سجال عراقي حول «العفو العام» و«الأحوال الشخصية»

البرلمان يناقش تعديل قانونين رغم معارضة سياسية ومجتمعية

البرلمان العراقي بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)
البرلمان العراقي بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)
TT

سجال عراقي حول «العفو العام» و«الأحوال الشخصية»

البرلمان العراقي بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)
البرلمان العراقي بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)

بعد أسابيع من الركود، يعود البرلمان العراقي بجدول أعمال مزدحم، وسجال سياسي حول تشريعات إشكالية. وأعلنت رئاسة المجلس بالإنابة عن إدراج قانوني «العفو العام» و«الأحوال الشخصية» في جلسة الأربعاء.

وتنعقد جلسات البرلمان منذ أشهر دون رئيس منتخب نتيجة عدم اتفاق الكتل السياسية على مرشح سني ليكون خلفاً للرئيس المقال محمد الحلبوسي.

وقالت رئاسة البرلمان إن النواب سيناقشون، الأربعاء، مشروع قانون العفو العام، وتعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959 الذي أقر في عهد عبد الكريم قاسم بعد مرور سنة على ثورة 14 يوليو (تموز) 1958.

العفو العام

وقرر البرلمان إدراج قانون «العفو العام» في جدول الأعمال بعد اتفاق قادة الكتل النيابية على تشريعه خلال الجلسات المقبلة.

وكان إقرار هذا القانون جزءاً من اتفاق القوى السياسية على تشكيل الحكومة الحالية التي يرأسها محمد شياع السوداني.

ويعد العفو العام واحداً من أبرز مطالب الأحزاب السنية في العراق منذ عام 2003، وتزعم منظمات غير حكومية أن القوات الحكومية اعتقلت الآلاف من العرب السنة دون سند قانوني، أو بذريعة مخبرين قدموا شكاوى كيدية تحت غطاء مكافحة الإرهاب.

في المقابل، تعارض أحزاب شيعية تشريع القانون إذا كان يسمح بإطلاق إرهابيين من السجون رغم تورطهم بجرائم قتل.

وقال رعد الدهلكي، عضو البرلمان عن محافظة ديالى: «نزف لإخواننا من المعتقلين الأبرياء وذويهم الاتفاق خلال اجتماع رؤساء الكتل السياسية على إدراج مشروع قانون العفو العام خلال الجلستين المقبلتين للقراءة الأولى والمضي بالتصويت عليه، لإنصافهم بعد سنوات من المعاناة والظلم نتيجة المخبر السري والتهم الكيدية».

من جهته، أكد عضو مجلس النواب، محمد الخفاجي، أن «البرلمان شرع قانون العفو العام عام 2016، وما نتحدث عنه الآن هو تعديل لا يشمل الإرهابيين وفئات محددة، من بينها الاتجار بالبشر والمخدرات والجرائم التي تمس الأمن الوطني والقومي، وكذلك جرائم اختلاس الأموال وهدر المال العام وغيرها».

أما العفو عن جرائم القتل العمد فسيكون «وفق شروط معينة؛ منها أن يقدم أصحاب المجني عليه التنازل الكامل عن الحق الشخصي».

ويعد قانون العفو العام أحد أبرز شروط الكتل السنية في أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة، التي ضمت «الإطار التنسيقي» الشيعي والكتل الكردية والسنية، وتمخضت عن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني.

ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم.

تعديل قانون الأحوال الشخصية قد يسمح باعتماد الشريعة في أحكام الزواج والحضانة والميراث (أرشيفية - إعلام محلي)

تعديل الأحوال الشخصية

ورغم أن نائباً واحداً تقدم بطلب تعديل قانون الأحوال الشخصية، فإن رئاسة البرلمان وافقت على إدراجه في جدول الأعمال، وترجح أطراف مدنية مختلفة أن الأغلبية الشيعية يمكنها تمرير تعديل قد يضر بجوهر القانون.

وسبق لقوى شيعية أن تقدمت بطلب تشريع قانون جديد يتيح للمواطنين اللجوء إلى رجال الدين الشيعة والسنة للتقاضي في شؤون الزواج والطلاق والميراث، لكن معارضة مجتمعية أحبطت تلك المحاولات.

