ماذا يعني غياب هاريس عن خطاب نتنياهو في الكونغرس؟

مسؤولون سابقون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن المقاربات الانتخابية والسياسية

مظاهرات معارضة لزيارة نتنياهو في واشنطن (أ.ف.ب)
مظاهرات معارضة لزيارة نتنياهو في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

ماذا يعني غياب هاريس عن خطاب نتنياهو في الكونغرس؟

مظاهرات معارضة لزيارة نتنياهو في واشنطن (أ.ف.ب)
مظاهرات معارضة لزيارة نتنياهو في واشنطن (أ.ف.ب)

عندما سيقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وراء منصة مجلس النواب لإلقاء خطابه، الأربعاء، لن يكون المشهد مماثلاً لخطاباته الثلاثة السابقة.

الغائب عن حضور الخطاب هذه المرة، قد يكون أهم من الحاضر، خاصّة في الأجواء السياسية المتشنجة في البلاد، فكامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الرئاسية المرتقبة للحزب، ستغيب عن حضور الخطاب نظراً «لارتباطات أخرى» التزمت بها.

وبهذا الغياب، لن يحصل نتنياهو على الصورة التقليدية التي كان يطمح إليها، والتي عادة ما تُظهر الزعيم الأجنبي الذي يخاطب الكونغرس بمجلسيه يتحدث ووراءه يجلس كل من رئيس مجلس النواب، ونائب الرئيس الأميركي بحكم منصبه رئيساً لمجلس الشيوخ.

نتنياهو خلال خطاب عام 2015 أمام الكونغرس (أ.ب)

لهجة مختلفة

وفيما أكد مكتب هاريس أن غيابها لا يدل على تغيير في «تعهدها لأمن إسرائيل»، مشيراً إلى أنها سوف تلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي خلال زيارته، فإن لهجة هاريس المختلفة عن لهجة قاطن البيت الأبيض الحالي فيما يتعلق بالحرب في غزة، أثارت شكوكاً وتساؤلات حول أسباب غيابها.

وهذا ما يتحدث عنه جون الترمان، المسؤول السابق في وزارة الخارجية ومدير «برنامج الشرق الأوسط» في «معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية»، إلى «الشرق الأوسط»، بالقول: «من غير المفاجئ بالنسبة لي أن هاريس لم تغير برنامجها كي تحضر الخطاب، فالتوترات بين نتنياهو والإدارات الديمقراطية تمتد على مدى 30 عاماً، وأي زيارة لنتنياهو ترافقها مشاعر مختلطة، وهذه المشاعر تأججت وأصبحت أكثر تعقيداً بسبب التصرفات الإسرائيلية في غزة».

وبالفعل، فقد أدت هذه التوترات والمشاحنات العلنية بين الديمقراطيين ونتنياهو إلى إعلان أكثر من 100 مشرع عن مقاطعتهم للخطاب، منهم أسماء بارزة، ستنعكس أيضاً على المشاهد.

مشكلة التراتبية

وبسبب غياب هاريس تظهر مشكلة التراتبية بشأن من يجلس في موقعها حين يتحدث نتنياهو؛ فبعد هاري تحتل السيناتورة الديمقراطية باتي موراي منصب رئيس مجلس الشيوخ الفخري، والذي عادة ما يحل مكان رئيس المجلس في حال غيابه لتمثيله في المناسبات البروتوكولية.

لكن موراي أيضاً رفضت الحضور بسبب حرب غزة، وقالت إنها ستقاطع الخطاب، ما رمى بالديمقراطيين في دوامة تساؤلات تعكس انقساماتهم حيال الحرب، وهنا يبرز الخيار الثالث بالنسبة إليهم هو زعيمهم في الشيوخ تشاك شومر، لكنه أيضاً من المنتقدين الشرسين لنتنياهو؛ إذ ألقى خطاباً شهيراً في المجلس دعا فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى التنحي، ما أدى إلى غيابه أيضاً عن لائحة الاحتمالات.

يقع الخيار في نهاية المطاف على السيناتور الديمقراطي بنجامين كاردن الذي يترأس لجنة العلاقات الخارجية في الشيوخ. فكاردن هو من الداعمين الشرسين لإسرائيل، وسيتقاعد العام المقبل، ما يجعله أقل عرضة لغضب الناخبين الديمقراطيين المعارضين لإسرائيل. وهي فئة انتخابية مهمة للحزب في طريقهم إلى البيت الأبيض.

بايدن ونتنياهو خلال زيارة الرئيس الأميركي لتل أبيب في 18 أكتوبر 2023 (رويترز)

دلالات الغياب

وفيما وصفت مصادر في الكونغرس لـ«الشرق الأوسط»، قرار هاريس بعدم حضور الخطاب بـ«الذكي انتخابياً»، يحذر مسؤولون سابقون من قراءة هذا الغياب على أنه تغيير في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، وتقول مارا رودمان، النائبة السابقة للمبعوث الأميركي للشرق الأوسط، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إنه وعلى الرغم من أن هاريس «لا تجمعها سنوات من العلاقة مع نتنياهو مقارنة ببايدن، فإنها تشارك الرئيس الأميركي في قراءته لمصالح واشنطن». وتضيف: «توقعوا ثباتاً في اللهجة والمقاربة (تجاه إسرائيل) من هاريس».

