2019 في الجزائر «لا للولاية الخامسة»، واضطر بوتفليقة إلى الاستقالة في أبريل (نيسان) من السنة نفسها. ثم تحوّل الحراك إلى شعار «لا للنظام»، وصولاً إلى رفض الانتخابات، التي جاءت بالرئيس عبد المجيد تبون إلى السلطة في نهاية تلك السنة. لكن تراجع الحراك مع انتشار وباء «كوفيد 19»، وقمع السلطة للمظاهرات، وسجن أبرز الوجوه التي قادت المسيرات، وصولاً إلى توقفه تماماً.

* حراك «من دون نتائج»

يرى الباحث المتخصص في علم الاجتماع، ناصر جابي، أن «الحراك كان قمة الحركات الاحتجاجية للجزائريين خلال العقود الماضية. فهو أول حركة سياسية جماعية للجزائريين بطابع سلمي ومطالب واضحة. والجزائريون قالوا إنهم يريدون قبل كل شيء تغيير النظام السياسي، وتحسين أداء الإعلام والقضاء». لكن الحراك «لم يحقّق المطالب التي خرج من أجلها، أي الحرية والعدالة».

جانب من المواجهات بين أنصار الحراك الشعبي وقوات الأمن وسط العاصمة الجزائر (أ.ف.ب)

وأضاف جابي، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، موضحاً أن النظام الجزائري «عادة ما يعوّل على الانتخابات من أجل الخروج من الأزمة. فكلما عرف اضطراباً لجأ إلى الانتخابات، مع أن التجربة منذ بداية التعددية الحزبية في 1990 تثبت أن الانتخابات لم تسوّ مشاكل النظام الجزائري». مشيراً إلى أن الطريقة التي تتمّ بها إدارة الانتخابات «تبعث رسالة للجزائريين، مفادها أنها ليست وسيلة للتغيير»، خصوصاً بالنسبة لمنصب رئيس الجمهورية، «فهو ليس مفتوحاً للتنافس» من خارج دائرة النظام. وأعلن تبون تسبيق الانتخابات الرئاسية إلى 7 سبتمبر (أيلول)، بينما كان يفترض أن تجري شهراً قبل نهاية ولايته، التي كانت محدّدة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل. كما أعلن ترشحه لولاية ثانية مدعوماً من ائتلاف حزبي هو نفسه الذي دعم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في الماضي.

مرشح حزب «جبهة القوى الاشتراكية» يوسف أوشيش (الحزب)

وسيواجهه مرشحان، أحدهما مرشح حزب «جبهة القوى الاشتراكية» يوسف أوشيش، الذي له قاعدة انتخابية في منطقة القبائل، والثاني المرشح الإسلامي عبد العالي حساني، رئيس حزب «حركة مجتمع السلم»، الذي له قاعدة انتخابية في الأوساط المحافظة.

* نتيجة محسومة سلفاً

يرى كثير من المراقبين أن «النتائج محسومة» لصالح تبون، إلا أنهم يتوقفون عند عدد الذين تقدّموا لسحب أوراق الترشيح لمواجهة تبون، الذي فاق الثلاثين، وبينهم شخصيات معروفة، مثل الأمينة العامة لحزب العمال اليساري لويزة حنون، قبل أن تقرّر الانسحاب من السباق ومقاطعة الاقتراع.

يؤكد كثير من المراقبين أن «النتائج محسومة» لصالح تبون (أ.ف.ب)

ولم يمنع هذا التقييم كذلك أحد وجوه الحراك البارزة، المتمثّل بالقاضية السابقة والمحامية المدافعة عن معتقلي الحراك زبيدة عسول، من الترشّح باسم حزبها «الاتحاد من أجل التغيير والرقي»، لأن المقاطعة بالنسبة لها «لم تأتِ بشيء»، و«الطريق الوحيدة والسليمة للتغيير هي النضال السياسي والانتخابات».