وكان رئيس «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» الراحل عبد العزيز الحكيم، ألغى قانون الأحوال المدنية لسنة 1957، حين تسلم رئاسة «مجلس الحكم» نهاية عام 2003، قبل أن يعيد الحاكم الأميركي المدني بول بريمر العمل به سنة 2004.

وكتبت النائبة في البرلمان سروة عبد الواحد، في منصة «إكس»، أن «رئاسة البرلمان وضعت تعديل قانون يمس حياة العراقيين بناء على طلب نائب واحد (...) كيف نرد عليها».

وقالت عبد الواحد إن «تمرير هذا التعديل يقسّم العراق، ومن يتحدث باسم المرجعية الدينية ويقول إن المرجع الأعلى دعا إلى هذا التعديل فعليه أن يعطينا دليلاً واضحاً وصريحاً»، لافتة إلى «رفض التعديلات، ولن نقف مكتوفي الأيدي».

من جهته، قال النائب السابق في البرلمان العراقي حيدر الملا، إن «الأسرة نواة المجتمع فلا تدمروا الأسرة»، في إشارة إلى محاولة تعديل قانون الأحوال الشخصية.

في السياق، قال الخبير القانوني علي التميمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «تعديل قانون الأحوال الشخصية يبدو أمراً طبيعياً لا سيما أن القانون صدر قبل أكثر من 60 عاماً مثل الطلاق التعسفي، كما يحصل الآن يحصل الآن لأتفه الأسباب، وهو ما يتطلب تشديد العقوبة فضلاً عن المادة الـ46 التي تتعلق بالطلاق الخلعي، والتي تتطلب موافقة الزوج بينما ليس هناك حاجة لذلك بوجود صلاحية المحكمة، والأمر نفسه ينطبق على المادة التي تخص الحضانة التي هي الأخرى تحتاج إلى تعديل».

وطبقاً للتميمي، فإن «الزواج خارج المحكمة بحاجة إلى تعجيل في القانون، لتضمن عقوبة للزوج بينما يجب أن تشمل الزوجة ورجل الدين الذي يتولى العقد خارج المحكمة، من أجل الحد من زواج القاصرات».

وتتعلق محاولة التعديل الحالية بالمادة الـ41 من الدستور التي تنص على أن العراقيين أحرار في أحوالهم الشخصية طبقاً لدياناتهم ومذاهبهم، وقال التميمي إن الأمر «متروك للبرلمان فيما إذا أراد أن يشرع قوانين خاصة للطوائف والأديان الأخرى، لكن من الأهمية التأكيد أن قانون الأحوال الشخصية العراقي يعد الأفضل في المنطقة».


مقالات ذات صلة

بدء انتشال رفات «ما لا يقلّ عن مائة» امرأة وطفل أكراد من مقبرة جماعية بجنوب العراق

العالم العربي انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)

بدء انتشال رفات «ما لا يقلّ عن مائة» امرأة وطفل أكراد من مقبرة جماعية بجنوب العراق

بدأت السلطات العراقية انتشال رفات «نحو مائة» امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في الثمانينات في عهد الرئيس السابق صدام حسين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء ببغداد في 28 أكتوبر 2022 (رويترز)

السوداني يدعو إلى مراقبة دقيقة لحزب البعث المنحل الموجود في العراق

جدد رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، اليوم (الخميس)، موقف الحكومة بشأن المراقبة الدقيقة لوجود حزب البعث العربي الاشتراكي المنحل على الساحة العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الشرع مستقبلا الوفد العراقي (أ.ف.ب)

أول تواصل عراقي معلن مع الإدارة السورية الجديدة

«خطوة في الاتجاه الصحيح قامت بها حكومة الرئيس محمد شياع السوداني، من خلال فتح حوار مباشر مع القيادة السورية الجديدة».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي برج مراقبة تابع للجيش العراقي لجزء من الحدود العراقية مع سوريا التي يبلغ طولها 600 كيلومتر (أ.ف.ب)

