إعادة افتتاح «النيل ريتز كارلتون» تعيد البريق إلى قلب «هوليوود الشرق»

عمره 50 عامًا وافتتحه عبد الناصر وأقام فيه فرانك سيناترا وإليزابيث تايلور

أجمل إطلالة على نهر النيل
أجمل إطلالة على نهر النيل
TT

إعادة افتتاح «النيل ريتز كارلتون» تعيد البريق إلى قلب «هوليوود الشرق»

أجمل إطلالة على نهر النيل
أجمل إطلالة على نهر النيل

إطلالة بانورامية على قلب القاهرة ينفرد بها فندق «ريتز كارلتون - القاهرة»، الذي افتتح السبت 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بتكلفة مليار جنيه مصري بعد أكثر من 7 سنوات من الترميم والتجديد اللذين تعطلا كثيرا، بسبب الأحداث الساخنة التي شهدها ميدان التحرير، ليعيد إلى القاهرة بريقها بوصفها «هوليوود الشرق».
حضر الافتتاح الجديد 7 وزراء مصريين، بينهم وزير السياحة هشام زعزوع، ووزير الاستثمار أشرف سالمان، وكبار الشخصيات المصرية العامة، وعدد من نجوم الفن المصري من بينهم ليلى علوي ودينا، وضم الافتتاح معرضًا للصور الفوتوغرافية التي تجسّد تاريخ الفندق العريق الذي تجاوز نصف قرن.
وقال رادك كييس، المدير العام بـ«شركة فنادق ريتز كارلتون»، في افتتاح الفندق، إن «الفندق يعكس روعة تاريخ القاهرة الغنيّ، ويحترمها كما يحترم مستقبلها الواعد. إنه شاهد مهمّ على تحوّل القاهرة إلى عاصمة سياحية واقتصادية، وهو يجسّد سحر العالم القديم وجماله.. فقد استضاف منذ إنشائه عددًا من العظماء، نذكر منهم اليوم نيلسون روكفلر وفرنك سيناترا. نستهلّ فصلاً جديدًا ونفتح الأبواب أمام عصر جديد من الخدمة الممتازة والمرافق المتطوّرة». وكان كييس قد أدار فندق «ريتز كارلتون - أبوظبي»، وله خبرة تزيد على عقد من الزمان في إدارة فروع «كارلتون» في الخليج العربي. وأَضاف: «إنه لشرف عظيم لي أن أكون جزءًا من هذا المشروع وافتتاح (النيل ريتز كارلتون)، فالقاهرة تبشر بعهد جديد من الضيافة الفاخرة في هذه المدينة التاريخية، تلك المدينة التي تجمع مزيجا من التاريخ والحداثة، وكذلك تاريخ الفندق العريق يجعل تلك التجربة مميزة ومثيرة جدا بالنسبة إليّ».
يعود تاريخ الفندق إلى أكثر من 50 سنة، وتعود قصته إلى عام 1959، وافتتحه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وملك الأردن الراحل الملك حسين، والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وكان اسمه فندق «النيل هيلتون»، حيث كانت تديره شركة «هيلتون العالمية»، واشتهر دوما بأنه قبلة المشاهير من النجوم حول العالم، والنزل المفضل للأثرياء والرؤساء، نظرا لموقعه المتميز المركزي في قلب القاهرة والمطل على نهر النيل بالقرب من المتحف المصري ومقر الحزب الوطني سابقا، وجامعة الدول العربية، والمواقع التاريخية والتجارية ومناطق التسوق.. فهنا أقام الرئيس الأميركي فورد، والرئيس الراحل أنور السادات، إضافة إلى نخبة من كبار النجوم العالميين مثل: روجر مور وفرنك سيناترا، وإليزابيث تايلور، ونيلسون روكفيللر.
الفندق من فئة «الخمسة نجوم»، ويكفل لعشاق القاهرة إقامة ممتعة به، وهو أحد الفنادق التاريخية المملوكة للحكومة ممثلة في شركة مصر للفنادق التابعة للشركة القابضة للسياحة، ويضم 13 طابقا، تضم نحو 327 غرفة، و52 جناحا بمستويات مختلفة، وبه مرأب مخصص لانتظار السيارات تحت الأرض بطاقة 280 سيارة، فضلا عن قاعة اجتماعات كبرى بأعلى التجهيزات وأحدثها متعددة الأغراض بطاقة 1100 فرد، ومزودة بصالونات وقاعات استقبال لكبار الزوار، متصلة بمنطقة الخدمات بالبدروم الأول والأرضي والعلوي بالمبنى الرئيسي، إضافة إلى مركز تجميل.
