ضم كالافيوري يعزز دفاعات آرسنال ويسلط الضوء على أولويات أرتيتا

المدرب الإسباني عمل دائماً على تدعيم خط دفاعه خلال فترة ولايته

أرتيتا وكالافيوري عند التوقيع على عقد ضم المدافع الإيطالي إلى آرسنال (غيتي)
أرتيتا وكالافيوري عند التوقيع على عقد ضم المدافع الإيطالي إلى آرسنال (غيتي)
TT

ضم كالافيوري يعزز دفاعات آرسنال ويسلط الضوء على أولويات أرتيتا

أرتيتا وكالافيوري عند التوقيع على عقد ضم المدافع الإيطالي إلى آرسنال (غيتي)
أرتيتا وكالافيوري عند التوقيع على عقد ضم المدافع الإيطالي إلى آرسنال (غيتي)

حقق آرسنال رقماً قياسياً في تاريخ النادي من حيث عدد الأهداف المسجلة في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي برصيد 91 هدفاً. ورغم ذلك، كان التفوق الأكبر يأتي على مستوى خط الدفاع، حيث لم تهتز شباك الفريق سوى 29 مرة، أي أقل بخمسة أهداف من مانشستر سيتي. وعلاوة على ذلك، لم يقترب أي فريق آخر من الرقم المذهل الذي حققه «المدفعجية» بالخروج بشباك نظيفة في 18 مباراة. وكانت هذه القوة الدفاعية الرائعة بمثابة تتويج لاستراتيجية المدير الفني، ميكيل أرتيتا، لبناء الفريق من الخلف للأمام. وحسب نيك رايت في شبكة «سكاي سبورتس»، كان تدعيم خط الدفاع يمثل أولوية دائما لأرتيتا، وقد استمر هذا الأمر من خلال التعاقد مع المدافع الإيطالي الدولي ريكاردو كالافيوري.

وبانضمام كالافيوري، فإن 18 صفقة من أصل 24 صفقة أبرمها آرسنال للفريق الأول تحت قيادة أرتيتا إما لحراس مرمى أو مدافعين أو لاعبي وسط مدافعين، مقابل رسوم إجمالية بلغت 488 مليون جنيه إسترليني. ويتجاوز هذا المبلغ أكثر من ضعف ما أنفقه النادي للتعاقد مع ستة لاعبين فقط في خط الهجوم أو خط الوسط المهاجم. ونجح آرسنال في ضم كالافيوري مقابل 42 مليون جنيه إسترليني، ليصبح المدافع الإيطالي سادس أغلى صفقة في عهد أرتيتا، مع العلم بأن خمسا من أغلى سبع صفقات كانوا مدافعين، بقيادة ديكلان رايس الذي كلف خزينة النادي 105 ملايين جنيه إسترليني، مقابل مهاجمين اثنين فقط، هما كاي هافرتز وغابرييل جيسوس.

ويختلف الأمر تمام الاختلاف عما كان يحدث تحت قيادة المدير الفني الفرنسي السابق أرسين فينغر، عندما كانت نسبة أعلى بكثير من الأموال تذهب للتعاقد مع المهاجمين. لكن أرتيتا مدير فني مختلف تماماً، فعلى الرغم من أنه مناسب تماما لفلسفة وهوية آرسنال، فإنه مدير فني عملي تماما. من المؤكد أن آرسنال سيظل فريقا يعتمد على الإمكانات الفنية والمهارية التي تميز بها طوال تاريخه، كما أنه قادر على خنق المنافسين من خلال الاستحواذ على الكرة، لكن الإحصائيات والأرقام تشير إلى أنه جاء في المرتبة السادسة في الدوري الإنجليزي الممتاز من حيث نسبة الاستحواذ على الكرة الموسم الماضي، وهو ما يعني أن الفريق يعود للخلف ويلعب بطريقة دفاعية ويترك الاستحواذ للخصم، عندما يكون ذلك ضروريا للخروج بالمباراة إلى بر الأمان.