ويوافق الترمان على هذه المقاربة فيقول: «صحيح أن لهجة هاريس تجاه إسرائيل هي أكثر حدة من بايدن، لكنها تتماشى مع خطاب الحزب الديمقراطي التقليدي، وأتوقع أن تبقى كذلك».

ولعلّ أبرز اختلاف بين بايدن وهاريس في هذا الملف هو الضغط على إسرائيل علناً لإنهاء الحرب، ونقلت صحيفة (بوليتيكو) عن أحد مساعدي هاريس قوله إنها سوف تؤكد في اجتماعها الثنائي مع نتنياهو «التزامها بأمن إسرائيل» لكنها سوف تشدد في الوقت نفسه على أن «الوقت حان لإنهاء الحرب بطريقة تضمن أمن إسرائيل وإطلاق سراح الرهائن، وإنهاء عذاب الفلسطينيين المدنيين في غزة، حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من الاستمتاع بحقه في الكرامة والحرية وحق تقرير المصير».

هاريس لن تحضر خطاب نتنياهو في الكونغرس (أ.ف.ب)

والمقاربة السابقة لهاريس، يشرح أبعادها، وائل الزيات، المستشار السابق للمندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، والمدير التنفيذي لمنظمة «ايمغايج» المعنية بتنسيق جهود الناخبين الأميركيين المسلمين؛ إذ يرى أن «نائبة الرئيس تسعى لرسم مسار مستقل في تعاملها مع نتنياهو»، لكنه يضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»، أنه «من المبكر تحديد مدى الاختلاف مع الرئيس بايدن في هذا الملف، لكن بناءً على تصريحاتها منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وعلى بعض المعلومات المسربة، فهي تنتقد أسلوب الإسرائيليين في هذه الحرب، والضرر الذي ألحقته بالمدنيين أكثر من بايدن».

توقيت الخطاب

لكن على الجانب الداخلي، يذهب البعض إلى أن هاريس تسعى إلى التوفيق بين الشق التقليدي من الحزب، الممثل ببايدن، والجناح التقدمي الذي يوجه انتقادات لاذعة وعلنية لنتنياهو، مثل السيناتور برني ساندرز، الذي أصدر بياناً شديد اللهجة دعا فيه إلى عدم الترحيب بنتنياهو في الكونغرس، بل «إدانة سياساته في غزة والضفة الغربية ورفضه لدعم حل الدولتين».

ساندرز عبّر أيضاً عن اعتقاده بأن حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة «يجب ألا تحصل على قرش إضافي من دافع الضرائب الأميركي ليستمر في تدميره غير الإنساني لغزة».

وفي خضم التجاذب الأميركي يبدو أن إصرار نتنياهو على المضي قدماً بالزيارة مثيراً للتأويلات، التي تلخص رودمان رأيها فيها بالقول: «لطالما ركز نتنياهو على مصالحه السياسية المحلية الضيقة والشخصية، وهذا هو المؤشر الذي يعتمد عليه في كل حساباته».

تدابير أمنية في شوارع واشنطن تزامناً مع زيارة نتنياهو (أف.ب)

يأتي هذا فيما تأهبت قوى الأمن في العاصمة الأميركية واشنطن استعداداً للخطاب، فأغلقت الشوارع وعززت من الوجود الأمني، فيما نصبت شرطة الكابيتول سياجاً أمنياً حول المبنى تحسباً للمظاهرات المقررة. وبحسب المنظمين للمظاهرات التي سيشارك فيها ناشطون من ولايات مختلفة مثل ميشيغان، من المتوقع أن يصل عدد المشاركين إلى 10 آلاف متظاهر.


مقالات ذات صلة

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ البيت الأبيض (أرشيفية - رويترز)

واشنطن: لا نرى «أيّ سبب» لتعديل العقيدة النووية الأميركية

أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض اليوم الخميس أن الولايات المتحدة لا ترى «أيّ سبب» لتعديل عقيدتها النووية بعد ما قامت به روسيا في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

مدعون: يجب تعليق قضية شراء الصمت ضد ترمب

قال ممثلو ادعاء في نيويورك إن القضية التي أدين فيها دونالد ترمب باتهامات جنائية تتعلق بدفع أموال لممثلة أفلام إباحية مقابل شراء صمتها يجب أن تتوقف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)
انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)
TT

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)
انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين إقليميين وأميركيين قولهم اليوم (الجمعة)، إن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل.

وكشفت الصحيفة أن الاتفاق المطروح يتضمن الدعوة لهدنة 60 يوماً، تنسحب خلالها إسرائيل من جنوب لبنان وينسحب مقاتلو «حزب الله» لشمال الليطاني.

كما أشارت إلى أن «اتفاق وقف إطلاق النار يشمل انتشار الجيش اللبناني وبعثة حفظ السلام في المنطقة الحدودية خلال هدنة الـ60 يوماً».

وقال المسؤولون للصحيفة إن الاتفاق يشمل آلية جديدة برئاسة أميركا، لضمان بقاء قوات «حزب الله» وإسرائيل خارج المنطقة الحدودية.

ويأمل المفاوضون في أن تصمد الهدنة 60 يوماً لتتحول إلى دائمة خلال عهد إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.