ارتفعت أسعار الذهب في مصر، بنسبة أعلى من الارتفاعات العالمية التي شهدتها الأسواق الدولية مؤخراً، وهو ما قد يؤثر على حركة البيع والشراء في البلد الذي يبلغ تعداد سكانه أكثر من 100 مليون، يلجأ كثير منهم عادة إلى الذهب للتحوط من الاضطرابات المرتفعة التي يشهدها الاقتصاد المصري.
ويتخوف التجار في مصر من تراجع المبيعات في أسواق الذهب، بعد هذه الارتفاعات، التي وصفها البعض بـ«نسبة غير منطقية»، خصوصاً أن السوق شهدت تراجعاً بالفعل خلال الربع الثاني من العام الحالي، وسط «عودة قوية للشراء خلال هذه الأيام»، مما استدعى إعادة تقديم مقترح بإعادة تطبيق قرار إعفاء الذهب المقبل مع المصريين العائدين من الخارج من الجمارك.
هاني ميلاد رئيس مجلس إدارة شعبة الذهب والمجوهرات، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الظروف الحالية تشبه لحد كبير ظروف السوق منذ عام تقريباً، من اضطرابات وعدم استقرار، وهو ما استدعى «اجتماعاً عاجلاً للشعبة عقدناه يوم الجمعة، واتفقنا فيه على تقديم مبادرة للحكومة، بدءاً من يوم الأحد، بإعادة تطبيق قرار إعفاء الذهب المقبل مع المصريين العائدين من الخارج من الجمارك».
وأضاف ميلاد أن «هذا الإجراء من شأنه أن يُحدث توازناً بين العرض والطلب، وذلك لاستيعاب الزيادة في الطلب على الذهب خلال هذه الأيام»، مشيراً إلى الارتفاعات القياسية التي حدثت في أسعار الذهب عالمياً.
وأوضح ميلاد: «عندما تقدمنا بمبادرة إعفاء ذهب المصريين القادمين من الخارج، في مايو (أيار) 2023، كانت الظروف وأوضاع السوق تقريباً تشبه الوضع الحالي... لذا اتفقنا في شعبة الذهب والمجوهرات على أن أفضل الحلول في الوقت الحالي إعادة تفعيل المبادرة من جديد... سنتقدم بها للحكومة يوم الأحد وننتظر الرد»، واصفاً ارتفاع الأسعار في السوق «بارتفاعات بنسبة غير منطقية بسبب المضاربات».
وكشف مجلس الذهب العالمي، في تقريره نهاية الشهر الماضي، عن تراجع حجم مشتريات المصريين من الذهب خلال الربع الثاني من العام الحالي، ليصل إلى 14.4 طن من الذهب، منخفضاً بنسبة 16 في المائة عن الربع الثاني من عام 2023. لكنه يظل أفضل من مشتريات الربع الأول من العام الحالي عند 13.2 طن ذهب.
وعن المقترحات البديلة في حالة رفض الحكومة إعادة تطبيق هذه المبادرة، قال ميلاد إنه يعتقد بعد نجاح المبادرة خلال عامها الأول، الذي انتهى مايو الماضي: «استقرت الأسعار في سوق الذهب، حتى إن السعر في مصر أصبح أقل من السوق العالمية... ونجحت مصر خلال الشهرين الماضيين، خلال فترة الاستقرار في تصدير أكثر من طن مشغولات ذهبية... وهذا من شأنه أن يعود على البنك المركزي بزيادة المكون الدولاري، وسينعكس على الاقتصاد الكلي».
وأشار إلى التحركات القوية في سوق الذهب المصرية خلال الأسبوعين الماضيين، «منذ أسبوع وأكثر هناك تحركات قوية نحو الشراء في مصر أدت لارتفاعات قوية... ففكرنا في تقديم مقترح بإعادة مبادرة الإعفاء... ولا توجد لدي توقعات بالرفض أو الإيجاب، وأيضاً لا يوجد ما يبرر رفض التطبيق».
وكان الذهب قد سجل أداءً لافتاً في يوليو (تموز) الماضي، بعد انخفاض طفيف في يونيو (حزيران) الذي سبقه، حيث ارتفع بنسبة 4 في المائة، ليصل إلى 2426 دولاراً للأوقية، وفق ما جاء في تقرير «المجلس العالمي للذهب».
وفي منتصف يوليو الماضي، حقق الذهب ارتفاعاً قياسياً جديداً، قبل أن يتراجع بشكل طفيف عند نهاية الشهر.
وشرح تقرير «المجلس العالمي للذهب» أن ارتفاع المعدن النفيس في شهر يوليو الماضي، جاء مدعوماً بعاملين أساسيين؛ هما انخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات، لأنه عندما تنخفض هذه العوائد، يصبح الاستثمار في الذهب أكثر جاذبية نسبياً.
وضعف الدولار، فعندما يضعف الدولار يرتفع سعر الذهب المقوَّم بالدولار، مما يجعل الذهب أرخص بالنسبة إلى المشترين من حائزي العملات الأخرى.
وبالإضافة إلى تأثيرات الانخفاض في عوائد السندات وضعف الدولار، كان هناك عامل سلبي مصدره سوق العقود الآجلة للذهب. فقد زادت الفائدة بمعدل أكبر من الزيادة في صافي المراكز الطويلة.