كالافيوري يهز شباك يوفنتوس في الدوري الإيطالي قبل الرحيل عن بولونيا (إ.ب.أ)

لقد اعترف أرتيتا بأن الفوز بالبطولات والألقاب يتطلب الاهتمام بالنواحي الدفاعية أولا، وبنى فريقه وفقاً لذلك. ومن الواضح للجميع أن المدافعين الذين يتعاقد معهم أرتيتا يجيدون الاستحواذ على الكرة والتمرير الدقيق وبناء الهجمات من الخلف، والتقدم للأمام لتقديم الدعم الهجومي اللازم. لكن هجوم آرسنال استمد قوته الأساسية من وجود خط دفاع صلب في الخلف. كل هذا يساعد في تفسير سبب قيام أرتيتا بضم مدافع آخر خلال فترة الانتقالات الصيفية الجارية. وسيسمح كالافيوري، الذي بدأ مسيرته الكروية ظهيرا أيسر ثم تحول إلى اللعب في مركز قلب دفاع ناحية اليسار، باستمرار عملية تطوير وتدعيم خط الدفاع، ومن المتوقع أن يكون وصوله الوشيك بعقد طويل الأجل، خطوة أخرى في طريق بناء خط دفاع حديدي.

على الرغم من أن كالافيوري كان يلعب في الغالب في خط دفاع مكون من ثلاثة لاعبين في نادي بولونيا، وكجزء من ثنائي قلب الدفاع مع منتخب إيطاليا في نهائيات كأس الأمم الأوروبية الأخيرة، يبدو من المرجح أنه سيلعب ظهيرا أيسر مع آرسنال، بعدما فشل أوليكسندر زينتشينكو في مواكبة التطور الذي طرأ على أداء الفريق. لقد خسر ظهير مانشستر سيتي السابق، الذي أصبح مستقبله مع آرسنال موضع شك، مكانه في التشكيلة الأساسية لصالح ياكوب كيويور بعد الإصابة التي تعرض لها في فبراير (شباط) الماضي. وبعد ذلك، فقد كيويور مكانه لصالح تومياسو.

يذكر أن كيويور، كما هو الحال تماما مع بن وايت وجورين تيمبر، هو قلب دفاع في الأساس ولديه القدرة على اللعب ظهيرا، لكن في المقابل فإن كالافيوري، على الرغم من كونه لاعباً أكثر تكاملا من اللاعب البولندي الدولي، كان يلعب في الأساس ظهيرا أيسر ثم تكيف مع دوره الجديد كقلب دفاع. لقد كان المدير الفني لمانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، هو أول من طبق فكرة استخدام قلب الدفاع ظهيرا، موضحاً أهمية وجود «مدافعين مناسبين» قادرين على «الفوز بالصراعات الثنائية» في هذا المركز بعد فوز مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2022-2023.

ويبدو أن كالافيوري، ذلك المدافع المقاتل الذي يمتلك صفات وقدرات تجعله أقرب إلى المدافع منه إلى الظهير، يناسب آرسنال تماما في هذا الصدد. في الواقع، كان معدل نجاحه في الصراعات الثنائية بنسبة 63 في المائة مع بولونيا الموسم الماضي أعلى من أي مدافع في آرسنال. وعلاوة على ذلك، كان كالافيوري أكثر تفوقا في ألعاب الهواء، حيث وصل معدل تفوقه في الصراعات الهوائية إلى 71 في المائة - خامس أعلى معدل في الدوري الإيطالي الممتاز الموسم الماضي، وهو ما جعله يتفوق مرة أخرى على جميع مدافعي آرسنال في هذه الإحصائية.

ومن المؤكد أن قدراته الهائلة في ألعاب الهواء ستكون ميزة كبيرة لآرسنال في الكرات الثابتة، وهو الأمر الذي تفوق فيه آرسنال بالفعل الموسم الماضي. لكن قدرة كالافيوري على التكيف مع مواقف مختلفة قد تكون أهم مميزاته بالنسبة لأرتيتا، الذي يفضل دائما اللاعبين الذين يمكنهم اللعب في أكثر من مركز والقيام بأكثر من دور داخل الملعب. وقال المدير الفني للمدفعجية في بداية الموسم الماضي: «تتمثل الفكرة الأساسية في أن نلعب بطريقة غير متوقعة للمنافسين كل عام، وأن نجعل من الصعب على الخصوم إيقافنا وإيقاف خطورتنا».