زبيدة عسول أول شخصية سياسية تعلن ترشحها لرئاسية الجزائر (حسابها بالإعلام الاجتماعي)

ودافعت عسول عن قرار مشاركتها، الذي اصطدم برفض الملف من المحكمة الدستورية، كـ12 مرشحاً آخرين، بالقول إن «هناك من يقول إن الأمور محسومة، لكن المشاركة في الانتخابات لا تعني أن تفوز من المرة الأولى، وتحقّق نتائج عجزت عن تحقيقها خلال 50 أو 60 سنة. المهم أن يبدأ المسار نحو التغيير». وتابعت عسول موضحة: «بالنسبة لي، لا يوجد أي أسلوب للدفاع عن الديمقراطية، وبناء دولة القانون، والتداول على السلطة بالطرق السلمية، غير المسار الانتخابي».

* ارتدادات

ترى عسول، التي كانت بين أوائل الذين ناضلوا ضد ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة منذ 2018، أن «الشعب قام بواجبه كاملاً من خلال خروجه في الحراك للتعبير عن طموحاته في التغيير، لكن الطبقة السياسية والنخب الإعلامية والجامعية لم تتحمّل مسؤوليتها في بلورة هذه الطموحات في مشروع، أو مشاريع سياسية».

آلاف الجزائريين خرجوا مساندين للحراك من أجل المطالبة بالديمقراطية والحريات (أ.ف.ب)

ومع ذلك، فإن الحراك، في رأي المحامي عبد الله هبول، المدافع عن معتقلي الحراك، «أحدث هزة عنيفة في منظومة الحكم، تتواصل ارتداداتها حتى اليوم». وقال إن «من أبرز هذه الارتدادات أن منصب الرئيس في الجزائر لم يعد يتمتع بالحصانة المطلقة». ويرى هبول، القاضي السابق والخبير القانوني، أن الواقع الجديد، الذي أفرزه الحراك «يكمن في أن القانون استعاد قيمته ولو بشكل نسبي، فلا يوجد مسؤول يعدّ نفسه منزّهاً عن المساءلة». ومنذ بداية الحراك، اعتُقل عشرات المسؤولين، منهم رئيسا الوزراء السابقان عبد المالك سلال وأحمد أويحيى، وعدد من الوزراء ورجال الأعمال، الذين حوكموا بتهم فساد، وأدينوا بالسجن لمدة وصلت إلى 20 سنة. لكن خلال الحراك، تمّ أيضا توقيف مئات النشطاء البارزين في المظاهرات الأسبوعية، وما زال نحو 250 منهم ينتظرون المحاكمة أو انتهاء عقوباتهم. في فبراير (شباط) الماضي، وخلال الذكرى الخامسة للحراك، عبّرت منظمة العفو الدولية عن أسفها لاستمرار الاعتداء على «الحق في التظاهر والتجمّع السلميين»، مطالبة بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين. ويرى جابي أن من نتائج الحراك الإيجابية «ما حقّقه على مستوى عقلية المواطنين، الذين أصبحوا أكثر جرأة، خصوصاً أننا أمام جيل من النساء والرجال، الذين شاركوا في الحياة السياسية للمرة الأولى، واكتسبوا تجربة من ذلك». مضيفاً: «أنا مقتنع أن نتائج الحراك تظهر في شكل وعي، خصوصاً لدى الشباب». كما أشار جابي إلى أن «الرهان الوحيد في الانتخابات بالنسبة للنظام هو نسبة المشاركة، لأن نتائجها معروفة مسبقاً. فالجزائريون يعرفون قبل شهور من سيكون رئيس الجمهورية». ولا يستبعد هبول أن يعود الجزائريون إلى الاحتجاج «لأن الحراك فكرة، والفكرة لا تموت»، في ترداد لعبارة كان يقولها لخضر بورقعة، أحد الوجوه البارزة في الحراك، الذي توفي بعد إصابته بفيروس «كورونا».