تونس: «الأمن القومي» يدعو القوات المسلحة إلى التصدي للإرهاب والتهريب

إحالة ساسة بارزين على قطبي الإرهاب والفساد وأحكام بالسجن ضد بعضهم

اجتماع مجلس الأمن القومي يأمر بتصعيد حملات مكافحة الإرهاب والتهريب ومراقبة حدود البلاد (موقع الرئاسة التونسية)
اجتماع مجلس الأمن القومي يأمر بتصعيد حملات مكافحة الإرهاب والتهريب ومراقبة حدود البلاد (موقع الرئاسة التونسية)
TT

تونس: «الأمن القومي» يدعو القوات المسلحة إلى التصدي للإرهاب والتهريب

اجتماع مجلس الأمن القومي يأمر بتصعيد حملات مكافحة الإرهاب والتهريب ومراقبة حدود البلاد (موقع الرئاسة التونسية)
اجتماع مجلس الأمن القومي يأمر بتصعيد حملات مكافحة الإرهاب والتهريب ومراقبة حدود البلاد (موقع الرئاسة التونسية)

أحالت مكاتب تحقيق أمنية وقضائية مزيداً من السياسيين البارزين على مؤسسات التحقيق في قضايا مكافحة الإرهاب والفساد، بينهم عدد من الشخصيات التي أعلنت نيتها الترشح للانتخابات الرئاسية، وأخرى لعبت أدواراً في الصفوف الأولى داخل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني منذ منعرج يناير (كانون الثاني) 2011 الذي أطاح بحكم الرئيس زين العابدين بن علي.

وشملت الإيقافات والتحقيقات الجديدة الوزيرين السابقين عبد اللطيف المكي وعماد الدايمي، والحقوقية سهام بن سدرين، رئيسة الهيئة العليا للحقيقة والكرامة التي كلفت بملف «العدالة الانتقالية» بعد 2011، ورجل الأعمال والإعلامي نزار الشعري، والقاضي مراد المسعودي رئيس منظمة القضاة الشبان، والعقيد المتقاعد من الجيش الوطني محمد عادل الدو، والبرلماني السابق عياض اللومي القيادي في حزب «قلب تونس» الليبيرالي الذي أسسه المرشح السابق للانتخابات الرئاسية في 2019 رجال الأعمال نبيل القروي.

أحكام غيابية... وشبهات

كما أوردت مصادر مطلعة إصدار محاكم تونسية أحكاماً بالسجن ضد زعيمة «الحزب الدستوري الحر» المحامية عبير موسي، وضد وزير الصحة زعيم حزب «الإنجاز» عبد اللطيف المكي، ورجل الأعمال نزار الشعري، ولطفي المرايحي زعيم حزب «الاتحاد الشعبي الجمهوري»، وشخصيات عمومية أخرى.

ونصت الأحكام القضائية على حرمان بعض هذه الشخصيات من حق الترشح للانتخابات الرئاسية «مدى الحياة»، بسبب شبهات الضلوع في مخالفات قانونية وأمنية ومالية خطيرة، حسب مصادر إعلامية تونسية شبه رسمية.

وكشف محامون تونسيون عن أن بعض الذين صدرت ضدهم أحكام بالسجن «مع النفاذ العاجل» أحيلوا على القضاء «في حالة فرار»، بينهم من يوجد خارج البلاد. في المقابل لم يقع التنصيص على النفاذ العاجل بالنسبة للبقية، بما يمنحهم حق الاعتراض والاستئناف والتعقيب، وهم في حالة سراح، على الاتهامات الموجهة إليهم وبينها «ارتكاب جرائم انتخابية» في انتخابات 2019، أو خلال الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

في الوقت نفسه، قررت محاكم أخرى منذ أسابيع تأجيل البت في «تهم جنائية خطيرة» موجهة لبعض هؤلاء السياسيين، بينهم عبد اللطيف المكي وزير الصحة الأسبق والقيادي المنشق عن حزب «النهضة»، وعبير موسي زعيمة «الحزب الدستوري»، وعشرات من الموقوفين في قضايا ما يعرف بـ«ملفات شبهات التآمر على أمن الدولة»، وبينهم قياديون في أحزاب يسارية وليبيرالية وإسلامية عديدة، سبق أن تولوا مسؤوليات في الحكومة والبرلمان ما بين 2011 و2021.