وشرح أرتيتا الموضوع بالتفصيل خلال حديثه في مقر النادي بعد عدة أشهر، عندما قال لشبكة «سكاي سبورتس»: «الآن، يعرف الجميع ما نفعله. لديكم محللون، ولديكم كل البيانات في العالم، ولديكم مدربون رائعون. نحن جميعاً نعلم جيداً ما يريد الخصم فعله، لذلك يتعين عليك في بعض الأحيان أن تكون قادراً على القيام بالأشياء بشكل مختلف لمحاولة مفاجأتهم والتفوق عليهم».

نجح آرسنال في ضم كالافيوري مقابل 42 مليون جنيه إسترليني (غيتي)

وهذا الغموض واضح تماما في خطي الوسط والهجوم، حيث يشعر ديكلان رايس بالراحة في اللعب محور ارتكاز أو لاعب خط وسط حرا يتحرك من منطقة جزاء فريقه وحتى منطقة جزاء الفريق المنافس، اعتماداً على مجريات اللقاء، كما يتميز هافرتز بالقدرة على اللعب في أكثر من مركز أيضا. لكن هذا الغموض أصبح أكبر في خط الدفاع، ومن المؤكد أن وصول كالافيوري سيعزز ذلك الأمر، فعند النظر إلى الأمور من بعيد يكون من الصعب معرفة الطريقة التي سيلعب بها هؤلاء اللاعبون معا، وهذا هو ما يريده أرتيتا لإرباك المنافسين.

ومن ناحية عدم قدرة المنافسين على التنبؤ بما يقدمه آرسنال، فإن كالافيوري يضيف للفريق صفات جديدة، لأن اللاعب الإيطالي البالغ من العمر 22 عاماً، لم يأت للدفاع فقط، وإنما يمتلك قدرات وفنيات أخرى هائلة يمكن للمدفعجية استغلالها. وكما أثبت مع نادي بولونيا ومنتخب إيطاليا، فإنه يتفوق في تمرير الكرات البينية الدقيقة إلى المهاجمين، وكان أكثر مدافعي الدوريات الخمسة الكبرى صناعة للأهداف الموسم الماضي برصيد خمسة أهداف. كما احتل المرتبة الأولى بين أقرانه فيما يتعلق بالتسديدات بعد التقدم من الخلف للأمام، بواقع 14 تسديدة.

ويأمل آرسنال أن يستفيد من قدرات كالافيوري الكبيرة في الاستحواذ على الكرة في خلق جبهة قوية في الجهة اليسرى، التي كان الفريق يعاني فيها بشكل واضح الموسم الماضي، حيث تشير الإحصائيات إلى أن هجمات الفريق من الجهة اليمنى كانت أعلى بكثير من الجهة اليسرى، في ظل الانسجام الكبير بين ساليبا ووايت ومارتن أوديغارد وبوكايو ساكا.

وفي المقابل، واجهت الجهة اليسرى صعوبات كبيرة، بعد رحيل غرانيت تشاكا، وعدم وجود ظهير أيسر قوي، والإصابات التي تعرض لها غابرييل جيسوس. وعانى غابرييل مارتينيلي بشكل واضح، مقارنة بالموسم السابق فيما يتعلق بتسجيل الأهداف والتمريرات الحاسمة. وعلى الرغم من أن لياندرو تروسارد أثبت أنه بديل فعال، يأمل أرتيتا أن يؤدي الاعتماد على كالافيوري إلى مساعدة مارتينيلي على العودة إلى تقديم أفضل مستوياته.

كالافيوري سيضيف بُعداً جديداً إلى خط دفاع «المدفعجية» (إ.ب.أ)

وقال أرتيتا: «نرحّب بريكاردو وعائلته في آرسنال. إنه صفقة رائعة من شأنها منحنا قوة هائلة لتعزيز دفاعنا». وتابع: «لدى ريكاردو شخصية كبيرة وحضور مع مهارات محدّدة ستجعلنا أقوى في سعينا للفوز ببطولاتٍ كبيرةٍ». وأضاف: «أظهر سلفاً تطوراً كبيراً في المواسم الأخيرة من خلال أدائه مع بولونيا وإيطاليا، وكان تقدّمه وتطوّره مثيراً للإعجاب حقاً في العام الماضي». واستطرد: «نتطلّع إلى العمل مع ريكاردو ودمجه في الفريق ودعمه في السنوات المقبلة».

