«القضايا الخلافية» تُشعل المنافسة على رئاسة «الأعلى للدولة» في ليبيا

الانتخاب يجري الثلاثاء بين 4 مرشحين... بينهم تكالة والمشري

تكالة والمشري خلال الانتخابات السابقة على رئاسة المجلس الأعلى للدولة (المجلس)
تكالة والمشري خلال الانتخابات السابقة على رئاسة المجلس الأعلى للدولة (المجلس)
TT

«القضايا الخلافية» تُشعل المنافسة على رئاسة «الأعلى للدولة» في ليبيا

تكالة والمشري خلال الانتخابات السابقة على رئاسة المجلس الأعلى للدولة (المجلس)
تكالة والمشري خلال الانتخابات السابقة على رئاسة المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

خلافاً لدورات سابقة، تكتسي عملية انتخاب رئيس جديد لـ«المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا أهمية بالغة، كون أن الفائز المنتظر قد يحسم مصير بعض «القضايا الخلافية» الكبرى، في مقدمتها تشكيل «حكومة جديدة» خلفاً لـ«الوحدة الوطنية» المؤقتة التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة.

وحسب بعض المراقبين، فقد يكفل فوز أحد المرشحين المقربين من حكومة الدبيبة، مثل الرئيس الحالي للمجلس محمد تكالة، تمديد عمر تلك الحكومة. وبالمقابل قد يؤدي فوز أحد المرشحين المعارضين لها، كالرئيس السابق للمجلس خالد المشري، للاتجاه إلى تشكيل «حكومة جديدة».

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة (الوحدة)

ويكثر داخل الأوساط الليبية طرح مفاده أن فوز تكالة قد يعني تجميد المشهد السياسي لمدة عام آخر، في ظل اعتراضه على ما يصدره البرلمان من قرارات وتشريعات، وهو ما يعني استبعاد توصل المجلسين لأي تفاهمات بشأن إجراء الانتخابات المؤجلة.

إلا أن عضو «المجلس الأعلى للدولة»، أمينة المحجوب، انتقدت هذه الآراء، ودعت لضرورة التفريق بين «التوافق مع البرلمان، وبين تقديم تنازلات له».

ورأت المحجوب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية أعضاء «المجلس الأعلى للدولة»، من بينهم تكالة، يسعون للتوافق مع البرلمان للوصول لتفاهمات تقود لتوحيد السلطة التنفيذية وإجراء الانتخابات، وفق بنود الاتفاقات السياسية الحاكمة للبلاد، مثل اتفاق الصخيرات بالمغرب وجنيف في سويسرا.

أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الاستقرار)

وتعتقد المحجوب أن المشري «قدم تنازلات» عدة لمجلس النواب، خلال فترة توليه رئاسة المجلس، وتراها «غير مبررة»، كما انتقصت من صلاحيات الأخير المكفولة له في تلك الاتفاقات السياسية. وقالت بهذا الخصوص: «لقد تم إقرار التعديل الـ13 للإعلان الدستوري في عهده، واعترضت كتلة من الأعضاء على هذا الإجراء، وطعنا عليه أمام الدائرة الدستورية»، مشيرة إلى أنه «في حال حُكم ببطلان هذا التعديل فسيؤدي بالتبعية لبطلان القوانين الانتخابية، التي أنتجتها لجنة (6+6) وأقرها البرلمان بشكل منفرد في أكتوبر (تشرين أول) الماضي». كما أبدت المحجوب تخوفها من «انقسام مجلسها أو انهياره» حال فوز المشري مجدداً برئاسته.

ويشترط الاتفاق السياسي، الموقع نهاية عام 2015، ضرورة توافق مجلسي النواب و«الدولة» على القوانين كافة، المتعلقة بالدستور، وإجراء الانتخابات العامة، وأي تشريعات ذات صلة بهما.

من اجتماع سابق لأعضاء مجلس النواب الليبي (المجلس)

ومنذ مارس (آذار) 2022، تتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى هي «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ومقرها العاصمة طرابلس، والثانية مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية، ويرأسها أسامة حماد.

إلى جانب تكالة والمشري، يخوض رئيس اللجنة القانونية بـ«المجلس الأعلى للدولة»، عادل كرموس، السباق أيضاً على منصب الرئيس بدعم من كتلة «التوافق الوطني» بالمجلس، كما يتوقع البعض اعتزام عضو «الأعلى للدولة» عن مدينة مصراتة، بلقاسم قزيط، الترشح لرئاسة المجلس خلال جلسة الانتخاب الثلاثاء المقبل.

بالمقابل، رأت عضو «المجلس الأعلى للدولة»، نعيمة الحامي، أن المشري، أو أي شخصية سيتم انتخابها لرئاسة المجلس «لن تستطيع تجاهل أصوات بقية أعضاء المجلس أو فرض إرادته عليهم». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن التنافس على رئاسة المجلس سيشتد نظراً «لتعمق اختلاف توجهات المرشحين»، خصوصاً تكالة والمشري إزاء عدة قضايا، من بينها تشكيل «حكومة موحدة»، وإعداد القوانين الانتخابية، مبرزة أن «نتائج الانتخابات ستحدد الاتجاه الذي سوف تسير به البلاد».