«التآمر على الأمن الوطني»

وقد صعّد الرئيس التونسي قيس سعيد لهجته إزاء بعض الشخصيات السياسية والعمومية التي عاد إلى اتهامها بـ«التآمر على الأمن الوطني»، وبـ«الوقوف وراء العصابات المسؤولة عن الاحتكار والترفيع غير القانوني في الأسعار وعن قطع الماء والكهرباء وعن محاولة تخريب الدولة والإدارة من الداخل» بما في ذلك عبر تعمد «تلويث مياه بعض الشواطئ العمومية في المناطق السياحية»، وافتعال «خلل فني» في شبكات الصرف الصحي.

وتحدث سعيد مجدداً عن «مؤامرة على البلاد وأمنها، وعلى المسار الحالي للانتخابات الرئاسية»، بمناسبة ترؤسه لاجتماع جديد لـ«مجلس الأمن القومي»، بحضور كبار قادة المؤسستين العسكرية والأمنية، ورئيس الحكومة ووزراء الداخلية والدفاع والعدل والخارجية.

وأوردت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية أن سعيد أصدر خلال هذا الاجتماع أوامر للقوات المسلحة العسكرية والأمنية بـ«مزيد مراقبة حدود البلاد»، والتصدي للهجرة غير النظامية، وللتهريب، ولعصابات الإرهاب والاتجار في المخدرات والممنوعات.

رئاسة الجمهورية تنفي

ورداً على الانتقادات التي وجهتها مؤسسات حقوقية وسياسية تونسية ودولية حول «توظيف القضاء والمحاكم والمؤسسات الأمنية»، خلال الصراعات السياسية الحالية بين السلطة والمعارضة، نفى الرئيس التونسي قيس سعيد في تصريحات أدلى بها فور تقديم ملف ترشحه لدورة ثانية أن يكون أمر بالتتبع الأمني والقضائي لأي شخصية سياسية أو إعلامية أو اقتصادية، بل أشار إلى كونه أصدر «عفواً رئاسياً خاصاً» على مجموعة من المتهمين في قضايا «جرائم إلكترونية»، في ذكرى إعلان الجمهورية يوم 25 يوليو (تموز) الماضي.

لكن سعيد أورد أن «النيابة العمومية رفعت من تلقاء نفسها في سياق مهماتها القانونية وصلاحياتها» شكايات ضد بعض الشخصيات العمومية؛ بسبب «شبهات» ضلوعها في جرائم قانونية مختلفة، بينها ما يهم قطبي الإرهاب والفساد المالي ومؤسسات مكافحة الإجرام والمخدرات والتهريب وقوانين النشر والصحافة.

إيقاف رئيسة ملف العدالة الانتقالية السابقة الحقوقية سهام بن سدرين (متداولة)

كما فتح الرئيس التونسي في الجلسة العلنية لاجتماع مجلس الأمن القومي ملف «الأجندات الخارجية» لبعض الشخصيات والأطراف السياسية التونسية، وندد بـ«محاولات التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية» للدولة والبلاد.

وأمر المجلس البعثات الدبلوماسية التونسية في الخارج بـ«توضيح الحقائق»، وتفنيد الاتهامات الموجهة للسلطات التونسية مع «تجاهل الجرائم ومخططات التخريب التي تستهدف الأمن القومي للبلاد»، بما في ذلك عبر «الجرائم الإلكترونية»، و«محاولات التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

في المقابل، تابعت عدة منظمات نقابية وحقوقية وحزبية تونسية ودولية توجيه انتقادات للسلطات، وطالبت بالإفراج عن كل الإعلاميين والسياسيين والبرلمانيين والحقوقيين الموقوفين في قضايا ذات صبغة سياسية وإعلامية. ودعت بلاغات صدرت عن هذه المنظمات إلى «تنقية المناخ الأمني والإعلامي والسياسي في البلاد» عشية الانتخابات الرئاسية الجديدة.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيراً، وسوف يحيله لمجلس النواب (البرلمان) للموافقة عليه.

وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، أن مشروع القانون يهدف إلى «تحسين بيئة العمل الخاصة بالأطباء والفريق الصحي، ويرتكز على ضمان توفير حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية المختلفة بالمنشآت الصحية، وتوحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يضمن عملهم في بيئة عمل جاذبة ومستقرة»، وفق إفادة وزارة «الصحة» المصرية، الجمعة.

وأشار الوزير المصري إلى تضمن القانون «توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يكفل الوضوح في هذا الشأن ويراعي صعوبات العمل في المجال الطبي»، مع الحرص على «منع الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية، وتقرير العقوبات اللازمة في حال التعدي اللفظي أو الجسدي أو إهانة مقدمي الخدمات الطبية، أو إتلاف المنشآت، وتشديد العقوبة حال استعمال أي أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى».

جانب من العمل داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وحسب عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، فإن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع القانون كان يفترض جاهزيته منذ عامين في ظل مناقشات مستفيضة جرت بشأنه، لافتة إلى أن القانون سيكون على رأس أولويات «لجنة الصحة» فور وصوله البرلمان من الحكومة تمهيداً للانتهاء منه خلال دور الانعقاد الحالي.

لكن وكيل نقابة الأطباء المصرية، جمال عميرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «لا يوفر الحماية المطلوبة للأطباء في مقابل مضاعفة العقوبات عليهم حال الاشتباه بارتكابهم أخطاء»، مشيراً إلى أن المطلوب قانون يوفر «بيئة عمل غير ضاغطة على الطواقم الطبية».

وأضاف أن الطبيب حال تعرض المريض لأي مضاعفات عند وصوله إلى المستشفى تتسبب في وفاته، يحول الطبيب إلى قسم الشرطة ويواجه اتهامات بـ«ارتكاب جنحة وتقصير بعمله»، على الرغم من احتمالية عدم ارتكابه أي خطأ طبي، لافتاً إلى أن النقابة تنتظر النسخة الأخيرة من مشروع القانون لإصدار ملاحظات متكاملة بشأنه.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقته شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، والاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض نهاية الشهر الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.

وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بالمستشفيات المصرية تكررت خلال الفترة الأخيرة (وزارة الصحة المصرية)

وينص مشروع القانون الجديد، وفق مقترح الحكومة، على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتعد «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمعنية بالنظر في الشكاوى، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية»، حسب بيان «الصحة».

وتعوّل إيرين سعيد على «اللجنة العليا الجديدة» باعتبارها ستكون أداة الفصل بين مقدم الخدمة سواء كان طبيباً أو صيدلياً أو من التمريض، ومتلقي الخدمة المتمثل في المواطن، لافتةً إلى أن تشكيل اللجنة من أطباء وقانونيين «سيُنهي غياب التعامل مع الوقائع وفق القوانين الحالية، ومحاسبة الأطباء وفق قانون (العقوبات)».

وأضافت أن مشروع القانون الجديد سيجعل هناك تعريفاً للمريض بطبيعة الإجراءات الطبية التي ستُتخذ معه وتداعياتها المحتملة عليه، مع منحه حرية القبول أو الرفض للإجراءات التي سيبلغه بها الأطباء، وهو «أمر لم يكن موجوداً من قبل بشكل إلزامي في المستشفيات المختلفة».

وهنا يشير وكيل نقابة الأطباء إلى ضرورة وجود ممثلين لمختلف التخصصات الطبية في «اللجنة العليا» وليس فقط الأطباء الشرعيين، مؤكداً تفهم أعضاء لجنة «الصحة» بالبرلمان لما تريده النقابة، وتوافقهم حول التفاصيل التي تستهدف حلاً جذرياً للمشكلات القائمة في الوقت الحالي.