من المؤكد أن جمهور آرسنال يمني النفس بتدعيم خط الهجوم أيضا خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية، خاصة في ظل الشعور بأن الفريق لا يزال بحاجة إلى مهاجم صريح قوي، على الرغم من أداء هافرتز الجيد في هذا المركز خلال النصف الثاني من الموسم. لكن من الواضح أنه بعد تدعيم خط الدفاع بالتعاقد مع كالافيوري، فإن آرسنال يركز حاليا على تدعيم مركز حراسة المرمى. لقد وصل تومي سيتفورد، البالغ من العمر 18 عاماً، بالفعل من أياكس ليتم دمجه على مستوى أكاديمية الناشئين. وفي الوقت نفسه، أثار رحيل كارل هاين على سبيل الإعارة اهتماماً بدان بنتلي من وولفرهامبتون كخيار ثالث في هذا المركز. علاوة على ذلك، هناك توقع بأنه يجب البحث عن بديل لآرون رامسديل بعدما فقد مكانه الأساسي لصالح ديفيد رايا.

في الواقع، تُعد التغييرات التي أجريت في مركز حراسة المرمى دليلاً آخر على أولويات أرتيتا. ومع ذلك، لم يتم التعاقد مع كالافيوري على أنه مدافع فقط، ولكن على أنه إضافة قوية أيضا لترسانة أرتيتا الهجومية بفضل قدرته على الاستحواذ على الكرة وتمرير كرات بينية متقنة والتقدم من الخلف للأمام لإحداث حالة من الارتباك في صفوف المنافسين.


مقالات ذات صلة

كيف سيحسن كيلمان «المهيمن على ألعاب الهواء» أداء وستهام؟

رياضة عالمية لوبيتيغي مدرب وستهام كان حريصاً للغاية على ضم كيلمان إلى وستهام (غيتي)

كيف سيحسن كيلمان «المهيمن على ألعاب الهواء» أداء وستهام؟

سيستفيد وستهام كثيراً من قدرة كيلمان على اللعب في أكثر من مركز والقيام بأكثر من دور داخل الملعب.

رياضة عالمية فان نيستلروي وجماهير مانشستر يونايتد بعد عودته مساعداً للمدير الفني تن هاغ (رويترز)

لماذا يمثل فان نيستلروي إضافة كبيرة لمانشستر يونايتد؟

يعد فان نيستلروي جزءاً رئيسياً من الثورة التي يريد جيم راتكليف القيام بها في مانشستر يونايتد.

رياضة عالمية جوتا سيلفا (رويترز)

فورست يتعاقد مع البرتغالي سيلفا لأربع سنوات

أعلن نوتنغهام فورست المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم اليوم الخميس تعاقده مع البرتغالي جوتا سيلفا قادماً من فيتوريا غيماريش بعقد يمتد لأربع سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية صلاح وكارفاليو قادا ليفربول إلى فوزٍ ثانٍ توالياً (أ.ف.ب)

«الجولة التحضيرية»: انتصارات لليفربول ويونايتد وتشيلسي... وخسارة الريال

واصل ليفربول استعداداته للموسم المقبل من الدوري الإنجليزي لكرة القدم، وتغلّب على آرسنال 2-1 الأربعاء، في حين حقق مانشستر يونايتد وتشيلسي فوزهما الثاني والأوّل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية ملعب نادي مانشستر سيتي الإنجليزي (د.ب.أ)

رابطة البريميرليغ تغرم سيتي بسبب انتهاكات لمواعيد بدء المباريات

قالت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز إنها فرضت غرامة تتجاوز قيمتها مليوني جنيه إسترليني (2.56 مليون دولار) بسبب تأخير بداية المباريات واستئنافها بعد الاستراحة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل تقام كأس العالم 2026 بالولايات المتحدة في فصل الشتاء؟

الطقس الحار جدد المخاوف الأميركية بشأن توقيت كأس العالم 2026 (الشرق الأوسط)
الطقس الحار جدد المخاوف الأميركية بشأن توقيت كأس العالم 2026 (الشرق الأوسط)
TT

هل تقام كأس العالم 2026 بالولايات المتحدة في فصل الشتاء؟

الطقس الحار جدد المخاوف الأميركية بشأن توقيت كأس العالم 2026 (الشرق الأوسط)
الطقس الحار جدد المخاوف الأميركية بشأن توقيت كأس العالم 2026 (الشرق الأوسط)

لقد كان صيف كرة القدم في الولايات المتحدة الذي تباهت به أميركا حاراً، لكنه كان أيضاً اختباراً للضغط على الدولة المستضيفة لكأس العالم.