وفد عراقي التقى في دمشق الإدارة السورية الجديدة

التقى وفد عراقي يرأسه رئيس جهاز المخابرات العراقية، حميد الشطري، في دمشق الإدارة السورية الجديدة، وفق ما قال المتحدث باسم الحكومة العراقية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الرياضة كاساس (الشرق الأوسط)

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

قال الإسباني خيسوس كاساس، مدرب العراق، إنه سيحلل الأخطاء التي أدت لهزيمة فريقه 2 - صفر أمام البحرين، اليوم الأربعاء، قبل مواجهة السعودية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

تركيا تسعى لتزويد سوريا بالطاقة والتعاون في مجال النفط والغاز

عامل يفحص صمامات الأنابيب المرتبطة بخزانات النفط في ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، 19 فبراير 2014 (رويترز)
عامل يفحص صمامات الأنابيب المرتبطة بخزانات النفط في ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، 19 فبراير 2014 (رويترز)
TT

تركيا تسعى لتزويد سوريا بالطاقة والتعاون في مجال النفط والغاز

عامل يفحص صمامات الأنابيب المرتبطة بخزانات النفط في ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، 19 فبراير 2014 (رويترز)
عامل يفحص صمامات الأنابيب المرتبطة بخزانات النفط في ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، 19 فبراير 2014 (رويترز)

نقلت صحيفة عن وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار قوله، الجمعة، إن بلاده تسعى لتزويد سوريا بالكهرباء وتعزيز بنيتها التحتية للطاقة، مضيفاً أن أنقرة قد تتعاون أيضاً مع القيادة السورية الجديدة في مشروعات النفط والغاز الطبيعي.

وبعد إطاحة المعارضة السورية الرئيس بشار الأسد هذا الشهر لتنتهي حرب أهلية استمرت 13 عاماً، برزت تركيا بصفتها واحدة من أهم الداعمين لجارتها الجنوبية، وتعهدت بالمساعدة في إعادة إعمار سوريا.

وتركيا واحدة من أولى الدول التي أعادت فتح سفارتها في دمشق، واجتمع وزير الخارجية ورئيس المخابرات التركيان مع القائد الفعلي لسوريا أحمد الشرع.

وقال بيرقدار لوسائل إعلام تركية إن وفداً ربما يرأسه يعتزم السفر إلى سوريا، السبت؛ لمناقشة نقل الكهرباء والبنية التحتية ومسائل أخرى، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أثناء زيارته القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، دمشق 22 ديسمبر 2024 (أ.ف)

ونقلت صحيفة «حريت» عنه قوله: «يتعين علينا توفير الكهرباء بسرعة كبيرة لأجزاء من سوريا لا تتوفر فيها الكهرباء من خلال الاستيراد في المرحلة الأولية. وفي الأمد المتوسط، نعتزم أيضاً زيادة الطاقة الكهربائية والقدرة الإنتاجية هناك».

وأضاف: «هناك حاجة إلى كل شيء في سوريا. سنعمل على خطة البنية التحتية الرئيسية مع القادة هناك»، مشيراً إلى أن تركيا قد ترسل أيضاً الكهرباء إلى لبنان عبر سوريا.

وأوضح بيرقدار أن أنقرة تعمل على استغلال موارد النفط والغاز الطبيعي في سوريا لإعادة إعمار البلاد، حيث انخفض إنتاج كلتيهما بشكل كبير خلال الحرب.

وتابع: «هناك الكثير من المواضيع التي تحتاج إلى مناقشة مثل إنشاء خط لأنابيب النفط من سوريا إلى تركيا ودمجه مع خط الأنابيب بين العراق وتركيا»، مضيفاً أن أنقرة ودمشق يمكن أن تتعاونا في مجالي النفط والغاز الطبيعي في المستقبل القريب.

من جهة أخرى، قال بيرقدار إن تركيا مستعدة للتعاون مع دول أخرى لدعم مجال الطاقة في الصومال، حيث تقوم سفينة حفر تركية بالتنقيب عن النفط والغاز، وأضاف أن «هناك عروضاً».