وكان البرلمان قد دعا أخيراً لفتح باب الترشح لرئاسة «حكومة جديدة»، وهي الخطوة التي رفضها تكالة، ووصفها بأنها «خطوة منفردة». كما قُوبلت الدعوة بالرفض من نخب سياسية وأعضاء بـ«الأعلى للدولة».

غالبية أعضاء المجلس الأعلى للدولة يسعون للتوافق مع البرلمان للوصول لتفاهمات تقود لإجراء الانتخابات (الشرق الأوسط)

ومنذ تأسيسه نهاية عام 2015 أجرى «المجلس الأعلى للدولة»، الذي يضم 140 عضواً، تسعة انتخابات لتجديد مكتب رئاسته، كان آخرها العام الماضي بين تكالة والمشري، ونجح الأخير في ترؤس المجلس لخمس دورات كاملة منذ عام 2018.

بدوره، أرجع عضو «الأعلى للدولة»، ومقرر كتلة «التوافق الوطني» به، أحمد بو بريق، «احتدام المنافسة على منصب الرئيس لاختلاف توجهات المرشحين السياسية، خصوصاً حيال حكومة الدبيبة». ودعا بو بريق إلى التقليل من حجم التوقعات حال فوز المشري، أو أي شخصية أخرى معارضة لحالة الانقسام الحكومي الراهنة، خصوصاً وأن البلاد تتجه سريعاً لإجراء الانتخابات المؤجلة.

وقال بو بريق لـ«الشرق الأوسط» إنه إذا نجح المشري في الانتخابات «فستكون هناك خطوات ملموسة بالتقارب مع البرلمان، وسوف يضغط المجلسان على المجتمع الدولي والبعثة الأممية ليقبلا بتشكيل (حكومة موحدة) لإدارة البلاد؛ وتدريجياً سنصل لمحطة الانتخابات، ولكن هذا سيستغرق وقتاً».

وبشأن الدعوة لتشكيل «الحكومة الجديدة»، حذر بو بريق «من تكرار سيناريو تشكيل سلطة جديدة من قبل البرلمان بمعزل عن أي توافق وبقية الأطراف». ورأى أن هذا النهج لن يسفر إلا عن «حكومة غير معترف بها أممياً، ينحصر وجودها بالمنطقة الشرقية، أي أنه لن يختلف الحال عن حكومة حماد».

وانتهى بو بريق إلى أنه كان من الأفضل أن يُعلن فتح باب الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة خلال جلسة رسمية لمجلس النواب، على أن تتم دعوة بعض أعضاء «الأعلى للدولة» لها، بحيث «تكون رسالة قوية لكافة الأطراف الدولية والبعثة الأممية بجدية هذا المسار».


مقالات ذات صلة

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

شمال افريقيا ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

يرجع متابعون أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة وفي طليعتها طرابلس وبنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تدشين أولى رحلات الخطوط التركية بعد غياب دام سنوات (حكومة شرق ليبيا)

تركيا تواصل انفتاحها على شرق ليبيا بتدشين رحلات إلى بنغازي

دشنت وزارة الطيران المدني بحكومة شرق ليبيا وأعضاء بمجلس النواب وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية مراسم عودة الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي بعد توقف دام سنوات

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الدبيبة ووزيرة العدل في حكومته المؤقتة (وزارة العدل)

ليبيا: مطالب بالتحقيق في وقائع «تعذيب» بسجن خاضع لنفوذ حفتر

أدانت حكومة «الوحدة» الليبية على لسان وزارة العدل التابعة لها، «استمرار ممارسات التعذيب والإخفاء القسري» في إشارة إلى تسريبات سجن قرنادة في شرق ليبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً وزير القوات المسلحة السنغالي (حكومة الوحدة)

الدبيبة يبحث تعزيز التعاون العسكري مع السنغال

قالت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إن رئيسها عبد الحميد الدبيبة ناقش سبل تعزيز التعاون العسكري بين ليبيا والسنغال.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور (مكتب النائب العام)

تسريبات «قديمة» لتعذيب سجناء تعيد مطالب فتح ملف المعتقلات الليبية

تداول ليبيون على نطاق واسع مقاطع فيديو قالوا إنها من داخل سجن «قرنادة» بمدينة شحّات بشرق البلاد وتظهر الاعتداءات على سجناء شبه مجردين من ملابسهم بالضرب.

جمال جوهر (القاهرة)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
TT

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

وقال البرهان مخاطباً حشوداً في بورتسودان: «عهدنا مع الشعب السوداني، ولن يهدأ لنا بال إلا بالقضاء على هذه الميليشيا المتمردة ودحرها».

وأشار رئيس مجلس السيادة إلى استمرار المعارك العسكرية على كل المحاور، داعياً المسلحين إلى إلقاء السلاح. وقال: «كل من ترك السلاح نرحب به».

واستعاد الجيش السوداني، يوم السبت، مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في وسط السودان بعد أن سيطرت عليها «قوات الدعم السريع» لفترة طويلة.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023 بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في القوات المسلحة في خضم عملية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019.