كان هناك بالتأكيد كثير من الضغوطات للاختبار. وبصرف النظر عن المخاوف بشأن ظروف الملعب، والسيطرة على الحشود والأمن - وهو ما تم تسليط الضوء عليه بشكل مثير للقلق قبل نهائي «كوبا أميركا» في ميامي، عندما اقتحم المشجعون الذين لا يحملون تذاكر دخول الملعب - فقد تضمنت الطبيعة كثيراً من التحديات الأخرى.

لقد تسبب الطقس الشديد؛ من الحرارة الحارقة إلى الأمطار الغزيرة والبرق، في تأجيل مباريات «كوبا أميركا» ومختلف جولات الأندية الأوروبية، بينما كافح المشجعون والمسؤولون واللاعبون للتعامل مع الآثار اللاحقة.

يعتقد بعض خبراء الأرصاد الجوية أنه يجب على الاتحاد الدولي لكرة القدم أن يتعامل مع المشاكل الناجمة عن تغير المناخ كأولوية، مع طرح أسئلة حول جدوى إقامة البطولات الكبرى خلال فصل الصيف.

يقول دان ديبودوين، المدير الأول لعمليات التنبؤ بالطقس في شركة «آكو واذر»: «يجب أن يكون هناك نقاش حول إقامة هذه المباريات في أماكن ستصل درجة الحرارة فيها إلى أكثر من 90 درجة مئوية في الصيف. هل يجب لعب المباريات بميامي في يوليو (تموز)؟ لا أعرف الإجابة، لكن السؤال يستحق الطرح». هذا الأسبوع فقط، تأخرت مباراة برشلونة الودية رفيعة المستوى مع مانشستر سيتي في أورلاندو لمدة 80 دقيقة بسبب العواصف. واضطر المشجعون إلى البحث عن ملجأ تحت مدرجات ملعب كامبينغ وورلد قبل أن تبدأ المباراة في نهاية المطاف، وبعد ذلك، قال مدرب برشلونة هانسي فليك: «الظروف لم تكن الأفضل بسبب الطقس». كما تأثرت أيضاً المباراة الأولى للسيتي في جولته بالولايات المتحدة الأميركية، والتي خسرها أمام سيلتيك بنتيجة 4 - 3، عندما اضطر المشجعون إلى إخلاء ملعب كنان في ولاية كارولينا الشمالية بعد صدور تحذير من الطقس قبل ساعات من انطلاق المباراة، على الرغم من عدم وجود أي تأخير للمباراة. وفي يوم الأحد، شهدت مباراة أخرى في فلوريدا، بين وولفز ووست هام، تأخير انطلاق المباراة لأكثر من ساعتين مع هبوب عواصف رعدية في وسط مدينة جاكسونفيل وتعرض المدينة لتحذير من حدوث فيضانات مفاجئة. كانت الحرارة المرتفعة مشكلة خلال «كوبا أميركا». فخلال مباراة في دور المجموعات في 25 يونيو (حزيران) بين كندا وبيرو في حديقة الرحمة للأطفال في كانساس سيتي، انهار أحد الحكام المساعدين، وهو أومبرتو بانخوج. تمركز الحكم الغواتيمالي على جانب الملعب تحت أشعة الشمس مباشرة خلال المراحل الأخيرة من الشوط الأول الذي انطلق في الخامسة مساءً، ومع اقتراب درجات الحرارة من 100 درجة فهرنهايت (37.8 درجة مئوية) مع رطوبة تصل إلى 50 في المائة، أغمي عليه وتم نقله إلى خارج الملعب. نُقل بانخوج إلى المستشفى وغادر بعد يوم واحد، بسبب ما وصفه منظمو البطولة بالجفاف.