يمتاز الفندق بحديقة تاريخية غنّاء تطل على المتحف المصري العريق، وتأخذك الإقامة فيه إلى أجواء القرن الماضي، لما به من قطع وتحف وأنتيكات أصلية؛ حيث تمتاز ديكورات الفندق بتفاصيل تعكس مجد الحضارة الفرعونية مع لمسات عصرية، مثل: زهور اللوتس التي تزين الثريات والأثاث، والجداريات الفرعونية في بهو الفندق وأركانه، كما تتضمن ديكورات الفندق أيضا قطع أثاث ثمينة من الأرابيسك تنتمي إلى التراث الإسلامي ومن ثَم تعيدك إلى العصر الفاطمي ورونقه.
كما حرصت إدارة الفندق على وضع صور فوتوغرافية بالأبيض والأسود لهم، وأشهر المزارات والأماكن التراثية في مصر، التي تعكس عصرها الذهبي.
تتمتع غالبية حجرات الفندق بإطلالة بانورامية لا مثيل لها على نيل القاهرة، تمكنك من متابعة وتيرة الحياة في العاصمة المصرية من خلال موقعه المتميز. ويمكنك الاسترخاء وقضاء وقت ممتع في حمام السباحة الأولمبي الذي تتم تدفئته في الشتاء، وجلسات المساج العلاجية في الـ«سبا» العالمية، التي توفر أشهر وصفات الجمال التي كانت تستخدمها أيقونة الجمال المصري الملكة كليوباترا، حيث تدلل نفسك لتحصل على بشرة متألقة كالأطفال.
يحتضن الفندق 10 مطاعم، ومقاهي ترضي مختلف الأذواق، حيث تقدم أصنافا من المطبخ المصري والإيطالي والفرنسي، منها مطعم «باب الشرق» المطل على النيل الذي يقدم أشهى الأطباق الشرقية، مع نكهات متعددة من الشيشة على أنغام الموسيقى الحية. أما مطعم «فيفو» الإيطالي فيمكّنك من الاستمتاع بوقت رائع مع الأصدقاء وتناول أشهى أنواع «الباستا» والمعجنات الإيطالية، وأنت تستمتع بمشاهدة برج القاهرة الشهير. وللحصول على بعض الانتعاش خلال يوم من الرحلات في قلب العاصمة، يمكنك استعادة نشاطك ببعض العصائر والكوكتيلات المبتكرة في مقهى «نوكس». وإذا شعرت بالجوع في أي وقت من اليوم، فيمكنك التوجه إلى مطعم «كولينا» ومشاهدة وجبتك أثناء طهيها وأنت تستمتع بالهواء الطلق وحدائق الفندق المطلة على قلب القاهرة. ويتيح لك الفندق عشاءً رومانسيًا لا يُنسى على متن الباخرة «فلوكة» التي تحمل عبق الفلكلور المصري الأصيل.
وخلال إقامتك بفندق «النيل ريتز كارلتون» سوف تتمكن من معرفة القاهرة عن قرب، عبر الرحلات اليومية التي يوفرها الفندق لنزلائه، إلى أهم المزارات بالعاصمة المصرية، ومنها: خان الخليلي، والحسين، والقلعة، والمساجد القديمة التي تشتهر بها المدينة، حيث كانت دوما تُعرف بمدينة «الألف مئذنة»، فضلا عن أعرق الكنائس التي تعود إلى بدايات العصر المسيحي، إضافة إلى الأهرامات أحد عجائب الدنيا السبع، بالإضافة إلى أشهر الأسواق العصرية التي تعكس نمط الحياة الحالي في مصر. وأيضا تنظم رحلات لباقي محافظات مصر؛ من بينها الإسكندرية والفيوم وغيرهما. كما يمكنك السير لمدة 5 دقائق فقط لتكون بداخل «المتحف المصري»، أقدم المتاحف المصرية، الذي يضم تاريخ الحضارة المصرية القديمة، ويحتوي على كنوز تاريخية لا مثيل لها حول العالم.
كما أنك على بُعد خطوات من دار الأوبرا المصرية الشهيرة، حيث يمكنك الاستمتاع بأمسيات من الطرب والموسيقى الشرقية والكلاسيكية التي يقدمها كبار النجوم في العالم العربي. كما يوفر الفندق برامج خاصة تكفل لأطفالك المتعة، وتتيح لك الاستجمام خلال عطلتك.
ويتراوح سعر الإقامة في غرفة تطل على قلب القاهرة حول 2500 جنيه مصري، فيما يبلغ سعر الليلة في غرفة تطل على النيل ما بين 3 آلاف و4 آلاف جنيه، وتصل تكلفة الإقامة في الأجنحة إلى 7500 جنيه في الليلة الواحدة.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».