مباراة ليفربول وآرسنال في أميركا (أ.ف.ب)

وحتى المشجعين الذين عادةً ما يملأون قسم «كولدرون» في الملعب، انتقلوا بشكل جماعي إلى المدرجات المظللة لتجنب أشعة الشمس الحارقة، وفقاً لصحيفة «كانساس سيتي ستار».

وقبل يومين، اضطر مدافع أوروغواي رونالد أراوخو لمغادرة الملعب خلال فوز فريقه على بنما 3 - 1 بسبب مشاكل متعلقة بالحرارة. وأبلغ أراوخو عن شعوره بالدوار وانخفاض ضغط دمه.

وقال اللاعب البالغ من العمر 25 عاماً بعد ذلك: «الحقيقة أنني ما زلت أشعر بالدوار قليلاً الآن. انخفض ضغط (دمي). عندما انتهى الشوط الأول، شعرت بالدوار قليلاً وعندما وصلت إلى غرفة تبديل الملابس، انخفض ضغطي. قال الطبيب إن الأمر كان بسبب الجفاف قليلاً ولم أستطع الاستمرار في الشوط الثاني».

ووصف مدرب باراغواي دانيال غارنيرو، حرارة الجو خلال التدريبات، بأنها «حارقة»، مضيفاً: «الشمس شديدة جداً وتغرب في وقت متأخر جداً، لذا اضطررنا إلى تعديل جدول التدريبات. لا تساعدنا المتطلبات في ظل درجات الحرارة المرتفعة هذه».

وقبل فوز البرازيل على باراغواي بنتيجة 4 - 1 على ملعب أليجيانت في لاس فيغاس، كان من المقرر أن يتدرب الفريق في مجمع بيتي ويلسون لكرة القدم في الساعة 5 مساءً. كان الجو حاراً جداً لدرجة أنهم أجلوا الحصة التدريبية لمدة ساعتين، بعد أن فكروا في إلغاء الحصة التدريبية تماماً لصالح اللاعبين الذين تدربوا في صالة الألعاب الرياضية بدلاً من ذلك. عندما بدأ التدريب بالفعل، تم الإبقاء على رشاشات المياه على العشب طوال الوقت. وقال الظهير ماركينيوس: «انتقلنا من موقف السيارات إلى الملعب وكان التغير في درجة الحرارة مذهلاً. وجود ملعب مكيف سيساعدنا كثيراً في المباراة لأن الجو حار جداً هنا. قد يكون ذلك عاملاً في صالحنا، كوننا أكثر انتعاشاً».

وأضاف الظهير الأيسر جيلهيرمي أرانا: «الجو حار جداً. لقد خرجت من الطائرة وكانت الحرارة مرتفعة للغاية. نحن نتبع توصيات متخصصي التغذية ومتخصصي العلاج الطبيعي، ونقوم بترطيب الجسم كثيراً». ووصف اتحاد «الكونميبول» تأثير الاحتباس الحراري على صحة الرياضيين بـ«القضية الحرجة»، قائلاً: «ارتفاع درجات الحرارة بسبب تغير المناخ يشكل تهديداً كبيراً للاعبين». وأصدرت الهيئة المنظمة مجموعة من التوجيهات لمعالجة ضربة الشمس في كرة القدم. وشملت هذه التوجيهات إجراء فحوصات طبية لتحديد اللاعبين المعرضين لخطر الإصابة بضربة الحر، والتوصية بالسماح للاعبين بالتأقلم التدريجي مع الحرارة لمدة من 10 إلى 14 يوماً، والتأكيد على أهمية الترطيب والنوم. تعمق أكثر؛ ولكن كيف تتعامل بطولة «كوبا أميركا» مع الحرارة «الطاغية»؟ يقول ديبودوين، الذي يقود فريقاً من 45 خبيراً في الأرصاد الجوية من شركة «آكو واذر» من مقر الشركة في بنسلفانيا: «هناك سبب يجعلهم يلعبون كرة القدم الأميركية في الخريف.

تقدم المؤسسة المشورة لنصف الشركات المدرجة على قائمة فورتشن 500، وتوفر توقعات لملايين الأشخاص عبر موقعها الإلكتروني وتطبيقها».

ويقول: «لقد كان صيفاً حاراً جداً في الولايات المتحدة، وأعتقد أنه سيصنف من بين أكثر فصول الصيف حرارة على الإطلاق. من المؤكد أنه اتجاه عالمي لفترات أكثر حرارة بكثير، ولكن (كوبا أميركا) ستزيد من وضوح مدى تأثرنا في الولايات المتحدة. فكثير من الأماكن التي لعبت فيها المباريات كانت شديدة الحرارة، وفي حين أن ملاعب كثيرة كانت لديها أسقف قابلة للسحب، فإن جميعها لم يكن كذلك». يقول ديبودوين إن الرطوبة العالية ضاعفت من تأثير درجات الحرارة المرتفعة تلك. إنها أحد العناصر التي تستخدمها الشركة في تصنيفها «الإحساس الحقيقي»، الذي يتضمن أيضاً درجة الحرارة وسرعة الرياح وزاوية الشمس لإعطاء توقعات أكثر شمولاً عن كيفية الشعور بالطقس في الواقع.

يقول: «هناك كثير من فترات ما بعد الظهيرة في ميامي، حيث أقيمت المباراة النهائية، حيث تبلغ درجة الحرارة الحقيقية 100 درجة».

ويشير ديبودوين إلى أن بدء المباريات في الصباح أو في وقت متأخر من المساء سيساعد. «لكننا نعلم أنه في مراحل المجموعات ببطولة مثل كأس العالم، قد لا يكون ذلك ممكناً دائماً».

وبغض النظر عن ذلك، يقول ديبودوين إنه تجب الاستفادة من الدروس المستفادة من هذا الصيف، خصوصاً من قبل تلك الملاعب التي استضافت المباريات، وستستضيف مرة أخرى في كأس العالم للأندية الصيف المقبل أو كأس العالم 2026. «من المهم أن تكون لدى هذه الملاعب خطة للتعامل مع الحرارة والعواصف الرعدية التي تجلب البرق والرياح المدمرة والأمطار أيضاً. من المؤكد أن هناك مخاطر لمزيد من التأخير أو التأجيلات. يجب على (فيفا) أن يفكر في الجهد المبذول على الرياضيين في تلك الظروف، ولكن أيضاً في أماكن أخرى، مثل كيف يكون المشجعون في حدائق المشجعين والتجمعات قبل المباريات عرضة للعوامل الجوية؟».

مباراة برشلونة ومانشستر سيتي الودية تأثرت بالطقس في أميركا (برشلونة)

وفي يونيو، قال «فيفا» إنه يراقب ما يحدث في «كوبا أميركا» في ظل الحرارة الشديدة وسيحاول تعديل بروتوكولاته عند الاقتضاء. تم الاتصال بهم من أجل هذا المقال؛ ولكن لم يردوا قبل نشره.

ومن المخاطر المحتملة الأخرى قد تكون رداءة نوعية الهواء. ويضيف: «كان هناك كثير من المناسبات في السنوات القليلة الماضية، حيث تسبب دخان حرائق الغابات في نوعية هواء خطيرة في أجزاء من الولايات المتحدة». على سبيل المثال، في يونيو 2023، كانت هناك عدة أيام من جودة الهواء الخطرة في شمال شرقي الولايات المتحدة، مما أدى إلى إلغاء كثير من الفعاليات الرياضية وغيرها من الأنشطة الخارجية. إذا حدث وضع مماثل خلال كأس العالم، فقد ينتج عن ذلك تأخير أو إلغاء كثير من الفعاليات الرياضية، وغيرها من الأنشطة الخارجية.

وعما إذا كان ممكناً أن البطولات الكبرى يجب أن تقام بشكل مزداد في أوقات أخرى من السنة غير الصيف - مثل كأس العالم 2022 في قطر؛ يقول: «إنه موضوع نقاش مثير للاهتمام. حتى إن إقامة بطولة مثل كأس العالم في شهر سبتمبر (أيلول) قد تساعد، ولكن من الواضح أن هناك تأثيراً على جميع المواسم المحلية لكل دولة. حتى منتقديهم يعترفون بأن (فيفا) لا يمكنه التحكم في الطقس. ولكن، إلى جانب كل أصحاب المصلحة الآخرين الذين يريدون أن تحقق كأس العالم 2026 نجاحاً باهراً، عليهم أن يخططوا لذلك».